واصلت أسعار النفط ارتفاعها لليوم الثاني على التوالي أمس، بدعم من تطمينات تمديد اتفاق خفض الإنتاج إلى 2018، رغم مخاوف بشأن تباطؤ الطلب وارتفاع إنتاج الخام الأمريكي ما يزعزع ثقة المستثمرين في قدرة أوبك على إعادة السوق إلى التوازن.
وارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 20 سنتا إلى 49.54 دولار للبرميل، بما يفوق أدنى مستوى خلال الجلسة، الذي بلغ 49.18 دولار.
ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 21 سنتا إلى 46.64 دولار للبرميل.
وقالت مصادر في أوبك في تصريحات سابقة، إن المنظمة ومنتجين من خارجها يدرسون تمديد خفض إنتاج الخام العالمي ل 9 أشهر أو أكثر لتفادي زيادة في الإنتاج قد تضر بالأسعار في الربع الأول من العام المقبل وهو الوقت المتوقع أن يكون الطلب فيه ضعيفاً.
وتابعت المصادر أن دولاً أعضاء في أوبك من بينها دول خليجية رئيسية تناقش فيما بينها ما إذا كانت هناك حاجة لتوسيع اتفاق خفض الإنتاج أو أكثر لإتاحة المزيد من الوقت لإعادة التوازن للسوق.
ويعقد أعضاء أوبك ودول من خارج المنظمة اجتماعا في 25 مايو/ أيار الجاري لبحث تمديد خفض الإنتاج
وكانت المنظمة ومصدرون آخرون من بينهم روسيا اتفقوا أواخر العام الماضي على خفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا للحد من المعروض الفائض الذي يضغط على الأسعار ويدفعها للانخفاض، وبدأ سريان الاتفاق في الأول من يناير/كانون الثاني الماضي.
ومن المنتظر أن توفر البيانات الأسبوعية الأمريكية الخاصة بإنتاج الخام والمخزونات، علاوة على التقارير الشهرية المعنية بالعرض والطلب والصادرة عن أوبك وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية هذا الأسبوع، صورة تفصيلية بشأن مدى سرعة انخفاض المخزونات العالمية.
تأثيرات سلبية
وغذى ارتفاع مخزونات البنزين الأمريكية بعض المخاوف بشأن الطلب في الولايات المتحدة، حيث بلغت توقعات إنفاق المستهلكين أدنى مستوى في ثلاثة أعوام الشهر الماضي وهبطت مبيعات السيارات على أساس سنوي لمدة أربعة أشهر على التوالي.
وعلى الرغم من التزام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بتعهداتها بخفض الإنتاج، زادت الإمدادات الأمريكية بأكثر من 10 % منذ منتصف 2016 إلى 9.3 مليون برميل يوميا مقتربة من مستويات إنتاج روسيا والسعودية.
ومن جهته، قال تاماس فارجا المحلل في «أو إم أسوسياتس» المحدودة في لندن: «هناك اعتقاد عام بأن أوبك ستترك نظام الحصص في مكانها، وإذا كان الأمر كذلك، فإن المخزونات العالمية يجب أن تخفض نحو مليون برميل يوميا في النصف الثاني من العام».
في السياق نفسه، كشف بنك الكويت الوطني في تقرير له، عن أن المخاوف المتواصلة حول قدرة الأوبك على تخفيض المستويات التاريخية لمخزون النفط العالمي ومواجهة تزايد حجم إنتاج الخام الأمريكي أدت إلى الاستمرار في التأثير سلباً في معنويات السوق خلال شهر أبريل، حيث شهدت الأسعار شهراً آخر مملوءا بالضغوط، الأمر الذي دفع بها إلى التراجع بنسبة تخطت 2٪ بنهاية الشهر، لتصل أسعار مزيج خام برنت ومزيج غرب تكساس المتوسط إلى 51.73 دولار أمريكي للبرميل و49.33 دولار أمريكي للبرميل على التوالي.
تراجع المخزون التجاري
هذا وقد تراجعت الأسعار بمعدل 9٪ في المتوسط حتى الآن هذا العام، حيث يبدو أن سحب تخمة المخزون النفطي يتطلب وقتاً أطول مما كان متوقعاً، بما في ذلك توقعات منظمة الأوبك ذاتها.
وقال التقرير إن السعودية أقدمت على ضخ مزيد من النفط في إشارة منها للدول الأعضاء وغير الأعضاء بالأوبك من غير الملتزمين بالكامل بحصص خفض الإنتاج، مثل روسيا على سبيل المثال، حيث إنها ليست على استعداد لتحمل أعباء تخفيض الإنتاج بمفردها.
وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، التي تقوم بجمع البيانات، تراجع المخزون التجاري للدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمعدل 9.2 مليون برميل في فبراير، وكان بإمكان معلومة كهذه أن تشيع أجواء من الارتياح في أسواق النفط (ومنظمة الأوبك) بمستوى يفوق الأثر الذي أحدثته بالفعل في منتصف أبريل، إلا أنها لم تتمكن من تحقيق ذلك نظراً لأن تراجع المخزون كان من جانب المنتجات البترولية (الجازولين والمقطرات المتوسطة مثل الديزل) أكثر مما كان على صعيد النفط الخام، إضافة إلى أن ذلك التراجع لم يكن نابعاً من أمريكا بصفة رئيسية، خاصة بعد استمرار تزايد إنتاجها للنفط ليرتفع بنسبة 10٪ سنويا.
وتابع: «التباين في المعلومات يشكل تحديا كبيرا لمنظمة الأوبك التي اكتشفت أنه على الرغم من الجهود المثلى التي تبذلها من أجل تعزيز فرض موقف قوي على الساحة – مع التحركات والإشارات المستمرة إلى تمديد اتفاقية تخفيض الإنتاج، على سبيل المثال- كانت الأسعار تحت رحمة الإشارات السلبية الصادرة عن الولايات المتحدة».
وخلص التقرير إلى أنه رغم تراجع الأسعار على المدى القصير واهتزاز الثقة في السوق، إلا أن الأطراف المشاركة في السوق ما زالت تأمل في أن التوازن الواقع حالياً سيؤدي حتماً للوصول إلى تراجع المخزون إلى المستوى المستهدف.