قال رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور إن الحكومة اتخذت عددا من القرارات الاقتصادية الصعبة، لكن هناك العديد من الاجراءات الضرورية المتبقية لتأمين الاستقرار متوسط وبعيد المدى.
واضاف النسور، خلال مؤتمر صحفي عقد أمس للحديث عن الرؤية الاقتصادية والاجتماعية للفترة ما بين 2015 إلى 2025، أن هناك عددا من الأسئلة التي تستوجب الاجابة، على سبيل المثال، هل يمكن الاستمرار بالسياسات كما هي عليه أم يجب التغير وفقا لمنهجية جديدة؟، هل يعتبر عمل الحكومة مرضيا أم يتطلب التحسين؟، هل نحن راضون تماماً عن أسلوب الحكم المحلي وتمكين المجتمعات؟ هل هناك رضا عن دور القطاع الخاص؟، … وهكذا دواليك كمسائل وسياسات (الدعم، الطاقة، المياه).
وأكد أهمية إقرار رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة للأردن لـ10 سنوات مقبلة، خصوصا في ظل ما تشهده المنطقة من تغيرات سياسية واقتصادية من الصعب التنبؤ بها.
وقال النسور إن الاردن يواجه تحديات جسيمة فرضتها ظروف خارجية وأزمات متوالية أبرزها ارتفاع فاتورة الطاقة، وتبعات الأزمة السورية خاصّة أزمة اللاجئين السوريين مما زاد الأعباء المفروضة على مواردنا المحدودة وشكل ضغطاً هائلاً على بنيتنا التحتية واقتصادنا الوطني بكل قطاعاته فضلا عن آثاره الكبيرة في رفع الأسعار وزيادة الضغوطات على المالية العامة.
وأضاف أنّ إقرار رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة للأردن حتى العام 2025 أصبح أمراً ملحاً، حيث أن الكثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الاردن اليوم أصبحت أكثر إلحاحا وتأثيرا على مستقبل التنمية الشاملة والمستدامة التي ينشدها الاردن والتي تحتاج الى رؤية منهجية تستند الى الحوار وتراكم الخبرات والتخطيط السليم لتفادي تأثيراتها السلبية على جهود التنمية.
وأكد النسور أنّ هذه الرؤيا لا تعتبر خطة اقتصادية بل هي تصور مبدئي لهذه الفترة أو نظرة طويلة المدى للوضع الاقتصادي والاجتماعي، وسيتم مراجعتها كل 3 سنوات وفقا للتغيرات التي تطرأ.
وبين أنّ الاقتصاد الأردني يعاني من 3 نقاط ضعف رئيسية هي الطاقة والمياه ومحدودية الرقعة الزراعية وتضاف هذه النقاط الى “متلازمتين” أخريين هي وجود اللاجئين الذين باتوا يشكلون نسبة كبيرة من السكان، اضافة الى عدم ثبات الأسواق التي باتت لا يمكن التنبؤ بها.
وأضاف أنه وفي ظل هذا المعطيات تلقت الحكومة رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني بضرورة وضع تصور شامل وواضح المعالم للسنوات العشر المقبلة، بحيث يكون هذا التصور الشامل منهاج عمل للحكومة الحالية والحكومات المقبلة.
وحددت الرسالة الملكية مجموعة من المرتكزات الرئيسية التي لا بد ان تستند اليها الحكومة في وضع هذا التصور المستقبلي والتي من أبرزها: الحفاظ على الاستقرار المالي الكلّي وتطوير السياسات المالية، وتحسين بيئة الأعمال. دعم مُحركات النموّ الاقتصادي، التنافسية وتحفيز القطاعات للوصول الى النتائج المتوخاة.
تكثيف البرامج الموجهة لمحاربة الفقر والبطالة وحماية المستهلك وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي. ودعم المشاريع الإنتاجية والريادية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. والارتقاء بنوعية وجودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين في مختلف المجالات. وضمان التوزيع العادل لمكتسبات التنمية من خلال التركيز على البرامج التنموية في المحافظات.
وزير التخطيط والتعاون الدولي، الدكتور إبراهيم سيف، أكد خلال المؤتمر أنّ الحكومة قامت بإعداد هذا التصور من خلال تشكيل لجان قطاعية وفرق عمل تضم ممثلين من كافة أطياف المجتمع من حكومة وقطاع خاص ومنظمات المجتمع المدني وأعضاء مجلس الأمة، كما تركت الحكومة المرونة الكافية لرؤساء اللجان للاستعانة بالخبرات الوطنية والمؤسسات البحثية والأكاديمية وأي جهات وطنية أخرى أو اشخاص ذوي علاقة للمشاركة والمساهمة في اعمال هذه اللجان، وقد ترأست مؤخرا اللجنة التنسيقية وأكدت على أهمية دورها في المهمة الكبيرة الملقاة على عاتقها.
وأضاف انه يأتي عمل هذه اللجان مستنداً الى عدد من النقاط الرئيسية والثوابت وهي: الحرص على مبدأ التشاركية في جميع مراحل العمل، والانطلاق والاعتماد على الوثائق الوطنية والاستراتيجيات والدراسات القطاعية التي اشارت اليها الرسالة الملكية السامية. وبالتالي البناء على الانجازات وتحديد التحديات حيث تم جمع أكثر من مائة وثيقة متخصصة، مؤكدا على أن الرؤية الجديدة لم تبدأ من الصفر بل تم جمع كل الوثائق والاسترتيجيات السابقة في كل القطاعات.
وبين انه تم التنسيق والترابط بين أعمال اللجان المختلفة والعمل تحت اطار اقتصادي كلي واحد، لضمان التكامل والتناغم بين الاهداف الوطنية والسياسات القطاعية.
وأشار الى أنّه يساند أعمال هذه اللجان مجموعة من الخبراء المحليين والدوليين لتيسير وتسهيل أعمالها، كما يشرف على عملها لجنة توجيهية عليا برئاسة رئيس الوزراء.
وقال سيف أن إعداد التصور المستقبلي للاقتصاد يتزامن مع ما تنجزه الحكومة حالياً بالتعاون مع مجلس الأمة في توفير التشريعات والقوانين الناظمة للحياة الاقتصادية والاجتماعية مثل: قانون الاستثمار، قانون ضريبة الدخل والمبيعات، قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأخيرا وليس آخرا قانون البلديات، وقانون اللامركزية. بالإضافة للبرنامج التنموي للمحافظات ومشروع قانون اللامركزية الذي يفترض أن ينقل الأردن بالتدريج الى مرحلة جديدة فيما يخص الحكم المحلي والأدوار المنوطة بالمجتمعات المحلية ومسؤولياتها.
وألمح الوزير إلى أنّ الحكومة قامت على تنفيذ جملة من الاجراءات التي ساهمت في تحسين وتيرة النمو الاقتصادي وحسنت من بيئة الاعمال والاستثمار، وتوفير التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تعد أساساً في عمل وأعداد هذا التصور
وأضاف سيف أنه يتم العمل حاليا على عدة محاور هي الطلب من الشرطاء ذوي العلاقة مثل الأحزاب السياسية، النقابات المهنية والعمالية، الفعاليات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني ذلك تزويدنا بأي أفكار أو طروحات يرونها مناسبة في هذا المجال.
كما سيتم تنفيذ عدد من الزيارات الميدانية للمحافظات للالتقاء بالفعاليات الأهلية فيها والاستماع لمطالبهم وبما يساعد بإزالة الفوارق التنموية بين المحافظات واستغلال الإمكانات المتاحة في هذه المحافظات.
وأضاف الوزير أنه سيتم عقد مؤتمر وطني في السادس من أيلول المقبل حيث سيتخلل هذا المؤتمر ورش عمل قطاعية وجلسات عصف ذهني لمناقشة التوجهات المستقبلية لكل فريق ومحور وعرض ما تم التوصل إليه من نتائج حتى تاريخه.
وأكد أن إعداد هذا التصور سيتبعه اعداد خطط وبرامج عمل تنفيذية تحتوي على العديد من المبادرات للسنوات العشر القادمة تتواءم في مضمونها بين مشاريع كبرى، إصلاحات تشريعية وقانونية، برامج تدريب وبناء قدرات لتحسين مهارات وقدرات المواطن الاردني في القطاعين العام والخاص، كما ستحتوي هذه الخطط على مؤشرات قياس أداء لتسهيل متابعة التنفيذ.
وقال إنّ رئاسة الوزراء ستتولى متابعة تنفيذ خطط العمل التنفيذية؛ حيث سيتم تفعيل وحدة متابعة ومراقبة الأداء الحكومي في رئاسة الوزراء لمتابعة تنفيذ كافة الاجراءات والمقترحات الواردة في هذا التصور، ونشر الانجازات بشكل دوري لتكون متاحةً لاطلاع أطياف المجتمع الأردني كافة، وبما يمكن من تقييم أوجه القصور وبالتالي تعزيز المصداقية والثقة بين الحكومة والمواطن ومحاسبة المقصرين.
وأوضح أنه يتم العمل على محورين الأول البرامج التنفيذية والثاني تفعيل وحدة متابعة ومراقبة الأداء الحكومي.
وستركز الرؤيا الاقتصادية على 7 محاور رئيسية هي محور تنمية اقتصادية شاملة ومتوازنة، تنطلق من مبدأ الحفاظ على الاستقرار على المستوى الكلي، ومحور تنمية الموارد البشرية، بحيث يجري التنسيق بين كافة المراحل التعليمية وما يجري من حوار فيما يخص نتائج الثانوية العامة وتداعيات ذلك يؤشر الى الرغبة الحقيقية في الاصلاح. ومحور تطوير البنى التحتية والخدماتية والحفاظ على البيئة وتحديد أولويات لا بد من تنفيذها وفقا لما يتاح من موارد مالية. ومحور رفع مستوى كفاءة الأداء الحكومي بحيث تتم مراجعة أداء الحكومة وحجمها بالنسبة للناتج المحلي وطبيعة الاجراءات التي تتخذها الحكومة وكيف يمكن تطوير آليات العمل للتخفيف من الروتين والإجراءات غير الضرورية وما يترتب عليها من كلف إضافية. ومحور تحسين بيئة الاعمال والاستثمار وعمل المؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم. ومحور تنمية المحافظات واللامركزية. ومحور التشريع والعدل.
وستتطرق الرؤيا، كذلك، الى الوضع الاقتصادي والاجتماعي الراهن والتحديات التي تواجهه وخيارات السياسة العامة المستقبلية.
كما ستتطرق الى استراتيجية النمو الجديدة والأدوارالتنفيذية والمساهمات المتعلقة بكل من الحكومة، والمجلس التشريعي، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والمواطنين.
وستتطرق للتحديات الرئيسية والمحركات الاقتصادية من السكان والنمو الاقتصادي وبيئة الاعمال والاستثمار، والتنافسية والابتكار، اضافة الى السياسة المالية ، وسياسة الدعم والسياسة الضريبية.
أما الاطار الاجتماعي فستتطرق الرؤيا لتكافؤ الفرص، والعدالة والمساواة، وتدفق اللاجئين، وأمن الموارد، وأمن الطاقة، وأمن المياه، والأمن الغذائي.
كما ستشمل على تقييم للإدارة الحكومية وأداء القطاع العام، جودة الخدمات الحكومية، اضافة إلى التشريعات والعدل، والقضاء.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-57i