أدركت إمارة دبي مبكراً العلاقة الراسخة بين الاقتصاد والثقافة والسياسة، والتي تمثل بحسب وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «مكوّنات تمتزج مع بعضها بعضاً لتشكل أُمّة وتبني دولة».
ولذا أولت القيادة الرشيدة اهتماماً بالغاً بالنهضة الثقافية، باعتبارها من أهم ركائز التنمية الشاملة والمستدامة، جاعلة التعليم والثقافة من أسس تقدم ورفعة الوطن.
وجاءت المنظومة التشريعية بمثابة قوة دافعة للحراك الثقافي، وهو ما تجلى في إصدار القانون رقم «6» لسنة 2008 بشأن إنشاء هيئة الثقافة والفنون في دبي، لدعم قطاعات الثقافة والفنون والتراث والآداب.
وتتمثل مهمة الهيئة في تعزيز سعادة وراحة الناس في دبي، حيث أصبحت أول شريك للسعادة بتنفيذ أجندة السعادة في مايو 2016، بعد دخولها في علاقة شراكة مع «دبي الذكية»، لقيادة التحول الثقافي في المدينة، وذلك من خلال البرامج والمشاريع الموجهة نحو بناء الوعي وإلهام الأفراد والشركات، وريادة المدينة في إعطاء الأولوية للسعادة.
دور
وتلعب هيئة دبي للثقافة والفنون دوراً مهماً في تمكين الناتج الاقتصادي المستدام، والقدرة التنافسية العالمية للإمارة، والذي شكل محطة مفصلية للحفاظ على الثقافة الإماراتية الأصيلة، بما تحمله من قيم سامية، تدعو إلى التسامح والتآخي واحترام الآخر، مع إرساء دعائم الحوار الثقافي الذي يمهد الطريق أمام تعزيز السلام العالمي.
وأناط القانون، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، بهيئة الثقافة والفنون في دبي، مسؤولية دعم ورعاية المؤسسات المعنية بتنمية وتنظيم وتنشيط الفعاليات الثقافية الهادفة، فضلاً عن رعاية المواهب الشابة، واحتضان الإبداع والمبدعين من الأدباء والكتاب والفنانين، وتعزيز الحراك الأدبي والفني والثقافي، تماشياً مع التطلعات الطموحة لترسيخ ريادة دبي كمنارة للفكر والإبداع إقليمياً وعالمياً.
ويتجلى ذلك من خلال دورها كجهة مسؤولة عن فروع مكتبة دبي العامة، ووضع خطط تجديدها لتقديمها في حلة جديدة، تساعدها على ترسيخ مكانتها كوجهات للقراءة والمعرفة والفنون والإبداع، ومنها قيامها بتحديث وتطوير مكتبة الصفا للفنون والتصميم، المشروع الرائد الذي ستفتتحه الهيئة قريباً.
وتضع الهيئة على عاتقها مسؤولية تأصيل القيم الثقافية التراثية لدى الأجيال الناشئة، من خلال إدماجها ضمن المناهج الدراسية، فضلاً عن تشجيع حركة الترجمة والطباعة والنشر في كافة المجالات الثقافية والأدبية والفكرية، والاهتمام بالفنون الشعبية والفلكلورية وحمايتها من الاندثار. وهنا، تبرز مهمة أخرى للهيئة كجهة مسؤولة عن إدارة قطاع المتاحف، وتطويرها ووضع استراتيجيات أنشطتها وفعالياتها.
ويمنح القانون الهيئة، صلاحية التنسيق مع الجهات المحلية والاتحادية في دولة الإمارات العربية المتحدة، حول كل ما يتعلق بشؤون الثقافة والفنون والتراث والآداب، وتطويرها وتنميتها، بما يتوافق مع السياسات المتبعة في إمارة دبي، فضلاً عن وضع آليات واضحة للتعاون والتنسيق والتسويق، لتحقيق أهداف الهيئة محلياً ودولياً، وفي مقدمتها الحرص على تبني جهود ومبادرات الدبلوماسية الثقافية، ودعم استراتيجية القوة الناعمة لدولة الإمارات، لما لها من تأثير إيجابي لدعم علاقات الأخوة والصداقة بين الإمارات ودول العالم.
مهام
وبموجب أحكام القانون رقم «6» لعام 2008، تشتمل مهام الهيئة على رسم السياسة العامة والخطط والبرامج الثقافية والأدبية والفنية والتراثية في دبي، والعمل على تنفيذها، فضلاً عن اقتراح التشريعات الداعمة لمسيرة تطوير وتنمية قطاع الثقافة والفنون والآداب، وحفظ التراث الإماراتي، ورفع مستوى وكفاءة الإنتاج الثقافي والأدبي والفني والتراثي.
وتماشياً مع توجيهات القيادة الرشيدة نحو تفعيل دور الشباب في صياغة ملامح المشهد الثقافي المحلي، تركز الهيئة جهودها على تشجيع النشء الجديد على مواصلة الاهتمام بالفنون الشعبية والفلكلورية، عبر تنظيم سلسلة من الندوات والمسابقات والمهرجانات والفعاليات النوعية التي تتواءم مع أهداف «خطة دبي 2021».
وفي هذا الصدد، تنشط الهيئة في تبني أحدث تقنيات العصر التي تسهم في استقطاب الشباب لأنشطتها وفعالياتها، في الوقت الذي تحرص فيه على توظيف الذكاء الاصطناعي من أجل الإسهام في نشوء اقتصاد ثقافي إبداعي مستدام عن طريق تمكين وإبراز المنتجات الثقافية الإبداعية.
ويندرج تفعيل دور المتاحف والمكتبات العامة ومراكز التوثيق والدراسات الثقافية والتراثية والفنية ضمن اختصاصات الهيئة، التي تتولى أيضاً مسؤولية اعتماد المشاريع ووضع السياسات والمعايير والضوابط المتعلقة بترخيص الأفراد والمنشآت العاملة ضمن قطاع الفعاليات والأنشطة الثقافية والأدبية والفنية والتراثية.
رؤية طموحة
بفضل القوانين الحديثة التي تواكب الحراك الثقافي والمعرفي المتسارع، يمكن القول إن هيئة الثقافة والفنون في دبي، تمضي قدماً على درب ترسيخ مكانة دبي كمدينة عالمية خلاقة ومستدامة للثقافة والفنون والتراث والآداب، انطلاقاً من رؤية طموحة لتوظيف قطاعات الثقافة والتراث والفنون والآداب في خدمة الجهود الوطنية لتحقيق السعادة والرفاه والرخاء لجميع أفراد المجتمع.