أكد معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد، أن الإمارات تمتلك واحداً من أكثر اقتصادات العالم انفتاحاً وديناميكية، إذ سجلت الدولة نسبة انفتاح اقتصادي بلغت 173%، كما تتمتع الدولة بتوقعات إيجابية في مجال الاقتصاد الكلي.
متوقعاً أن يبلغ حجم النمو الاقتصادي 4.8% العام الجاري، و4.5% في السنوات المقبلة، مدعوماً بعدد من المشروعات الكبرى التي أعلن عنها في الأشهر الـ18 الأخيرة، وكذا فوز العرض الذي قدمته الدولة لاستضافة معرض إكسبو العالمي 2020.
وأوضح أن التوقعات تشير إلى أن هذا النمو سيواصل ارتفاعه على مدى عدة سنوات مقبلة، مع مواصلة تحقيق الإمارات أهدافها في تنويع التنمية الاقتصادية.
جاء ذلك في كلمة وزير الاقتصاد أمام قمة «تيسير الجمارك والتجارة العالمية» التي تعقد ضمن فعاليات أسبوع «تنمية التجارة العالمية في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا»، بفندق أبراج الإمارات، ويشمل أربع قمم عالمية في مجالات التجارة والاستثمار، بمشاركة 600 شخص من المسؤولين وصناع القرار في مجالات تيسير التجارة والتمويل والتنمية، و120 متحدثاً من 90 دولة.
إزالة العوائق
وأكد وزير الاقتصاد ضرورة إزالة العوائق من طريق التجارة، قائلاً: «كلنا متفقون على أن التجارة تمثل محركاً محورياً للنمو الاقتصادي الذي يوفر فرص عمل جيدة.
بيد أنه يجب علينا أن نزيل الحواجز القائمة في طريق التجارة التي تعوق النمو الاقتصادي، مع العمل في الوقت ذاته على تيسير حركة التجارة عبر الحدود، وهو ما يتطلب إصلاحات محلية وتعاوناً دولياً، إذ يتطلع العالم إلى التقدم نحو تطبيق اتفاقية منظمة التجارة العالمية الجديدة الخاصة بتسهيل التجارة».
وتابع «أننا نفخر في الإمارات بالدور الذي أسهمنا به في الارتقاء بهذه الفعالية المهمة التي توفر منصة تفاعلية لقادة القطاعات الحكومية والتجارية والأكاديمية والصناعية والفكرية، تمكنهم من التعاون والتنسيق والحوار وتبادل أفضل الممارسات المتبعة. وتتطلع الجهات المشاركة إلى الارتقاء بمستوى السياسات والتطبيقات التي تسهم في نمو التجارة الدولية».
وأضاف أن الحصول على التمويل التجاري والاستثمارات أصبح أمراً في غاية الأهمية، تتطلع إليه وزارات الاقتصاد والتجارة حول العالم لدفع عجلة النمو لديها، مشيراً إلى أن الربط بين الأعمال وتمويل التجارة العالمية أحد المحاور الرئيسة للمناقشات في القمة العالمية، لتمويل التجارة والتنمية الصناعية التي ستضم كوكبة متميزة من قادة كبرى المؤسسات المصرفية وشركات التأمين والتمويل والصناعة.
مركز رائد
وأشار إلى أن هذه الفعالية تأتي في مرحلة أثبتت فيها الإمارات أنها مركز رائد للتجارة الإقليمية والعالمية، يوفر أيسر الطرائق وأسرعها أمام الشركات المتعددة الجنسيات، وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات الأعمال العائلية للوصول إلى مختلف دول العالم. وأضاف أن حجم الناتج المحلي الإجمالي للدولة بلغ 402 مليار دولار عام 2013.
ووصل رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدولة حتى عام 2013 إلى 105.5 مليارات دولار، في حين بلغ رصيد الاستثمارات الإماراتية في الخارج 63 مليار دولار خلال الفترة نفسها، لتكون الإمارات الأولى في المنطقة في تصدير الاستثمارات بنهاية عام 2013.
وأشار إلى بدء الدولة تنفيذ استراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على قطاع النفط إلى 10% مستقبلاً، في إطار حرصها على تحقيق التنوع الاقتصادي، لافتاً إلى أن الدولة بدأت بالفعل بالعمل في مجالات عديدة من الأنشطة الاقتصادية المثمرة كالسياحة وارتياد الفضاء والطاقة البديلة والصناعة واقتصاد المعرفة، بما ينسجم مع الأهداف التي حددتها رؤية الإمارات 2021، والتي تمثل خريطة طريق للسنوات السبع المقبلة.
اقتصاد المعرفة
وأوضح أن الدولة تستهدف من خلالها تشجيع التجارة والاستثمار، مع العمل على بناء اقتصاد قائم على المعرفة والاستثمار في تطوير القدرات ورأس المال البشري، لإطلاق واستدامة باقة متنوعة من البرامج في مختلف القطاعات، لافتاً إلى أن هدف دولة الإمارات في هذا الشأن يتمثل في أن تبلغ مساهمة الاقتصاد المعرفي والإبداعي 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2021.
وقد صنف اقتصاد الإمارات في أعلى مرتبة بين اقتصادات العالم العربي، بعد أن قفز 7 مراتب إلى المركز الـ12 على المؤشر السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي من بين 144 دولة. وأضاف أن طموح الدولة هو الوصول إلى المراكز الأولى في مختلف الصُّعُد، وهو ما تعمل على تحقيقه.
مواصلة النمو
وقال «إن البنية التحتية الاقتصادية المناسبة، والبيئة الميسرة للأعمال التي تتمتع بها الإمارات، تمكناها من أن تكون شريكاً مثالياً في المصالح التجارية العالمية»، لافتاً إلى «أن الدولة لديها تجارة واستثمارات منتشرة على نطاق واسع عبر علاقاتنا التفاعلية مع 220 سوقاً حول العالم، وقد منح هذا الأمر الإمارات مرونة اقتصادية فائقة، وأسهم في التخفيف من أثر الاضطرابات الإقليمية على اقتصادنا، ومكننا من مواصلة مسيرتنا التنموية».
وقال الوزير «إن الدولة بدأت أخيراً في إدخال إصلاحات تشريعية، من خلال طرح 8 قوانين جديدة مهمة، لمواصلة الارتقاء بالبيئة الاستثمارية، ودعم النمو الاقتصادي نحو تحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يمثل جزءاً من استراتيجيتنا المعتمدة لأعوام 2014-2016 التي تهدف إلى تطوير سياساتنا واستراتيجياتنا الاقتصادية، وفق أرقى المعايير العالمية في سبيل تحقيق رؤية الدولة حتى عام 2021».
وأضاف «أن مناطق التجارة الحرة داخل الدولة تمثل نموذجاً لافتاً لكيفية دعم المستثمرين وتيسير العمل لهم، مع تقليل الحواجز التجارية في الوقت نفسه، إذ تنعم مناطق التجارة الحرة في الإمارات (التي يزيد عددها على 33 منطقة) بحالة من الازدهار والنجاح، سواء كانت مشروعات صغيرة أو متوسطة أو شركات كبرى».
إزالة الحواجز
وقال «إننا جميعاً متفقون على أن التجارة تمثل محركاً محورياً للنمو الاقتصادي الذي يوفر فرص عمل ممتازة، إلا أنه يجب علينا أن نزيل الحواجز القائمة في طريق التجارة التي تعوق النمو الاقتصادي، مع العمل في الوقت ذاته على تيسير حركة التجارة عبر الحدود، وهو ما يتطلب إصلاحات محلية وتعاوناً دولياً، إذ يتطلع العالم إلى التقدم نحو تطبيق اتفاقية منظمة التجارة العالمية الجديدة الخاصة بتسهيل التجارة، لا سيما أن أسبوع تنمية التجارة العالمية هذه السنة سيشهد إطلاق قمة التسهيلات الجمركية والتجارية العالمية، وهي فعالية تمثل جمارك دبي فيها الشريك الأبرز».
تسهيلات جمركية
ومن جانبه، قال أحمد محبوب مصبح، مدير جمارك دبي، في كلمته أمام القمة، «إن تجارة دبي الخارجية تضاعفت 5 مرات في 10 سنوات برؤية محمد بن راشد الاستراتيجية»، مؤكداً الاعتماد على أحدث تطبيقات تقنية المعلومات وأفضل الأنظمة الجمركية لتيسير التجارة المشروعة، كما وعد في كلمته بتقديم أفضل الخدمات والتسهيلات الجمركية في إكسبو 2020.
ودعا مدير جمارك دبي إلى تعزيز التعاون الدولي في تيسير التجارة، عبر تنسيق الإجراءات الجمركية عالمياً، والعمل على تفعيل الدور الحيوي للسلطات الجمركية في مختلف دول العالم لتعزيز نمو التجارة العالمية، منوهاً بأهمية «قمة تيسير الجمارك والتجارة العالمية»، وإسهامها في تحقيق هذه الأهداف لدعم الانتعاش في الاقتصاد الدولي.
وقال «إن سرعة التطور في حركة التجارة العالمية تتطلب من السلطات الجمركية في مختلف دول العالم تطبيق أفضل الممارسات والمعايير، سواء المنبثقة عن منظمة الجمارك العالمية أو غيرها، والعمل بمبدأ الابتكار واستخدام تقنية المعلومات، وبناء القدرات البشرية وتفعيل جهودها وإجراءاتها لتيسير التجارة، دون الإخلال بمهامها الأمنية من أجل حماية المجتمعات من المخاطر».
موقع مميز
وقال «إن قمة تيسير الجمارك والتجارة العالمية تعقد في الإمارات بموقعها المميز كمركز عالمي وإقليمي للتجارة والأعمال، وهو موقع استحقته الدولة بجدارة عبر جهودها المستمرة ومثابرتها لتقديم نموذج يحتذى به في البناء الاقتصادي، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله».
وأشار مدير جمارك دبي إلى أن التجارة تكتسب أهمية متصاعدة في تحريك عجلة النمو بالاقتصاد العالمي، في ظل التحولات المتسارعة على صعيد ترابط الأسواق في مختلف القارات، وسرعة انتقال البضائع بين الدول، نتيجة للتطور المتنامي في وسائط النقل العالمية، مدعومة بثورة الاتصالات وتقنية المعلومات التي جعلت العالم قرية كونية واحدة.
نمو التجارة الخارجية
وقال «إن قيمة تجارة دبي الخارجية تضاعفت أكثر من 5 أضعاف خلال عشر سنوات، لتصل إلى 1329 مليار درهم عام 2013، مقابل 252 مليار درهم في عام 2003، كما بلغت قيمتها في النصف الأول من عام 2014 نحو 654 مليار درهم، أي أكثر من ضعف ما كانت عليه عام 2003 كاملاً».
وتوقع ألا تقل قيمة تجارة دبي الخارجية العام الحالي عن العام السابق، بل قد ترتفع في ضوء الأرقام المتحققة خلال النصف الأول من العام الحالي.
تطوير البنية التحتية
وأوضح «أن هذا النمو المتصاعد في التجارة الخارجية تحقق نتيجة لاستثمار دبي بكثافة في تطوير بنيتها التحتية، والتوسع في إقامة المشروعات التي تخدم حركة التجارة، وذلك من خلال تطوير الموانئ والمطارات والمناطق الحرة والطرق والمراكز الحدودية، مثل إطلاق خطة توسعة مطار آل مكتوم باستثمارات قدرها 120 مليار درهم التي ستؤدي لدى اكتمالها إلى رفع الطاقة الاستيعابية للمطار إلى 200 مليون مسافر».
تطبيقات حديثة
وقال «إن اعتماد أحدث تطبيقات تقنية المعلومات، من خلال تطوير نظام (مرسال 2) الإلكتروني، حقق نقلة نوعية في العمل الجمركي، إذ وفر النظام أكثر من 80% من الوقت اللازم لإنجاز المعاملات الجمركية، كما دعمت خدمات الحكومة الذكية التي أطلقتها جمارك دبي في العام الماضي سرعة الإنجاز، من خلال تمكين المتعاملين من تقديم طلباتهم، للحصول على الخدمات الجمركية عبر الهواتف الذكية على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع».
مواكبة
واكبت جمارك دبي التطوير الشامل للبنية التحتية في الإمارة، بالعمل على تيسير التجارة وحركة المسافرين، وضمان مرونة الإجراءات الجمركية، لتحقيق هدفنا الحيوي المتمثل بتسهيل التخليص الجمركي للشحنات المشروعة، وهو أفضل دعم نقدمه للحركة الاقتصادية في الدولة، عبر تعزيز العائد التجاري للمتعاملين، واستقطاب حصة أكبر من التجارة العالمية إلى الدولة.
قناة ذكية لإكسبو
قال مدير جمارك دبي «إن فوز الدولة باستضافة دبي معرض إكسبو 2020، يعكس مكانة الإمارة على خريطة التجارة العالمية، ولذلك نعمل في جمارك دبي على الإسهام بفعالية بالتعاون والتنسيق مع كل الجهات الحكومية، لتقديم تجربة فريدة ومميزة وغير مسبوقة في تاريخ هذا الحدث الدولي المهم، ونعد الجميع بتقديم أفضل الخدمات والتسهيلات الجمركية في هذا الحدث.
وذلك من خلال إطلاق قناة ذكية خاصة بالمشاركين في المعرض، من أجل تسهيل وتسريع عملية تخليص البضائع، عبر توفير نظام آلي للتخليص الجمركي على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، مع الاستفادة من خدمة التخليص المسبق قبل الوصول الفعلي للبضائع».
التجارة أداة للتضامن والسلم الدوليين
أكد هاني الهاملي، الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي، أن التجارة يمكن أن تشكّل أداة للتضامن والسلم الدوليين، إذ تجمع الناس من مختلف مناطق العالم، ليتعارفوا ويتحاوروا في مختلف القضايا، ليست التجارية فحسب، بل الاقتصادية والمالية والتنموية والتقنية التي تنعكس جميعها في التجارة، كما أنها تزيد المعرفة والتبصر بما يحصل حولنا.
وأضاف، أمام قمة تيسير التجارة، أن هذا المؤتمر خير دليل على ذلك، إذ يجمع ممثلين من أكثر من 90 دولة، بهدف إثارة حوار بنّاء حول سبل تعزيز حركة التجارة الدولية، وبما يسهم في تعزيز الرفاه الاقتصادي العالمي.
وتابع أن اتجاهات وهيكل التجارة العالمية قد تغيرت بشكل جذري خلال القرن الماضي، إذ لم يشهد العالم درجة من التداخل والتكامل مثلما شهده بالأمس القريب، حيث انتشرت التجمعات الإقليمية العملاقة، وازداد التمثيل الدبلوماسي، وازداد عدد الشركاء التجاريين في العالم، وتصاعدت وتائر الثورة العلمية والتكنولوجية، وجميع هذه العوامل وغيرها قد أعطى للتجارة العالمية زخماً كبيراً وأبعاداً جديدة غير البعد التقليدي المتمثل بتوفير السلع والخدمات في الأسواق.
وأضاف أنه في التقرير الأخير عن التجارة العالمية الذي نشرته منظمة التجارة العالمية، تمت الإشارة إلى 4 ظواهر بدأت تبرز على خريطة التجارة العالمية، وهي: صعود الدول النامية في الاقتصاد العالمي، وخاصة الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، كالهند والصين والبرازيل، وثانياً التوسع الحاصل في سلسلة القيمة، وثالثاً ارتفاع أسعار السلع وأهمية الصادرات السلعية، رابعاً بروز الطبيعة العالمية للصدمات الاقتصادية الكلية.
وتابع أنه إلى جانب تلك القائمة، فإن عامل (البيئة) يعد إضافة مهمة، ذلك لأن التجارة ما لم تقترن بممارسات وأنشطة سليمة وتشريعات ملائمة للحفاظ على البيئة، لا يمكن تأمين اقتصادات مزدهرة تحقق تطلعات الأفراد والمؤسسات وتحفظ مستقبل الأجيال القادمة.
تعافٍ
تفيد التقارير العالمية أن تعافي الاقتصاد العالمي برمته من براثن الأزمة الاقتصادية العالمية لا يزال غير مؤكَّد، ومن الطبيعي أن ينعكس هذا المناخ على نمو التجارة العالمية الذي شهد هو الآخر تباطأ خلال العامين الماضيين عند معدلات 2%، وإن كان يتوقع نموه العام الجاري ليصل إلى 4.7%، وهي نسبة ما تزال أدنى من اتجاهات نمو التجارة العالمية خلال السنوات العشرين الماضية.