مجلة مال واعمال

المنافسة وارتفاع كلف الطاقة يرهقان شركات الإسمنت المحلية

-

تعاني شركات الإسمنت المحلية من تحديات عديدة تزيد من أعبائها المالية يوما بعد يوم وتضاعف نزيف خسائرها الذي زاد منذ العام 2010 بعد تداعيات الأزمة العالمية ولم يتوقف حتى الوقت الراهن، بحسب مسؤولين في تلك الشركات.
ومن أبرز تلك التحديات، وفقا للمسؤولين، المنافسة الشديدة بين المنتج المحلي والمستورد (الأقل سعرا)، مما يفوق احتياجات السوق.
ويبين هؤلاء أن عدم قدرة منافسة المنتج المستورد تعود لارتفاع تكلفة الطاقة على المنتج المحلي سواء من الوقود المستخدم في الإنتاج أو الطاقة الكهربائية أو أجور العمال.
وتعمل في السوق المحلية خمس شركات إسمنت بستة مصانع، واحدة منها تستورد مادة الكلينكر وتطحنه لتنتج الإسمنت.
وتصل الطاقة الإنتاجية لتلك الشركات إلى نحو عشرة ملايين طن سنويا، علما بأن حاجة المملكة من الإسمنت تقدر بنحو 4.5 مليون طن سنويا.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة الإسمنت الأردنية لافارج، توفيق طبارة “إن الشركة تعاني من عاملين أساسيين أثرا على نتائجها المالية وهما انخفاض المبيعات بسبب المنافسة الشديدة التي يشهدها سوق الاسمنت وارتفاع كلف الإنتاج”.
وأضاف طبارة لـ”الغد” أن حجم مبيعات الشركة المحلية انخفض في العام الماضي نحو 12 %، مما انعكس سلبا على قيمة صافي المبيعات، والتي تأثرت بانخفاض الأسعار.
وأشار إلى أن ارتفاع كلف الكهرباء بشكل كبير خلال العام 2013 وارتفاع كلف التعدين والكلف المتغيرة الأخرى هي عوامل أدت الى الزيادة في كلفة المبيعات، لافتا أيضا الى ارتفاع كلف النقل كنتيجة حتمية لبعد موقع الرشادية الذي يتواجد فيه مصنع الشركة عن سوق استهلاك الاسمنت الرئيسي.
وأكد طبارة أن الشركة ما تزال تعمل بأقل من طاقتها الإنتاجية؛ حيث توقف مصنع الفحيص عن الإنتاج في بداية العام 2013 بسبب عدم جدوى الإنتاج باستخدام زيت الوقود مرتفع الكلفة.
ولفت إلى أن تركيز الشركة ينصب حاليا على تقليل كلف الإنتاج وبالدرجة الأولى كلف الوقود؛ حيث بدأت الشركة باستخدام الفحم المطحون في مصنع الرشادية، الأمر الذي أدى الى رفع تنافسية الشركة أمام الشركات الأخرى التي تستحدم بدائل الطاقة منذ زمن.
إلا أن طبارة لفت إلى أن معوقات استخدام الفحم في مصنع الفحيص ماتزال قائمة.
وتعد شركة لافارج الإسمنت الأردنية من أكبر وأقدم الشركات الصناعية في المملكة، وتبلغ طاقتها الإنتاجية 4.8 مليون طن إسمنت، وتأسست العام 1951 كشركة مساهمة ذات امتياز، إلا أن الحكومة باعت في العام 1998 جزءا من حصتها الى شريك استراتيجي هو “مجموعة لافارج” الفرنسية.
ومنيت الشركة في العام الماضي بصافي خسارة مقداره 26.2 مليون دينار مقارنة بصافي خسارة مقداره 19.7 مليون دينار في العام 2012.
بدوره، قال مدير عام الشركة العربية لصناعة الإسمنت الأبيض، خالد الطراونة “إن ارتفاع تكاليف الطاقة من أبرز التحديات لدى شركات الإسمنت المحلية والتي تقلل من تنافسيتها في السوق”.
وأكد الطراونة لـ”الغد” وجود منافسة شديدة بين المنتج المحلي والمستورد الذي يغرق السوق وبأسعار منخفضة نظرا لكلف الإنتاج القليلة التي تتحملها الشركات في بلد المنشأ.
وأشار إلى أن شركات الإسمنت المحلية ناشدت الجهات المسؤولة ممثلة بوزراة الصناعة والتجارة لضبط عمليات الاستيراد وعدم إغراق السوق بالإسمنت وحماية المنتج المحلي.
وأوضح الطراونة أن حاجة المملكة السنوية من الإسمنت تبلغ 4.5 مليون طن، علما بأن الإنتاج المحلي من الاسمنت والاستيراد يبلغ 10 ملايين طن سنويا، مما يعني أن نحو 5.5 مليون طن تزيد على الاستهلاك.
وأكد أن ذلك يسبب مشاكل مالية لشركات الاسمنت المحلية التي تتراجع مبيعاتها بشكل ملحوظ عاما بعد عام.
وأما بالنسبة لمادة الإسمنت الأبيض، فقال الطراونة إن حاجة السوق السنوية منه تبلغ 70 ألف طن.
وبين أن ارتفاع أسعار الكهرباء أحدث ضررا كبيرا للقطاع؛ حيث تشكل تكلف الكهرباء 15 دينارا في الطن الواحد للاسمنت، في حين تشكل تكلفة الفيول نحو 85 دينارا لكل طن.
وتطرق الطراونة إلى تحد آخر يؤثر سلبا على أداء القطاع، وهو نقص الأيدي المحلية المدربة والتي تستقطبها الأسواق الخليجية.
وناشد الحكومة بأن تضع ضوابط للاستيراد وعدم إعطاء تراخيص لمستثمرين لغايات طحن “الكلينكر” لصناعة الاسمنت، كونه يولد منافسة غير عادلة مع الشركات المحلية.
وتأسست الشركة العربية لصناعة الاسمنت الأبيض العام 1982 كشركة مساهمة عامة أردنية سورية مشتركة غاياتها صناعة الاسمنت الأبيض وإنتاج وصنع توابعه والاتجار بها داخل المملكة وخارجها.
والشركة العربية هي شركة مساهمة عامة غير مدرجة في البورصة، ومساهموها هم الشركة السورية الأردنية للصناعة، وزارة المالية الأردنية، المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، والمؤسسة العامة للاسمنت (سورية).
من جانبه، قال نائب رئيس مجلس إدارة إسمنت الشمالية فارس القطارنة “إن المواطن الأردني لا يفضل شراء الإسمنت المستورد، وإنما يثق بالمنتج المحلي، لذلك لا توجد كميات كبيرة من الإسمنت المستورد في السوق أو يكاد السوق يخلو منها”.
وأوضح القطارنة لـ”الغد” أن ما يتم استيراده هو مادة “الكلينكر” المكون الرئيسي للإسمنت، ولكن بعد صدور قرار في المملكة السعودية في العام 2012، بمنع تصدير الإسمنت والمواد الداخلة في إنتاجه لم تعد الشركة تستورد هذه المادة.
وأشار إلى أن الشركة تعتزم تنفيذ مشروع توسعة لمصنعها في منطقة الموقر شرق عمان بتكلفة تصل إلى 100 مليون دينار خلال العام الحالي.
وقال القطارنة إن مشروع التوسعة الذي سيمكن الشركة من انتاج مادة الكلينكر سيستغرق تنفيذه نحو عام ونصف، مشيرا إلى أن الشركة تعمل منذ تأسيسها على استيراد مادة الكلينكر من السوق السعودي وطحنه واستخدامه لصناعة الإسمنت.
وأكد أن مشروع التوسعة الذي يتضمن شراء أفران كبيرة لإنتاج “الكلينكر” جاء بعد صدور قرار السعودية بمنع تصدير الإسمنت والمواد الداخلة في إنتاجه وأهمها “الكلينكر”.
إلى ذلك، بين القطارنة أن قطاع الصناعة في المملكة بشكل عام وقطاع الإسمنت بشكل خاص يعاني من ارتفاع كلف الطاقة وخاصة الكهرباء التي رفعت الحكومة تعرفتها مطلع العام الحالي.
ورفعت الحكومة مطلع العام الحالي التعرفة الكهربائية على القطاع التجاري والصناعي بنسبة 15 %، وقطاعي البنوك والاتصالات بنسبة 5 %.
وتعد هذه الرفعة الثانية على التوالي بعد أن زادتها في شهر آب (أغسطس) العام 2013 بنسبة وصلت أيضا إلى 15 %.
إلى ذلك، بين القطارنة أن هناك منافسة شديدة لسوق الاسمنت في المملكة، الا أن الشركة استطاعت تحقيق الأرباح.
وتمتلك شركة اسمنت المنطقة الشمالية السعودية حصة الأغلبية في شركة اسمنت الشمالية الأردنية والمسجلة في البورصة الأردنية برأسمال 55 مليون دينار.
وتمكنت اسمنت الشمالية من تحقيق أرباح صافية العام الماضي بلغت 6.12 مليون دينار مقارنة بأرباح بلغت 4.48 مليون دينار في العام السابق.
إلى ذلك، طالب القطارنة الحكومة بعدم إعطاء رخص لمطاحن اسمنت جديدة كون ذلك يزيد من مشاكل القطاع في ظل وجود إنتاج كبير يفوق حجم الطلب الداخلي.
يشار إلى أن إسمنت الشمالية تصدر الإسمنت إلى الضفة الغربية وكميات محدودة إلى السعودية.
بدوره، قال رئيس جمعية تجار الإسمنت منصور البنا “إن من العوامل الأخرى والمهمة التي تؤثر على قطاع الإسمنت سلبا هي أنه رغم وجود نشاط عمراني، الا أن أصحاب الإسكانات لا يدفعون قمية الفاتورة لمصانع الإسمنت مباشرة وإنما أغلبها تتعامل بالذمم”.
وبين البنا أن ذلك يسبب نقصا في السيولة لتلك الشركات وتحدث مطالبات بنكية في ظل قيمة بيوعات قليلة.
وقال البنا “إن النشاط العمراني في الممكلة ليس بالضرورة أن ينعكس ايجابا على تجار الاسمنت لغياب الكاش”.
وأكد أن على الحكومة أن تعيد إعفاءات رسوم تسجيل الشقق لكي تحرك السوق وتزيد السيولة بين أيدي أصحاب الإسكانات.
وأشار إلى أن إعادة قرار الإعفاءات تقلل بين 5 و8 آلاف دينار من تكلفة الشقة وهذا يشجع المواطنين على الشراء، لافتا إلى أن بيع الشقق يزداد نحو أربعة أضعاف بوجود الإعفاءات.
وأكد البنا أن شركات الاسمنت مهددة بالإفلاس مع استمرار تلك التحديات والعوامل، داعيا الحكومة للتدخل إلى جانب زيادة التسهيلات الائتمانية من قبل البنوك.
وحول الطلب المحلي اليومي للاسمنت، بين البنا أن ما بين 10 و12 الف طن معدل الطلب اليومي من إجمالي الشركات المحلية.
وأما بالنسبة لسعر طن الإسمنت، فبين البنا أن سعره من أرض المصنع يبلغ نحو 96 دينارا، أما سعره واصلا أرض المشروع فيصل إلى نحو 105 دنانير، ويعتمد ذلك على بعد المشروع عن المصنع.
ومن جانبه، اتفق ممثل قطاع الإنشاءات في غرقة صناعة الأردن محمد الخرابشة، مع سابقيه، مؤكدا التحديات التي يعاني منها قطاع الصناعة بشكل عام وقطاع الإسمنت بشكل خاص من ارتفاع في كلف الطاقة.
وبين الخرابشة أن استيراد مادة “الكلينكر” بطرق غير رسمية من دول مجاورة يعد تحديا كبيرا للشركات المحلية التي تنتج هذه المادة لإدخالها في صناعة الإسمنت.