مجلة مال واعمال

الملياردير العصامي عبد الله بن أحمد الغرير…رحلة مليئة بالكفاح

-

مجلة مال وأعمال – دبي

صنع عبد الله بن أحمد الغرير ثروة طائلة منذ بدايات الازدهار الاقتصادي في دبي حتى اصبح يطلق عليه المياردير العصامي.
ليصبح إرثه الراسخ ملحوظ في كل ناحية من دبي- مسقط رأسه؛ فقد ساعد في تأسيس بنك المشرق، أقدم مصرف خاص في الإمارات. كما يعد مركز الغرير من أوائل المجمعات التجارية في الشرق الأوسط. وكان لشركته العاملة في الإنشاءات مشاركة في بناء برج خليفة- أطول مبنى في العالم. بينما ينوي الآن، إحداث أثر أكثر ديمومة في بلاده ومحيطها العربي الكبير.
وانصرف اهتمام الغرير لمؤسسته التعليمية، التي تعد من كبرى المؤسسات في هذا المجال.

ففي عام 2015، تعهد بمنح ثلث أصول شركته القابضة، بما يعادل 1.1 مليار دولار خلال 10 سنوات، لتوفير منح دراسية وبرامج تعليمية لطلاب الجامعات في الإمارات والدول العربية. يقول: «أرى أن التعليم أداة التمكين الحقيقية للشباب العربي، وأساس تنميتهم اجتماعياً واقتصادياً».
وهو يطمح للعمل في قطاع النقل أو الطاقة، ويتدرب حالياً في (Airbus). يقول إنه كان مضطراً من دون مساعدة مالية، إلى تأجيل دراسته لأعوام عدة على الأرجح.
لم يستكمل رجل الأعمال الملياردير دراسته بعد المرحلة الابتدائية، إلا أن بوادر الوعي وحب التعلم بدت عليه منذ الطفولة. وقد ولد ابناً رابعاً في عائلة من 9 أفراد. أما والده أحمد الغرير فامتلك قوارب للغوص وصيد اللؤلؤ- الذي نشطت تجارته مع الهند في القرن الـ19 وبدايات القرن الـ20، معززة اقتصاد دبي.
ومع ذلك، كانت الإمارة فقيرة حينذاك، وعاشت عائلة الغرير في بيت طيني بدبي، كما أمضت فصول الصيف الحارة والرطبة في الخيام، حيث كانوا يصفّون مياه الشرب باستخدام المناخل من الديدان التي تملؤها. ويتذكر الغرير أيضاً أن أمه، مريم سيف، كانت تحمل سلاحاً لغرض الحماية في ذلك الوقت.
وكان سيف- أخوه الأكبر، أول من انضم لعمل العائلة. ويتذكر حين كان عمره 6 أعوام، وسيف في عمر المراهقة، وهو يبحر بعيداً ويقضي شهوراً في البحر أحياناً. وحين بلغ الغرير سن الرشد، كان اللؤلؤ الياباني المستزرع والأرخص ثمناً قد أضعف تجارة دبي.
حينها، اضطرت العائلة إلى تغيير مجال عملها، وطورت قواربها لتسع حمولات أثقل، فنقل آل الغرير التمر من العراق إلى أفريقيا والهند، وعادوا بالأقمشة والخشب لصنع القوارب. وقد نما حب التجارة عند الغرير في سن مبكرة، حين كان يشتري السمك بمقادير كبيرة من جميرا الشهيرة بالصيد، ويبيعه لطواقم السفن التجارية الهولندية الراسية في خور دبي. وسافر إلى عُمان لبيع سمك السردين إلى السفن التي تبحر عبر مضيق هرمز الحيوي.
وبعد ان بلغ 16 عاماً، جمع مبلغاً كبيراً من المال لشراء العقارات، واشترى أول قطعة أرض في دبي مقابل 500 روبية. فوبخه والده في البداية، لظنه أن ولده لا يعي ما يفعله، غير أنه أثنى عليه بعد أن رأى الأرض. مما ألهمه ذلك لشراء المزيد، لتساوي لاحقاً ملايين الدولارات. لاحقاً، تزوج في سن الـ18، وأنجب 29 ابناً.
وفي عام 1960، أسس أحمد الغرير شركة قابضة، عملت في مجال التصنيع والعقارات. وأدار عبدالله وسيف، إلى جانب إخوانهم ماجد ومروان وجمعة، أجزاء مختلفة منها. بينما أشرف عبدالله على ممتلكات المجموعة.
وبعد ان أسس الإخوة في عام 1967 ما عرف آنذاك ببنك عُمان (تغير اسمه إلى بنك المشرق في عام 1993). لقد كان التوقيت مناسباً، وكانت دبي قد بدأت بتصدير النفط عام 1969 معلنة بدء مرحلة ازدهار اقتصادي. وفي عام 1971 انضمت إلى الإمارات المجاورة لتكوين دولة الإمارات.
ومع توافر ثروة نفطية جديدة، أسست الدولة الناشئة بنيتها التحتية وقطاعها التجاري، بشراكة مع بنك الغرير، مما أسهم بتعزيز النمو الاقتصادي.
وعن تلك الأيام، يتذكر الغرير، الذي كان رئيساً للبنك آنذاك، زيارة نيويورك في سبعينات القرن الماضي، حيث التقى بديفيد روكفيلر، الذي ترأس (Chase Manhattan Bank).
ولاحقاً، أصبح بنك المشرق المصدر الأساس لثروة العائلة، حيث يملك الغرير، الذي لا يزال رئيس مجلس الإدارة، حصة نسبتها %31 وصلت قيمتها مؤخراً إلى 1.15 مليار دولار. بينما يشغل ابنه عبد العزيز منصب الرئيس التنفيذي.
وخلاصة الامر بالإدارة الحكيمة للمجموعة، قد يتزايد تمويل المؤسسة التعليمية، ويتعاظم إرث الغرير من إسهامه في تنمية المنطقة. يقول: «توفير التعليم المتميز يؤثر إيجاباً على الفرد، فضلاً عن عائلته ومجتمعه».