يستعد البرلمان المغربي لإنشاء لجنة لتقصي الحقائق، في قضية استيراد نحو 2500 طن من النفايات الإيطالية قبل أسبوعين، بغرض استعمالها وقوداً بديلاً في أفران تابعة لشركات تصنيع الإسمنت في الدار البيضاء بقصد خفض الكلفة. وتبلغ كلفة شحن النفايات الى المغرب 12 مليون يورو تضاف اليها ضرائب تبلغ 145 ألفاً.
وطالبت غالبية التكتلات السياسية في مجلسي النواب والمستشارين بالإسراع في تشكيل لجان بحث طبقاً للدستور الجديد، والوقوف على تفاصيل صفقة النفايات المستوردة ومصادرها ونوعيتها وملابساتها المختلفة واستجلاء الحقيقة، حول احتمال أن تكون مضرة بالإنسان والطبيعية، على بعد أسابيع من احتضان مراكش للقمة العالمية عن التغير المناخي «كوب 22»، التي ينتظر أن يشارك فيها نحو 195 دولة.
ووجدت الحكومة المغربية صعوبة كبيرة في إقناع الرأي العام المحلي بسلامة صفقة النفايات الإيطالية ومطابقتها لقوانين السلامة الدولية لـ «معاهدة بازل»، وتزامن ترخيص استيراد نفايات خارجية مع قرار حكومي آخر يقضي بحظر استخدام الأكياس البلاستيك تحت طائلة العقوبات المادية والسجن، وهي «مفارقة غير مفهومة» وفقاً لتصريحات برلمانيين وفاعلين في المجتمع المدني.
ودافعت وزيرة البيئة حكيمة الحيطي عن موقف الحكومة وسلامة الصفقة أمام البرلمان أول امس، وقالت أنها تملك 25 وثيقة تثبت مطابقة الشحنة المستوردة من إيطاليا للمعايير الدولية في مجال حماية البيئة وصحة الإنسان والطبيعة. وأضافت «لمزيد من اليقين، أرسلت عينة من تلك النفايات إلى مختبر دولة أووربية للتأكد من سلامة كل مكونات الحمولة التي حُولت إلى مخزن في ضواحي الدار البيضاء في انتظار نتائج المختبر والبحث العلمي». وقالت الوزيرة: إن المغرب يحتاج إلى إنتاج طاقات غير أحفورية لمواجهة ارتفاع الطلب على الوقود في عدد من الصناعات ومنها الاسمنت، ولتقليص الكلفة تمت الاستعانة بالخبرة الإيطالية أي تحويل النفايات إلى طاقة بديلة، وبإمكان المغرب إنتاج 2،4 مليون طن من الوقود غير الأحفوري بمعالجة النفايات المحلية المقدرة بـ7 ملايين طن سنوياً.
واعتبرت أن استعمال هذه التقنيات الجديدة يمكن من توفير مليون طن سنوياً من الانبعاثات الضارة وتقليص الاعتماد على استيراد الوقود، والتحكم بالنفايات المحلية التي تتزايد بتزايد عدد السكان وتوسع المدن والاستهلاك الفردي.
وتحول موضوع البيئة إلى قضية رأي عام في المغرب توجهه مواقع التواصل الاجتماعي التي تساءلت عن سر التشدد في إلغاء العمل بأي نوع من الأكياس المصنعة من مادة البلاستيك، وهو قرار صادق عليه البرلمان المغربي في نهاية العام الماضي، في وقت لم تتأكد الحكومة من السلامة الصحية والبيئية لصفقة نفايات إيطالية تحوم حولها الشكوك. وأشارت الوزيرة المغربية الى ان تاريخ ترخيص صفقات استيراد النفايات لأجل استخدامها كوقود بديل لشركات الاسمنت يعود إلى مطلع القرن، وكشفت أمام البرلمان أن الحكومة الإيطالية قدمت ما يفيد بأن الصفقة سليمة ولا علاقة لها بالمافيا أو أي جهة إجرامية، وأن عملية الشحن نحو ميناء أسفي جنوب المحيط الأطلسي خضعت للقوانين الأوروبية.
واعتبرت الجهات المشككة أن مجموعات الضغط في شركات الاسمنت التي تختبئ وراء الحكومة هي المسؤولة عن تلوث البيئة، وأنها تعمل لمصالح شركاتها الأم في فرنسا وإيطاليا وسويسرا، وكانت تلك الشركات انتقلت إلى الملكية الأوروبية في فترة تخصيص مؤسسات القطاع العام. وقرر عدد من جمعيات حماية البيئة والمجتمع المدني وأحزاب ليبرالية، رفع دعوى قضائية ضد الحكومة بتهمة «الترخيص لاستيراد نفايات سامة». واتهمت جمعيات أخرى شركات الاسمنت بالتسبب في أمراض مزمنة بإحراقها عجلات مطاطية مستوردة.