ما إن استقلت كريستين لاغارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، الطائرة مغادرة المملكة المغربية متجهة صوب المملكة الأردنية الهاشمية، حتى تنفس المسؤولون الحكوميون المغاربة الصعداء بعد تلقيهم تطمينات من المسؤولة الدولية باستعداد الصندوق تجديد «التغطية المالية» لفائدة المغرب، والتي يصل مبلغها 6.2 مليار دولار أمريكي.
وفي حين لم تفوت المسؤولة الدولية فرصة زيارتها للمملكة المغربية، التي دامت ثلاثة أيام، لبعث رسائل مباشرة لكل من الرباط والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، حيث دعتهم إلى ضرورة توحيد جهودهم من أجل خلق كيان اقتصادي متكامل بين هذه الدول.
وقالت لاغارد خلال مؤتمر صحافي عقدته في ختام زيارتها للعاصمة الرباط لا بد من خلق التكامل بين اقتصاديات البلدان المغاربية بما يخدم مصالح شعوب المنطقة. مشيدة في ذات الوقت بالتقدم الذي أحرزه المغربي في العديد من القطاعات الاقتصادية، حيث أكدت أن المؤشرات التي توصل اليها النقد الدولي تشير إلى أن نسبة النمو المغربي ستقارب 4 % عام 2014 و 4.9 % سنة 2015.
وبالرغم من هذه النتائج المشجعة، ترى مديرة صندوق النقد الدولي، التي أجرت سلسلة محادثات مع رئيس الحكومة المغربية عبدالاله بنكيران ومحافظ البنك المركزي عبداللطيف الجواهري كما التقت بممثلين عن رجال الأعمال وممثلين عن المجتمع المدني والنسائي، أن المغرب بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود للمحافظة على المستوى الذي بلغه وتحقيق تقدم في قطاعات أخرى.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي إن المغرب تعامل بشكل ذكي مع خط الوقاية والسيولة، الذي كانت تبلغ قيمته 6.2 مليار دولار والذي وضعه الصندوق رهن إشارة المغرب لمدة سنتين، حيث تمكن من كسب ثقة المستثمرين والمانحين الدوليين.
وبالرغم من إشادتها بالإصلاحات التي نهجها المغرب خلال السنوات الماضية على المستوى الاقتصادي والمالي وعلى صعيد نظام دعم المواد الاستهلاكية الرئيسية، إلا أنها لم تتوان في دعوة المسؤولين المغاربة إلى بذل المزيد من المجهودات ﻹصلاح أنظمة المعاشات الحكومية والخصوصية والجبايات، والاهتمام أكثر بالشركات الصغرى. ودعت لاغارد الى ضرورة الحفاظ على نمو شامل يستفيد منه الفقراء والأشخاص في وضع مالي صعب مشيرة الى ان زيارتها للمغرب تهدف الى «تشجيع السلطات المغربية على مواصلة العمل الذي تم الاتفاق عليه من أجل تحقيق استقرار مالي أفضل وتعزيز الاقتصاد بهدف مواصلة التطوير وتحقيق النمو وايجاد فرص عمل.
وأكد الوزير المغربي محمد بوسعيد، أن الحكومة المغربية تعمل على تحقيق الانتعاش المالي عبر جهود متواصلة لإقرار الاصلاحات الاقتصادية والمالية الكفيلة بتوفير فرص عمل أكبر ونسب نمو أعلى في إطار خطط صناعية وزراعية طموحة.
وأعرب عن أسفها لكون البنية الصناعية الحالية غير متوازنة نوعا ما، مع وجود عدد قليل من المقاولات الكبرى في القطاع المهيكل، والعديد من الوحدات الصغرى في القطاع غير المهيكل، مشيرة إلى أن الشركات الكبرى تكون في أغلب الأحيان في مأمن من المنافسة، ما يقلل من الحث على التجديد والحفاظ على التنافسية.
وحول التوجه الافريقي للمغرب، أبرزت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أن المملكة لها روابط تاريخية عميقة مع بلدان افريقيا جنوب الصحراء ، معتبرة أن حرص المغرب على تثمين هذه الروابط التاريخية خدمة للتعاون مع المنطقة ينبثق من رؤية استراتيجية ذكية.
أمام هذا الإطراء غير المسبوق، المرفوق بنقد ديبلوماسي للسياسة الاقتصادية التي يتبعها عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربي، اعتبر وزير المالية والاقتصاد والموازنة المغربي محمد بوسعيد، أن المغرب بحاجة ماسة إلى تجديد هذه التغطية المالية، التي استفادت منها المغرب طوال السنتين الماضيتين، من دون الاضطرار إلى استخدامها. الوزير المغربي محمد بوسعيد، تعهد أمام كريستين لاغارد بمواصلة التحكم في عجز الميزانية ومتابعة الإصلاحات الكبرى. وأكد المسؤول الحكومي أن خط الإتمان، الذي يشكل خط الوقاية والسيولة صمام أمان في مواجهة الصدمات الاقتصادية والمالية الخارجية، استفاد منه المغرب بشكل غير مباشر خلال لجوئه للأسواق المالية الدولية حيث شكلت ضمانة على قوة نظامه الاقتصادي الوطني. يشار إلى أن صندوق النقد الدولي كان قد صادق على اتفاقية الوقاية والسيولة مع المغرب في 2012، التي تسمح له باستعمال 700 % من حصته كعضو في الصندوق، والمقدرة بنحو 6.2 مليار دولار، في حال تعرض اقتصاده لصدمات خارجية.
وكان الصندوق قد أحدث هذه الآلية الجديدة خلال سنة 2011 بهدف الاستجابة بشكل مرن لحاجات الدول الأعضاء التي تتوفر على أساسيات اقتصادية صلبة وتتمتع بسجل أداء قوي في مجال تطبيق السياسات الإصلاحية، لكنها تعاني من استمرار بعض مواطن الضعف.