أكّد خبراء في قطاع الاقتصاد الإسلامي أن المصارف الإسلامية دخلت في مرحلة من النضوج يمكنها من منافسة البنوك التقليدية وذلك بفضل الدعم الكبير الذي تقدمه مبادرة دبي عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي منذ أن أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في يناير 2013.
وأفاد الخبراء أن المبادرة أعطت زخماً قوياً لصناعة التمويل الإسلامي لينمو بوتيرة أسرع من التمويل التقليدي وشجعت المصارف الإسلامية على رسم استراتيجيات جديدة تقوم على ابتكار المنتجات والحلول الجديدة مع التركيز على تنويع المخاطر وتقليل التكليف وتنويع الاستثمارات.
الأمر الذي أدى إلى نمو كافة النشاطات المرتبطة بالتمويل الإسلامي ونمو إجمالي الأصول المصرفية الإسلامية في الإمارات إلى أكثر من 100 مليار دولار بنهاية 2014، مع توقعات الخبراء بأن يصل حجم تلك الأصول إلى 124 مليار دولار أميركي بنهاية 2015.
وقال عبد الله العور المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي أن مبادرة الاقتصاد الإسلامي تسير بخطى ثابتة وبحسب الاستراتيجية الموضوعة لها، مضيفاً أن هذا العام سيشهد إطلاق المزيد من المبادرات التي ستشكل منعطفاً هاماً في تطور الاقتصاد الإسلامي ليس فقط على مستوى الإمارات بل على مستوى المنطقة والعالم.
وأضاف العور في تصريحات: « تتمحور استراتيجتنا لهذا العام حول تذليل العقبات أمام الفرص الواعدة التي يقدمها الاقتصاد الإسلامي خاصة مع تزايد اهتمام المستثمرين محلياً وإقليمياً وعالمياً بدخول هذه المنظومة الاقتصادية التي أثبتت أنها قادرة على تحقيق الاستدامة وتوفير مقومات الازدهار والنمو في ميادين مختلفة».
نمو ملحوظ
وأفاد العور أن تقرير ومؤشر الاقتصاد الإسلامي لعام 2014 أوضح تنامياً ملحوظاً في القطاعات السبعة خاصة في التمويل والمصرفية والإسلامية وقطاع منتجات الحلال على أنواعها في ظل ارتفاع الطلب على هذه القطاعات.
كما أن الإمارات أثبتت موقعها على خارطة الاقتصاد الإسلامي واحتلت المرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً كأفضل بيئة لنمو الاستثمارات الإسلامية هذا العام بحسب «مؤشر الاستثمار في أسواق النمو الإسلامية».
وأضاف: «لا شك أن جميع المعنيين في القطاع سواء المؤسسات الحكومية أو الخاصة سعوا إلى المساهمة في تجهيز البنية التحتية اللازمة لدفع نمو الاقتصاد الإسلامي والمبادرات التي تم إطلاقها تعبر تماماً عن الجهود التي بذلت منذ إطلاق المبادرة حتى اليوم.
ولازلنا نطمح إلى تحقيق التالي: أولاً الانسجام في المعايير على مستوى المنطقة والعالم، ثانياً تجهيز الكادر البشري لتلبية احتياجات السوق للكفاءات والموارد البشرية وهذا يتطلب إدخال مساقات تعليمية أكثر تنمي المنظومة المعرفية للاقتصاد الإسلامي وعلى مستوى أوسع في مختلف الجامعات التي تركز على قطاع الأعمال.
كما نعمل مع كافة الشركاء من ذوي الصلة بدراسة ما يحتاجه سوق الصيرفة والتمويل الإسلامي من منتجات مالية جديدة تلبي حاجة تنامي هذا القطاع».
تعزيز الاستراتيجية
وحول إمكانات تعزيز استراتيجية وأداء المصارف الإسلامية حتى تتمكن من منافسة التمويل التقليدي قال العور: «الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد التقليدي يتكاملان ولا يتنافسان، فالاقتصاد الإسلامي هو رافد داعم للاقتصاد التقليدي إن صح التعبير.
أما آلية تعزيز أداء المصارف الإسلامية فتتضمن تزويد السوق المالي بالكفاءات والمهارات المطلوبة لفسح المجال أمام مزيد من الإبداع والابتكار لتطوير منتجات مالية تلبي متطلبات السوق ولاستيعاب الطلب المتزايد والمتوقع مستقبلاً على منتجات وخدمات التمويل والصيرفة الإسلامية، بالإضافة إلى ذلك ثمة جهود مكثفة لتفعيل آلية ضمان تطبيق التشريعات والقوانين في التمويل الإسلامي والوصول إلى توافق بالنسبة إلى المعايير».
من جانبه توقع جمال بن غليطة، الرئيس التنفيذي لـ «الإمارات الإسلامي أن يشهد قطاع الخدمات المالية الإسلامية نمواً مضطرداً وثابتاً مدفوعاً بالدعم المتواصل الذي يتلقاه من الحكومة الإماراتية. وأضاف إن «الإمارات الإسلامي» بصفته من رواد هذا القطاع، سيسعى لمواصلة دوره كأحد أبرز المساهمين والداعمين لرؤية دبي في أن تصبح عاصمة الاقتصاد الإسلامي.
وأضاف: «سندأب خلال المرحلة المقبلة على تنمية شبكة فروعنا والاستمرار في طرح المنتجات والخدمات المبتكرة التي تمكننا من تقديم تجربة فائقة التميز لمتعاملينا. وسيـــسهم ذلك، مقروناً بالازدهار الذي تشهده قطاعات عملنا الرئيسية، في وضع المصرف على الطريق الصحيح لاغتنام جميع فرص النمو المتاحة أمامه».
تعافي
وأفاد بن غليطة أن النــــتائج الجيــــدة التي حققتها المــــصارف الإسلامية في الإمارات في 2014 تشير إلى أن البنوك أصبحت أكثر توافقاً مع متطلبات مستويات السيــــولة ونوعية رأس المال، ولذلك يمكن القول إنه نفض عنه غــــبار الأزمة المالية الأخـــيرة. وأضاف: «أعتقد أن النتائج في 2015 ستكون جــــيدة هذا العام بشكل عام، خصوصاً بالنسبة للمصارف الإسلامية».
وأشار المصرف إلى تحقيق أرباح صافية بقيمة 364 مليون درهم بنهاية 2014، ما يشكل زيادة بنسبة 161% مقارنة بالسنة المالية 2013.
ثلاثة عوامل
وحول نقاط الضعف والقوة في قطاع الصيرفة الإســــلامية، أفاد بن غليطة: «أعتقد أن قوة الصيرفة الإسلامية ترتكز على ثلاثة عوامل أولاً أن تمويلها يكون مدعوماً بالأصول، على خلاف البنوك التقليدية. وبالتالي هذا يحمي كل من المصرف والعميل من المخاطر. كما أن هناك وضوحاً في الرسوم بحسب العقد. وهي أيضاً أكثر انخراطاً في التجارة الفعلية لأنها شريك فيها.
وأما مـــواطن الضعـــف فأعتــــقد أن الصيرفة الإسلامية قد تميل إلى عدد أكبر مــــن الوثائق لأن التعاقد هو أساس التعامل، إضـــافة إلى أن نشر الوعي حول ما يمكن للصيرفة أن تقدمه من خدمات بديلة للمسلمين وغير المسلمين على حد سواء هو أقل من المستوى المطلوب إلى حد الآن. وأنا أدعو إلى ضرورة تضافر الجهود بين المصارف في هذا المضمار. كما أن هناك مجالاً وفيراً لزيادة الابتكار في حلول التمويل مقارنة بالبنوك التقليدية».
فرص كبيرة
وقال الدكتور محمود سيد عبد العال الرئيس التنفيذي للشركة الإسلامية للتمويل «آفاق» إن التمويل الإسلامي يقدم فرصاً كبيرة في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي هي من أهم المحركات الاقتصادية لأي دولة في العالم، مؤكداً أهمية أن تسعى المصارف الإسلامية عن أدوات وحلول مبتكرة لتمويل تلك الشركات.
وأضاف: « أعتقد أن تعزيز استراتيجية وأداء مؤسسات التمويل الإسلامية لتوفر دعماً أكبر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ممكن من خلال ابتكار أدوات وخدمات مالية مرنة وفي الوقت نفسه متوافقة مع الشريعة الإسلامية، من دون أن تستورد من التمويل التقليدي بالضرورة.
توحيد الضوابط
وحول أهمــــية توحيد الضوابط الشرعية في دعم نمو أنشـــطة التمويل الإسلامي، قال عبد العال: «نحن من أول الداعمين لإنشاء هذه الهيئة لتوحيد ضوابط العمل المصرفي الإسلامي في الدولة، خصوصاً وأن ذلك يعطي مصـــداقية أكبــر بالنسبة لعملاء المصارف الإسلامية، ويدعم نمو الصيرفة الإسلامية من جهة أخرى.
ولجاننا الشرعية يعملون عن قرب مع الجهات المختصة في المصرف. وسبب تأخير تشكيل مثل هذه اللجنة في اعتقادي هو قلة عدد المصارف الإسلامية في السابق، ولكن اليوم ارتفاع الطلب وزيادة نسبة المنتجات أوجدت ضرورة لوضع ضوابط موحدة.
رؤية ثاقبة
وقال الدكتور سيّد فاروق، الرئيس العالمي لأسواق رأس المال الإسلامية في تومسون رويترز إن دبي برهنت منذ إطلاق مبادرة الاقتصاد الإسلامي قدرتها على ريادة الاقتصاد الإسلامي في العالم مؤكداً أن دبي لديها قيادة تتمتع برؤية ثاقبة للفرص وموارد ضخمة تمكنت من تحديد المتغيرات الحاصلة على مسرح الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى تمتع دبي بموقع جغرافي يقع في صميم العالم الإسلامــي.
وأفاد فاروق في تصريحات للبيان الاقتصادي أن المبادرة أعطت زخماً عالمياً غير مسبوق للاقتصاد الإسلامي وتمكنت من تحديد الفرص الكبيرة المتاحة في قطاعات الاقتصاد الإسلامي وفتحت للمرة الأولى باب الفرص للاستثمار في سوق قوامه 1.65 مليار مسلم في العالم يزداد عددهم بمعدل الضعف بالمقارنة مع سكان العالم.
وأضاف: «تصل قيمة السوق «الحلال» اليوم إلى 2.1 تريليون دولار، كما أن قيمة الأصول تحت الإدارة في أعضاء منظمة التعاون الإسلامي تبلغ 1.65 تريليون دولار، علاوة على وجود اهتمام متزايد في الاستثمار في الأسواق الإسلامية بسبب الكثافة السكانية العالية والتي تتشكل من غالبية عمرية صغيرة والنمو المتصاعد لاقتصادات أعــضاء منظمة التعاون الإسلامي والتي بلغ المجموع الكلي للناتج المحلي 6.7 تريليونات دولار خلال العام 2013.
نمو
10 % أصول الصيرفة الإسلامية في الدولة في 2015
قال الخبراء إن دبي نجحت خلال 2014 في تعزيز مكانتها كوجهة عالمية للاقتصاد الإسلامي في العالم حيث نمت قيمة الصكوك المدرجة في أسواقها المالية بنسبة 167% منذ إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، مبادرة دبي عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي في أوائل العام 2013.
وتوقع الخبراء أن يصل حجم الأصول المصرفية الإسلامية في الدولة إلى 124 مليار دولار أميركي بنهاية 2015. أي بنمو 10% عن العام 2014 الذي سجلت فيه تلك الأصول 112 مليار دولار أميركي.
وقامت دبي في أكتوبر الماضي باستضافة الدورة العاشرة للمنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي في دبي الأمر الذي ساعد على تحفيز الاقتصاد الإسلامي بكافة قطاعاته بشكل كبير وتعزيز الاهتمام به في جميع أنحاء العالم. كما شهد العام قيام دول خارج منظمة التعاون الإسلامي بإصدار صكوك إسلامية لأول مرة في دبي.
ويقول عبد الله محمد العور، المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي: «نحن مقبلون على مرحلة نمو للأصول المصرفية الإسلامية على مستوى الإمارات. فالتقرير الأخير لواقع الاقتصاد الإسلامي العالمي لعام 2014 يشير إلى وصول معدل النمو السنوي المركب للأصول المصرفية الإسلامية في الدولة إلى نحو 17% حتى 2018.
هذه الأرقام الواعدة تعود إلى عدة عوامل: أبرزها الزخم الذي شهدته مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي منذ إطلاقها في العام الماضي والدعم الذي وفرته مختلف الجهات الحكومية والخاصة لتحفيز قطاعات مختلفة تندرج ضمن استراتيجية المبادرة».
الاستثمار الإسلامي يعالج الفقر والبطالة
قال الخبراء إن الفقر لا يمكن أن يظهر في اقتصاد يقوم بتطبيق مبادئ الاقتصاد الإسلامي لأن من مبادئه الإسلامية الزكاة التي شرعها الله سبحانه وتعالى لإبعاد شبح الفقر عن الناس.
مشيرين إلى أن أهمية تشجيع الاستثمارات الجديدة في قطاعات الاقتصاد الإسلامي تنبع من قدرته على مواجهة التحديات التي لايزال الاقتصاد العالمي يعاني منها وأهمها البطالة والفقر وعدم المساواة، في عالم يعيش حوالي نصف سكانه على أقل من دولارين في اليوم، في حين يعيش نحو 1.5 مليار شخص من السكان في العالم على دولار واحد في اليوم، ويصل عدد العاطلين في الدول النامية إلى أكثر من مليار شخص.
وأضافوا إن أهمية تطبيق مبدأ التكامل الاقتصادي بين دول العالم الإسلامي بحيث تزول فيه كل العوائق والقيود المفتعلة أثناء عملية التنفيذ خصوصاً وأن الأصل في الموارد الطبيعية على صعيد دول العالم الإسلامي هو الوفرة أيضاً وليس الندرة.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-5Yw