وبحسب السوق، كان سعر الدولار خلال الأيام القليلة الماضية 79.5 ليرة سورية للشراء و80 ليرة للبيع، في حين أن البنك المركزي ثبت السعر على 70 ليرة. واستغل تجار العملة هذا الفارق بالسعر وقاموا عبر أفراد بشراء مبلغ الألف دولار المسموح به لمرة واحدة سنويا، من قبل المصارف المرخصة، وبسعر بحدود 70.63 ل.س. للمبيع، و70.21 ل.س. للشراء، حسب تسعير البنك المركزي، ثم أعادوا بيعه في السوق السوداء بـ78.5 ل.س، أي بربح 8000 ل.س. تقريبا على الألف دولار.
وقد نشطت هذه العملية خلال الشهر الأخير بشكل ملحوظ.. وبينما هي تبدو وكأن أفرادا يقومون بذلك، يؤكد أحد الصرافين بدمشق أن وراء هذه العمليات رؤوسا كبيرة من التجار المسيطرين على الاقتصاد بالبلاد.
وفي تقرير لصحيفة “الوطن” التابعة للنظام السوري، قالت إن المراقب للسوق يرى أن زيادة العرض هذه يجب أن تؤدي إلى انخفاض السعر، وفق قوانين السوق «العرض والطلب»، إلا أنه في ظل الظروف الحالية، يسعى تجار السوق السوداء إلى تأمين أنفسهم بالسيولة اللازمة من الدولار، لذا يرفعون سعر الشراء بما يشجع المواطنين على الشراء من المصارف وإعادة البيع في السوداء، وهذا بالضبط يعني قيام التجار بـ«شفط» أكبر كمية ممكنة من الدولار من المصارف.
وعن مكاسب التجار، نرى أن عملية ارتفاع السعر هذه أثارت بدورها بعض المخاوف لدى عدد من المتعاملين، فسارعوا إلى شراء الدولار، عند مستويات أقل من 80 ل.س. على أمل إعادة بيعها بأسعار أعلى من ذلك، وتحقيق مكاسب، على الرغم من المخاطر الكبرى المرتبطة بهذه المضاربات.
من جهة أخرى، الطلب بغرض التحوط والسفر لا يزال موجودا، لكنه محكوم بشروط محددة من قبل «مصرف سوريا المركزي»، لذا من يريد سهولة في الحصول على الكميات، يقصد السوق السوداء، ويقع تحت رحمة تجاره في تحديد السعر.
ويؤكد الاقتصاديون في الحكومة أن مستوى التماسك للدولار انتقل من 70 إلى 75 ل.س. منذ أسابيع عدة، وأن ارتفاع الدولار مرحلي مرتبط بالمضاربات الحالية، وينعكس ذلك سلبيا على أسعار السلع التي تواصل ارتفاعها بشكل صاروخي مع مواصلة الذهب تسجيل ارتفاع قياسي، حيث وصل سعر الغرام عيار 21 إلى 3800، الأمر الذي نشط حركة بيع المقتنيات الشخصية لدى الأفراد لتلبية الاحتياجات اليومية، حيث تجاوزت نسبة التضخم أكثر من نصف القدرة الشرائية للسوريين ذوي الدخل المحدود.
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية وفقدان مئات الآلاف لأعمالهم ومصادر رزقهم، بات بيع المقتنيات الشخصية من الذهب الوسيلة الوحيد للعيش. وبحسب أحد الصاغة، فإن هناك كثيرين يبيعون خواتم وقطعا صغيرة، للحصول على ثمن غذاء أو دواء أو إيجار منزل.. في وقت فقد فيه سكان العاصمة الشعور بالأمان ويرزحون تحت وطأة القلق من القصف والتدمير مع تزايد مشاهدتهم لأرتال الدبابات تعبر وسط المدينة.