اطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي اليوم الثلاثاء تقريره السنوي (حالة البلاد 2019)، الذي يهدف أساساً إلى متابعة أداء وزارات الدولة ومؤسساتها المعنية ومراقبتها بناءً على ما أعلنته هذه المؤسسات من استراتيجيات وأهداف معلنة تسعى إلى تحقيقها.
ويختلف تقرير 2019 عن سابقه في هيكله العام، حيث قسم إلى ثمانية محاور رئيسية، يتضمن كل محور مجموعة من المراجعات، ولكل محور ملخص تشبيك، واستمر العمل على التقرير في رصد التعديلات والإنجازات المتحققة إلى حين إعداد النسخة النهائية من التقرير في الأول من كانون الأول عام 2019.
وقال رئيس المجلس الدكتور مصطفى الحمارنة إن التقرير “يعدُّ فعلاً بحثياً رقابياً للاستراتيجيات والأهداف المعلنة للجهات الحكومية، والتي تُنفَّذُ حالياً من خلال تحليل مستوى الإنجاز فيها، ومراجعة ما أُنجز من توصيات في حالة البلاد 2018”.
واضاف، ينتهي التقرير بتقديم النظرة المستقبلية والتوصيات النهائية للمضي قدما في تنفيذها ضمن خطة تنفيذية وبجدول زمني واضح.
واشار الحمارنة الى ان تقرير 2019 مكمل لسابقه، إذ تم فيه استخدام منهجية تقرير 2018 نفسها في إعداد مراجعات تقرير 2019، ابتداءً من اختيار فرق البحث من أصحاب الاختصاص لكل قطاع أو مجال، والعمل على تحكيم المراجعات الأولية من مختصين وأصحاب خبرات، وختاما بعرض مسودات المراجعات في ورش عمل للاستماع إلى أصحاب المصالح والاختصاص من الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، للاستفادة من خبراتهم وتضمين توصياتهم وملاحظاتهم في المراجعات لتصبح بصيغتها شبه النهائية.
واشتمل التقرير على ثمانية محاور رئيسية بدأت من الاقتصاد الكلي الذي تضمن مراجعات دور السياستين المالية والنقدية، وبيئة الأعمال والاستثمار، وامتداد الآثار الاقتصادية الإقليمية والعالمية إلى الأردن.
أما المحور الثاني فقد وُسِم بعنوان القطاعات الأولية، واشتمل على مراجعة قطاعي المياه والزراعة، فيما جاء المحور الثالث بعنوان القطاعات الاقتصادية، واشتمل على مراجعات قطاعات الصناعة والتجارة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
أما المحور الرابع فقد تركّز في قطاعات البنية التحتية لمناقشة مراجعات الإسكان والبنية التحتية، والطاقة، والبيئة، والنقل. وحول محور الموارد البشرية وهو المحور الخامس فقد احتوى على مراجعات التعليم العام، والتعليم العالي، والتعليم والتدريب المهني والتقني، وسوق العمل.
أما المحاور الاجتماعية فكان المحور السادس بعنوان محور التنمية المجتمعية (1)، وتضمن مراجعات التنمية الاجتماعية، والصحة، والأسرة والطفولة، وشؤون المرأة، ومحور التنمية المجتمعية (2) وهو المحور السابع واشتمل على مراجعتي الشباب والثقافة.
واشتمل المحور الثامن على مراجعتي التنمية السياسية وتطوير القطاع العام، ليظهر أبعاد التداخل وأهمية إصلاح القطاع الحكومي وارتباطه بأهمية التطور السياسي. أما المواضيع ذات البعد الوطني مثل الفقر والبطالة والنمو، فلم يتم تناولها بالتفصيل في التقرير- مع أهميتها-، وإنما تعاطى معها وفقاً لورودها في استراتيجيات القطاعات والمجالات المشمولة فيه.
يشار إلى أنه تم عند الانتهاء من تقرير حالة البلاد 2018 إرسال نسخ منه رسمياً لكل الوزارات والمؤسسات التي عمل المجلس معها على إعداده، إلّا أنه لم يتلقَ أي رد يفيد باستلام التقرير، في حين أنه عند البدء في العمل على تقرير 2019 قامت بعض الوزارات بالتحرك لمراجعة تقرير 2018.
وأشار التقرير إلى ازدياد حجم فجوة الثقة القائمة بين الحكومات والناس سببه ضعف حلقات الإدارة العليا، وغياب الرقابة والمساءلة على صعيد المؤسسات، وهو ما يعمق من النهج القائم والذي يقود بالضرورة إلى مزيد من التراجع، موضحا أنه مع الإنجازات والتحوّلات الواسعة التي شهدتها حالة الإصلاح السياسيّ، وتحديداً في سنوات العقد الأخير إلّا أن عملية التحول الديموقراطي ما زالت تمرّ بمرحلة انتقاليّة طويلة، إذ ما زال ثمّة الكثير من قضايا التنمية السياسية والإصلاح السياسي تراوح مكانها ولم تُحسَم.
وشدّد التقرير على أن التغيرات لن تكون نوعية وجذرية خلال عام واحد في أداء المؤسسات وأجهزة الدولة، ولكن من المقبول أن نلمس نشاطاً ملحوظاً لبدايات في تغير النهج القائم الذي يقوم على رؤى وخطط عمل جديدة ستقوم بالتأكيد بالتأثير إيجاباً على تحسين نوعية الحياة للمواطنين، ويعدِّ ذلك شرطاً أساسياً للبدء بالخروج من الأزمة العميقة والمركبة التي تمر بها البلاد على كافة الأصعدة.
وتطرق التقرير إلى الآثار السلبية المترتبة على غياب الإنجاز الذي من المفترض أن يحقق مكتسبات يلمسها المواطن، ويقود الحكومات في الاستمرار في سياسات الاسترضاء، وهذا يضعنا في حلقة مفرغة لا يمكن الخروج منها إلّا بالإنجاز، إلّا أن التشكيل الحالي ومضمون الإدارة العامة للدولة وأسلوبها لا يمكن أن يؤدي إلى التقدم المنشود والخروج من الأزمة.
من أهم نتائج التقرير والأكثر بروزاً: ضعف مؤسسات الدولة وعدم قدرتها على تحقيق أهدافها المعلنة، إضافة إلى أن ثمّة الكثير من الوزارات التي تضع خططاً طموحة بدون وضع خطط تنفيذية يمكن تطبيقها على أرض الواقع، إضافة إلى ضعف الجوانب التمويلية والبشرية لهذه الخطط، وعدم وجود مؤشرات أداء لها تظهر مدى تنفيذها والتقيد بها للتمكن من متابعة آثارها، وبناءً على ذلك يأمل التقرير ظهور انعكاسات إيجابية لما يجري العمل عليه في إعادة هيكلة معهد الإدارة العامة، والدور المحوري لوحدة تطوير الأداء المؤسسي والسياسات في رئاسة الوزراء في إيجاد نهج جديد في إدارة الأداء المؤسسي ينعكس على الخطط الاستراتيجية ومتابعة تنفيذها على مستوى الوزارات.
وكانت التوصية الأشمل التي خرج بها التقرير هي التأكيد على ضرورة الإسراع في تغيير نهج الإدارة العامة للدولة مع البدء بتحسين أداء الوزارات الخدمية تحسيناً ملموساً ليشكل مدخلا أوليا للبدء في تضييق فجوة الثقة القائمة، والتي سيكون لها تأثير إيجابي على مسار التغيير الاجتماعي في البلاد.
وخلص التقرير إلى أنه في غياب فهم موحد للمصلحة الوطنية يتعذر بناء توافقات وإجماعات على القضايا المطلوب التوافق عليها وطنيا باعتبار ذلك شرطاً أساسياً لتقليل الكلف المالية والإنسانية، للوصول إلى سياسات تطبق على الأرض لحل كثير من المشاكل العالقة.
و