نفى يونس حاجي الخوري وكيل وزارة المالية، وجود خطط حالياً لفرض ضرائب على دخل الأفراد، مشيراً إلى أن الوزارة تدرس جدوى فرض ضرائب على الشركات العاملة بالدولة، إلا أنه لم يتم بلورة قرار نهائي بهذا الشأن.
وقال إن الإمارات تدرس بالتنسيق مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الأخرى إمكانية فرض ضريبة للقيمة المضافة تتراوح بين 3% و5% تطبق على القطاعات الإنتاجية والخدمية، مشيراً إلى أن اجتماعاً سيعقد خلال الشهر الجاري للجنة التعاون المالي، سيتم خلاله بحث عدد من الموضوعات، من بينها تطبيق دول مجلس التعاون لضريبة القيمة المضافة، مؤكداً أن الدراسات الفنية للضريبة لم تكتمل بعد، كما أن تطبيقها يتطلب توفير الأجواء الاقتصادية الملائمة.
وقال: إن وزارة المالية تقوم منذ عام 2010 بإجراء متابعات مستمرة حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية لتطبيق الضرائب على الشركات، وتقوم برفع نتائج هذه الدراسات إلى مجلس الوزراء الموقر، مشيراً إلى أن الوزارة تقوم بالتنسيق مع الجهات المعنية على المستويين المحلي والاتحادي في إعداد هذه الدراسة.
جاء ذلك في تصريحات صحافية، أمس، عقب المؤتمر الذي عقدته وزارة المالية في مقرها بأبوظبي، لاستعراض التطورات الخاصة بمشروع اتفاقية بشأن قانون الامتثال الضريبي الأميركي للحسابات الأجنبية الخاصة بالأشخاص الخاضعين للضريبة «فاتكا»، حيث تحدث في المؤتمر يونس حاجي وخالد علي البستاني وكيل الوزارة المساعد لشؤون العلاقات المالية الدولية، وإبراهيم عبيد درويش الزعابي مدير عام هيئة التأمين، ومريم بطي السويدي نائب الرئيس التنفيذي للترخيص والرقابة والتنفيذ بهيئة الأوراق المالية والسلع، وسعيد عبدالله الحامز مساعد المحافظ لشؤون الرقابة على البنوك بالمصرف المركزي، وأحمد القمزي مدير أول دائرة الرقابة على البنوك بالمصرف المركزي، ومايكل ريجواي مستشار عام سلطة دبي للخدمات المالية بمركز دبي المالي العالمي، حيث أكد المشاركون عدم وجود توقعات بتأثيرات سلبية في الأنشطة المالية والمصرفية، وأنشطة الأسواق المالية من تطبيق قانون «فاتكا».
واعتباراً من أمس، بدأت وزارة المالية في تلقي البيانات والمعلومات الخاصة بالحسابات الأجنبية الخاصة بالأشخاص الخاضعين للضريبة «فاتكا»، من الهيئات الرقابية في الدولة، في إطار تطبيق متطلبات قانون الامتثال الضريبي الأميركي «فاتكا».
آلية وسقف الضرائب
واستبعد خوري تطبيق ضريبة القيمة المضافة خليجياً على المدى القريب، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون تعمل على توحيد الآلية والسقف للضرائب غير المباشرة التي من الممكن فرضها خلال المرحلة، ووضع آلية لتطبيق هذه الضرائب، موضحاً أنه لم يتم الاتفاق بين دول مجلس التعاون إلى اتفاق نهائي بشأن القطاعات التي يمكن أن تشملها ضريبة للقيمة المضافة.
ويشير خبراء إلى أن ضريبة القيمة المضافة تعتبر أبرز أصناف الضرائب غير المباشرة، وتفرض على الفارق بين كلفة الإنتاج وسعر البيع النهائي للمستهلك، أي ضريبة على الإنتاج تمتد لتشمل السلع والخدمات، وتجري دراسة مشروع إصلاح النظام الضريبي الخليجي وإدخال ضريبة القيمة المضافة منذ 8 سنوات وتحديداً منذ عام 2007.
ويسعى الخبراء الخليجيون لتصميم نظام لضريبة القيمة المضافة يتفق مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، ويتفادى المشاكل التي وقعت بها دول كبرى عند البدء في تطبيقها، حيث يجري وضع تصميم الضريبة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، كما أن هناك فريق عمل مختصاً بالضريبة يجتمع بشكل دوري، حيث يجري بحث القطاعات التي ستشملها الضريبة، فبالنسبة لقطاع الخدمات المالية يوجد توجهان: الأول يطالب بمعاملته كبقية القطاعات مع استثناءات طفيفة، وتوجه آخر يدعو إلى استثناء الخدمات المالية من الضريبة.
معاملة خاصة
وتوقع الخبراء أن يحظى قطاعا التعليم والصحة بمعاملة خاصة من خلال إعفائهما من الضريبة، ومنحهما فرصة استرداد ما دفعوه من ضرائب على المواد الاستهلاكية، ومن المنتظر أن تتم معالجة موحدة للقطاعات المختلفة واعتماد نسق ورقم ضريبي موحد مع إيجاد إدارة وطنية وإقليمية للضرائب.
ويشير الخبراء إلى أن ضريبة القيمة المضافة ستكون أقل عبئاً على ذوي الدخول المنخفضة، حيث تعتبر ضريبة القيمة المضافة أبرز أصناف الضرائب غير المباشرة، ويتم فرضها على الفارق بين كلفة الإنتاج وسعر البيع النهائي للمستهلك، أي ضريبة على الإنتاج وستكون تصاعدية ويتحمل الجزء الأكبر منها كبار المنتجين.
الامتثال الضريبي
وفيما يتعلق بقانون الامتثال الضريبي الأميركي «فاتكا»، أكد يونس حاجي الخوري، أهمية الدور الذي لعبته الجهات الحكومية المختلفة في المسيرة التي اعتمدت للتوصل إلى الاتفاق حول مشروع اتفاقية بشأن قانون الامتثال الضريبي الأميركي «فاتكا»، مشيراً إلى التزام وزارة المالية بأداء دورها الخاص على أكمل وجه بهدف تعزيز مكانة دولة الإمارات وتوطيد علاقاتها الإقليمية والدولية على مختلف المستويات.
وقال: إن وزارة المالية ستقوم بتوقيع الاتفاقية بصورتها النهائية في فبراير الجاري، والتي ستقوم بموجبها الوزارة بتمرير البيانات المتفق عليها إلكترونياً إلى مصلحة الضرائب الأميركية بشكل سنوي، اعتباراً من شهر سبتمبر المقبل، موضحاً أن القانون الأميركي يطالب المؤسسات المالية الأجنبية بتقديم تقارير بصورة مباشرة أو عن طريق الحكومات تتضمن معلومات محددة عن الأصول والحسابات المصرفية التي يحتفظ بها دافعو الضرائب الأميركيون سواءً بأسمائهم الشخصية أو بأسماء شركات يمتلكون فيها حصصاً تزيد على 10%.
وأكد أن إبرام دولة الإمارات لهذه الاتفاقية جاء من منطلق حرصها على توفير أكبر قدر من الشفافية وتبادل المعلومات مع مختلف دول العالم، ما يوفر مناخاً أكثر مصداقية وأكثر جذباً للاستثمارات، مشيراً إلى أن الإمارات لا تدعم التهرب الضريبي، ولا ترغب في اجتذاب أي استثمارات أجنبية معتمدة على التهرب الضريبي من بلدان أخرى، ولا تسمح بأي صيغة تهرب ضريبي داخل الدولة، وهذا النهج يعزز الثقة بالاقتصاد الوطني والسمعة الطيبة التي تتمتع بها الإمارات والشركات العاملة بها ليس إقليمياً فحسب، ولكن على المستوى العالمي.
وأوضح أن قانون الامتثال الضريبي الأميركي للحسابات الأجنبية الخاصة بالأشخاص الخاضعين للضريبة «فاتكا» الذي صدر في عام 2010 يهدف إلى منع المواطنين الأميركيين الذين يملكون حسابات واستثمارات في مؤسسات مالية خارج الولايات المتحدة من التهرب من دفع الضرائب الأميركية، حيث يلزم القانون كل المؤسسات المالية سواء التي تمارس أعمالها داخل الولايات المتحدة أو خارجها بأن تقوم برفع تقارير سنوية عن عملائها الذين تنطبق عليهم متطلبات «فاتكا»، وذلك بعد أن تقوم هذه المؤسسات بإجراءات العناية الواجبة المطلوبة تجاه عملائها وتحديد من تنطبق عليه المتطلبات من المواطنين الأميركيين والشركات ذات الملكية الأميركية.
موعد نهائي
وذكر أنه بموجب نظام «فاتكا» الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية، تم تحديد سبتمبر 2015 كموعد نهائي لتقديم أول تقرير لوزارة الخزانة الأميركية عن سنة 2014، مع استثناء المؤسسات الحكومية والصناديق السيادية والمنظمات الدولية، ويمكن للمؤسسات المالية الأجنبية أن تتعرض لعقوبة تقضي باقتطاع 30% من إجمالي العائد على عملياتها في السوق الأميركية في حال عدم الالتزام بمتطلبات «فاتكا»، حيث قامت وزارة الخزانة الأميركية بتحديد نموذجين للاتفاقية الخاصة بقانون الامتثال الضريبي، ويعتمد النموذج الأول على تبادل البيانات الضريبية بين جهة حكومية معينة تحددها الدولة الموقعة للاتفاقية ومصلحة الضرائب الأميركية، بينما يعتمد النموذج الثاني تبادل البيانات الضريبية مباشرة بين البنوك والمؤسسات المالية مع مصلحة الضرائب الأميركية.
وكانت الولايات المتحدة قد حددت نهاية شهر يونيو 2014 كموعد نهائي للدول التي ترغب بالتفاوض والوصول إلى اتفاق بالأحرف الأولى للنموذج الأول، الأمر الذي يرفع عن البنوك والمؤسسات المالية متطلب التسجيل لتبادل المعلومات مباشرة مع وزارة الخزانة الأميركية.
وقال إن دولة الإمارات قامت بدراسة النموذجين المتاحين لتطبيق «فاتكا» (نموذج تبادل المعلومات من خلال الحكومة)، و«نموذج تبادل المعلومات بشكل مباشر بين المؤسسات المالية ومصلحة الضرائب الأميركية»، حيث أصدر مجلس الوزراء الموقر قراره بتاريخ 14/4/2013 الذي تم فيه تفويض وزارة المالية بالتفاوض مع وزارة الخزانة الأميركية على النموذج الأول، بحيث يتم تبادل المعلومات بين وزارة المالية ومصلحة الضرائب الأميركية بوزارة الخزانة الأميركية.
لجان تفاوضية
وأضاف يونس حاجي الخوري أنه تم تشكيل ثلاثة لجان تفاوضية قانونية وفنية يتم توجيهها والإشراف عليها ومتابعة أعمالها من خلال لجنة رابعة وهي اللجنة التوجيهية العليا التي يترأسها معالي وزير الدولة للشؤون المالية، ومعالي وزير الدولة للشؤون الخارجية، ومعالي محافظ مصرف الإمارات المركزي، كما تم تعيين استشاريين عالميين لدعم عمل اللجان، إضافة لاستشاريين قانونين لتوفير الدعم القانوني حول التزامات الاتفاقية، حيث قامت هذه اللجان بالتحضير للتفاوض على الاتفاقية من خلال مراجعة القوانين المحلية ودراسة الآثار المتوقعة من توقيع الاتفاقية ودراسة مقارنة مع دول أخرى من مثل سويسرا واليابان وبريطانيا، وعقد اجتماع أولي مع الجانب الأميركي في فبراير 2014 لطرح بعض الاستفسارات عليهم.
وأشار إلى أن تلك اللجان نظمت العديد من ورش العمل للجهات المعنية من القطاع الحكومي ومؤسسات القطاع المصرفي، فضلاً عن فتحها قنوات مباشرة للتنسيق مع المصرف المركزي وهيئة الأوراق المالية والسلع وهيئة التأمين وسلطة دبي للخدمات المالية بمركز دبي المالي العالمي ومخاطبة الدوائر المالية بحكومات الإمارات لتحديد الاستثناءات المرتبطة بالاتفاقية وواصلت اللجان أعمالها على المستويات الفنية والقانونية والتفاوضية التوجيهية المشَكلة المختلفة لمراجعة الاتفاقية ومرفقاتها ووضعها في صورتها النهائية قبل التفاوض عليها مع الجانب الأميركي بعد أخذ آراء وتوصيات الجهات المعنية في الدولة حول هذا الشأن.
جهود المركزي
حرص المصرف المركزي على عقد ورش عمل واجتماعات مع البنوك العاملة في الدولة خلال الفترة الماضية، حيث أبدت هذه البنوك حرصها على ضرورة التوصل إلى اتفاق مبدئي حول الاتفاقية بما يمكن من إدراج اسم الدولة على قائمة الدول التي تم التوصل معها إلى اتفاق ويسهل عملية تسجيل البنوك من خلال بوابة مصلحة الضرائب الأميركية، الأمر الذي حدا باللجنة التوجيهية العليا في مايو 2014 إلى أخذ القرار بضرورة إدراج دولة الإمارات ضمن قائمة الدول التي توصلت إلى اتفاق جوهري بشأن «فاتكا» من خلال التوقيع المبدئي على الاتفاقية وملحقها الأول، على أن يتم الاتفاق حول الملحق الثاني بعد الانتهاء من جمع ردود حكومات الإمارات المحلية.
النموذج الأول من الاتفاقية
قال الخوري إن وزارة المالية قامت بعقد جولة من المفاوضات بتاريخ 21 مايو 2014 تم خلالها التوقيع المبدئي على النموذج الأول من الاتفاقية بعد أخذ موافقات حكومات الإمارات المحلية، حيث سيتم بموجب هذا الاتفاق تبادل المعلومات بين السلطات المختصة في الدولتين ممثلة بوزارة المالية ومصلحة الضرائب الأميركية بوزارة الخزانة الأميركية، وقامت الهيئات الرقابية في الدولة بالإعلان عن ضرورة التقيد بتطبيق متطلبات قانون الامتثال الضريبي الأميركي «فاتكا» من خلال اجتماعاتهم وندواتهم وإصدار تعليمات بخصوص إجراءات العناية الواجبة ورفع التقارير، إضافة إلى قيامها بمتابعة التزام المؤسسات المالية في الدولة بهذه المتطلبات.
وقامت هيئة الأوراق المالية والسلع بمتابعة متطلبات القانون والتوعية بأثره بالنسبة للأسواق المالية وبورصة دبي للذهب والسلع وشركات الخدمات المالية التي ينطبق عليها القانون، وذلك للتحقق من مدى جاهزية هذه الجهات.
فريق عمل داخلي في هيئة الأوراق المالية
استعرضت مريم بطي السويدي، نائب الرئيس التنفيذي للترخيص والرقابة والتنفيذ بهيئة الأوراق المالية والسلع، الإجراءات التي اتخذتها الهيئة بشأن تطبيق متطلبات قانون الامتثال الضريبي الأميركي، مشيرة إلى أنه تم تشكيل فريق عمل داخلي لمتابعة تطبيق متطلبات القانون على الجهات المرخصة من قبل الهيئة وإنشاء بريد إلكتروني خاص للتواصل مع تلك الجهات للرد على استفساراتهم وعقدت الهيئة ورشة تعريفية حول القانون وتوضيح متطلباته وأثره على الأسواق المالية والجهات المرخصة بالتعاون مع الشركة الاستشارية إضافة إلى التواصل مع الجهات المرخصة بشكل مستمر لتوضيح مراحل تطبيق القانون، حيث تم إرسال 4 تعاميم خلال الفترة الماضية توضح خطوات الامتثال للقانون وآلية التطبيق.
وقالت مريم بطي السويدي إن الهيئة تعاقدت مع مكتب قانوني عالمي لإعداد دليل إجراءات عمل متكامل يوضح للشركات كل الإجراءات المطلوبة منها بحيث يكون مرجعاً مهنياً متكاملاً وتتعاون مع المصرف المركزي بشأن النظام الإلكتروني لرفع التقارير المرتبطة بالقانون، كما تنسق بشكل مستمر مع وزارة المالية بشأن كل الإجراءات والتحضيرات اللازمة في كل المراحل.
وذكرت أن الهيئة نفذت استبياناً وتحليلاً لمعرفة مدى جاهزية الجهات المرخصة لتطبيق متطلبات القانون، مشيرة إلى أن أبرز نتائج الاستبيان الذي قامت به الهيئة حتى 31 مارس الماضي أظهرت أن 89% من الشركات لديها علم بالقانون و77 % من الشركات قامت بتعيين مسؤول خاص لمتابعة متطلبات القانون، 74% من الشركات قامت بعمل تقييم داخلي لتحديد مدى جاهزيتها، و30% من الشركات قامت بإعداد دليل إجراءات داخلي لمتطلبات القانون و11% في طور إعداد دليل.
لا تأثير في الاستثمارات
وأكدت أن القانون هو التزام تفرضه حكومة الولايات المتحدة الأميركية على مواطنيها في الداخل والخارج، وبالتالي فإن دولة الإمارات وكجزء من التزاماتها الدولية تعمل فقط على توجيه مؤسساتها المالية للالتزام بمتطلبات هذا القانون، مشيرة إلى أن القانون لا يحد من حجم الاستثمارات، وإنما يُطالب المستثمرين الأميركيين بالإفصاح عن استثماراتهم وبالتالي من المتوقع عدم وجود تأثير في حجم تلك الاستثمارات وفقاً للمعطيات الحالية.
وأضافت أن الهيئة تلقت عدة استفسارات بشأن إغلاق حسابات العملاء الأميركيين نتيجة للقانون، حيث أوضحت الهيئة لكافة الجهات والشركات المرخصة من قبلها أن عملية إنهاء التعامل مع العملاء الأميركيين خاضعة للعلاقة التعاقدية بين الشركة والعميل دون أن يكون هناك أي إضرار بمصلحة الأخير، أما عن قبول عملاء جُدد فإن ذلك يخضع لعوامل السوق والجدوى الاقتصادية للتعامل مع هؤلاء العملاء، كما أن الأسواق المالية تتميز بوجود منافسة بين المؤسسات المالية، حيث يمكن للعملاء الأميركيين التعامل مع أيٍ من هذه المؤسسات.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-5UQ