رسم مصرفيون صورة متفائلة لأداء القطاع المصرفي في الفترة المتبقية من عام 2015 رغم تراجع أسعار النفط متضمنة توقع نمو أرباح البنوك خلال العام الجاري بأكمله بنسبة 10%، بعد أرباح «استثنائية» في عام 2014. واتفقوا على أن القطاع المصرفي يواجه تحديات في الفترة الأخيرة أهمها التراجع الحاد في أسعار النفط، وتوقع بطء نمو القروض في ظل زيادة الضغوط على السيولة في البنوك مع تراجع الودائع المصرفية المرتبطة بالنفط.
وأكدوا لـ «الاتحاد» أن هناك عدداً من العوامل التي ستدعم أداء البنوك وأهمها استمرار المشروعات الحكومية، وخطط الإنفاق على المشروعات التنموية في الدولة، لاسيما المرتبطة بمعرض «اكسبو 2020»، وكذا قوة المراكز المالية للبنوك وقدرة اقتصاد الإمارات على استيعاب انخفاض أسعار النفط خلال العامين المقبلين.
وتفصيلاً، توقع معالي عبدالعزيز الغرير، رئيس اتحاد مصارف الإمارات، والرئيس التنفيذي لبنك المشرق، نمو أرباح القطاع المصرفي بنسبة 10% في عام 2015، وهي نسبة تقل عن أرباح عام 2014، الذي كان «عاماً ذهبياً» للقطاع المصرفي في الدولة، إذ حققت غالبية البنوك نمواً في أرباحها بنسب ملحوظة.
واستبعد الغرير تأثر القطاع المصرفي في عام 2015 بالتراجع الحادث في أسعار النفط، لكنه أعرب عن تخوفه من وجود تأثير سلبي في عام 2016، مؤكداً أن المشروعات الحكومية وخطط الإنفاق على المشروعات التنموية في عام 2015 تم إقرارها وإرساؤها بالفعل، ولكن قد يتم إعادة النظر في المشروعات التنموية في عام 2016 بسبب تراجع النفط.
المصارف الإسلامية
وأعرب حسين القمزي الرئيس التنفيذي لـ«نور بنك»، عن تفاؤله بأداء البنوك في الإمارات، وخصوصاً المصارف الإسلامية في السنوات المقبلة نتيجة للنمو الذي يشهده قطاع الاقتصاد الإسلامي بالتزامن مع تنامي المكانة الريادية لدولة الإمارات في هذا المجال، مؤكداً أن الإمارات تصدرت مؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي المركب، الذي يظهر صحة التطور الحالي الذي تشهده قطاعات الاقتصاد الإسلامي عبر 70 دولة رئيسة، وتلتها ماليزيا والبحرين.وأكد القمزي أن انخفاض أسعار النفط أمر طبيعي، ولكن إذا طال أمد هذا التراجع فمن المرجح أن يؤثر من حيث إبطاء النمو الاقتصادي، وهذا قد يؤثر على السيولة المصرفية، مشدداً على أن الاقتصاد الإماراتي يتمتع بما يكفي من القوة والاستقرار لاستيعاب التقلبات الحادة في أسعار النفط أو السلع كافة، فضلاً عن التوقعات بنمو الاقتصاد غير النفطي لدولة الإمارات.
تفاؤل
وأعرب فينس كوك، الرئيس التنفيذي لبنك الفجيرة الوطني، عن تفاؤله بأداء وربحية البنوك الإماراتية في عام 2015 بسبب الاستثمارات المستمرة في البنية التحتية والنشاطات الاقتصادية المرتبطة بمعرض «إكسبو 2020»، فضلاً عن زيادة جاذبية دولة الإمارات كوجهة للاستثمار، مؤكداً أن القطاع المصرفي في دولة الإمارات مجهز بما يكفي لمواجهة أي تقلبات في السوق على المدى المتوسط.
وقال إنه فيما يخص المخاوف من تراجع أسعار النفط، فإن البنوك اليوم في حالة أفضل من تلك التي كانت عليها في سنوات الأزمة المالية، وهي تستفيد أيضاً من البنية التحتية الممتازة للخدمات المالية في الدولة، ومن الرؤية السديدة للقيادة الحكيمة التي لا تتوانى عن تشجيع التنويع الاقتصادي والاستثمار في المستقبل، منبهاً إلى أنه على الرغم من ضرورة توخى المزيد من الحذر خلال العمل في السوق عام 2015، إلا أن فرص النمو متاحة أمام المؤسسات التي تتمكن من التكيف مع البيئة المتغيرة.
استيعاب الصدمات
من جهته، توقع مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن تظل أوضاع البنوك الخليجية بشكل عام سليمة على الرغم من مواجهتها مخاطر أعلى من السنوات السابقة في ظل التراجع الحاد في أسعار النفط وبطء نمو القروض، عازياً ذلك إلى قوة المراكز المالية للبنوك، وكذا لأن استمرار الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية وإن كانت بوتيرة أبطأ ستدفع نحو ارتفاع النمو غير النفطي والائتمان المصرفي والربحية.
وأشار إلى أن الضغوط على السيولة في البنوك قد تشتد، مع تراجع الودائع المصرفية المرتبطة بالنفط، وقد تزداد القروض المتعثرة غير أن البنوك في وضع جيد يؤهلها لاستيعاب الصدمات، مرجحاً أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارات بنسبة 3,2% خلال العام الحالي وبالنسبة ذاتها في العام المقبل.
تحفظ تجاه الإقراض
بدوره، رجح تيموشين إنجن، مدير التصنيفات التحليلية للمؤسسات المالية في وكالة «ستاندرد آند بورز لخدمات التصنيف الائتماني»، أن تتبنى البنوك في الإمارات موقفاً متحفظاً أكثر تجاه إقراض القطاع الخاص، لا سيما قطاع التجزئة، ما سيؤدي إلى انخفاض نسبي في نمو الإقراض، محذراً من احتمالية أن ترتفع نسبة القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض تدريجياً في البنوك الإماراتية خلال العامين المقبلين.
وأكد أن تراجع أسعار النفط قد يؤثر على حجم التمويلات التي توفرها البنوك في المستقبل حال استمرار الأسعار المنخفضة للنفط، ما سيجعل البنوك أكثر انتقائية في اختيار المشروعات التي ستقوم بتمويلها، مشيراً إلى أنه وفقاً لتقرير أعدته الوكالة بعنوان «البنوك الإماراتية قادرة على مواجهة الأصعب في عام 2015»، فإن الإمارات لديها المرونة لاستيعاب انخفاض أسعار النفط خلال العامين المقبلين.
وتوقع إنجن، استمرار نمو أرباح البنوك في الإمارات خلال العام الحالي والعام المقبل، لكنه ذكر أن تراجع نمو أرباح البنوك في الإمارات في عامي 2015 و2016، سيكون إلى رقم عشري متوسط (بين 5 – 6%)، لافتاً إلى أن بعد سنوات عدة من التحسن في جودة الأصول، والانخفاض في خسائر القروض، وارتفاع الأرباح بدعم من المكاسب التي تم جنيها بفضل ارتفاع أسعار النفط، تواجه البنوك في الإمارات هذا العام تحولاً في الظروف التشغيلية التي من المرجح أن تؤدي إلى تراجع في الأداء.