يحتفل متحف اللوفر أبوظبي اليوم بالذكرى السنوية الثالثة لافتتاحه التي تصادف 11 نوفمبر، وذلك عبر النظر إلى الإنجازات والابتكارات التي أبصرت النور بين جدرانه من جهة، والتطلع إلى المستقبل من جهة أخرى. فقد لجأ المتحف إلى الإبداع لمواجهة التحديات الجديدة التي فرضها الوباء العالمي، إذ أطلق أول فيلم قصير من إنتاجه بعنوان “نبض الزمان”، فضلاً عن إطلاق أكثر من 22 مبادرة رقمية هذا العام، استقطب من خلالها ملايين الزوار لمجتمعه الرقمي الآخذ بالتوسّع. أما السنة الرابعة للمتحف فتَعد ببرامج ومبادرات مثيرة للاهتمام، مع العمل على إطلاق برامج جديدة وإزاحة الستار عن العديد من القطع المُقتناة والمُعارة في قاعات عرضه.
وقال معالي محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي إن الإنجازات التي حققها متحف اللوفر أبوظبي في غضون ثلاث سنوات تركت بصمتها على مشهد الإمارة الثقافي فقد بدأ مشروع المتحف باتفاقية بين حكومتيّ أبوظبي وفرنسا، وها هو الآن يشكّل معلماً بارزاً في الدولة وفي العالم على حد سواء.
وأضاف: “عند الحديث عن السنة المنصرمة، لا بد لي من الإشادة بقدرة المتحف على التأقلم مع الظروف المتغيّرة التي يعيشها العالم، إذ لم تعد مجموعة المتحف الفنّية وأنشطته محصورة بين جدرانه، بل دخلت منازل الجمهور من خلال المبادرات التربوية والرقمية التي أطلقها في إطار رؤيته التي تقوم على تسليط الضوء على الروابط التي تجمع الثقافات على مر التاريخ. فالثقافة تمدنا بالقدرة على توسيع آفاقنا وتحديد صورة العالم الذي نعيش فيه، وعمليات اقتناء أعمال فنية جديدة استثنائية لضمها إلى مجموعة المتحف المتنامية تهدف إلى إعطاء الزوار لمحة متجددة باستمرار عن تاريخ الإبداع البشري. في هذه الأوقات غير المسبوقة التي نعيشها، أصبح الشعور بالترابط وبالانتماء إلى ما هو أكبر منّا أكثر أهمية من أي وقت مضى. فلا يزال متحف اللوفر أبوظبي ورسالته العالمية ركيزة أساسية لمهمة أبوظبي في إرساء الوحدة في التنوع وجعل الثقافة جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية”.
من جانبه قال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: “أتاحت هذه السنة لنا وللعالم أجمع فرصاً جديدة وُلدت من قلب التحديات. لطالما كانت مهمة المتحف، منذ نشأته، تقوم على الاحتفاء بلقاء الثقافات، وتسليط الضوء، من خلال الفن، على أوجه الشبه التي تجمعنا والتي تتخطى حدود الزمان والمكان. لذا تبرز أهمية هذه الرسالة الآن أكثر من أي وقت مضى، فيما نتطلع إلى إعادة تعريف دور المتاحف وماهيتها. إن القطع الفنية المستحوذة والمعارة المعروضة في قاعاتنا خير دليل على متانة الشراكات التي تجمعنا بالمؤسسات الشريكة في المنطقة وباريس ومن حول العالم، والتي تساعدنا باستمرار على تجديد التجربة التي يعيشها الزوار في المتحف. نحن نتطلّع إلى استقبالكم من جديد في قاعات عرضنا والتفاعل معكم عبر منصاتنا الرقمية، وإلى الاحتفال معكم بعامنا الثالث.”ويعتمد المتحف استراتيجية علمية يروي من خلالها لقاء الثقافات لتسليط الضوء على أوجه الشبه بينها، وهو ما نحتاجه في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى. فهو يبرز الروابط بين الثقافات من خلال عرض القطع الفنّية من مختلف الثقافات والأماكن إلى جانب بعضها البعض.
وفي إطار التغيير الدوري للقطع الفنّية المعروضة في قاعاته، شملت القطع المُعارة من متحف أورسيه عائلة بيليلي لإدغار ديغا، 1858-1869، وجسر السكّة الحديدية في مدينة شاتو لبيير أوغست رينوار ،1881، ومقطورات، مخيم غجر على مشارف مدينة آرل لفنسنت فان غوخ ،1888، وأكوام قش، نهاية الصيف لكلود مونيه ،1891، ووصول السفينة لافاييت إلى مدينة نيويورك لأوجين لويس جيو ،بداية القرن العشرين، ورجلٌ مُسنّ أمام قبور أطفال لعثمان حمدي بك ،1903، ومنظر في الجنوب لبيير بونار،1928. إضافة إلى ذلك، عرض المتحف عدداً من الخرائط والمخطوطات القيّمة التي تعود إلى القرون الممتدة من القرن الرابع عشر إلى القرن الثامن عشر والمُعارة من المكتبة الوطنية الفرنسية.
كما سيعرض المتحف في قاعاته قطعاً فنية وأثرية جديدة استحوذ عليها، تشمل أعمالاً أثرية في الفصول الأولى من قاعات عرضه، لتسلط الضوء على تاريخ الإبداع الإنساني وسيكتشف زوار المتحف، على مدى الأشهر القادمة، أعمالاً جديدة في الفصول الأخيرة من قاعات العرض.
من جهتها، اعتبرت الدكتورة ثريا نجيم، مديرة إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في المتحف أن “المتحف تمكن على امتداد ثلاث سنوات من دراسة الروابط الثقافية وتسليط الضوء عليها ليروي لزواره لقاء الثقافات في قاعات عرضه”. وأضافت : ” أن الاستحواذ على قطع فنّية جديدة وعرض القطع المُعارة من المتاحف الشريكة يسمح لنا بتقديم تجربة متجددة باستمرار لزوارنا. فالتنوّع والعالمية هما في جوهر مجموعتنا الفنّية، ونحن نفتخر بما حققناه من تفاعل مع الجمهور عبر المزج ما بين ما يقدمه المتحف في قاعات عرضه وما يقدّمه عبر منصاته الرقمية، وهو ما سيعزز هذا التفاعل على مدى السنوات القادمة.”وتم تمديد مدة إعارة القطع الفنّية من الشركاء الإقليميين للعام المقبل، فيما لا يزال توسيع التعاون الإقليمي من أولويات متحف اللوفر أبوظبي. ففي السنة الثالثة، عمل المتحف مع: دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وبلدية دبي، ومتحف جوجنهايم أبوظبي، ومتحف زايد الوطني، ودائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة، ودائرة الآثار العامة الأردنية، والمتحف الوطني في عُمان، ووزارة السياحة في المملكة العربية السعودية.
وأعار متحف اللوفر أبوظبي عام 2019 قلادة “جمعية الصوف الذهبي” فلاندرز إلى متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، مما شكل خطوّة بارزة في إطار الاعتراف الدولي بمجموعته الفنّية. وقد عُرضت القلادة في معرض “الفارس الأخير” الذي نُظِّم في متحف متروبوليتان للفنون بين أكتوبر 2019 ويناير 2020.
من خلال برنامج معارضه العالمية التي ينظمها بالتعاون مع وكالة متاحف فرنسا والمتاحف الفرنسية الشريكة، تمكّن متحف اللوفر أبوظبي أيضاً من استعارة أعمال فنية رئيسية من جهات عالمية،مكتبة تشستر بيتي، ومتحف متروبوليتان للفنون ومؤسسة الفروسية للفنون، لتقديمها للجمهور في معرض “فن الفروسية: بين الشرق والغرب” الذي استمر من فبراير إلى أكتوبر 2020.
وأطلق متحف اللوفر أبوظبي فيلمه القصير الأول بعنوان “نبض الزمان”، وذلك بالتزامن مع الذكرى السنوية الثالثة لافتتاحه. تمتد هذه الرحلة السمعية البصرية على مدى 40 دقيقة، وهي تُعتبر أول فيلم قصير من إنتاج متحف اللوفر أبوظبي، يبث الحياة في قصة الإنسانية من خلال رحلة لاستكشاف الأعمال الفنية من مجموعة المتحف الفنّية. يأخذ الفيلم، من خلال السرد والتصوير والتأليف الموسيقي الأصلي، المشاهدين في رحلة شاعرية عبر 12 فصلاً من قاعات عرض المتحف، لاستكشاف تاريخ الإبداع البشري من خلال مجموعة مختارة من 15 عملاً فنياً، لتسليط الضوء على لقاء الثقافات من عصور ما قبل التاريخ إلى عصرنا الحالي.
ويتوفر الفيلم بثلاث لغات بأصوات ثلاثة مشاهير هم: باللغة العربية الممثل والمنتج ومقدم البرامج الإماراتي سعود الكعبي، المعروف بدوره في فيلم “دار الحي”، وبالإنجليزية الممثل والكاتب والمخرج السينمائي الإنجليزي شارلز دانس، الذي اشتهر بلعب دور تيوين لانيستر في مسلسل “صراع العروش”، وبالفرنسية الممثلة الفرنسية السويسرية إيرين جيكوب التي اشتهرت بدورها في فيلم “ثلاثية الألوان: أحمر” 1994. يُذكر أن الإنتاج الصوتي لألكسندر بلانك، منتج الإذاعة الفرنسية الثقافية الوطنية “فرانس كولتور” والفائز مرتين بجائزة “بري إيطاليا” الدولية في الإذاعة والتلفزيون، وأنطوان ريتشارد الحائز الجائزة نفسها.
بعد العرض الأول للفيلم على قناة اللوفر أبوظبي على يوتيوب، سيتوفر على موقع المتحف الإلكتروني ابتداءً من 12 نوفمبر.