يتمنى الإنسان، كلما شعر بالألم، لو مَدّ يده وانتزعه من مكانه، في هذه اللحظات لو وُصف له مر الدواء فسيتناوله صاغرًا، لأن مرارة الدواء أهون من مرارة الداء .. وربما يصف له أحد الأطباء العلاج الساحر الذي يريحه من هذا الألم … لكن تبقى آثاره السيئة كالسوس ينخر في جسده.. إنه “الكورتيزون” الشافي.. القاتل!!
تركيبات متعدّدة ووصفات طبّية لمعالجة مختلف المشاكل الجلديّة والجماليّة، وحتى الأمراض التنفسية… إنها مادة “الكورتيزون” التي يُنتجها الجسم بشكل طبيعي وتدخل في عدد من العقاقير لتعالج أمراض لا حصر لها، كحالات الحساسية والأمراض الجلدية كالصدفية، التهابات القولون المزمنة والأمراض الروماتيزمية كالروماتيود المفصلي والذئبة الحمراء وأمراض الصدر، كما يعرقل تكاثر الخلايا السرطانية وبالتالي لا خوف منه في الاستخدام الحكيم عندما يصفه طبيب متخصّص.
وعلى رغم المزايا السحرية التي يتمتع بها “الكورتيزون”، إلاّ أنه يمكن أن يتسبب في الكثير من الآثار الجانبية التي تكون حاضرة أكثر كلما طالت فترة المعالجة به أو اذا استعمل في شكل سيء، ومن بينها المياه البيضاء في العين، ارتفاع ضغط العين، زيادة مستوى السكر في الدم، ارتفاع أرقام ضغط الدم، فرط الكوليسترول، انتفاخ الوجه، تكدس الدهن في الرقبة والأرداف، ضعف جهاز المناعة، القرحة الهضمية، احتباس السوائل في الجسم، وداء الهشاشة العظمية.
ما هي التوصيات التي يجب على المريض اتباعها لتجنب ظهور الآثار الجانبية لاستخدام “الكورتيزون”؟
أولًا: عند استخدام البخاخ يجب أخذه بمواعيده بدقة، ويجب غسل الفم بعد الاستخدام مباشرة كي يتجنب نمو الفطريات فيه، ويجب ألا يقطع استخدام الدواء فجأة، علمًا أن بخاخات الكورتيزون قليلة المخاطر نسبيًا إذا استخدمت بشكل صحيح.
ثانيًا: عند استخدام الأقراص (وخصوصًا عند استخدامها لفترة تتجاوز الأسبوع) يجب أن لا يوقف استخدام الدواء فجأة بأي حال من الأحوال، لأن دواء الكورتيزون يؤدي إلى أعراض خطيرة لو قطع فجأة، لذا لا يمكن إيقافه إلا بشكل تدريجي وتحت إشراف طبي وعلى مدى طويل يصل إلى عدة أشهر تتناقص خلالها الجرعة تدريجيًا، ويجب التقليل من السكريات وملح الطعام والدهون لأن الكورتيزون كما أسلفنا يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر والدهون في الدم، ويؤدي كذلك إلى احتباس الصوديوم وبالتالي المياه داخل الجسم، لذلك ينصح المريض بتناول الأطعمة المحتوية على البوتاسيوم مثل البرتقال والموز والبطاطا، كما يوصى بممارسة الرياضة وتناول الكالسيوم وفيتامين د لتفادي هشاشة العظام، ويجب الحرص على تقليل السعرات الحرارية في الغذاء لتفادي البدانة، وفي حال حدوث اضطرابات في الدورة الشهرية يجب التوجه إلى اختصاصية أمراض النساء لحل هذه المشكلة. أخيرا ننوه إلى أنه يفضل أن تكون جرعة الكورتيزون في الصباح لأنه يؤدي إلى زيادة نشاط الجسم وعدم الإحساس بالنوم، كذلك يجب أن تؤخذ الأقراص أثناء الأكل أو بعده مباشرة ليتجنب تأثير “الكورتيزون” الضار على المعدة.
ثالثًا: عند استخدام الكريمات يوصى بتطبيق المستحضر مرة أو مرتين يوميًا، ويجب أن يتم اختيار المستحضر المناسب من قبل الطبيب، فالكورتيزونات التي تستخدم للوجه مثًلا مختلفة في الغالب عن التي تستخدم لليدين ومناطق الجلد الأخرى، وكذلك فإن مدة العلاج تختلف من مركب لآخر، فالالتهابات العادية تعالج لمدة لا تتجاوز العشرة أيام، أما في الحالات التي تحتاج لمعالجة طويلة، فالكورتيزون القوي جدًا لا يستخدم أكثر من ثلاثة أسابيع، والكورتيزون القوي وحتى ضعيف القوة لا يستخدم أكثر من ثلاثة أشهر، ثم يستخدم كريم أو فازلين عدة أيام ثم يستعمل الكورتيزون مرة ثانية.
ما هي الأعراض التي تنجم عن الإيقاف المفاجئ لتناول “الكورتيزون”؟
إذا توقف المريض فجأة عن تناول “الكورتيزون” جعل جسمه يخلو من “الكورتيزون” اللازم للعمليات الحيوية وذلك لأن غدة الكظر تكون قد توقفت عن إفرازه بسبب تناوله من خارج الجسم، وقد لا تعود إلى عملها إلا بعد أسابيع أو أشهر، وبالتالي تظهر أعراض الانسحاب التي منها الشعور بالدوار، ضعف العضلات، ألم المفاصل، تقشر الجلد، ضعف الشهية، غثيان أو قيء، حمى، هبوط مستوى سكر الدم، صداع، وارتفاع الضعط داخل الجمجمة، وتغييرات عقلية، وقد يؤدي التوقف المفاجئ الى الموت، كما قد يؤدي إلى عودة المرض الذي كان يعالج بالكورتيزون.
وتعالج أعراض الانسحاب من “الكورتيزون” بإعطاء جرعة عالية منها ثم تقليلها تدريجيًا.
السيطرة على الوزن أثناء استخدام “الكورتيزون”
عادة ما ترتبط زيادة الوزن باستخدام “الكورتيزون” كعلاج وخصوصاً عن طريق الحقن، وفي الواقع يؤدي استخدامه لزيادة الوزن بطرق مختلفة. فإن هرمون الكورتيزون الصناعي مشابه لحد كبير لهرمون الكورتيزول الذي ينتجه الجسم بشكل طبيعي، و من المعروف بأن الكورتيزول يؤثر على تنظيم عملية الأيض و كذلك يفعل الكورتيزون. وإن التغير الذي يطرى على عملية الأيض يتمثل في تحفيز الجسم على تخزين الدهون من أجل استخدامها في انتاج الطاقة، وغالباً ما تخزن هذه الدهون في منطقة البطن ومؤخرة الرقبة.
كذلك يؤثر “الكورتيزون” على الوزن بشكل غير مباشر، حيث يشعر المريض بالجوع المفرط، ممّا يؤدي إلى اقباله على الطعام بشكل مستمر، ومن البديهي أن يكتسب المرء الوزن الزائد عندما يتناول كميات كبيرة من الطعام، و الجدير بالذكر بأن أغلب المرضى الذين يستخدمون “الكورتيزون” يواجهون صعوبات في تنظيم الوجبات مهما حاول القيام بذلك.
لذا إن أفضل طريقة للسيطرة على الوزن مع استخدام “الكورتيزون” هي استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية من أجل تحديد أنواع الأطعمة التي يجب تناولها للحد من كمية السعرات الحرارية، و تغيير نظام الأكل من وجبات قليلة و كبيرة إلى عدد أكبر من الوجبات و لكن بكميات أصغر.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-slg