تعد الإمارات العربية المتحدة واحدة من نحو 12 دولة في العالم، تبلغ فيها حصة الخدمات المصرفية الإسلامية، ما يزيد على ٪10 من إجمالي أعمال القطاع المصرفي قياساً بالمملكة العربية السعودية ودولة الكويت اللتين تتجاوز فيهما تلك الحصة نسبة ٪30.
ومع ذلك، يدرك الزوار والمقيمون حديثاً في الدولة، أن المصارف الإسلامية تلعب دوراً محورياً ومباشراً في حياة المواطنين والمقيمين في الدولة. ويتناقض هذا الوضع مع التقارير التي تردنا بين الحين والآخر والتي تشير إلى أن الخدمات المصرفية الإسلامية لم تتمكن من استقطاب سوى ٪1 من حجم التمويل العالمي والتي تعتبر افتراضية وأبعد ما تكون عن الواقع.
ولا شك في أن من واجب القطاع ذاته أن يتصدى برمّته لمثل هذه التقارير ودحض ادعاءاتها وتصحيح الصورة المغلوطة. على كل حال، يقول الواقع إن التمويل الإسلامي أصبح الآن قطاعاً بحد ذاته تزيد قيمة تعاملاته على تريليون دولار وهذا ما يجب لفت أنظار العالم إليه.
وصحيح أنه لا يزال يمثل جزءاً صغيراً من الحصّة العالمية، بيد أنه يشكل نسبة كبيرة من القطاع المصرفي في بعض مناطق العالم. وسيكون من المجدي بالنسبة للخبراء في القطاع تسليط الضوء على التطورات التي تشهدها صناعة التمويل الإسلامي، وأيضاً مناقشة الجوانب التي تبيّن أنها بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لمعالجتها، كي يحقق هذا القطاع أهدافه المنشودة.
وتشمل تلك الجوانب بشكل أساسي نقص المهارات، وتوحيد المعايير، والحوكمة، وكذلك المقومات التي تجعل التمويل الإسلامي قطاعاً شاملاً وعالمياً، وهنا لا بد من الإشارة إلى دور الابتكار على هذا الصعيد.
وتنضوي كافة المصارف الإسلامية السبعة في الدولة تحت مظلة اتحاد مصارف الإمارات وتشكل أعمالها حوالي ٪21,4 من السوق المصرفية الإماراتية (٪14.6 من الأسواق الإسلامية العالمية الست الرئيسية)، بحسب تقرير “التنافسية العالمية للمصارف الإسلامية” الذي أصدرته مؤسسة “إرنست أند يونغ” في شهر مارس الماضي. هذا وتجدر الإشارة إلى أهمية لجنة الصيرفة الإسلامية في اتحاد المصارف والتي تركز على قطاع المصارف الإسلامية، وتتولى مهمة رصد آلية تعاون المصارف مع بعضها البعض ومع مصرف الإمارات المركزي، لضمان توفير الشروط المناسبة التي تدفع عجلة نمو وتطوير أعمال المصارف الإسلامية.
ومن أبرز المواضيع التي تركّز عليها اللجنة في الوقت الراهن، هو الحوكمة في القطاع المصرفي الإسلامي، وبشكل خاص المقترحات بخصوص إنشاء هيئة شرعية عليا، والتي نعكف حالياً على مناقشتها مع مصرف الإمارات المركزي. تنبع أهمية مثل هذه الهيئة من أنها ستساهم في توحيد معايير القطاع وتعزيز مستوى التنسيق بين أقطابه، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة، إلى دعم ودفع عجلة نموه المستقبلي.
من التحديات الأخرى التي تواجهنا في الإمارات على صعيد قطاع التمويل الإسلامي، كما في أي مكان آخر، هو نقص الكوادر الكفء. وعليه، فإن التركيز بشكل أكبر على الاقتصاد الإسلامي والقوانين الإسلامية ذات الصلة بالتعاملات المالية في المؤسسات التعليمية الرئيسية التي سيتخرّج منها مصرفي المستقبل، سيساهم بشكل كبير في تشجيع المزيد من هؤلاء على امتهان التمويل الإسلامي.