بقلم: د.يوسف البكار
في عام 2018 قام فريق من الأطباء الأستراليين في جمعية القدم السكرية بقيادة الدكتور بيتر لازاريني بدراسة شاملة حول نسبة العجز الذي تسببه مضاعفات القدم السكرية، وكانت نتيجة هذه الدراسة أن حوالي 2.2% من سكان العالم قد تضرروا بنسب عجز متفاوتة نتيجة هذا المرض، وان القدم السكرية تسبب عجزاً أكثر من أمراض القلب والكلى والجلطات الدماغية.
بالعودة إلى دراسات أخرى، فقد تبين أن القدم السكرية تحتل المرتبة السادسة بين الأمراض التي تسبب عجزاً دائماً أومؤقتاً بالمقارنة، مثلاً، مع أمراض الكلى في المرتبة الرابعة والعشرين وأمراض القلب في المرتبة الخامسة والعشرين على سبيل المثال.
من المفارقات الصادمة أن هناك عملية بتر جزئي أوكلي للقدم تجرى لمريض في مكان ما في العالم كل 30 ثانية، أي بمعدل 120 عملية بتر في كل ساعة. هذا يؤكد لنا أن القدم السكرية هي السبب الأول لعمليات البتر حول العالم، متقدمة بذلك على الأسباب الأخرى للبتر، مثل الأورام الخبيثة، أمراض الأوعية الدموية والالتهابات البكتيرية الشديدة.
ومما يزيد الأمر تعقيداً أن 28% من مرضى القدم السكرية ( أي حوالي ثلث المرضى ) تتراوح أعمارهم بين 51 – 60 عاماً، وهذا المعدل من الأعمار يقع ضمن نطاق الأشخاص العاملين المنتجين ذوي الخبرة الكافية ضمن مجالاتهم وتخصصاتهم. ذلك يجعل من هذا المرض آفة إقتصادية واجتماعية، علاوة على كونه معضلة طبية تحتاج جهداً كبيراً ومبالغ عالية لمعالجته.
فمن الناحية الاقتصادية أعلنت هيئة الصحة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001 أن تكلفة علاجات مرضى القدم السكرية قد وصلت إلى 10،9 مليار دولار، كما قدرت هيئة الصحة البريطانية أن التكلفة بلغت أكثر من 3 مليارات دولار أمريكي في عام واحد، دون احتساب تكلفة علاج مرض السكري نفسه أواحتساب الخسائر الناتجة عن تعطل المرضى بسبب عدم قدرتهم على القيام بواجباتهم الوظيفية.
ومع تقدم العلم، وتطور وسائل التشخيص والمعالجة، وظهور دراسات متجددة حول هذا المرض، فإن الأرقام الصادرة عن الهيئات الطبية المختلفة في دول العالم قد أكدت أن هذه التكاليف تضاعفت عدة مرات، وأن مرض القدم السكرية لا زال يؤرق المجتمع الطبي بأكمله نتيجة الصدمات النفسية والإجتماعية والإقتصادية التي يعانيها المرضى. لذلك تسعى منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع المؤسسات الطبية المختلفة إلى زيادة الوعي والتثقيف بهذا المرض، واعتماد كافة الوسائل المتاحة لمنع حدوثه، أوعلى الأقل للحد من مضاعفاته. فبالنظر إلى وسائل الوقاية والحماية من المضاعفات، سنجد أنها سهلة ومتاحة لكل مريض بداء السكري، وأن تكلفتها في بعض الأحيان لا تتجاوز الألف دولار امريكي سنوياً، وأن آثار هذه الوسائل ستنعكس إيجاباً على المريض بشكل خاص والمجتمع بشكل عام.