في تصريح لـشبكة CNN الإخبارية قال “أيدان هايفي” الرئيس التنفيذي لشركة تيلوو للنفط: إن مستقبل الاستثمارات النفطية يكمن في دول شرق إفريقيا مثل كينيا ودولة جنوب السودان، حيث من المتوقع أن تبلغ قيمة هذه الاستثمارات في غضون السنوات القادمة 100 مليار دولار، بالإضافة إلى وجود اقتصاديات لدول إفريقية تعتبر من أكثر الاقتصادات نموا في العالم.
قارة إفريقيا في الألفية الثالثة، تمثل سلة من الفرص الاستثنائية للاستثمار، وخزان العالم الاستراتيجي من الموارد الطبيعية والمواد الأولية، بسبب زيادة الطلب وتقلص نسبة الاحتياطات العالمية ومعدلات الإنتاج في عديد من مناطق العالم. من هذه الموارد التي تتمتع بها إفريقيا: حوالي10% من احتياطي النفط العالمي، حوالي80% من بلاتين العالم، وأكثر من40%من ألماس العالم و20% من الذهب، ناهيك عن أنها تمتلك حواليأربعة آلاف كيلو متر مكعب من مصادر المياه العذبة المتجددة في السنة، أي ما يوازي حوالي 10% من مصادر المياه العذبة المتجددة في العالم.
ملفات التقاطع الدولي في إفريقيا عديدة ومتداخلة، ويكفي أن نشير فقط إلى أن الصين هي ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، ومن المتوقع أن تقفز وارداتها النفطية لتصل إلى 13.1 مليون برميل يوميا بحلول العام 2030 وبما أن حوالي30% من واردات بكين من النفط تأتي من إفريقيا مقارنة بحوالي 50% من منطقة الشرق الأوسط، فإن الوجود الصيني في إفريقيا يتزايد يوما بعد يوم.
علاقات الصين بإفريقيا تطورت خلال ما يزيد على ستينعاما بشكل تصاعدي لتصبح أكثر عمقا وقوة، وتتحول إلى شراكة عالمية مع نهاية الثمانينيات من القرن الماضي بشكل يعكس قوة نفوذ وتأثير الصين في إفريقيا، بعد التراجع النسبي للنفوذ الأوروبي، بريطانيا وفرنسا والبرتغال وإسبانيا وبدرجة أقل إيطاليا.
واتخذت العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا ثلاثة أشكال رئيسة، تضمنت: المساعدات الرسمية والتجارة والاستثمار، وشهدت نقلة نوعية تحولت بموجبها إلى منح وقروض طويلة الأجل. في قمة بكين عام 6002، أصدرت حكومة الصين: وثيقة سياسة الصين تجاه إفريقيا، وأقرت بإقامة شراكة استراتيجية صينية إفريقية على نمط جديد، وهي شراكة متميزة لم تعهدها دول إفريقيا في تاريخها الحديث، سواء من دول أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد السوفياتي السابق.
ومن هنا فإن استراتيجية الصين في النظر إلى إفريقيا والتعامل معها، تختلف عن استراتيجية الولايات المتحدة وروسيا التي تستحق مقالا قائما بذاته، ففي حين تنظر الصين إلى إفريقيا على أنها خزان استراتيجي للموارد الأولية والطبيعية في العالم، وهو ما يلبي حاجاتها المتزايدة من هذه المواد وبالتالي الحفاظ على النمو الاقتصادي للبلاد والصعود الجيوسياسي على المستوى الإقليمي والدولي، فإن الولايات المتحدة، رغم أنها تعد الشريك التجاري الأول تراجع هذا المركز اليوم لصالح الصين لإفريقيا، فلا يزال البعد الأمني وليس التجاري أو الاقتصادي هو الذي يحظى بالأولوية، والدليل على ذلك مشروع أفريكوم الذي طرح منذ العام 7002، وهدفه المعلن: نشر الاستقرار وزيادة التعاون الأمني والشراكة مع دول القارة الإفريقية.
في المقابل، تعتبر الولايات المتحدة أكبر مستهلك ومستورد للنفط في العالم، وتشكل وارداتها من النفط من إفريقيا قرابة الـ 15% إلي 02%، أي ما يوازي تقريبا وارداتها من دول الشرق الأوسط.. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 25% خلال السنوات الست القادمة، بحيث تستورد الولايات المتحدة أكثر من 077 مليون برميل من النفط سنويا من القارة السمراء. في هذا الإطار، فإن الملف النفطي في إفريقيا يدخل في البعد الأمني لسياسة الطاقة الأمريكية، والشيء نفسه بالنسبة للاستحواذ على الموارد الطبيعية والأولية.
السؤال الذي يطرح نفسه، هو: كيف يمكن أن نستفيد من التنافس الشرس بين الصين والولايات المتحدة؟، وكيف نعظم مطالبنا وأهدافنا وشراكاتنا بما يضمن التنمية المستدامة لمجتمعاتنا، والقضاء على الفقر (الجوع) والأمراض المتوطنة، والأمية الرقمية والتكنولوجية؟.. وأخيرًا، ما هي آليات المشاركة الفعلية في ميلاد العولمة البديلة؟
يقول الخبير في الشؤون الصينية فيليب ريشاي مؤلف كتاب الهجوم الصيني في إفريقيا على لسان الأوروبيين: هل ينبغي التباكي على النفوذ الضائع أم التصدي للهجوم الصيني القادم بثبات؟.. هذا السؤال، قد يغري الدول العربية خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، للتفكير بجدية في كيفية الاستفادة القصوى من القارة السمراء، خاصة أن العولمة الاقتصادية لم تكن يوما ولن تكون باتجاه واحد.
*نقلاً عن صحيفة “الشرق” السعودية.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-2OB