والحال أن ثلاث فواجع تاريخية عاشتها الجغر افيا العربية وقد حدثت الأولى عند عرب «الاهواز» الذين ضمتهم ايران اليها الى الدرجة التي باتت فيها لغتهم القومية العربية محرمة عليهم، أما الثانية فحدثت مع عرب منطقة «الاسكندرون» السورية حينما انتزعت هذه المنطقة بكل ما تحويه من عرب، وتحولت بفعل التقادم التاريخي الى منطقة تركية.
أما الفاجيعة الثالثة التي ما تزال طازجة نسبياً فهي فجيعة احتلال فلسطين وتشريد أهلها والاحتفاظ بمناطق عربية سُمي سكانها جزافاً بـ»عرب ال48». وقد ظل السكان العرب يعانون الأمرين في عملية تهويد أرواحهم وأمكنتهم، وذلك بمعزل عن أي تواصل عربي، لا بل أن بعض المتشددين العرب اعتبر مصافحة أي واحد من عرب ال48 خيانة وتندرج تحت مسمى «التطبيع».
وما دام الأمر على هذا النحو من الغباء العربي في التعامل مع جغرافيتهم المنهوبة فإن الفلسطينية «نسرين قادري» فازت قبل ايام بالمركز الأول في برنامج «إيال جولان يناديك،»وهو برنامج تلفزيوني شعبي يستضيف النجوم الإسرائيليين الأكثر شهرةً، ويستمر لمدة 3 أشهر متواصلة. نسرين ذهبت الى أبعد من ذلك وهي تقول بافتخار:» أنا أول متسابقة عربية تفوز بهذا اللقب بعدما غنت أغنية باللغة العبرية كُتبت في ذكرى الجنود الإسرائيليين القتلى». وتمضي نسرين بتصريحاتها التي تقول فيها وهي تفتخر بهويتها الاسرائيلية، وأنها متأثرة جداً بالثقافة الاسرائيلية.
ونسرين غنَّت أغنية بالعبرية عبارة عن صلاة لحماية شعب إسرائيل، وقد كُتبت في ذكرى الجنود الإسرائيليين القتلى.
هذه هي نسرين الفتاة العربية من عرب «48» التي عاشت عمرها البالغ «25» عاماً وهي ترى الأشجار حولها وقد اكتست بالحبر العبري واليافطات والشوارع والحوانيت والساحات والفضاء الذي تتنشقه تحول هو الآخر الى العبرية. الى الدرجة التي تغني فيها لأرواح جنود اسرائيليين كانوا قد قتلوا أهلها وشردوا شعبها.
وهذه هي نتائج الاهمال العربي، لاقتطاعاتهم الجغرافية ولعل القادم أكثر بشاعة. وذلك حينما نرى جيلاً كاملاً يغني بالعبرية!!.
نقلاً عن جريدة الدستور.