بقلم: ت. ر. غانيش، المدير العام – بلوإير الشرق الأوسط
بعد إجازة صيفية طويلة، حان الوقت ليعود الطلاب في دولة الإمارات إلى مدارسهم ويركّزوا على دروسهم وعلى ممارسة الرياضة والنشاطات الأخرى بعد الدوام المدرسي. إنها فترة انتقالية لا تقتصر على الأطفال فقط، بل تشمل الآباء والأمهات كذلك. وإلى جانب القلق المصاحب لتلك الفترة، والأسئلة المتكررة حول توفر الزي المناسب وحاجة الطفل للمساعدة الإضافية في الحصص والدروس، أو التساؤل عن وجبات الغداء المناسبة للطفل يومياً – تراود الأهل مخاوف أعمق ترتبط بإرسال أطفالهم للمدرسة، أحدها يتعلق بصحة الطفل.
لا يدرك الكثيرون مدى سوء جودة الهواء داخل المدارس ومساحاتها المغلقة، حيث تسبب نوعية الهواء السيئة في البيئات التعليمية عدة أعراض منها الإعياء والصداع والدوخة والسعال وتحسس العيون والأنف والحنجرة. وإليكم حقائق ينبغي التفكير بها: تتسم الأجواء الداخلية بجودة الهواء السيئة في حوالي 50% من إجمالي المدارس، فيما يقضي الطلاب عادة حوالي 940 ساعة في المدرسة كل عام وفقاً للوكالة الأمريكية لحماية البيئة. وبحسب تقرير أصدرته وكالة مكافحة الأمراض والوقاية منها فقد تغيّب الطلاب لما مجموعته 14 مليون يوم دراسي بسبب الحساسية والربو – وهي جميعاً أرقام وحقائق تبرّر القلق الذي يساور أولياء الأمور.
وما نعرفه على وجه اليقين هو أن جودة الهواء في المساحات الداخلية المغلقة يؤثر تأثيراً مباشراً على صحة الطلاب وأدائهم. فالهواء النظيف يمكّن الطلاب من التركيز بشكل أفضل وبالتالي الحصول على درجات أعلى، كما أنه يساعد في تقليل حالات التغيّب عن المدرسة نظراً لتدني احتمالية التعرض للمرض. ولا تقتصر مزايا تحسين نوعية الهواء على البيئة التعليمية الصحية، فهي تترك أثراً إيجابياً على تركيز الطالب وأدائه الأكاديمي وفقاً لأبحاث متزايدة في المجال.
وفيما يستعدّ الجميع للعودة إلى روتين المدارس، فمن الجيّد الحرص على مراقبة وتحسين جودة الهواء في المساحات المغلقة لتقليل غياب الطلاب الناشئ عن المرض، الأمر الذي يمكنه أن يساهم بشكل مباشر في تحسين الأداء الإجمالي للطالب ويمثل مؤشراً للنجاح الأكاديمي في المستقبل.
يمكن لأولياء الأمور والطلاب العمل مع مسؤولي المدرسة من أجل التأكيد على أهمية تحسين جودة الهواء والحرص على كونها أولوية أساسية. وإليكم بعض الأمور التي يمكن تطبيقها بهذا الشأن:
- رصد نوعيّة الهواء وجودته: لا يمكنك إدارة ما لا تعمل على قياسه – وهذا يعني أنه لا سبيل إلى معرفة جودة الهواء ونوعيته دون قياس تلك الجودة. ولهذا فمن المفيد للمدارس أن تقوم باختباراتها الخاصة لقياس جودة الهواء الداخلي والخارجي. يمكن إجراء ذلك بالتعاون مع خبير مختص باختبار الهواء في الأماكن الداخلية
- التهوية الكافية وضبط مصادر التهوية: من طرق تحسين جودة الهواء في المدارس تحسين التهوية في مبانيها، حيث ينبغي للمدارس التأكد من عمل نظم التهوية بالشكل الصحيح إلى جانب خضوعها للفحص المستمر والصيانة الدورية، مع تغيير الفلاتر بشكل دوري.
- برنامج شامل للتنظيف: نظافة المدرسة مهمة لكل فرد في المجتمع المدرسي وتساعد في تحسين جودة البيئة الداخلية فيها. على المدارس الحرص على تنظيف الممرات وأرضيات الصفوف بالماء وإزالة الغبار عن الأسطح باستمرار بواسطة مواد التنظيف الآمنة غير السامة والطلاء الصحي. كما لا بد من تحديد مصادر الرطوبة والقضاء عليها نظراً لما تسببه من عفن، وبهذا يمكن تقليل انتشار الأمراض المعدية ومسببات الربو والتحسس.
- المدارس الخالية من المعطّرات: يمكن للعطور والروائح القوية أن تساهم في تدني جودة الهواء في المناطق الداخلية وأن يسبب انزعاجاً وتحسساً للطلاب والمعلمين. فالكثير من الناس يصابون بتأثيرات جسدية مزعجة عند التعرض للمنتجات المعطّرة، ويعاني عدد متزايد منهم من أعراض حادة إزاء تلك المنتجات والمواد الكيميائية. ويقول مرضى التحسس والربو بأن بعض الروائح بالتحديد يمكن أن تسبب لهم الإصابة بنوبة تحسس حتى وإن كانت بأصغر الكميات. شجع مدرسة أطفالك على أن تطلب من الموظفين والطلاب الامتناع عن استخدام المنتجات المعطّرة (وبخاصة تلك التي تقتصر على التعطير وحسب).
يحاول الآباء والأمهات القيام بكل ما في وسعهم للحفاظ على سعادة وصحة أطفالهم لضمان مستقبل مشرق لهم. ورغم أن بإمكان الأهل ضمان جودة الهواء الداخلي في منازلهم، فإن تحسين نوعية الهواء الذي يتنفسه الأطفال في المدارس يمكن أن يساهم في إعداد الطفل للنجاح على مدى العام الدراسي ويوفر له بيئة صحية مريحة – الأمر الذي يعني الاستثمار في مستقبل الطفل.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-ruu