طالب مستثمرون ومستأجرو محال بمراكز تجارية بضرورة مراعاة أصحاب المولات لتغيرات السوق، وقبول تخفيض عقود الإيجارات طويلة المدى، مشيرين إلى تضررهم نتيجة التزامهم بعقود طويلة الأجل، تم توقيعها خلال سنوات ارتفاع الإيجارات قبل عدة سنوات، والاستمرار في سداد قيم إيجارية مرتفعة رغم انخفاض الأسعار خلال العامين الماضيين.
وقال هؤلاء لـ«الاتحاد»، إن أسعار الإيجارات التجارية تراجعت خلال الفترة الأخيرة بمعدلات متباينة، فيما تلتزم كثير من المحال لاسيما بالمراكز التجارية بعقود طويلة الأجل بمتوسط 5 سنوات، موضحين أن أغلب المولات ترفض تعديل هذه العقود، رغم توقيع العقود الجديدة للمحال التي يتم إخلاؤها بأسعار منخفضة.
من جهتهم، أكد مسؤولون بالمراكز التجارية عدم أحقية أصحاب المحال طويلة الأجل في المطالبة بتخفيض الإيجار السنوي خلال فترة العقد التي تصل إلى 5 سنوات، لاسيما في ظل استفادة أصحاب هذه المحال بالفعل من الحصول على أسعار خاصة نتيجة توقيع عقود طويلة المدى، موضحين أن المستأجرين لا يمكن أن يقبلوا المعاملة بالمثل في حالة ارتفاع الإيجارات.
وأشاروا إلى ضرورة اهتمام صغار المستثمرين بدراسة جدوى المشروع، ومدى استمراريته، وعدم التورط في توقيع عقود طويلة الأجل للاستفادة من السعر المنخفض بهذه العقود، ثم التعثر بعد ذلك في سداد قيمة الإيجار عند تعثر المشروع.
وشهدت الفترة التي تم خلالها إلغاء سقف الزيادة السنوية المحددة بـ 5% بأبوظبي، من نوفمبر 2013، حتى ديسمبر 2016، ارتفاعاً ملحوظاً في الإيجارات السكنية والتجارية بأبوظبي، في ظل السماح بتقدير القيمة الإيجارية وفق إرادة المتعاقدين بناء على قواعد العرض والطلب السارية في السوق العقاري.
ومن جانبه، أشار حمد العوضي عضو مجلس إدارة غرفة تجارية وصناعة أبوظبي إلى ضرورة وجود آليات تنظيمية لسوق العقارات التجارية، والتي تختلف عن العقارات السكنية، سواء من حيث العرض والطلب، وأيضاً من حيث مخاطر إخلاء الوحدات التجارية مقارنة بالسكنية.
عقود مرتفعة
وقال عبدالواحد أحمد المرزوقي، رجل أعمال، إنه خلال فترة ارتفاع الإيجارات بأبوظبي بين عامي 2013 و2016 تم توقيع العقود بقيمة مرتفعة، موضحاً أن معظم العقود التجارية بالمراكز التجارية يتم توقيعها لمدد زمنية لا تقل عن 5 سنوات، كما تمتد عقود أخرى لنحو 10 سنوات، في ظل رغبة كثير من المستثمرين في توقيع عقود طويلة المدى لضمان استقرار أعمالهم.
وأضاف عبدالواحد أن الإيجارات التجارية انخفضت خلال الفترة الأخيرة، بيد أن معظم المراكز التجارية ترفض إعادة النظر في العقود طويلة المدى، ما يحمل أصحاب هذه المحال تكاليف متزايدة، لاسيما في ظل تباطؤ النشاط ببعض القطاعات.
وتابع: على سبيل المثال، فإن بعض المحال ذات المساحات الكبيرة بالمولات تسدد قيمة إيجار تصل إلى مليون درهم سنوياً، رغم أن قيمة الإيجار الفعلية قد تراجعت لنحو 500 إلى 700 ألف درهم سنوياً، وهو ما يظهر في عروض المولات لتأجير المحال المماثلة التي يتم إخلاؤها بذات الموقع.
وأكد عبدالواحد، أن مسؤولي المولات يرفضون تعديل العقود ويطالبون بالالتزام بالعقود طويلة المدى، موضحاً أنه رغم أن الجانب القانوني قد يكون في صالح المولات، بيد أنه يجب مراعاة ظروف السوق، لاسيما في ظل مخاطر إغلاق بعض المحال نتيجة زيادة قيمة الإيجار.
وأضاف أن الجهات المسؤولة اتخذت العديد من الإجراءات خلال الفترة الأخيرة لدعم القطاع الخاص، وتعزيز ممارسة الأعمال في أبوظبي، مؤكداً أن الإيجارات التجارية لا تزال تمثل أهم التحديات التي تواجه أصحاب المشاريع.
استقرار الأعمال
بدوره، أكد محمد الحاج الرئيس التنفيذي لشركة مبارك وإخوانه للاستثمارات، والتي تولت تطوير مركز «ديرفيلدز تاون سكوير» للتسوق بأبوظبي، أن بعض المستثمرين يفضلون توقيع عقود طويلة المدى لضمان استقرار أعمالهم، لاسيما ببعض المشاريع التي تعتمد على الاستثمار طويل المدى بالمولات، وعلى دورة تشغيلية طويلة، مثل محلات السوبر ماركت الكبرى، والصالات الرياضية، وغيرها.
وأضاف أن توقيع العقود طويلة المدى يكون من خلال دراسة الجدوى الخاصة بالمستثمر، والتي تحدد الدورة التشغيلية للمشروع، بيد أن بعض المستثمرين قد يفضلون توقيع هذه العقود للحصول على أسعار خاصة، حيث إن قيمة الإيجار تنخفض في حالة توقيع عقد لعدة سنوات، وذلك بغض النظر عن دراسة الجدوى للمشروع، وهو ما قد يؤدي لتورط المستثمر في تحمل أعباء مالية في حالة تعثر المشروع.
وتابع الحاج أنه بناء على ذلك، فإن المستثمر يتحمل نتيجة أخطائه وعدم دراسته الكافية للمشروع، فضلاً عن رغبته في الاستفادة من الحصول على أسعار إيجارية خاصة ومنخفضة عند توقيع العقود طويلة المدى، وهو ما يعود بالخسائر على المولات.
وأوضح أن بعض الشباب قد يوقع عقداً لمدة 5 سنوات أو أكثر، ثم تتغير ظروف السوق، مضيفاً أنه على سبيل فإنه قبل عدة سنوات كان هناك طلب مرتفع على بعض محال ألعاب الأطفال، بيد أنه مع التطور التكنولوجي تغيرت ظروف السوق مع زيادة الطلب على الألعاب الإلكترونية، ثم سرعان ما تتغير ظروف السوق مع مواصلة التطور التكنولوجي.
وأضاف أنه بناء على ذلك، فإن المستثمر بهذا القطاع على سبيل المثال، يجب أن يدرس أوضاع السوق باستمرار، قبل أن يتورط في توقيع عقد لعدة سنوات، ثم يتعرض لخسائر بعد ذلك، موضحاً أنه رغم ذلك فإن المول يراعي ظروف المستثمرين، ويحاول التوصل إلى حلول بديلة، سواء بتغير الموقع، بيد أن ذلك لا يمكن تطبيقه في جميع الحالات، ما يؤدي لخسائر كبيرة للمول.
وذكر أن المستثمر قد يرغب في توفير تكلفة دراسة الجدوى، والتي تحدد حجم الطلب بالموقع والتوقعات المستقبلية بالسوق، حيث إن ازدحام مول معين لا يعني بالضرورة نجاح كافة الأنشطة به، وهو ما قد يؤدي لتحمل المستثمر خسائر بعد ذلك تفوق تكلفة دراسة الجدوى بكثير.
ظروف السوق
ومن جهته، أكد عتيبة بن سعيد العتيبة رئيس مجلس إدارة مشاريع العتيبة، إن المؤجرين يجب عليهم النظر لتغيرات السوق، ومراعاة ظروف المستأجرين، لضمان عدم تضرر المستأجرين من أصحاب العقود طويلة المدى، في ظل تراجع الإيجارات حالياً، فضلاً عن تباطؤ النشاط ببعض القطاعات، ما يزيد الضغوط على المستثمرين بهذه القطاعات، بحيث تتم مراجعة سنوية لعقود الإيجار حتى يتحسن السوق.
وأضاف أن المؤجرين مطالبون بالمزيد من المرونة وعدم التشبث باشتراطات العقود التي تمتد لخمس سنوات أو أكثر، موضحاً أن بعض شركات التطوير والاستثمار قامت بالفعل بتخفيض إيجارات العقود طويلة المدى، مراعاة لظروف السوق، بيد أن هناك بعض الجهات لاسيما بالمولات ترفض إعادة النظر في هذه العقود.
وبحسب تقرير صادر عن شركة استيكو للاستشارات العقارية، استمر الطلب على تأجير العقارات السكنية والتجارية في الانخفاض مقارنة بالعرض المتزايد، ما تسبب في ضغط إضافي أدى إلى هبوط قيمة الإيجارات طوال عام 2018.
تعثر المستأجر
بدوره، أوضح عبدالرحمن الشيباني رئيس مجلس إدارة شركة منابع العقارية، أن كثيراً من مستأجري المساحات التجارية يطالبون بخفض الإيجارات طويلة المدى، وذلك نتيجة متغيرات السوق حالياً، موضحاً أن الملاك مطالبون بمراعاة ظروف السوق، لاسيما أن تعثر المستأجر وتوجهه للإغلاق يعود بالضرر على المؤجر وعلى الوضع الاقتصادي ككل.
بيد أن الشيباني أكد ضرورة التوصل لحلول ودية بين المؤجرين والمستأجرين في حالة العقود طويلة المدى، حيث إنه من الناحية القانونية يجب الالتزام بالعقد طالما لا يوجد نص يؤكد على إعادة النظر في قيمة الإيجار بناء على متغيرات السوق، ولكن من الناحية الواقعية فإن هناك ضرورة من المؤجر لمراعاة ظروف المستأجر في حالة تباطؤ السوق.