ما أجمله من شعور وإحساس جميل, ذلك الذي يتملك الإنسان عندما تتاح له الفرصة ليفجر طاقاته ويبرز مواهبه، ويترجم أفكاره إلى أعمال محسوسة ويحول أحلامه إلى واقع ملموس، ويحقق نجاحات قد وضع فيها كل حبه وإخلاصه فصارت من أعظم الإنجازات وحق له أن يفخر بها من خلال المبادرة التي هي اساس النجاح وأساس كل فكرة جديدة وكل ُ صرحٍ عملاق
وكل عملٍ خلاق.
فعبارة “لا تيأس” استخدمها اثرياء العالم الذين بدؤوا من الصفر, فهم لم يولدوا وفي فمهم ملعقة من ذهب، ولم يرثوا أموال عائلاتهم، لكنهم وصلوا بفضل الجهد والمثابرة، وصعدوا إلى القمة درجة درجة، واجهوا الصعوبات، وتحدوا المستحيل ودخلوا بكل شجاعة وإقدام إلى هذا العالم؛ عالم النجاح متسلحين بالعزيمة والإصرار لتحقيق احلامهم مهما كانت الصعوبات والعوائق وكثير منهم تعرضوا للفشل والإفلاس ثم حققوا النجاح الباهر وكانوا جزء من قصص نجاح سجلها التاريخ وأصبحت حكايات ترويها الاجيال فقد أثبتوا جدارتهم في تحدي الظروف، واجتياز الصعاب؛ حتى وصلوا إلى القمة وفي عالمنا العربي هناك العديد من هؤلاء الناجحين الذين سطروا اسماءهم بماء من ذهب بدء من الصفرومنهم….
محمود العربي …إمبراطورية بـ 40 قرشاً!
رجل أعمال عصامي بدأ من الصفر، ليصبح بعد رحلة كفاح ومثابرة واحداً من كبار رجال التجارة والصناعة والاقتصاد في مصر، شديد التواضع، لم يغتر بالمناصب التي تقلدها، ورفض الدخول في عالم السياسية إيماناً منه بان للاقتصاد رجاله، وأن للسياسة رجالها، ورغم حظه القليل من التعليم إلا انه استطاع أن يبني قلعة صناعية كبرى ويبلغ مكانة اقتصادية رفيعة، دون مساندة من أحد ودون أن يحصل على قروض من البنوك، فكان خير قدوة لكل طامح في النجاح, فقد بدأ حياته بائعا في محل صغير لبيع القرطاسيه والأدوات المكتبه وعمره لم يتجاوز العشر سنوات وتنقل في البيع في العديد من المحال الصغيره الخاصة بالقرطاسية, ومن ثم بدأ التجارة وذلك سن صغير جدا بالتعاون مع أخيه الأكبر، الذي كان يعمل بالقاهرة، وعن تلك الفترة يقول العربي: “كنت أوفر مبلغ 30 أو40 قرشا سنويا أعطيها لأخي لكي يأتي لي ببضاعة من القاهرة قبل عيد الفطر، وكانت هذه البضاعة عبارة عن ألعاب نارية وبالونات، وكنت أفترشها على “المصطبة” أمام منزلنا لأبيعها لأقراني وأكسب فيها حوالي 15 قرشا، وبعد ذلك أعطى كل ما جمعته لأخي ليأتي لي ببضاعة مشابهة في عيد الأضحى، وبقيت على هذا المنوال حتى بلغت العاشرة، حيث أشار أخي على والدي أن أسافر إلى القاهرة للعمل بمصنع روائح وعطور وكان ذلك في عام 1942م ، وعملت به لمدة شهر واحد وتركته لأني لا أحب الأماك
عُرف بعصاميته فهو لم يرث ثروة أو جاها يستند إلى عائلات عريقة ورغم ذلك اصبح من كبار الأثرياء، وجعل اسم عائلته منافسا لأسماء العائلات الثرية ببلاده والمنطقة,عاش الفقر قبل أن يعرف الثروة والغنى، فآثر أن يختم حياته فقيرا كما بدأها فتبرع -وهو في كامل صحته- بثلثيْ ثروته وأوقفها على المشاريع الخيرية، أما الثلث الباقي فتركه لأولاده.
ن المغلقة والعمل الروتيني”.
بعدها دخل محمود العربي عالم الصناعة
بإنشاء مصنع صغير للألوان والأحبار، ثم قام بتحويل مجال عمله من تجارة الأدوات المكتبية إلى تجارة وصناعة الأجهزة الكهربائية، وسافر إلى اليابان للحصول على توكيل من إحدى الشركات الكبرى في صناعة الالكترونيات، ليصبح صاحب محلات ومصانع توشيبا العربي.
من هنا يبقى الحاج محمود العربي رمزا من رموز الاقتصاد وتبقى رحلة كفاحه وعصاميته قدوة للأجيال وتأكيدا لقيمة العمل والاجتهاد باعتبارهما الطريق الوحيد لتحقيق النجاح كما تبقى تجسيدا لمقولة “أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة”.
سليمان الراجحي… الملياردير الذي بدأ حياته “عتالا”
عُرف بعصاميته فهو لم يرث ثروة أو جاها يستند إلى عائلات عريقة ورغم ذلك اصبح من كبار الأثرياء، وجعل اسم عائلته منافسا لأسماء العائلات الثرية ببلاده والمنطقة,عاش الفقر قبل أن يعرف الثروة والغنى، فآثر أن يختم حياته فقيرا كما بدأها فتبرع -وهو في كامل صحته- بثلثيْ ثروته وأوقفها على المشاريع الخيرية، أما الثلث الباقي فتركه لأولاده.
بدأ سليمان الراجحي حياته العملية حمالا وبائع كيروسين ومستخدما في مطبخ ، ولم يدرس إلا للصف الثاني الابتدائي ولكنه اصبح اليوم واحدا من أهم رجال الأعمال ليس في السعودية فحسب وإنما في المنطقة برمتها.بدايته التجارية كانت من خلال افتتاحه محلاً صغيراً لتجارة “البقالة”، براس مال بلغ 400 ريال، وبعد ذلك بخمس سنوات بدأ العمل في مجال الصيرفة، فكان يبيع ويشتري العملات مع الحجاج.
اما بدايته الحقيقية في عالم الاقتصاد كانت عندما عينه أخيه صالح الراجحي موظفاً معه براتب قدره 1000 ريال.
ولان الراجحي يعتبر راس مال الانسان في عقله من هنا فقد استخدمه جيدا في التفكير الجاد والمثابرة في العمل والمبادرات الخلاقة حتى اصبح يمتلك ويدير امبراطورية ضخمه تضم العديد من الشركات.
عبد الحميد شومان … من بائع آمي متجولــــ…
ولد عبد الحميد شومان في قرية بيت حنينا قضاء القدس في فلسطين عام 1889م، وتلقى تعليمه الاولي في الكتاب، ولم يذهب بعده الي مدرسة اخرى, وترعرع في الكوخ الحجري ذاتها التي انطلق منها ليبدأ أول عمل له وهو ما زال في السابعة من عمره كبنّاء في مواقع البناء، مدفوعاً بالطموحات التي فاقت عمره، ومتجاوزاً في عمله حدود قريته وبلده، وخلال فترة الحكم العثماني هاجر شومان إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العشرين من عمره، وكان في جعبته 32 دولاراً فقط.
وما إن وصل هناك حتى راح يصل الليل بالنهار في عملٍ دؤوب، حيث بدأ العمل كبائع متجول يبيع الأقمشة والألبسة الجاهزة في نيويورك وبلتيمور، وقاده نجاحه المتواصل إلى التوسع، فقام بتأسيس مصنع لصناعة الملابس في منطقة الملابس في مانهاتن وتمكن في وقت قصير من تحقيق النجاح تلو النجاح الى أن أصبح لديه مصنع يحمل اسمه في مدينة نيويورك للألبسة الجاهزة يدر عليه ربحاً وفيراً.
ورغم النجاحات التي حققها شومان الا ان الحنين لبلده كان يغلبه وبدأ يسيطر عليه طموح أكبر؛ تأسيس بنك بمشاركة عربية يلتزم بتنمية الاقتصاديات العربية، ويشكل نواة لعمل عربي مشترك يسهم في دعم تلك الاقتصاديات الناشئة وتنميتها، وذلك إيماناً منه بالدور الذي تقوم به المصارف في حياة الشعوب واقتصاديات بلدانها، من هنا ولد البنك العربي في القدس عام 1930, وعمل على افتتاح فروعا للبنك في معظم العواصم العربية ليكون البنك، كما أراده، بنكاً لكل العرب.
وبفضل إخلاصه وتفانيه والمبادئ التي أرساها للبنك العربي أصبح هذا البنك من أكبر المؤسسات المصرفية ذات الامتداد العربي والعالمي, وبقي شومان يواكب التطور في العربي الى أن توفاه الله في العام 1974، ووري جثمانه الثرى في المسجد الأقصى في القدس.
اعداد مجلة مال وأعمال
المصدر : https://wp.me/p70vFa-rCo