يستفيض الشيخ سالم خلال مقابلة مع «الراي» في حديثه الاقتصادي بلا كلل أو ملل، لكن أكثر ما يزعجه أن «الكويت تمر بأكبر وأخطر أزمة مالية واقتصادية من حيث حجمها وآثارها وطول أمدها الزمني المتوقع»، وهنا يعدل بوفهد من جلسته قبل أن ينتقل إلى فكرته التالية، التي تشي بأنه غير متفائل، إذ «يستحيل تنفيذ الإصلاح دون محاربة الفساد والقضاء على المفسدين وتنقية المجتمع من بؤره، كما لا يتوجب التقليل من احتمال انخفاض سعر برميل النفط إلى مستويات متدنية قياسية جديدة».
لدى الشيخ سالم الذي اشتهر بأنه عابر المحطات الصعبة، من الثمانينات إلى تحديات ما بعد الأزمة الأعتى والأشد، مروراً بالغزو وحرب العراق وأزمة 2008 العالمية، 7 ملاحظات رئيسية على وثيقة الإصلاح التي طرحتها الحكومة لمعالجة الاختلالات الاقتصادية والمالية، أولها أنها وضعت جُل اهتمامها في زيادة جباية الأموال خلال فترة قصيرة، كما أنها لم تلحظ توجهات ظاهرة في شأن تخفيض واضح وملموس بمجال الإنفاق الجاري، وفي الوقت نفسه يؤكد عدم اتفاقه مع الاستعجال بتطبيق ضريبة أرباح الأعمال والشركات، ولا مع مستوى النسبة المقترحة.
وعند مغازلته بالحديث عن «كويت المستقبل» الذي يتمناه، لا يخفي الشيخ سالم ابتسامته، بما تحمله هذه الابتسامة من شؤون وشجون، فهو يرفض فكرة مقاربة البعض في أن تكون الكويت مستقبلا شبيهة بالنموذج السنغافوري أو بدبي، بينما يرى أن كلا النموذجين يُعتبران الأفضل لديه، إلا أن الأصح من وجهة نظره أن يكون نموذج «كويت المستقبل» خليطاً منهما ومستمداً طبيعته وخصائصه من جذور الأصالة والعلم والمعرفة السائدة في المجتمع الكويتي القديم والحديث، مع الاستفادة من آراء الشباب في ذلك.
ويلفت «شيخ المحافظين» الذي استعانت به الحكومة بعد اندلاع الأزمة المالية، ومنحته بعضاً من وظيفتها الطبيعية للجم تداعيات الأزمة، إلى أن ما حصل في تعديل أسعار الكهرباء والماء يدل على أننا «لا نسير في الاتجاه الصحيح»، فيما حين تساوره الشكوك حول تطبيق بنود رئيسية في الوثيقة الإصلاحية، خصوصاً غير المرغوب بها شعبياً.
في المقابل، يجزم الشيخ سالم بعدم قدرة البنوك الكويتية على إقراض الدولة وتمويل القطاع الخاص على المدى المتوسط، بإجمالي ما هو مقدر لهذين البندين، وبالنسبة لرأيه في استمرار ضمانة الدولة للودائع يقول «لم أجد أو أقرأ أي تفسير مهني موضوعي يُبرر عدم رفع ضمانة الدولة للودائع».
وفي ما يلي تفاصيل المقابلة:
* جميع المهتمين بالشأن الاقتصادي يعلمون جيداً أن خطط الإصلاح ستصطدم حتماً بأسلوب حياة المواطن وإجراءات حكومية لا تستقيم مع الترشيد، وسط مثل هذه التحديات، هل تعتقدون أنه سيكون هناك إصلاح في النهاية؟
– عملية الإصلاح الاقتصادي تهدف الى معالجة اختلالات اقتصادية ومالية من شأنها إلحاق ضرر بالغ في شتى مناحي الحياة إذا لم تهتم الدولة بالتصدي ومعالجة تلك الاختلالات، وذلك من خلال الاستعانة بخطط وبرامج تنفيذية زمنية مربوطة بأهداف كمية يحتويها برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ويمكن القول إن تلك الاختلالات تأصلت وتجذرت على مر الزمن في مواقع مفصلية بالاقتصاد الوطني ما أدى إلى نشوء حالة من الفوضى الاقتصادية تمثلت في قيام عديد من حالات عدم التوازن في البلاد، وهذا يستوجب على الدولة معالجتها بشكل حاسم وعاجل لكي لا تؤدي إلى منزلقات وانهيارات عديدة في شتى الميادين، الوطن في غنىٍ عنها.
ولكي يتم النجاح في إنجاز الأهداف المنشودة التي تحتويها عملية الاصلاح الاقتصادي، ينبغي تكاتف جميع الجهود وعلى مختلف المستويات في المجتمع، حيث ينبغي أن يكون الإصلاح مسيرة وطنية ذات طبيعة ديناميكية مستمرة، مع الأخذ بالاعتبار أن للإصلاح كلفة مالية واجتماعية يتوجب علينا جميعاً تحمُلها والمضي قدماً من أجل تحقيق منافع مستقبلية ليست فقط لأجيالنا المستقبلية بل أيضاً لأجيالنا الحالية، وبحيث تتسم هذه المنافع بالاستمرارية، ومع ضرورة توافر شبكات آمان اجتماعية لكي تخفف من وطأة بعض نتائج وإفرازات عملية الإصلاح على فئة من المواطنين أصحاب الدخول المتدنية.
وأجد من الصعوبة بمكان تحقيق النقلة النوعية المطلوبة في عملية الاصلاح الاقتصادي من دون توافر إدارة قطاع عام تتمتع بالكفاءة ومؤمنة بمثل تلك العملية الإصلاحية، وفي كل مكان وزمان، تتضمن عملية الإصلاح تضحيات آنية لابد منها.
* من الناحية العملية، ما تقييمكم لوثيقة الإصلاح الاقتصادي التي طرحتها الحكومة أخيراً، ولقدرتها على حلحلة المشاكل المتجذرة… وهل تعتقدون أن بالإمكان تطبيق وثيقة الإصلاح؟
– لقد تشرفت بترؤس اللجان التي كُلفت بدراسة موضوع الإصلاح الاقتصادي في البلاد خلال الفترة الممتدة من 1996 حتى نهاية 2011. وكذلك كُلفت بالإشراف على الدراسة التي أعدها مكتب مكنزي بشأن تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري ولوجيستي خلال الفتره 2006-2007. وفي هذا الصدد، اتفقت جميع الدراسات الصادرة عن هذه الجهات على أن الاصلاح المالي هو المدخل السليم والأساسي للإصلاح الاقتصادي.
ومن جانب آخر، وفي شأن وثيقة الاصلاح الاقتصادي المذكورة، أود أن أُشير بدايةً إلى اتفاقي بشكل عام مع معظم الخطوط العامة التي جاءت في تلك الوثيقة التي اطلعت عليها في وسائل الاعلام المختلفة، بالإضافة الى العرض المرئي الذي تم في اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الامة، ولكن هناك بعض الأمور وكثير من التفاصيل التى أرى أن الوثيقة المذكورة قد جاءت خالية منها.
وفي كل الأحوال، يمكننا القول بأنه من الأفضل أن تكون لدينا وثيقة إصلاح اقتصادي من عدم وجودها كليا، رغم وجود العديد من الملاحظات بشأنها، حيث ان البلاد، كما يرى معظم المختصين، تمر بأكبر وأخطر أزمة مالية واقتصادية وذلك من حيث حجمها وآثارها وطول أمدها الزمني المتوقع.
* وبالنسبة لقدرة ما ورد في تلك الوثيقة على حلحلة المشاكل المتجذرة؟
– بالنظر الى محتوى الوثيقة بشكلها الحالي، يبدو أن الدولة ستواجه صعوبات جمة في سبيل معالجة وحل العديد من الأمور الأساسية المطلوبة في مجالات الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني بشكل مرضي عنها خصوصاً تلك المتعلقة بسوق العمل، وتنويع مصادر الدخل، وزيادة نسبة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بشكل ملموس، ومحاربة الفساد، وزيادة الإنتاجية، ورفع كفاءة أداء الإدارة العامة التي تُعاني من ضعف وترهل شديدين، وغير ذلك من أمور على جانب كبير من الأهمية يتطلب إصلاحها من خلال تلك العملية، ومن دون تحقيق ما تم ذكره، فسوف تستمر تلك الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني قائمة ومهيمنة، ولن يستطيع الاصلاح الاقتصادي تحقيق أهدافه بالشكل المبُتغى.
وحول ما يتعلق بالشق الاخير من سؤالكم، فينبغي أن يكون معلوماً من أن تطبيق أي إصلاحات يحتاج الى قرار وإدارة وإصرار وعزيمة صلبة لتنفيذها. فمن دون ذلك، لا أعتقد من أن هناك ثمة فرصة مواتية لنجاح تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي وجني ثماره المتوقعة، وكذلك ينبغي إيلاء عنصر الوقت أهمية خاصة، حيث أن من شأن هدر الوقت تحقيق كثير من الاضرار التي ستفتح أبواب المصائد المالية التي ستشل مفاصل عدة في البلاد.
وهنا لابدّ من الإقرار بشكل مُسبق بأن هناك تحديات جمة ستواجه عملية الإصلاح الاقتصادي والمالي، ولعل موضوع الفساد يأتي في مقدمتها، حيث من الاستحالة بمكان تنفيذ أي إصلاحات من دون محاربة الفساد والقضاء عليه وعلى المفسدين، وتنقية المجتمع من بؤره، وأهمية محاسبة المقصرين، ومع ضرورة زيادة الجهد نحو تعزيز كل ما من شأنه تحقيق مزيد من غرس وترسيخ للقيم الحميدة ومفاهيمها الصحيحة في المجتمع.
كما أُشدد أيضاً على أهمية عنصر الشباب ودوره في رسم ملامح دولته المستقبلية، إذ إن حيوية الشباب وعلمهم وثقافتهم التي استمدوها من شتى مجالات الانفتاح على العالم الخارجي ستُفيد كثيراً وبلا شك في رسم وتحديد وجه «كويت المستقبل» الذي ننشده جميعاً، حيث لا ينبغي أن يغيب عن ذهننا ما لدى الشباب من قدرات وطاقات رائعة يتوجب استغلالها وتوظيفها بالأسلوب السليم في سبيل خدمة وطننا.
ومن جانب آخر، فمن الاستحالة بمكان تحقيق النموذج المستهدف لأي دولة خلال مدى زمني متوسط الأجل يبلغ نحو 5 سنوات كما جاء في سؤالك، فمثل هذا الأمر يحتاج الى مدى زمني طويل الأجل. وفي ما يتعلق بالنموذج المستقبلي الأنسب للكويت، فإني أرى أن لا ثمة مقاربة لنموذج «كويت المستقبل» مع أي نموذج مستقل بحد ذاته كما جاء في سؤالك، فلقد نوهت في مناسبات عدة سابقاً بأني أرى كلا من النموذجين السنغافوري والنرويجي يُعتبران الأفضل لدي. فمن الأصح بوجهة نظري أن يكون نموذج «كويت المستقبل» خليطاً من ذلك النموذجين ومستمداً لطبيعته وخصائصه من جذور الأصالة والعلم والمعرفة السائدة في المجتمع الكويتي القديم والحديث، مع الاستفادة من آراء الشباب في ذلك. ولا أجد أيضاً أن هناك مانعاً من الاستفادة من تجارب ونجاحات بعض الدول الأخرى في مجالات محددة لرسم طبيعة رؤية ونموذج «كويت المستقبل».
ومن المؤكد أن لدى الكويت العديد من المقومات اللازمة لقيام ونجاح مثل ذلك المشروع يأتي في مقدمتها ما استثمرته الدولة في الانسان الكويتي في مجال العلم والمعرفة، خصوصاً في المجالات الأساسية والحيوية مثل الطب، والهندسة، وتقنية المعلومات، واقتصاد المعرفة، وغيرها من أوجه العلوم اللازمة التي من شأنها دعم قيام دولة عصرية نموذجية.
* في ظل سياسة الدولة المالية للإصلاح الاقتصادي، وما صاحب ذلك من إجراءات تنفيذية، هل تعتقدون أن الكويت مقبلة على تحسّن ميزانيتها العامة أكثر أم استمرار التعرض للضغوط؟
– في الواقع لم تطف على سطح الواقع حتى الآن أي نتائج ملموسة وذلك وفق ما تم لحينه من إجراءات تنفيذية في ظل سياسة الدولة الماليه للإصلاح الاقتصادي لكي أستطيع إبداء الرأي في شأنها وفقاً لما هو وارد في سؤالكم المطروح.
وفي ما يتعلق بمدى تحسّن ميزانية البلاد أو تعرضها لمزيد من الضغوط، فإن هذا الأمر يعتمد بشكل رئيسي على بعض الأمور المتعلقة بجانبي الموازنة العامة، فعلى جانب المصروفات العامة، ثمة تساؤلٌ مطروح متعلق بمدى التحكم في مستوى إجمالي المصروفات العامة، فهل سيتم التحكم في المستوى الإجمالي لهذا الإنفاق، أم ستكون هناك زيادات على المدى المتوسط المنظور؟ وما هي نسب ومبالغ ومجالات تلك الزيادات في حال حدوثها ؟ وأيضاً، هل سيتم إجراء تخفيض مؤثر بالنسبة لإجمالي المصروفات الجارية؟ وهل سيتم تقليص بند الدعومات الى أدنى مستوى مقبول وقصره على مستحقيه فقط، وبحيث يشكل نسبة متدنية من إجمالي الإنفاق الجاري والإنفاق العام الإجمالي؟ وإضافة لما تقدّم، يتوجب عدم غض النظر عما يتم إنفاقه على أمور أخرى خارج نطاق الموازنة العامة للدولة نظراً لإنعكاساتها الخطيرة على استدامة المالية العامة.
* وعلى جانب الإيرادات العامة؟
– ينبغي العمل على تنويع مصادر تلك الإيرادات، أو ما يُطلق عليه مسمى تنويع مصادر الدخل، وذلك باستخدام أساليب عدة خصوصاً تلك المتطورة والذكية غير التقليدية، وبمراعاة عدم التأثير سلباً على أداء مختلف وحدات القطاع الخاص، ومع السعي نحو مساندة ذلك القطاع في مختلف أنشطته وبالذات تلك التي تؤدي إلى حصوله على عملة أجنبية تدخل في القطاع المصرفي المحلي.
وكما هو معلوم، فإن الاعتماد على مصدر رئيسي شبه وحيد للدخل وللإيرادات العامة، وهو الإيرادات النفطية، من شأنه عدم معالجة أحد أهم الاختلالات الهيكلية في الموازنة العامة للبلاد، وكذلك فإنه يُشكل أحد أهم المخاطر التي تتعرض لها الموازنة العامة، وغني عن البيان أن هذه الإيرادات النفطية تعتمد قيمتها أساساً على أمرين، الأول هو سعر برميل النفط، والثاني كمية الانتاج، وبشكل أكثر تحديداً وهو الكمية المصدرة منه. وبناء على ذلك، تتحدد قيمة تلك الايرادات النفطية.
وبموجب ما تقدّم، فإن تحسن أوضاع الموازنة العامة أو تعرضها لمزيد من الضعف، يعتمد على أسعار النفط وكميته المصدرة من جانب، وعلى قدر الجهد المالي الحقيقي الذي سيُبذل المتعلق بمستوى التخفيض الذي سيتم على البنود التي ذكرتها سابقاً بالنسبة للمصروفات العامة داخل وخارج الموازنة العامة للدولة، وعلى مستوى زيادة الإيرادات غير النفطية من جانب آخر.
* مع التحسن الحاصل في أسعار النفط، هل تعتقدون أن الحكومة ستستمر في تطبيق ما أقرته من سياسات مالية، أم ستتراجع تماشياً مع الضغوط الشعبية الرافضة لأي تغيير على سلم الدعومات؟
– بداية ما حصل بموضوع تعديل أسعار كل من الكهرباء والماء يدل بكل بوضوح على أننا لا نسير في الاتجاه الصحيح المتعلق بالإصلاح المالي، فهذا المجال المعني بتعديل أسعار الطاقة يُعتبر من وجهة نظري من أهم المجالات التي تحتاج إلى إصلاح جذري لما له من آثار وتبعات سلبية عديدة على كافة صُعد الإصلاح الاقتصادي والمالي الأخرى، وبالتالي فإن ما نتج من تعديل على أسعار الكهرباء والماء أراه في الحقيقة لا يتناسب إطلاقاً مع ما كان يُطمح إليه.
وحينما نطلع على ما هو وارد في وثيقة الإصلاح الاقتصادي، وبخاصة الإسقاطات المستقبلية المتعلقة بالعجز المقدر للموازنة العامة للسنوات المالية الممتدة من 2016 /2017 حتى 2021/ 2022، وذلك بعد تطبيق كافة الإصلاحات التى تحتويها الوثيقة المذكورة، نجد أن عجز الموازنة العامة المُقدر سينخفض من نحو 11.7 مليار دينار إلى حوالي 1.6 مليار دينار للسنوات المالية المذكورة وذلك كما تتوقعه الوثيقة. ومن الناحية النظرية البحتة، عندما نجد مثل هذا الانخفاض الكبير المحقق نظرياً في مستوى العجز خلال 5 سنوات، فإننا نستطيع القول بأن الإصلاحات الواردة في تلك الوثيقة ستُحقق غاية أساسية تضمنتها وهي تحصيل مبالغ من شأنها إحداث تخفيض كبير في مستوى ذلك العجز، ولكن الحقيقة غير ذلك كليا، فالسبب الرئيس المؤثر في تخفيض العجز المُقدر مكتبياً ما تم افتراضه من ارتفاع بسعر برميل النفط في تلك الحسابات خلال فترة السنوات الخمس المذكورة من 25 دولارا للبرميل في السنة الأولى إلى 50 دولاراً في السنة الأخيرة.
وبما أن أسعار النفط الحالية تدور حول مستوى 40 -45، وحيث إننا نعلم أن سعر برميل النفط قد كان عند مستوى قريب من 20 -25 دولاراً عند عرض وثيقة الإصلاح الاقتصادي، وبالنظر الى نتيجة ما تم التوصل إليه في شأن تسعيرة الكهرباء والماء، فمن المتوقع أن تسود الشكوك حول تطبيق بنود رئيسية في تلك الوثيقة، خصوصاً تلك البنود ذات الاثار غير المرغوب بها شعبياً.
* حسب معلوماتكم هل لدى البنوك الكويتية السيولة الكافية لتمويل مشاريع التنمية والمساهمة في تغطية عجز الموازنة العامة في آن واحد، دون أن تتأثر القروض التجارية؟
– ما زالت البنوك الكويتية تتمتع بمستوىٍ مرتفع من السيولة مُقاساً بكافة المعايير، وحينما نتكلم عن مدى قدرتها على منح الائتمان والتمويلات بشتى أشكالها، فينبغي أولاً أن نُحدد الفترة الزمنية المقصودة في سؤالكم التي تستطيع خلالها تلك المؤسسات من القيام بكفاءة بمثل هذا الدور، وثانياً، فهذا الأمر يعتمد أيضاً على قيمة مبالغ تلك القروض والتمويلات المتوقع والمُراد تقديمها خلال تلك الفترة، مع الإشارة إلى أن البنوك تقوم بمنح القروض والتمويلات لقطاعين هما القطاع الخاص (ومن ضمنه الأفراد) والقطاع العام.
وبالنسبة للكويت، وفي هذه المرحلة بالذات، فمن الواضح أن القطاع العام يبدو أكثر تعطشاً للحصول على التمويل وذلك لتغطية العجز الواقع في الموازنة العامة، أما شهية القطاع الخاص تجاه الاقتراض والتمويل فهي أيضاً ما زالت قوية نسبياً، وهي تنقسم الى شقين، الأول يتعلق بالطلب على كل من القروض الاستهلاكية والمقسطة، والثاني يتعلق بالطلب على الأنواع الأخرى من التسهيلات الائتمانية المرتبطة بقطاعات اقتصادية متنوعة مثل التجارة والصناعة والعقار… الخ.
وعودة الى سؤالك، وكما هو معروف، فمشاريع التنمية الحكومية تُدرج اعتماداتها المالية ضمن المصروفات العامة في موازنة الدولة، وعليه، فمبالغ تمويل مشاريع التنمية المذكورة في سؤالك هي في الواقع موجودة ومدرجة ضمن المصروفات العامة في تلك الموازنة ولا تحتاج إلى تمويل مباشر من البنوك، باستثناء ربما بعض المشاريع للقطاع النفطي، وبالتالي، فأمام البنوك عمليات تتعلق فقط بتمويل وإقراض الدولة لتمويل عجز الموازنة العامة، وعمليات تمويل القطاع الخاص والأفراد (أو ما أطلقتم عليه القروض التجارية).
وعلى المدى المتوسط، وبافتراض أن أسعار النفط ستدور حول 45 – 50 دولاراً للبرميل، وكذلك بافتراض أن إجمالي المصروفات العامة لموازنة الدولة لن ترتفع عن مستواها الحالي، فإني أعتقد بأن مجموع العجز التراكمي للسنوات الخمس المقبلة سيبلغ 18 مليار دينار، وذلك بفرضية تطبيق إصلاحات مالية ذات أثر مالي ملموس.
وفي ما يتعلق بالنمو الائتماني المُقدر منحه للقطاع الخاص للسنوات الخمس المقبلة، فالمبلغ المتوقع لذلك سيكون في حدود 10 مليارات دينار،وعليه، فمن المتوقع أن يصل متوسط المبلغ السنوي المُراد من البنوك تقديمه الى نحو 5,6 مليار دينار.
وبناء على ما تقدم، وبفرضية استمرار الأوضاع المالية والاقتصادية السائدة حالياً، فإذا ما لجئت الدولة الى الاقتراض من البنوك الكويتية فقط لتمويل عجز الموازنة العامة بالكامل، وبفرضية قيام تلك البنوك بمنح القروض والتمويلات للقطاع الخاص كما جاء ذكره أعلاه، فإني أكاد أُجزم بعدم قدرة وتمكن تلك البنوك من القيام بذلك الدور بشكل كامل خلال المدى الزمني متوسط الأجل.
* برأيكم هل آن الأوان لرفع ضمانة الدولة عن الودائع المصرفية؟
– سبق أن أبديت رأيي في هذا الشأن في أكثر من تصريح سابق خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث ذكرت وبكل صراحة أنه قد تم تفويت فرص مناسبة عديدة منذ نهاية 2012 حتى نهاية 2014 لرفع هذه الضمانة التي تتصف بثقلٍ مالي كبير على كاهل الدولة و تُصنف على انها التزامات طارئة على الدولة، وتتضمن أيضاً مخاطر كبيرة ومؤثرة نسبياً على مستوى تنافسية القطاع المصرفي ومدى تحسن مستوى وبيئة الادارة والتشغيل فيه. وبكل أمانة، لم أجد أو أقرأ أي تفسير أو تبرير مهني موضوعي يُبرر عدم قيام الدولة برفع ضمانتها عن ودائع القطاع الخاص لدى البنوك المحلية.
فمسار أسعار النفط بدأ بالانخفاض منذ بداية النصف الثاني من 2014، وقد كان مسارا شديد النزول وذلك خلال فترة زمنية قصيرة جداً نسبياً، ربما أنشأ بالفعل أجواءً من حالة عدم الاستقرار النقدي النسبي منذ النصف الثاني من 2015.
ومما يدلل على ذلك ارتفاع قيمة الودائع الحكومية لدى الجهاز المصرفي المحلي من 5,1 إلى نحو 6 مليارات دينار خلال الفترة الممتدة من نهاية يونيو 2015 إلى نهاية مارس 2016 وبشكل شهري شبه مستمر، بزيادة تبلغ نسبتها نحو 23 في المئة، ما يؤشر إلى تدخل الدولة في محاولة منها للمحافظة على الاستقرار النقدي المذكور.
خروج بريطانيا من الاتحاد
رأى الشيخ سالم أن القرار التاريخي الذي اتخذه البريطانيون بالخروج من الاتحاد الأوروبي قد يفتح الباب نحو قيام دولة أو أكثر من دول ذلك الاتحاد بطرح استفتاء بشأن بقاء تلك الدولة في الاتحاد أو الخروج منه، مشيرا إلى أن هناك دولا أعلنت في السابق أن في حالة خروج بريطانيا من ذلك الاتحاد، فانها ستُجري استفتاء بهذا الشأن.
وعلى جانب آخر، أوضح أن هناك أيضاً تخوفا لدى بعض دول الاتحاد بأن يحصل بها تفكك داخلي، بالإضافة الى بريطانيا، حيث ينبُع القلق في تلك الدول من سيادة رغبات محلية ناتجة عن أثنيات وعروق وخلفيات تاريخية ترغب فعلاً بالاستقلال عن دولها التي تضمها حالياً. ولنا في ما حصل في اسبانيا وايطاليا وبريطانيا خلال السنوات الثلاث الماضية عبرة في هذا الشأن.
«كويت المستقبل»… تعتمد على الرؤية السليمة
أكد الشيخ سالم أن الحديث عن «كويت المستقبل» له شؤون وشجون، فاختيار أي نموذج مناسب لدولة المستقبل يعتمد أساساً على الرؤية السليمة التي يتم اعتمادها في هذا الشأن، والتي تكون منعكسة في سياسات وبرامج تنفيذية واضحة الأهداف قابلة للتنفيذ ذات آماد زمنية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل.
وقال «وفي الواقع، تسود لدينا حالة من الضياع في معرفة وتحديد الأهداف والتوجهات حول قيام دولة نموذجية مستقبلية، ما أدى إلى عدم تواجد رؤية مستقبلية متفق عليها تحوز رضا وطنيا بشأنها. ولا يمكن تحقيق ذلك من دون وجود إدارة قطاع عام كفؤة قادرة على تنفيذ تلك الرؤية ومؤمنة بها. وكذلك، لابد من أن يكون فريق تلك الادارة متجانساً ومؤهلاً للقيام بمثل تلك المهمة الدقيقة، ويكون خاضعاً للمحاسبة والمساءلة في حالة فشله».
تحريك سعر الفائدة
لدى سؤال الشيخ سالم عما يميل إليه أكثر، الإبقاء على سعر الفائدة عند المعدلات الحالية أم رفعها؟ أفاد بأن الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة على الإطلاق، موضحا أن موضوع تحريك سعر الفائدة صعوداً أم هبوطاً، أو الإبقاء عليه عند مستوياته الحالية هو عمل يُعتبر من صميم أعمال السياسة النقدية.
ولكي يتم إقرار الاتجاه المناسب لتحريك سعر الفائدة، أوضح الشيخ سالم أنه يتوجب أن تُتاح لدى متخذ القرار كافة البيانات الحالية ذات الصلة، بالإضافة إلى بعض الإسقاطات المستقبلية قصيرة الأجل لبيانات اقتصادية ومالية ونقدية ذات طابع محلي وعالمي، وكل ذلك يُعتبر لازماً وضرورياً لكي يتم رسم السياسة النقدية المطلوبة التي تنشُد تحقيق الاستقرار النقدي المستهدف.
وقال «في الحقيقة لا أود أن أخوض أكثر من ذلك في هذا الموضوع لكي لا يُقال أي شيء من شأنه إعطاء تلميحات أو تأويلات نحن في غنى عنها».
على الوثيقة الإصلاحية في الآتي نصها:
1 – في مجال الإصلاح المالي، يبدو واضحا أن الوثيقة وبهذا الجانب ركزت جُل اهتمامها على موضوع زيادة جباية الأموال خلال فترة قصيرة نسبياً دون الأخذ بعين الاعتبار ما قد ينشأ من آثار سلبية غير مرغوبة على الشأن الاقتصادي نتيجة لذلك، حيث اتسمت بتوجهها الرئيس نحو تحصيل مبالغ مالية لتخفيض العجز الظاهر في الموازنة العامة للدولة، أي أن التركيز قد جاء أساساً على تحسين مستويات الإيرادات غير النفطية، ولم نلحظ توجهات ظاهرة في الوثيقة بشأن تخفيض واضح وملموس بمجال الإنفاق الجاري الذي هو بالواقع أساس الاختلال في جانب المصروفات العامة في الموازنة.
فالإصلاح المالي والاقتصادي ينبغي ألا يكون توجهه الرئيس فقط زيادة الإيرادات العامة بمستويات كبيرة تفوق تلك التي كانت سائدة قبل عملية الاصلاح، بل ينبغي أن يصُب جُل جهده نحو عملية رسم منظومة متكاملة من السياسات والبرامج التنفيذية الزمنية التي من شأنها تحسين أداء الاقتصاد الوطني مصحوبة بتدعيم ركائز المالية العامة للدولة بحيث تمنحها القدرة على الاستدامة لأداء دورها على المدى طويل الأجل، وإيجاد وتنفيذ السياسات والقرارات الكفيلة بمعالجة اختلالات سوق العمل، وبمراعاة تهيئة الأجواء والسُبل المناسبة لتشجيع القطاع الخاص لكي يكون القاطرة التي تقود الاقتصاد نحو الافاق المستقبلية المنشودة، بالإضافة الى العمل نحو تحسين بيئة الاعمال السائدة.
والنجاح في تحقيق ما تم ذكره من شأنه المحافظة على مستوى التصنيف الائتماني السيادي الذي حققته الكويت، وهو أمر ذو أهمية بالغة ينبغي العمل على تحصينه بقدر ما نستطيع، كما أنه يُبعد الدولة عن الدخول في عديد من الفخوخ المالية، وبالإشارة إلى ما تم اقتراحه في الوثيقه بشأن «ضريبة أرباح الأعمال والشركات»، ورغم اكتنافها ببعض الغموض، إلا إنني لا أتفق مع الاستعجال بتطبيقها، ولا مع مستوى النسبة المقترحة كبداية، نظراً لاثارها السلبية على أداء القطاع الخاص في المرحلة الراهنة.
ومن نافلة القول، فإن تقارير صندوق النقد الدولي بشأن هذه الضريبة قد بالغت بمستوى المبلغ المُقدر سنوياً الذي سوف تدره مثل هذه الضريبة، وفي ذات السياق، فإن تطبيق مثل هذه الضريبة من شأنه أن يزيد الاعباء على القطاع الخاص في هذه المرحلة، ما قد يؤدي الى عدم قدرته على المساهمة في زيادة نسبة مشاركته في النشاط الاقتصادي، أي في حصته في الناتج المحلي الاجمالي، بالإضافة إلى تخفيض قدرته على استيعاب مزيد من العمالة الوطنية، وهذا سيكون اتجاها معاكسا لأهم الأهداف التي جاءت بتلك الوثيقة. وباعتقادي أن ضريبة القيمة المضافة التي جاءت في الوثيقة تُعتبر الانسب لتطبيقها في هذه المرحلة لعدة اعتبارات لا مجال لذكرها هنا.
2 – تتعلق بالمدى الزمني لتحقيق الأهداف الواردة في الوثيقة الذي تم تقديره بأنه ضمن المدى متوسط الأجل، وفي هذا الصدد، أعتقد أنه من الاستحالة بمكان تحقيق ذلك خلال الفترة الزمنية المذكورة، خصوصاً وأن هناك أهدافاً، مثل زيادة مساهمة القطاع الخاص بالنشاط الاقتصادي ومعالجة اختلالات سوق العمل، أرى من الصعوبة بمكان تحقيقها خلال فترة تقارب 5 سنوات.
علاوة على ذلك خلوّ تلك الوثيقة من استراتيجية تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي والمراحل التي سيمر بها بحيث تحقق الغايات المنشودة منه، بمعنى آخر، فإنه لا توجد خارطة طريق تعكس كيفية واسلوب التنفيذ بحيث تحتوي على جميع الأمور المتعلقة بالتنفيذ، وتشير إلى الأهداف التي سيتم تحقيقها والفترة الزمنية لإنجاز ذلك.
فالتدخل العلاجي الذي تحتاج له عملية الإصلاح المالي والاقتصادي ينبغي أن يتم بأقل قدر ممكن من الأضرار والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال تطبيق حزمة متكاملة من السياسات والإجراءات المتوازنة معلن عنها بكل شفافية، وبحيث يمكنها تحقيق التوازنات المفقودة في مجالات مهمة عديدة في البلاد مثل توازن سوق العمل، وتوازن نسبي في التركيبة السكانية، وتوازن واستدامة المالية العامة للبلاد، وتوازن بين مساهمة ودور كل من القطاع العام والقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
علاوة على توازن في مستوى ونوعية مخرجات التعليم مع ماهو مصروف مالياً على هذا القطاع، وذات الأمر ينسحب على القطاع الصحي، وغير ذلك من توازنات آخرى مطلوبة، فحالة الفوضى المالية، ومالها من تداعيات اقتصادية واجتماعية، تستوجب توافر حزمة متناسقة ومتكاملة من الخطط والسياسات والإجراءات معلن عنها بكل شفافية ووفق برنامج زمني تنفيذي مُلتَزم به، وبحيث يتم من خلاله القضاء على الهدر المالي الموجود من جانب، والعمل على زيادة الإيرادات غير النفطية من جانب آخر وفق أساليب وطرق مبتكرة ومتنوعة ذكية.
وفي هذا الشأن، ينبغي أن تعمل هذه السياسات والاجراءات على المحافظة على الاستقرار الاجتماعي، ودون أن تؤدي الى حدوث انكماش اقتصادي قد يكون له تداعيات سلبية وبالأخص على كل من القطاع المصرفي الذي مازالت الدولة ضامنةً للودائع التي لديه، ولا على مستوى المبالغ المُقدر تحصيلها نتيجة فرض ضرائب أو رسوم جديدة، ولا على نشاط وأداء القطاع الخاص وبالذات قطاع التجزئة.
3 – لا بدّ من وجود سياسة إعلامية حكومية فاعلة وداعمة ومستمرة تُصاحب عملية الإصلاح يكون دورها توضيح جميع الأمور المرتبطة ببرامجه، بحيث تقوم بمصارحة المواطنين وتوضح لهم كافة الجوانب الخاصة بهذا الموضوع بشكل شفاف وسهل الهضم لكي يفهم المواطنون ما نحن مقبلون عليه، والأضرار البالغة الحالية والمستقبلية في حالة عدم مساندة ودعم برنامج الإصلاح المالي ضمن برامج إصلاح اقتصادي شامل.
ولكي نكون أيضاً قادرين على مواجهة السيناريو الأصعب في ما لو تحقق خلال السنوات العشرين المقبلة، وهو احتمال انخفاض سعر برميل النفط إلى مستويات متدنية قياسية جديدة تزيد عما تم تسجيله خلال الفترة الماضية والتي بلغ فيها سعر ذلك البرميل نحو 20 دولارا، وهو احتمال يتوجب عدم التقليل من شأنه.
4 – خلوّ الوثيقة تماماً من وجود أو توافر عديد من الأهداف الكمية المستقبلية مبرمجة زمنياً بحيث يتم الالتزام بتنفيذها وفقاً لذلك البرنامج الزمني، وهذا في الواقع أجده نقصاً رئيسياً في تلك الوثيقة.
5 – خلو الوثيقة من نص وتوجه واضح بضرورة اتباع سياسة ونهج التدرج في تنفيذ معظم السياسات والاجراءات في برامج الاصلاح المالي والاقتصادي، حيث إن مثل ذلك النهج يُعتبر أمراً على درجة عالية من الأهمية لنجاح شتى أوجه الإصلاح.
6 – قد تكون هي الأهم، بعدم احتواء الوثيقة على خارطة طريق تبين كيفية معالجة أحد أهم الاختلالات المتمثل في حالات عدم التوازن والاكتظاظ في سوق العمل سواء في القطاع العام، أو في القطاع الخاص، بالإضافة الى عدم التطرق إلى كيفية ومجالات وعدد فرص العمل التي ستُنشأ لاستيعاب العمالة الوطنية القادمة لسوق العمل خلال السنوات العشر المقبلة على أقل تقدير ومن دون أن يؤثر ذلك بشكل سلبي على أوضاع التوازنات الأخرى المطلوبة. وفي الواقع، يمكن اعتبار تلك الأوضاع من حالات عدم التوازن أحد أهم الأمور المتفجرة في المستقبل، وهو الامر الذي خلت تلك الوثيقة من التطرق لسُبل التصدي له.
7 – كان من الأفضل لو احتوت الوثيقة على أمرٍ رئيسي وهو ضرورة وجود سيناريو أساس مع تحديد سنته (Base Line Scenario) يحتوي على مؤشرات عديدة أهمها نسبة عجز الموازنة العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع غير النفطي وبالذات القطاع الخاص، والتضخم، وأوضاع الموازين الداخلية والخارجية، ونسبة أعداد القوى الوطنية العاملة في القطاع العام إلى نسبة أعداد القوى العاملة الوطنية العاملة في القطاع الخاص إلى إجمالي أعداد القوى العاملة الوطنية، وغيرها من مؤشرات ذات علاقة، ثم تبيان ماهي التوقعات بشأن استهدافات وتطور وأداء تلك المؤشرات المذكورة خلال فترات زمنية قادمة تمتد على الاقل حتى نهاية الفترة المقررة للمرحلة الاولى للإصلاح الاقتصادي والمالي، والتي حددتها الوثيقة بخمس سنوات، وذلك حتى يتسنى لنا الحكم من خلالها على أمرين، الأول معرفة درجة ومستوى الإنجاز ومقارنته مع ما هو مُؤمل. والثاني، وهو الأهم، معرفة هل أن المستويات المبتغاة و المستهدفة لتلك المؤشرات المؤمل تحقيقها مستقبلاً تستحق بالفعل كل الجهود التي ستُبذل، والإفرازات التي قد تنجم عن تنفيذ الإصلاحات المذكورة.