وربط المحللون بين تحقيق الأهداف المرجوة من القرار وبين دراسة فئات الضريبة بعناية، وبطريقة منهجية كي لا تتسبب في هروب العمالة التقنية والمتخصصة من السعودية لدول مجاورة، مما قد يتسبب في تقاطر العمالة الرديئة على البلد فقط، وهي ليست المرة الأولى التي تفكر فيها السعودية في فرض ضريبة دخل على العاملين الوافدين، فقد سبق أن تم إقرارها قبل عدة سنوات ولكن لم تطبق فعلياً.
وكانت اللجنة المالية بمجلس الشورى طالبت بدراسة فرض ضريبة دخل على الأفراد غير السعوديين العاملين في القطاعين العام والخاص، لخلق وظائف للمواطنين والحد من تحويلات العمالة غير السعودية التي بلغت العام الماضي أكثر من 100 مليار ريال.
المحلل المالي فضل أبو العينين قال إن القرار تأخر كثيرا، وإن السعودية بحاجة ماسة لفرض مثل هذه الضريبة أسوة ببقية دول العالم.
وأضاف لـ”العربية.نت”: “هذا القرار تأخر كثيراً، والسعودية أقرت هذه الضريبة قبل قرابة العشر سنوات، ولكن لم يرَ هذا القرار النور بعد أن جوبهت بتمنع من البعض”.
ويتابع: “هذه الضريبة مهمة لتنظيم قطاع الأعمال وللحد أيضا من العمالة الوافدة، فهي ترفع من تكلفة الأجنبي، وبالتالي يدفع رجال الأعمال لتوظيف السعوديين بدلا منهم”.
نظام شامل
ويطالب المحلل المالي فضل أبو العينين أن يكون نظام حساب الضريبة واضحا وشاملا لكل دخل العامل الوافد، وليس فقط على رواتبه الشهرية التي في الغالب لا تعكس حقيقة دخله خاصة للعاملين الأقل مهارة.
ويضيف: “نحن لا نعرف حتى الآن طريقة حساب هذه الضريبة، ولهذا عندما يقر مثل هذا المشروع يجب أن يكون شاملا، لدينا للأسف الاقتصاد الخفي، والذي يستفيد منه كثير من العمالة ويحولون بسببها أكثر بكثير من الرواتب التي يفترض أن يستلموها”.
ويتابع :”يجب أن تشمل الضريبة مجمل الحوالات الصادرة من السعودية”.
دعم مهدر
ويستغرب أبو العنين معارضة البعض لنظام الضريبة على الوافدين، مشددا على أن الوافد يستفيد من الدعم الحكومي الذي يجب أن يكون في الأساس موجها للسعوديين فقط.
ويتابع: “الأجنبي يستفيد من نفس الخدمات التي تقدمها الدولة للسعوديين، فهي لا تفرق في هذا الدعم بين المواطن والوافد، ولهذا نجد غير السعودي يستفيد من دعم البنزين ومن دعم المياه والكهرباء وبقية السلع مع أن من المفترض أن يكون هذا الدعم موجه للمواطن فقط، كما يحدث في دول خليجية أخرى.
وقال إنه في المقابل لا يتحمل العامل الأجنبي أية ضرائب وهذا غير مقبول اقتصادياً، يجب أن يكون لدينا نظام ضريبي واضح يمكن أن تستفيد منه الدولة”.
نظرة للمستقبل
ويصر المحلل المالي على أنه يجب أن تكون النظرة مستقبلية، مشيراً إلى أنه لا أحد يعرف ماذا سيحدث في المستقبل، وربما تكون الدولة في حاجة ماسة لقيمة هذه الضريبة في حال اهتزاز أسعار النفط.
وزاد: “إذا لم تتبنَ الحكومة في الوقت الحالي نظاما ضريبيا واضحا يساعدها على دعم جزء من ميزانيتها فستواجه مستقبلا مشاكل لا حصر لها، وسبق أن عانت السعودية من مشاكل في السابق بعد أن هبط سعر البترول لأقل من 18 دولارا واضطرت لإصدار سندات لا تزال حتى الآن تسدد قيمتها لهذه حتى وإن كنا في رخاء مالي ولكن هذا الرخاء قد لا يطول”.
وطالب بأن تفكر الدولة في فرض ضريبة على الدخل وعلى التجارة بشكل عام ولكن بطريقة لا تضر بالمواطنين.
تخوف من الأضرار
من جانبة حذر الخبير المالي حسن أمين الشقطي في حديث مع “العربية.نت” من بعض التأثيرات السلبية على القرار الذي قد يكون طاردا للعمالة المتخصصة الماهرة.
وقال: “أخشى أن يكون هناك تأثير سلبي جراء هذه الخطوة، لأن تشديد القيود على العمالة سيصعب استقطاب الجيدة منها، وسيكون الاستقطاب للعمالة الأكثر رداءة وغير الجيدة”.
وأضاف الشقطي أن دول الخليج تتنافس الآن على العمالة الجيدة، وهناك دول تستقطب العمالة الماهرة في التقنية، وكلما زادت القيود والتشدد في علاقة الدولة مع الأجانب هربت منها العمالة الجيدة”.
ويتساءل الشقطي حول آلية تطبيق القرار في حالة اعتماده ويقول: “السؤال الذي يطرح الآن، ما حجم الضرائب التي ستفرض؟ خاصة أن هناك ضرائب تفرض بشكل غير مباشر وقد تكون أعلى، وسواء جاءت على العامل أو صاحب العمل فهي تدخل في نهاية المطاف للدولة”.
فرصة للسعوديين
ويعتبر الخبير المالي أن قرار الضريبة سيدعم فرص المواطن السعودي في منافسه الوافدين، كونه سيرفع من تكلفة التعاقد معهم.
وحول إيجابيات القرار قال الشقطي: “سيحسن من قدرة المواطن السعودي على التنافس مع الوافد في سوق العمل، والآن المنافسة ليست في صالح السعودي”.
ويضيف: “عندما يتفاوض العامل مع الشركة فهو سيتفاوض على مبلغ معين هو صافي الدخل، الذي سيحصل عليه، وبالتالي سيجد أن المنشأة هي من ستتحمل الضريبة”.
وألمح إلى أن العامل الجيد لديه فرص كثيرة للعمل، وإذا فرض النظام بجمود ودون ذكاء فلن يكون في صالح الدولة.
ويعترف الشقطي أن تحويل العمالة الوافدة لأكثر من 100 مليار ريال في عام واحد أمر مخيف، ويهز الاقتصاد المحلي ويحتاج لفرض خطوات لتقليصه ومنها فرض الضرائب.