بقلم :د.رعد دويس
الشق الشرجي هو تمزق أو جرح في النسيج الطلائي المبطن للقسم السفلي من قناة الشرج، وهو مرض شائع ونسبة الاصابة به مرتفعة جدا. الكثير من الناس يعتقدون أن أعراض الشق الشرجي من ألم ونزيف هي نتيجة البواسير، ونسبة قليلة من حالات الشق الشرجي تتعالج تلقائيا بدون تدخل طبي، ولكن الغالبية من الحالات تزداد الأعراض تفاقما حتى يضطر المريض لمراجعة الطبيب.
يصنف الشق الشرجي حسب مدة الأعراض الى حاد و مزمن، كما يصنف حسب مظهره الى شق شرجي مثالي وغير مثالي. الشق الشرجي الحاد يسبب نزيف احمر فاتح اللون يصاحب التبرز، وأيضا يسبب ألما حادا وشديدا وحرقة في الشرج وانقباضا شديدا في عضلات الشرج العاصرة، وقد تدوم هذه الأعراض لعدة ساعات بعد كل تبرز.
بالفحص السريري نلاحظ وجود شرخ او تمزق او جرح في بطانة القناة الشرجية بعد ابعاد الأرداف عن بعضهما. ونلاحظ زيادة شدة انقباض عضلات الشرج العاصرة، وقد يكون الفحص بالاصبع او المنظار الشرجي مؤلما، لذلك يجب استخدام المرهم المخدر قبل الفحص أو تأجيل الفحص لوقت لاحق.
في القناة الشرجية يعد خط المنتصف الخلفي هو أكثر الاماكن شيوعا لحدوث الشق الشرجي المثالي بما يشكل 90% من الحالات، بينما تحدث الحالات المتبقية (والتي تشكل 10%) في خط المنتصف الأمامي في قناة الشرج.
عادة ما يلتئم الشق الشرجي خلال أربعة الى ستة أسابيع من العلاج الصحيح. لذلك يعرف الشق الشرجي المزمن بأنه الشق الذي يسبب أعراضا لمدة تزيد عن الثمانية أسابيع. الشق المزمن يتميز عن الحاد بوجود زائدة جلدية متورمة على طرفه السفلي و بروز صغير على الحافة العليا للشق، كما يظهر في قاعه ألياف العضلة الشرجية الداخلية.
الشق المثالي يظهر عادة في الخط الأوسط الخلفي أو الأمامي ويكون وحيدا وليس له علاقة بأمراض أخرى، بينما نجد في المقابل أن الشق الشرجي غير المثالي قد يحدث في أي مكان في القناة الشرجية وقد يكون متعددا او عميقا وذو لون داكن ضارب للزرقة،وغالبا ما يكون مصاحبا لأمراض مثل داء كرون أو متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الايدز) أو الزهري (السفلس) أو السل (التدرن) أو سرطان الدم أو سرطان القناة الشرجية السفلى.
الأسباب
السبب الحقيقي والمباشر لحدوث الشق الشرجي لا يزال غامضا وغير واضح. ولكن لوحط كثيرا أن حدوثه مرتبط بمرور براز صلب متحجر من خلال الشرج يؤدي الى تجريح بطانته الرقيقة. أي أن الامساك هو المسبب للشق الشرجي، وفي نفس الوقت يسبب الشق ألما حادا أثناء التبرز، ما يدفع المريض لتجنب التبرز وهذا بدوره يزيد من امتصاص السوائل من البراز فيزيد صلابة وعند خروجه يجرح بطانة الشرج. أي أن الشق يؤدي الى الأمساك والأمساك يؤدي الى الشق، وكلاهما يشكلان حلقة مفرغة. ويلاحظ أيضا أن زيادة شدة انقبلض العضلة العاصرة يقلل من تدفق الدم الى بطانة الشرج مما يؤخر أو يمنع التئام الجرح (الشق). لذلك فان ارخاء العضلة العاصرة يساعد في علاج الشق والتئامه.
يقسم علاج الشق الشرجي الى ثلاثة أقسام رئيسية؛ العلاج الدوائي التحفظي، العلاج بحقن سم البوتولينيوم (البوتوكس)، والعلاج الجراحي.
غالبية حالات الشق الشرجي الحاد تستجيب للعلاج الدوائي التحفظي، بخلاف الحالات المزمنة التي تستدعي تدخل جراحي أو حقن.
العلاج التتحفظي الدوائي يشمل معالجة ومنع حدوث الامساك بالاكثار من شرب الماء والسوائل والاكثار من تناول الأطعمة المحتوية على الألياف الغذائية مثل الخضار والفاكهة والبقوليات، وتقليل تناول النشويات كالخبز الأبيض والرز واستبدالها بخبز النخالة والشوفان. بالاضافة لممارسة الرياضة وأهمها رياضة المشي والهرولة. ويوجد أنواع عديدة من الملينات التي تساعد أيضا في التخلص من الامساك والوقاية منه. كما ينصح باستخدام الكريم المخدر للألم و الكريم المحتوي على مادة النايتروجليسرين ذات التأثير المرخي لعضلات الشرج العاصرة.
العمليات الجراحية تشمل التوسيع اليدوي للشرج والقطع الجزئي الجانبي للعضلة الشرجية العاصرة الداخلية، واستئصال الأطراف غير الصحية للشق وتحويلها الى اطراف قابلة للالتئام.
فاعلية عملية ارخاء العضلة بقص جزء منها هي عالية ونسبة رجوع الشق قليلة جدا، ولكن في المقابل هناك نسبة خطورة واحتمالية حدوث السلس البرازي بشكل مؤقت أو دائم.
يعتبر حقن البوتوكس ذو فاعلية تفوق فاعلية الأدوية في شفاء الشق الشرجي و تضاهي نتائج العمليات الجراحية المعقدة وبنفس الوقت بدون مضاعفاتها، حيث أن ابرة البوتوكس تحدث تأثيرها خلال بضعة أيام ويدوم هذا التأثير لمدة تتراوح من شهرين ولغاية أربعة شهور، وهذه الفترة أكثر من كافية لحدوث الالتئام التام في الشق الشرجي. ونسبة رجوع الشق مستقبلا تكون ضئيلة جدا. ويعتبر حقن البوتوكس من الطرق العلمية الحديثة غير الجراحية والتي أثبتت كفاءتها في علاج الشق الشرجي المزمن.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-CuT