مجلة مال واعمال

الشركات العالمية تستعد للامتثال للقرار الأمريكي بوقف استيراد النفط الإيراني

-

831586-2119337701

قالت وكالة “بلاتس” الدولية للمعلومات النفطية “إن العقوبات الأمريكية التي سيعاد فرضها على عملاء النفط الخام الإيراني ستدخل حيز التنفيذ في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل”، لافتة إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية أصدرت بالفعل تعليمات إلى الدول المستوردة للنفط الإيراني للإسراع في إجراء تخفيضات كبيرة في وارداتها خلال الأشهر الستة المقبلة، وذلك في إطار تطبيق العقوبات الدولية على طهران بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي.
واعتبر تقرير حديث للوكالة – مستندا إلى بيانات لشركات طاقة دولية – أن اليابان وكوريا الجنوبية تستطيعان إجراء أكبر تخفيضات نسبية في الواردات من النفط الإيراني، بينما في المقابل لا يزال امتثال الصين والهند وتركيا غير مؤكد.
وسلط التقرير الضوء على تباين في المواقف الأوروبية تجاه أزمة عودة العقوبات المفروضة على إيران، ففي الوقت الذي ينظر فيه بعض الزعماء الأوروبيين في إمكانية التوصل إلى تشريع يعرقل تطبيق العقوبات الأمريكية في دول الاتحاد الأوروبي، يتوقع أن تمتثل الشركات الأوروبية للقرار الأمريكي خاصة تلك الشركات التي تتحمل درجة منخفضة من المخاطر بسبب حجم تعاملاتها الواسعة مع النظام المصرفي الأمريكي.
ويتوقع معظم المحللين أن تؤدي تلك العقوبات إلى خفض صادرات النفط الإيراني بما لا يقل عن 500 ألف برميل يوميا، وهو ما سيمثل خصما كبيرا من الإمدادات إلى السوق العالمية. ولفت التقرير إلى تقديرات أخرى تشير إلى أن خفض الإمدادات الإيرانية سيراوح بين 100 ألف و200 ألف برميل يوميا كحد أدنى، و800 ألف برميل يوميا كحد أقصى.
وأشار إلى أن إيران دعمت في الفترة الماضية صادراتها النفطية بنحو مليون برميل يوميًا منذ رفع العقوبات الاقتصادية بموجب الاتفاقية النووية التي تم تطبيقها اعتبارا من كانون الثاني (يناير) 2016، كما ارتفع حجم الإنتاج الإيراني إلى 3.83 مليون برميل يوميًا في نيسان (أبريل) الماضي، بحسب بيانات “ستاندرد آند بورز”.
ونقل التقرير عن مسؤولين في مجموعة “رابيدان” للطاقة أن نحو 200 ألف برميل يوميًا من الخام سيتم سحبها من الأسواق بحلول نهاية العام الجاري، مع احتمال أن يرتفع إلى 500 ألف برميل يوميا في النصف الأول من عام 2019، إذا لم يتم التوصّل إلى اتفاق نووي جديد بين إيران والولايات المتحدة وبقية القوى الدولية كبديل عن الاتفاق السابق المعيب والملغى من قبل الجانب الأمريكي.
وفي توقع آخر، أشارت وكالة “بلاتس” إلى بيانات صادرة عن شركة “كليرفيو إنرجي بارتنرز” ترجح تراجع الإمدادات في الأسواق بنحو 450 ألف برميل يوميًا بحلول نهاية العام.
وحددت وزارة الخزانة الأمريكية فترة 180 يوما أمام الشركات الدولية لتفادي الدخول في صفقات تشمل شراء النفط الإيراني أو أي صفقات أخرى متعلقة بمجالات البتروكيماويات والاستثمار في النفط في مشروعات المنبع والموانئ والشحن البحري وبناء السفن والتعامل مع البنك المركزي الإيراني.
ونوه التقرير الدولي بأن وزارة الخارجية ستنظر في منح إعفاء من العقوبات للدول التي تقوم “بتخفيضات كبيرة” في وارداتها كل 180 يومًا، على الرغم من أنه من المتوقع أن تظل معايير التقييم غامضة، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية تبحث عن تخفيضات بنسبة 20 في المائة لكنها تأخذ في الاعتبار عديدا من العوامل الأخرى.
وتتوقع واشنطن أن تبدأ الدول في إجراء تخفيضات كبيرة خلال أول 180 يومًا، في الوقت الذي ستراقب فيه وزارة الخارجية الأمريكية الأمر وستقيم الجهود التي تبذلها كل دولة للحد من حجم الخام المستورد من إيران بما في ذلك كمية ونسبة التخفيض، كما تتابع حالات إنهاء عقود تسليم النفط الإيراني في المستقبل وإجراءات أخرى تبرهن على وجود التزام بتخفيض هذه المشتريات إلى حد كبير.
ونبه تقرير وكالة “بلاتس” الدولية إلى أنه من المحتمل أن يشكل بلوغ أسعار النفط الخام مستوى 80 دولارا للبرميل عامل ضغط من قبل الإدارة الأمريكية لتكون أكثر إلحاحا على مشتري النفط الإيراني من أجل إجراء مزيد من التخفيضات الإضافية.
ويرى التقرير أن ارتفاع السعر فوق هذا المستوى من شأنه أن يفجر أجهزة الإنذار في الكونجرس حيث يشعر المواطنون الأمريكيون بضغط أسعار الوقود خاصة خلال موسم الذروة في الصيف الحالي.
وأضاف أن “الأسعار خلال الأسبوع الماضي حققت مكاسب جيدة وأن العقود الآجلة للنفط الخام حصلت على دعم من العوامل الجيوسياسية في الشرق الأوسط خاصة في سورية”.
في سياق متصل، بحثت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” مع الاتحاد الأوروبي قضايا النفط والطاقة العالمية، كما تم تبادل الآراء بشأن وجهات نظر المنتجين والمستهلكين تجاه تطورات السوق، والتأكيد على الدعم القوي والمستمر للحوار بين الاتحاد الأوروبي و”أوبك” الذي بدأ في عام 2005.
جاء ذلك خلال زيارة جونتر أوتينجر، المفوض الأوروبي للميزانية والموارد البشرية، والمفوض السابق لشؤون الطاقة، إلى مقر المنظمة في فيينا، حيث أجرى مباحثات مهمة مع محمد باركيندو الأمين العام.
وقدمت الأمانة العامة لـ “أوبك” عرضا عن التطورات الأخيرة في سوق النفط، و”إعلان التعاون” التاريخي بين 24 دولة منتجة من داخل وخارج المنظمة، والدور المستقبلي للنفط الخام في مزيج الطاقة.
وفي هذا الإطار، قال باركيندو “إن “أوبك” تتطلع إلى المشاركة مع جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك دول الاستهلاك وفي صدارتها الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى فهم أفضل للمخاطر التي تواجهها عند اتخاذ القرارات ووضع السياسات اللازمة لتطوير مزيج الطاقة العالمي المستقبلي في العقود المقبلة”.
وكانت أسعار النفط قد انخفضت في ختام الأسبوع الماضي، متراجعة عن مكاسبها الأولية، بينما بدا من المرجح أن حلفاء الولايات المتحدة سيحثون على الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما قد يبقي إمدادات الخام الإيراني إلى الأسواق العالمية.
وفي دلالة أخرى على أن الإمدادات العالمية قد تواصل الارتفاع، أظهرت بيانات أن عدد الحفارات النفطية النشطة في الولايات المتحدة زاد بمقدار عشرة حفارات هذا الأسبوع.
وبحسب “رويترز”، فإنه على الرغم من انخفاضها، إلا أن أسعار الخام تبقى قرب أعلى مستوياتها في أكثر من ثلاث سنوات ونصف، وأنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة 35 سنتا إلى 77.12 دولار للبرميل غير بعيدة عن مستوى 78 دولارا الذي سجلته يوم الخميس، وهو أعلى مستوى لها منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، وأنهت عقود برنت الأسبوع على مكاسب قدرها 2.8 في المائة.
وانخفضت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 66 سنتا لتبلغ عند التسوية 70.70 دولار للبرميل مقارنة بأعلى مستوى لها في ثلاث سنوات ونصف البالغ 71.89 دولار الذي سجلته في جلسة الخميس، وعلى مدار الأسبوع سجل الخام الأمريكي مكاسب قدرها 1.2 في المائة.
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة ارتفعت بمقدار 89 مليار قدم مكعبة في الأسبوع المنتهي في 4 مايو الجاري لتصل إلى 1432 مليار قدم مكعبة.
يأتي الصعود في المخزونات الأمريكية من الغاز الطبيعي بأكثر من التوقعات البالغة 81 مليار قدم مكعبة في الاتجاه الصاعد خلال الفترة نفسها التي استقر فيها سعر العقود الآجلة عند 2.81 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. إلى ذلك، أضافت شركات الطاقة الأمريكية حفارات نفطية للأسبوع السادس على التوالي مع استمرار صعود أسعار الخام إلى أعلى مستوياتها في أكثر من ثلاث سنوات بفعل توقعات بأن عقوبات جديدة على إيران ستحجب بعض الإمدادات عن السوق، وهو ما يعطي مزيدا من الدعم لأنشطة الحفر النفطي في أمريكا ويرفع الإنتاج إلى مستويات قياسية.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، “إن شركات الطاقة أضافت عشرة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في 11 أيار (مايو) ليصل العدد الإجمالي إلى 844 حفارا وهو الأعلى منذ آذار (مارس) 2015”. وهذه هي المرة الأولى منذ أوائل آذار (مارس) التي تضيف فيها شركات الطاقة الأمريكية حفارات نفطية لستة أسابيع متتالية، وأكثر من نصف الحفارات النفطية موجودة في حوض بيرميان في غرب تكساس وشرق نيو مكسيكو، أكبر حقل للنفط الصخري في الولايات المتحدة، وزاد عدد الحفارات النشطة هناك بمقدار خمسة حفارات ليصل إلى 463، وهو الأعلى منذ كانون الثاني (يناير) 2015.
وتتوقع الحكومة الأمريكية أن إنتاج النفط في بيرميان سيرتفع إلى مستوى قياسي قرب 3.2 مليون برميل يوميا أو نحو 30 في المائة من مجمل إنتاج النفط الأمريكي.
وإجمالي عدد الحفارات النفطية النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 712 حفارا بينما تعمد شركات الطاقة إلى زيادة الإنتاج بالتوازي مع مساعي منظمة أوبك لخفض الإمدادات، في مسعى للاستفادة من صعود الأسعار.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يرتفع المتوسط السنوي لإنتاج النفط الأمريكي بمقدار 1.37 مليون برميل يوميا إلى مستوى قياسي قدره 10.72 مليون برميل يوميا في 2018 وإلى 11.86 مليون برميل يوميا في 2019.
ومنذ بداية العام الحالي، بلغ إجمالي عدد حفارات النفط والغاز النشطة في الولايات المتحدة 983 حفارا، مرتفعا بشدة من متوسط بلغ 876 حفارا في 2017، ويتجه نحو تسجيل أعلى متوسط منذ 2014 عندما بلغ 1862 حفارا، وتنتج معظم الحفارات النفط والغاز كليهما.