مجلة مال واعمال

الشارقة حققت قفزات نوعية بعيدا عن صراعات الاقتصاد

-

ae-2085

أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن الشارقة بقيت بعيدة عن الصراعات الاقتصادية، واستطاعت تحقيق مكانتها وتعزيز نموها الاقتصادي الذي يسير جنباً إلى جنب مع نموها الفكري والثقافي، وحققت قفزات نوعية كونها أوجدت البنية التحتية المتكاملة، وحظيت بتصنيفات ائتمانية متقدمة من كبريات الوكالات العالمية لتصبح وجهة استثمارية آمنة كما هي وجهة العالم الثقافية والعلمية.

جاء ذلك خلال افتتاح سموه للمنتدى العالمي للاستثمار الأجنبي المباشر 2015 «حيث يلتقي الشرق والغرب»، والذي عقد صباح أمس بقاعة الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، وتستضيفه هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق».

وأشار سموه إلى أنه في الوقت الذي عانت فيه اقتصادات العالم تحديات كبيرة أبرزها أزمة المال العالمية، كانت الشارقة بمنأى عنها كونها تبني اقتصادها برؤية بناء الإنسان جسدياً وفكرياً واقتصادياً. وفي الوقت الذي تتباطأ فيه خطى العديد من دول العالم نحو التعافي من اضطراباتها الإقليمية وأزماتها المالية، تتسارع في الشارقة خطى البناء لتكون الملاذ الآمن للمستثمرين لما بنته على مدى سنوات طويلة من بيئة متكاملة وما لديها من قوانين تلبي رغبات وتطلعات المستثمرين ومؤسسات ومزايا استثمارية كثيرة ولديها مدن صناعية ومناطق حرة.

وقال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي «في عالم تكثر فيه الصراعات والحروب، وتتكاثر فيه النزاعات وتصفية الحسابات، وتتفاقم فيه مشكلات الفقر والبطالة، عالم اختلطت فيه الأوراق وتناثرت وبات فيه الاقتصاد متأثراً ومؤثراً، محركاً وصانعاً للسياسات، محكوماً منها ومتحكّماً فيها في آن، كم تكون الحاجة إلى تحقيق تقارب بين أقطاب هذا العالم وإلى تباحث ماهية اقتصاد بناء يحقق آمال الشعوب ويرتكز على عنصر الشباب وهم أمل الحاضر وبناة المستقبل».

اقتصاد معرفي

وأضاف سموه «من عالمنا الواسع نلتقي في هذه البقعة الصغيرة بحجمها والكبيرة بطموحاتها وأهدافها، هنا في الشارقة التي لطالما جمعت أقطاب العالم من رواد الثقافة والعلم والفكر والإعلام، تجمعكم اليوم لتعزيز رؤاها واستكمال بنائها الذي ترتكز فيه على الاستثمار في الإنسان كونه حجر الأساس في بناء المجتمعات والمحرك الرئيس في تطويرها. هنا في عاصمة السياحة العربية التي ودعت عامها الماضي عاصمة للثقافة الإسلامية، وقبل أعوام عاصمة الثقافة العربية. في الشارقة التي بدأت خطاها بالثقافة والعلم نحو بناء اقتصاد معرفي تتواءم فيه الاهتمامات مع احتياجات العقل والفكر، لا مجرد اقتصاد أرقام، نحو تحقيق تنمية مستدامة، انطلاقاً من قناعات ثابتة ورؤى رصينة تستند إلى أسلحة العِلم والمعرفة لصناعة مستقبل اقتصادي أكثر أمناً واطمئناناً واستقراراً».

وأكد صاحب السمو حاكم الشارقة «إن قرارنا الاقتصادي في الشارقة مرتبط بقيمنا الإنسانية التي عمادها الشفافية والعدل ونعمل وفق برامجنا وأهدافنا وخططنا من أجل تحقيق نمو شامل في إمارة الشارقة يستفيد منها كل فرد على أرضها حاضراً ومستقبلاً، ونمضي بخطواتنا بإصرار بتوجيه الطّاقات الشّابة نحو العمل والإنجاز والإبداع، وصولاً إلى بناء اقتصاد آمن يوفر الرفاه لأبنائنا وأحفادنا»، مضيفاً: «ندرك تماماً في الشارقة أهمية الانفتاح على الآخر وعقد شراكات اقتصادية حقيقية تحقق مصلحة الجميع، ونحن هنا نفتح أبوابنا لاستثمار ما لدينا من أدوات وبلورة تلك الشراكات نحو تحقيق نمو شامل يستفيد منه الجميع على أمل أن يكون هذا المنتدى فاتحة خير للابتكار والبناء وتعزيز التعاون بيننا جميعاً».

وقال سموه «هناك مَن يعتقد بأن الاقتصاد والثقافة خطَّان لا يلتقيان، هذا اعتقادٌ خاطئ، فالاقتصاد والثقافة لا يلتقيان فحسب بل يتكاملان أيضاً، فالاقتصاد من دون ثقافة أرقام جافة مملة، لا ابتكار فيه ولا إبداع، والثقافة من دون اقتصاد معادلات نظرية تبحث عن واقعية. ولضمان اقتصادٍ ناجح لا بد من نفحاتٍ ثقافية تُضاف إليه لتأكيد نجاحه، ومن هذه النفحات التفاؤل، فالمتشائمون رسامون يحولون الشمس إلى بقعة صفراء، أما المتفائلون فيحوِّلون البقعة الصفراء إلى شمس».

الابتكار والإبداع

وأوصى صاحب السمو حاكم الشارقة بالابتكار والإبداع، قائلاً «التكرار أكبر مخاوفي، والأفكار الصحيحة تؤدي إلى اقتصاد صحيح، فحذارِ من الأفكار الخاطئة لأنها تؤدي إلى اقتصادٍ عليل. والاقتصاد من دون فضائل يصبح اقتصاداً متوحشاً، والفضيلة الكبرى هي العدالة».

واختتم سموه كلمته بقوله «هناك مفتاحٌ واحد لفتح أقفال الثقافة والاقتصاد هو العِلم: إنه الزينة في الرخاء والملاذ في الشدة. ومع العِلم لا بد من شيء من المغامرة: الصيادون يعرفون أن البحر خطر والعاصفة شديدة، لكنهم لم يظنوا قط أن هذه الأخطار سبب كاف للبقاء على الشاطئ. غامِروا، ثابروا على تحقيق أحلامكم، جدِّدوا ولا تدعوا التكرار ينخر يومياتكم، وعلى الكتَّاب أن يكتبوا واقفين، فإنهم حينها سيتقنون كتابة الجمل القصيرة».

جامعة للحضارات والثقافات

وألقى معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد، كلمته قال فيها «إن شعار المنتدى «حيث يلتقي الشرق والغرب» يعكس حقيقة ما تمثله دولة الإمارات العربية المتحدة من جامعة للحضارات والثقافات.

وأضاف معالي وزير الاقتصاد «تعتبر الشارقة أحد أعمدة التنوع في الاقتصاد الوطني الإماراتي، ويرجع النجاح الذي حققته الإمارة، من بعد الله عز وجل، إلى القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث نجح سموه في تمكين إمارة الشارقة من أن تكون جزءاً أساسياً من النهضة الشاملة التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة. وحيث أن للنجاح عناصر وعوامل عدة، فقد كانت رؤية سموه الثاقبة في إنشاء كيان حكومي متقدم يشرف على تعزيز مكانة الشارقة كوجهة استثمارية وسياحية وتجارية أحد أهم العناصر التي أسهمت في وصول الإمارة إلى ما هي عليه اليوم».

وأكد المنصوري «أن هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق» نجحت، وخلال فترة قصيرة، في رسم اسم الشارقة وبقوة على خريطة الاستثمارات الإقليمية، وأسهمت في دفع عجلة النمو الاقتصادي للإمارة بشكل خاص، والاقتصاد الوطني بشكل عام».

بنية اقتصادية محفزة

وتابع وزير الاقتصاد أن مجمل حجم الاستثمارات الأجنبية في الإمارات تجاوز حاجز الـ100 مليار دولار، وبمعدل متوسط نمو سنوي يتراوح بين 5 و10 %.

وأضاف أن الدولة تستهدف الوصول بنسبة تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي.

فرص غير مسبوقة

ومن جانبها، أشارت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق» في كلمتها إلى أنه «رغم التحديات التي يواجها الاستثمار الخارجي المباشر في مختلف أنحاء العالم، إلا أنه يقدم فرصاً غير مسبوقة ليس في مجال التنمية الاقتصادية والازدهار فقط، ولكن أيضاً من أجل التفاهم والتواصل بين الثقافات». وقالت: «نؤمن في إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة بدور الاستثمار والتعاون الاقتصادي في بناء جسور التعاون والتفاهم، ولذا فإن موضوع المنتدى اليوم «حيث يلتقي الشرقُ بالغرب» يأتي في فترة لحظة تاريخية فاصلة نحتاج فيها إلى مزيد من التعاون المتبادل في منطقتنا والعالم أجمع».

وقالت رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»: «ندرك في إمارة الشارقة أن تدفق الاستثمار الخارجي يتأثر بالعديد من العوامل، بما فيها البيئة التنظيمية والتشريعية، وجودة التعليم، والحواجز أو الحوافز التجارية إلى جانب الأمن والاستقرار، والبنية التحتية، إضافة إلى اليد العاملة والمواهب المؤهلة والانطباعات سواءً السلبية أو الإيجابية على الدول التي تستقبل رؤوس الأموال».

وأضافت «نحن ندرك أهمية هذه العوامل كل في اتخاذ القرارات الاستثمارية، لأننا تاريخياً كنا في وسط العديد من الطرق التجارية في منطقة الخليج العربي، ما جذب منذ مئات السنين التجار من المنطقة ومن بلدان الشرق الأقصى للتجارة والاستثمار في أسواقنا المحلية.

الموقع الاستراتيجي

وأشارت إلى «أن الموقع الاستراتيجي ليس هو السبب الوحيد في ثقة المستثمرين الخارجيين باقتصاد الشارقة، بل أيضاً انتهاج الحكومة لسياسة تنويع اقتصادية صارمة إلى أن أصبح اقتصاد الإمارة الأكثر تنوعاً في المنطقة، حيث لا يمثل أي قطاع أكثر من 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

وقالت الشيخة بدور القاسمي «لقد أقر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي أخيراً الميزانية السنوية للشارقة، حيث خصص 34٪ منها إلى تحسين حالة البنية التحتية القائمة و45٪ تذهب إلى مشروعات التنمية الاقتصادية العامة، وهذه النسب تعكس التزام الحكومة بتسهيل وتشجيع الاستثمار الخارجي والداخلي في الشارقة. كما نسعى جاهدين إلى الاستثمار في التعليم والبحث والتطوير والابتكار.

وأضافت «نؤيد ونشجع ثقافة ريادة الأعمال والابتكار، حيث تعمل اليوم أكثر من 45 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة في الشارقة.

حضور بارز

حضر افتتاح المنتدى العالمي للاستثمار الأجنبي المباشر، بجانب سموه كل من الشيخ محمد بن سعود القاسمي رئيس دائرة المالية المركزية، والشيخ خالد بن عبدالله القاسمي رئيس دائرة الموانئ البحرية والجمارك، والشيخ خالد بن سلطان القاسمي رئيس مجلس التخطيط العمراني، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، والشيخ خالد بن عصام القاسمي رئيس دائرة الطيران المدني، والأمير خالد بن الوليد بن طلال آل سعود، ومعالي المهندس سلطان المنصوري وزير الاقتصاد، وراشد أحمد بن الشيخ رئيس الديوان الأميري، واللواء حميد محمد الهديدي قائد عام شرطة الشارقة، وعبدالله بن سلطان العويس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة، وعلي بن سالم المدفع رئيس هيئة مطار الشارقة الدولي، وسلطان بن هدة السويدي رئيس دائرة التنمية الاقتصادية، وسعيد مصبح الكعبي رئيس مجلس الشارقة للتعليم، وعبدالله علي المحيان رئيس هيئة الشارقة الصحية، وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي والمسؤولين في الدولة.