السيارات التي تسير بدون سائق لا تعني رفع الأيدي عن عجلة القيادة فقط، بل إن ظهور تلك السيارات يشير إلى عهد جديد في تحول المدن وتغيير أسلوب حياة الناس. تتسيد في هذه السيارة الشوارع بعد ان تزيح السيارات التقليدية عن “العرش”.
والحقيقة أن السيارة التي تقود نفسها بنفسها باتت موجودة بالفعل، وصنعتها شركات، منها بي إم دبليو وفورد وجنرال موتورز وتويوتا وفولكس فاغن. وتتوقع تلك الشركات أن تبدأ ببيع سيارات بدرجات متفاوتة من التحكم الإلكتروني مع مطلع العام المقبل.
وتعتبر السيارات العادية حالياً أكثر تقدماً من نواحٍ عدة، إذ تعمل بحواسيب عالية الأداء، ويمكنها أن تنطلق بسرعات هائلة.
وأدى استخدام الحواسيب في السيارات إلى تحولات كبيرة، لكن العملية مجرد بداية، لنصل في النهاية إلى سيارة من دون سائق تستطيع الاصطفاف بنفسها، وتسيطر على سرعتها وتصدر تحذيرات من الاصطدام بسيارات أخرى وتحذيرات أخرى عند الخروج عن المسرب.
وعملت شركة إم إي تي مع باحثين من سنغافورة لإنتاج نموذج سيارة بدون سائق، بينما تستخدمها غوغل بالفعل في كاليفورنيا. وبرغم أن تلك السيارات ليست معروضة للبيع بعد، فإنه يمكن الشعور بدرجة التحكم الإلكتروني في السيارات الحالية. وسوف تكون الخطوة المقبلة مباشرة هي السيارة الإلكترونية بالكامل التي تستطيع السير بدون سائق.
لكن ما هو المغزى من إنتاج سيارة بدون سائق؟ الإجابة هي الاتجاه على نطاق أوسع نحو تغيرات اجتماعية وحضرية.
في العشرين عاماً الماضية، أدى استخدام الوسائل الإلكترونية إلى تغيير نمط حياة الناس، بما فيها مقابلاتهم والوصول إلى المعلومات والملاحة، فأصبحت كل تلك الأنشطة تعتمد على الإلكترونيات والمجسات والهواتف النقالة، وتلقي المعلومات في وقت حدوثها.
الحقيقة أن مزيداً من الذكاء يغزو مدننا ويتدخل في كل أبعاد الحياة.
مثلاً شبكة «هاب كاب» عبارة عن شبكة تفاعلية توضح مسارات مليون 170 رحلة تقوم بها سيارات الأجرة سنوياً في مدينة نيويورك.
وتقوم السيارات أيضاً بجمع المعلومات عن الركاب والبيئة، فهناك أنظمة داخل السيارة تكشف ما إذا نام السائق، وهناك مجسات يمكن أن تقيس مدى التوتر. وخارج السيارات هناك أجهزة رادار وآلات تصوير وماسحات تستطيع قراءة الطريق ثم تستجيب بناء على البيانات. والسيارات بدون سائق هي المرحلة المقبلة، استفادة من التقدم الذي تحقق داخل السيارة وعلى الطريق.
وسوف تستطيع تلك السيارات أن توصلك إلى عملك، ثم تعود لتنقل عضواً آخر من أسرتك أو تخدم أي فرد آخر، بعد توصيلك إلى المكان الذي تريد، وليس بالضرورة أن تبقى السيارة الإلكترونية خاملة. في المدن الكبرى، ثبت من الأبحاث أنه يمكن توصيل كل شخص إلى عمله في الوقت المناسب، مع تخفيض عدد السيارات المستخدمة بنسبة 80%.
وإخلاء الشوارع من أربع سيارات من كل خمس تسير عليها حالياً، وهو أمر ستكون له عواقب إيجابية هائلة على المدن من حيث البيئة والزحام المروري وحتى أمان انتظار السيارات. في المدن الكبرى، تحتل أماكن انتظار السيارات مساحات شاسعة، ولا تستغل في بقية ساعات اليوم.
ومع تخفيض عدد السيارات العاملة في الشوارع، يمكن تحرير تلك المساحات لاستخدامها في أمور أخرى. وسوف يؤدي الانخفاض الكبير في عدد السيارات إلى تخفيض التكاليف خاصة في الطاقة (الوقود) وإنشاء وصيانة الطرق.
وأثبتت إحدى الدراسات الهندسية أن استخدام السيارات الإلكترونية يمكن أن يرفع طاقة الطريق السريع أربعة أضعاف. وبالطبع، يعني تقليل عدد السيارات تخفيض مستوى الضوضاء، ولأن السيارات الإلكترونية لا تضيع الطريق، فهي تخفض التزاحم وتقلل زمن الرحلة، والأهم من ذلك أن تلك السيارات سوف ترفع درجة الأمان على الطرق.
وتوقعت مؤسسة إي إتش إس التي تقوم بتوقعات لصناعة السيارات والمبيعات ومستقبل السيارات عموماً، أن تصبح السيارات الإلكترونية التي تسير بدون سائق شائعة الاستخدام اعتباراً من عام 2025، وقد يصل عددها إلى 11.8 مليون سيارة بحلول عام 2035. واعتباراً من عام 2050، سوف تتحول جميع السيارات إلى إلكترونية بدون سائق.