لعلي أذكركم أن فعاليات أول مهرجان للغوص ستنطلق خلال الأسبوعين القادمين وبإشراف من هيئة السياحة والآثار على شاطئ الثميلة في منطقة تبوك. المهرجان يشتمل على عدد من الفعاليات كاستعراض أجمل قارب، وسباق التجديف البحري، وسباق السباحة الحرة والرسم والتشكيل بالرمال، ومسابقة التصوير داخل البحر وخارجه، وسباق الغوص الحر، واستعراض طرق الصيد التقليدية ومسابقة البحث عن الكنز، ومسابقة فك وتركيب معدات الغوص للصغار والكبار. فعالية مهمة كهذه يجب ألا تمر مرور الكرام. لكن هناك في قلب تبوك، تقف ”قلعة تبوك الأثرية” شامخة منذ نحو 3500 عام، وما يبعث على الإحباط هو أن دخول القلعة ما زال حكراً على الوفود ولا تسمح أبوابها الموصدة بدخول الأفراد أو حتى العائلات.
الرياض ستنال نصيبها من السياحة الداخلية، لكن ثقافياً هذا العام. ليس من المستغرب أن تطلق مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) برنامجاً صيفياً يستضيف 60 طالباً موهوباً في برنامج ”مملكة الطاقة المستدامة”. أهداف البرنامج نبيلة، وهي تقديم معلومات ثرية للطلاب حول مستقبل الطاقة في المملكة من خلال تجارب عملية تفاعلية. كنت آمل أن يشمل البرنامج أيضاً زيارة ميدانية لشركة أرامكو السعودية للتعرف عن قرب على جهود الشركة في مجال الطاقة المستدامة. ليس لدي أدنى شك أن شركة أرامكو بمواردها الضخمة بإمكانها توجيه دعوة للطلاب واستضافتهم خلال إقامتهم في المنطقة الشرقية.
أما منطقة الجوف فهي حكاية أخرى، حلاوة التاريخ يا سادة تبدأ من سكاكا وقارا ودومة الجندل. أجمل ما في الجوف المسطحات الخضراء الواسعة، لكن ينقصها الكثير من الخدمات، خاصة دورات المياه النظيفة وألعاب الأطفال. شد انتباهي أن الجوف ستستضيف هذا العام فرقة شعبية من القصيم. طيب ماذا عن منطقة القصيم نفسها؟ قد لا يعرف معظمنا الكثير عن مهرجان (الأسياح بهجة السياح) الصيفي الذي يحتوي على العديد من الفقرات والبرامج. يتميز صيف القصيم هذا العام بتقديم فقرات ترفيهية على فئتين غاليتين على قلوبنا، وهما الشباب والعائلات. إلا أني آمل أن تكون إدارة مرور القصيم تمكنت من معالجة الكثافة المرورية وفك الازدحامات الخانقة في الشوارع والطرق. الباحة لن تكون أقل تفاعلاً هذا الصيف، فالمهرجان هناك يقام تحت شعار ”باحة الكادي .. مصيف بلادي”. تشارك في التنسيق العام للفعاليات نخبة من آنسات وسيدات المجتمع ومن الجامعة في كل من بلجرشي والمندق والقرى، إضافة طبعاً إلى مدينة الباحة. بإمكان الباحة أن تكون أكثر جذباً للسياح إذا تعاونت الجهات المعنية على طرح الأفكار الاستثمارية وتفعيلها لإنعاش المنطقة اقتصادياً وسياحياً.
أما عسير فاستعدت بجميع قطاعاتها لاستقبال المصطافين. بصراحة لا أرى سبباً مقنعاً ”للموسمية” التي عودتنا عليها عسير، فبإمكان المنطقة أن تجذب السياح من داخل المملكة وخارجها طوال العام إذا عملت على تطوير برامجها الترفيهية والمهرجانات، إضافة إلى المعارض والمؤتمرات والمعارض المحلية والعالمية. بإمكان مهرجان ”أبها يجمعنا” أن يستغل وجود الوجهتين الجبلية والبحرية في مدينة الشباب في الحبلة والقحمة الساحلي والجرة السياحي والقرعاء وسوق محايل الشعبي والمفتاحة، إذا تم تأهيلها لتصبح من أجمل مهرجانات الوطن.
شهادتي في فعاليات صيف المنطقة الشرقية قد تكون منحازة، فهناك أكثر من 50 فعالية استعراضية يومياً. وللشباب دور مهم في صيف الشرقية، خاصة في واحة الشباب وما تحتويه من ملاعب رياضية شاطئية ومسابقات، إضافة إلى حلبة خاصة لعروض سيارات السباق والدراجات النارية. المهم في الأمر أن هذه الفعاليات الشبابية سيديرها الشباب أنفسهم. من أهم التحديات الطبيعية التي تواجهها المنطقة الشرقية هي ارتفاع درجات الحرارة ونزوح الرمال الزاحفة، لكن هذا لا يعفي الأمانة من مسؤولية التشجير وإقامة المزيد من المسطحات الخضراء بما فيها من خدمات ومرافق أساسية.
لدي شعور بأن صيف مهرجان جدة سيكون فعلاً ”غير” هذا العام. لن أتطرق إلى التكلفة المعلن عنها للحملة الإعلانية للمهرجان التي تجاوزت 30 مليون ريال، لكني آمل أن تكون النتائج بحجم التوقعات، خاصة أننا نتحدث ربما عن أكثر مناطق المملكة جذباً للسياحة. أتحدث هنا عن تأهيل الكورنيش والنوافير والشوارع والطرق المؤدية للمهرجان. التوقعات الأولية هي أن زيادة عدد زوار جدة خلال فترة المهرجان ستكون أكثر من مليون سائح ومصطاف، ما يعني المزيد من العمل الجاد لإعداد الفعاليات السياحية والترفيهية والثقافية وعروض الأطفال وصالات السيرك ومسارح المولات والمسابقات. ولكن من غير المقبول أن يتكدس المصطافون فقط على الكورنيش بسبب المشاريع والشوارع المقفلة، ومن غير المقبول ارتفاع أسعار الشقق المفروشة ومغالاة المطاعم والبوفيهات مقارنة بمستوى الخدمة بدون رقابة أو محاسبة.
لم يعد منطقياً أن يصل حجم الإنفاق المتوقع للسعوديين في فصل الصيف للسياحة خارج المملكة نحو 75 مليار ريال، أي بمعدل 500 – 940 ريالا للسائح في اليوم. لكن ما البديل؟ لا بد من تأهيل مواقع الآثار والمباني التاريخية والمتاحف في المملكة ووضع لوحات إرشادية على الطرق تدل على مواقعها، وكذلك تحسين المرافق والخدمات وأماكن السكن. أيضاً من غير المقبول أن تستمر خطوطنا الوطنية بتأخير إقلاع رحلاتها عن موعدها المقرر بسبب صيانة الطائرات أو أي أسباب غير مقنعة أو غير معلنة. ”الخطوط السعودية” جزء مهم في منظومة السياحة الداخلية، وعليها مواكبة مستوى خدمات شركات الطيران الأخرى المجاورة والإقليمية.
كل هذا يجب أن يتغير إذا كنا فعلاً نهتم بتحريك عجلة اقتصاديات السياحة في المملكة.
*نقلا عن الاقتصادية