أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي «سوشيال ميديا»، والقنوات الإلكترونية من أهم وأسهل وأسرع الطرق لتلقي شكاوى عملاء البنوك والعمل على حلها، فبدلاً من ذهاب العميل إلى فرع البنك أو الانتظار على الهاتف لفترة للتواصل مع مركز الاتصال التابع للبنك لتقديم شكوى ثم الاتصال مجدداً مرات عدة على أمل الحصول على إجابة، أصبح بإمكان عملاء البنوك تقديم تلك الشكاوى وهم في المنزل، أو في مقر العمل وعبر الهاتف المحمول، أو أي من الأجهزة الذكية التي في حوزتهم.
وحسب مصرفيين، فإن زيادة المنافسة في القطاع المصرفي جعلت البنوك تسعى إلى الحفاظ على عملائها وزيادة ولائهم، وهو ما يتحقق من خلال سرعة حل المشكلات التي قد تواجههم وزيادة التواصل معهم والاستجابة لمطالبهم، الأمر الذي يمكن تحقيقه عبر وسائل الـ«سوشيال ميديا». وأكدوا أن أهمية وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد تقتصر على الترويج للبنك أو منتجاته فقط، وإنما امتدت إلى إمكانية الاستفادة من الآراء والإفادات والمقترحات التي ترد من العملاء عبرها لعمل استطلاع للرأي أو تحليل للبيانات يمكن من خلاله تحديد مدى الحاجة إلى طرح منتجات جديدة أو قياس نسبة رضا العملاء عن منتج معين، لافتين إلى أن التواجد على وسائل الـ«سوشيال ميديا» بات ضرورة للترويج للعلامات التجارية خاصة بين فئة الشباب الأكثر إقبالاً على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب دورها في تحسين العلاقة بين البنوك وعملائها من جهة وزيادة ولائهم للعلامة التجارية، وجذب عملاء جدد من جهة أخرى.
وكشفت دراسة أجرتها شركة «بي بي جي أورانج» المتخصصة في قطاع الاتصالات التسويقية المتكاملة بمنطقة الشرق الأوسط، أن 43% من العلامات التجارية أكدت إنفاقها لما يراوح بين 1000 و10 آلاف دولار على كل حملة ترويجية يتولى إطلاقها أحد المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي في دولة الإمارات، مؤكدة أن 94% من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي يتقاضون مقابلاً مادياً يتراوح بين ألف إلى 5 آلاف دولار عن كل منشور، فيما تتقاضى نسبة قليلة منهم (5%) ما يتراوح بين 5000 إلى 10 آلاف دولار مقابل كل منشور لهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبينت الدراسة أن مدى نجاح المؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي يقاس غالباً بمؤشرات مثل حجم التفاعل مع المنشورات وعدد التعليقات (بنسبة 85%)، والانطباعات (بنسبة 72%)، والعمل مجدداً مع العلامة التجارية ذاتها في مهام إضافية (بنسبة 71%). وأرجعت الدراسة سداد تلك الرسوم إلى المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، حسب إفادات صدرت عنهم، إلى الوقت الذي يقضونه في صياغة المحتوى، وما يستثمرونه من أموال في إنتاج المحتوى، والنفقات الشخصية خلال فترة التعامل مع العلامة التجارية، فضلاً عما يستثمرونه من أموال في الترويج لمنشوراتهم وتعزيز حضورها على شبكة الإنترنت، لافتة إلى أن أغلب المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي يتلقون أجرهم في شكل منتجات أو خدمات مجانية، فيما أوضحت نسبة 66% منهم أنهم يتقاضون مالاً مقابل كل منشور أو مقطع فيديو يقومون بوضعه على صفحاتهم.
وتتركز شكاوى عملاء البنوك عادة على الرسوم والمصاريف الإدارية وفوائد بطاقات الائتمان وعدم شرح تفاصيل المنتجات والأعباء المترتبة عليها خصوصاً بطاقات الائتمان، فضلاً عن الشكوى من تأخر البنوك في إصدار الشهادات خاصة شهادة براءة الذمة.
وفي إطار الجهود التي يتم بذلها داخل القطاع المصرفي لحل شكاوى عملاء البنوك، وضع اتحاد مصارف الإمارات، الهيئة التمثيلية المهنية للمصارف الـ49 الأعضاء العاملة في دولة الإمارات، إطار عمل موحداً لمعالجة شكاوى العملاء على مستوى القطاع المصرفي، واعتمده مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي للتطبيق عبر جميع بنوك الدولة، وسيساهم إطار العمل هذا بشكل كبير في تعزيز ثقة المستهلكين في القطاع المصرفي.
كما أطلق اتحاد مصارف الإمارات، عدة حملاتٍ على موقعه الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي الخاصة به بهدف تعزيز الوعي المالي بين شرائح الشباب والناضجين في أنحاء الدولة.
وفي الإطار ذاته، كشف المصرف المركزي، أنه ألزم البنوك، منذ نهاية العام الماضي، بتقديم تقارير ربع سنوية مفصلة عن الشكاوى التي تصلها من عملائها، متضمنة عدد هذه الشكاوى وطبيعة كل شكوى، وكيف تم التعامل معها، ونسبة ما تم حله منها وما تم إغلاقه.
الباب المفتوح
وأكد الشيخ محمد بن عبدالله النعيمي، الرئيس التنفيذي بالإنابة للبنك العربي المتحد، أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت الباب المفتوح لاستقبال شكاوى ومقترحات العملاء، منبهاً إلى أن تزايد المنافسة في القطاع المصرفي يجعل البنوك تسعى دائماً لإرضاء العملاء من خلال الاستماع لهم والتواصل معهم وهو ما يسهل تحقيقه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال النعيمي، إن البنوك الوطنية دائماً ما تسعى إلى تلبية متطلبات المستهلكين (العملاء) من خلال إجراء استطلاعات للرأي بصفة دورية لمعرفة نسبة رضا العملاء عن المنتجات المطروحة ومقترحاتهم، وكذا حاجاتهم إلى طرح منتجات أو خدمات مصرفية جديدة، منوهاً إلى أن الكثير من البنوك طرحت مؤخراً منتجات بناء على طلب العملاء وخاصة المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية مثل الوكالات الإسلامية والتمويلات الشخصية وتمويلات السيارات والتمويل العقاري، حيث لاقت هذه المنتجات إقبالاً من فئة كبيرة من العملاء.
مقر المصرف المركزي (الاتحاد)
مقر المصرف المركزي (الاتحاد)
شكوى من المنزل
من جهته، قال محمد أيمن العتاسي، رئيس التسويق الاستراتيجي والاتصالات في بنك الفجيرة الوطني، إن وسائل التواصل الاجتماعي خاصة «تويتر» أصبحت إحدى أهم الوسائل لحل المشاكل التي قد يواجهها عملاء البنوك، موضحاً أن عملاء البنوك أصبح بإمكانهم تقديم الشكاوى وعرض ملاحظاتهم عبر وسائل الـ«سوشيال ميديا» وهم في المنزل عبر هواتفهم الجوالة أو الأجهزة الذكية دون الحاجة إلى الذهاب إلى الفرع أو التواصل مع مركز الاتصال الخاص بالبنك، مع تلقي إفادات من إدارات البنوك حول تلقي هذه الشكاوى فورياً.
وأكد العتاسي، أن إدارات البنوك تحرص على توفير متخصصين لمتابعة وحل الشكاوى التي ترد عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتقديم إفادة أو توضيح بشأنها للعميل ما يضمن له حل مشكلتها أو فهم الأمور في إطارها الصحيح.
وأشار إلى أن أهمية وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد تقتصر على الترويج للبنك أو منتجاته فقط، وإنما امتدت إلى إمكانية الاستفادة من الآراء والمقترحات التي ترد من العملاء عبرها لعمل استطلاع للرأي أو تحليل للبيانات يمكن من خلاله تحديد مدى الحاجة إلى طرح منتجات جديدة أو قياس نسبة رضا العملاء عن منتج معين، مشدداً على أن وسائل الـ«سوشيال ميديا» باتت ضرورة للترويج للعلامات التجارية خاصة بين فئة الشباب الأكثر إقبالاً على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب دورها في تحسين العلاقة بين البنوك وعملائها من جهة وزيادة ولائهم للعلامة التجارية، وجذب عملاء جدد من جهة أخرى.
سهولة وسرعة
ويرى أسامة آل رحمة، المدير العام لشركة الفردان للصرافة، أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت واقعاً مهماً سواء للعملاء أو للبنوك والمؤسسات المالية، حيث إنها تعد وسيلة سهلة وسريعة لتواصل العملاء مع إدارة المؤسسة المالية وعرض مشكلاتهم وحلها بشكل سريع، فضلاً عن أنها تعد جزءاً مهماً يأتي ضمن استراتيجية التحول الرقمي التي تنفذها غالبية المؤسسات في الوقت الحالي.
وقال إن المؤسسات المالية عندما فكرت في التواجد عبر وسائل التواصل الاجتماعي كان الأمر في البداية يستهدف الترويج والدعاية ولكنها اكتشفت أن تلك الوسائل يمكن استغلالها بنطاق أوسع من أجل التواصل بسهولة مع عملائها ومعرفة آرائهم ومقترحاتهم، مؤكداً أن الإدارة العليا للمؤسسات المالية أصبحت أكثر حرصاً على الاستفادة من تحليل البيانات والإفادات (فيد باك) التي ترد عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تقييم الأداء الخاص بالمؤسسة والتأسيس لقياس حاجة العملاء إلى تقديم وابتكار خدمات ومنتجات جديدة إلى جانب معرفة ردود الأفعال عن المنتجات الجديدة التي تم طرحها بالفعل.
وأشار آل رحمة، إلى أنه على الرغم من أن التواجد عبر وسائل التواصل الاجتماعي يتطلب من المؤسسات المالية توفير قدرات تقنية وفنية وبشرية واستثمار مبالغ كبيرة نسبياً، إلا أن التواجد عبر الـ«سوشيال ميديا» أصبح أمراً ملحاً وسيتعزز أكثر في المستقبل ولاسيما أن المردود الإيجابي عادة ما يكون أكبر.
وذكر أن المؤسسات المالية أصبحت توظف متخصصين في هذا المجال بحيث يتم التواصل بين العميل وإدارة خدمة العملاء بشكل فوري وعلى مدار اليوم، لافتاً إلى إمكانية استغلال حلول الذكاء الاصطناعي في التواصل مع العملاء عبر «السوشيال ميديا» وهو الأمر الذي تتميز وتتفوق فيه البنوك والمؤسسات المالية في دولة الإمارات مقارنة بنظيراتها الإقليمية.
وسيلة فعالة
من جانبه، ذكر محمد بيطار، الخبير المالي، أن وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإلكترونية أصبحت من أكثر طرق التواصل مع العملاء نظراً لفعاليتها وسهولة التواصل من خلالها فضلاً عن تكلفتها المنخفضة مقارنة بطرق التواصل التقليدية، مشيراً إلى أن المؤسسات المالية دائماً ما تحرص على تلقي إفادات من العملاء من خلال إجراء استطلاعات للرأي بشكل دوري عن أرائهم ومقترحاتهم لتطوير العلاقة وزيادة نسبة رضا العملاء، الأمر الذي يمكن تحقيقه عبر وسائل الـ«سوشيال ميديا».
«المركزي» يلزم البنوك بتأسيس وحدة للشكاوى
ألزم مصرف الإمارات المركزي البنوك وشركات التمويل العاملة في الدولة بتأسيس وحدة للشكاوى، تتبع الرؤساء التنفيذيين والمديرين العامين للمصارف مباشرة، وتعطى صلاحيات لدراسة الشكاوى والمشاركة في حلها مع الدوائر المعنية، في كل بنك أو شركة تمويل.
وحسب تعميم صدر عن إدارة الرقابة على البنوك التابعة للمصرف المركزي، فإن البنوك وشركات التمويل مطالبة بتأسيس وحدة للشكاوى، تكون تابعة للرئيس التنفيذي أو المدير العام مباشرة، وتعطى صلاحيات لدراسة الشكاوى، والمشاركة في سبل معالجتها مع الدوائر الأخرى المعنية في البنك أو شركة التمويل.
وأوضح التعميم أن المهام الأساسية للوحدة تكون كالتالي: أولاً، تسلم الشكاوى من العملاء، ثم إقرار بتسلم الشكوى، من خلال إصدار رقم مرجعي لـ«طلب الخدمة»، ويستخدم هذا الرقم لمتابعة الشكوى ورفعها، ومن ثم يحدد ميثاق خدمة العملاء، الذي يتم عرضه في جميع الفروع والموقع الإلكتروني، وأجهزة الصراف الآلي والوقت الزمني لحل موضوع الشكوى، وبعد ذلك تزويد المشتكي برد مكتوب، بشأن الإجراء المتخذ في موضوع الشكوى، والحل الذي تم التوصل إليه.
وأضاف التعميم أنه يجب أن يكون «طلب الخدمة»، والمستندات ذات العلاقة متاحة لمفتشي المصرف المركزي لمراجعتها، إضافة إلى استخدام نظام إدارة الشكاوى التابع للمصرف المركزي في معالجة ومتابعة الشكاوى المتسلمة، على أن تقوم دائرة حماية المستهلك بالمصرف المركزي بعقد اجتماعات دورية مع مديري وحدات الشكاوى بالبنوك وشركات التمويل، لبحث أهم الموضوعات المطروحة وسبل معالجتها، فضلاً عن تزويد دائرة حماية المستهلك بالمصرف المركزي، بالتفاصيل اللازمة للتواصل مع المدير المسؤول عن وحدة الشكاوى، من خلال البريد الإلكتروني.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-tuw