مجلة مال واعمال

السعودية تتجاوز أهداف الاستثمار الأجنبي المباشر بـ26 مليار دولار في 2023

-

بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية 96 مليار ريال سعودي (25.6 مليار دولار) في عام 2023، مسجلة زيادة سنوية بنسبة 50 في المائة عن العام السابق، وفقًا لبيانات حديثة.

وذكر تقرير لوزارة الاستثمار أن هذه الأرقام تم حسابها باستخدام منهجية جديدة تتوافق مع الطبعة السادسة من دليل ميزان المدفوعات لصندوق النقد الدولي، والتي تقدم إرشادات محدثة لتجميع بيانات المعاملات عبر الحدود.

وتستثني الأرقام صفقة أرامكو البالغة قيمتها 55 مليار ريال سعودي من عام 2022، والتي استحوذ بموجبها تحالف بقيادة بلاك روك للأصول العقارية وشركة حسنة للاستثمار على حصة 49% في شركة تابعة لخطوط أنابيب الغاز تم تشكيلها حديثًا.

وتجاوزت التدفقات المعلنة هدف استراتيجية الاستثمار الوطنية بنسبة 16%. وتهدف المملكة العربية السعودية إلى تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بحلول عام 2030، ارتفاعًا من 2.4% حاليًا، بهدف جذب 100 مليار دولار سنويًا.

كما أشار التقرير إلى أن رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر (إجمالي قيمة الاستثمارات الأجنبية في المملكة) بلغ 897 مليار ريال، بزيادة سنوية بلغت 13.4%، كما ارتفعت التدفقات الصافية الداخلة بنسبة 91.1% إلى 86 مليار ريال.

وتصدرت الصناعات التحويلية تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2023، حيث بلغت 34.44 مليار ريال، أو 36% من الإجمالي، يليه القطاع المالي والتأميني بـ 14.86 مليار ريال، والبناء بـ 13.38 مليار ريال، وتجارة الجملة والتجزئة بـ 12.57 مليار ريال.

وبنهاية العام الماضي، ساهمت الصناعات التحويلية أيضًا بالحصة الأكبر من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث بلغت نحو 258.74 مليار ريال، أو ما نسبته 29% من الإجمالي، وساهمت أنشطة تجارة الجملة والتجزئة بنحو 134.8 مليار ريال، أو ما نسبته 15%، في حين بلغت مساهمة القطاعين المالي والتأميني 112.13 مليار ريال، أو ما نسبته 12%.

تعمل المملكة العربية السعودية بشكل نشط على تهيئة بيئة استثمارية جذابة كجزء من مبادرة رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن عائدات النفط.

لقد نفذت المملكة سلسلة من الإصلاحات والمشاريع الطموحة المصممة لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر وتحسين بيئة الأعمال بشكل عام.

وتشمل هذه المبادرات تبسيط العمليات التنظيمية، وتقديم الحوافز للمستثمرين، واستضافة فعاليات رفيعة المستوى تبرز إمكانات المملكة كمركز عالمي للاستثمار.

لقد ساهم تركيز الدولة على التوطين والابتكار في جعل التصنيع ركيزة أساسية لجذب الاستثمارات العالمية، بما يتماشى مع أهدافها في الاكتفاء الذاتي والتنمية المستدامة.

كما لعب النهج الاستباقي الذي اتبعته الحكومة السعودية لتحسين سهولة ممارسة الأعمال دوراً رئيسياً في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

لقد تطورت جهود التوطين من مجرد الامتثال إلى أن أصبحت محركات حيوية للنجاح على المدى القصير والنمو على المدى الطويل. وقد جسدت شركات مثل إيمرسون هذه الرحلة من خلال إنشاء مرافق تصنيع محلية وتوسيع عملياتها لتشمل مجموعة واسعة من المنتجات المصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات المحددة للسوق السعودية.

لقد عزز التركيز على بناء قوة عاملة محلية ماهرة من جاذبية قطاع التصنيع للمستثمرين الأجانب. وتضمن المبادرات التي تشجع التعاون مع المؤسسات التعليمية المحلية استمرار تدفق المواهب، حيث يتولى المواطنون السعوديون زمام المبادرة في هذه العمليات.

ويتماشى هذا الالتزام بتنمية القوى العاملة، وخاصة من خلال تعزيز الفرص المتاحة للنساء في الأدوار التصنيعية، مع الأهداف الأوسع لرؤية 2030 ويعزز اقتصادًا أكثر شمولاً.

وتدعم المبادرات مثل “برنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية في المملكة” (اكتفاء) توطين سلاسل التوريد، مما يقلل الاعتماد على الواردات مع تعزيز قدرات التصنيع المحلية.

ومن خلال الحصول على المكونات الأساسية محلياً، يمكن للمصنعين خفض تكاليف النقل والآثار البيئية، مما يجعل القطاع أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.

الرياض تتصدر تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر

استقطبت الرياض 33 مليار ريال من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، ما جعلها المنطقة الرائدة في المملكة العربية السعودية. ويمكن أن يعزى ذلك إلى مكانتها كعاصمة المملكة ومركزها الاقتصادي، حيث عززت المبادرات الحكومية ومشاريع البنية التحتية الكبرى ثقة المستثمرين.

وتلتها المنطقة الشرقية بـ 29 مليار ريال من التدفقات، مستفيدة من مواردها الطبيعية وموقعها الاستراتيجي الذي يدعم الأنشطة التجارية والصناعية، وتضم المنطقة مدناً رئيسية مثل الدمام والأحساء والجبيل والخبر.

حققت مدينة الخبر مؤخراً المركز 99 في مؤشر المدينة الذكية للمعهد الدولي للتنمية الإدارية لعام 2024، لتصبح خامس مدينة سعودية تحصل على وضع المدينة الذكية إلى جانب الرياض وجدة ومكة والمدينة المنورة.

ويسلط هذا التكريم الضوء على التزام المملكة برؤية السعودية 2030، التي تركز على التنمية الحضرية القائمة على التكنولوجيا. ويقيم مؤشر IMD المدن على قدرتها على الاستفادة من التقنيات المتقدمة لإنشاء مجتمعات ذكية ومستدامة.

واستقطبت منطقة المدينة المنورة 23 مليار ريال من الاستثمار الأجنبي المباشر، مدفوعة بأهميتها الدينية والإصلاحات الأخيرة لتعزيز فرص الاستثمار العالمية.

ومع تزايد إقبال الأفراد المسلمين ذوي الثروات الكبيرة في جميع أنحاء العالم على الاستثمار العقاري في المدن المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة، أصبحت المنطقة بمثابة نقطة جذب لالتزامات مالية كبيرة.

وتسلط الاستثمارات في البنية التحتية، مثل مشروع شركة تاف التركية لتشغيل المطارات وخدماتها بقيمة 275 مليون دولار لتوسيع مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي، الضوء على جاذبية المنطقة المتنامية.

ويعد هذا التطوير ضروريا لاستيعاب حركة المسافرين المتزايدة، والتي ارتفعت بنحو 50 في المائة في العام الماضي لتصل إلى 9.4 مليون مسافر. ومن خلال تعزيز قدرة المطار على التعامل مع 18 مليون مسافر سنويا، فإن التطوير يعزز من ارتباط المنطقة ويعزز جاذبيتها كوجهة للسياحة الدينية.

وبالتزامن مع هذه التطورات في البنية التحتية، يستعد قطاع الضيافة في المدينة المنورة أيضًا للتحول. فقد أعلنت شركة طيبة للاستثمار، وهي شركة متخصصة في الضيافة والعقارات، عن شراكة استراتيجية مع هيلتون لإحضار علامة فنادق ومنتجعات والدورف أستوريا إلى المدينة.

من المتوقع أن يؤدي تجديد فندق طيبة فرونت الحالي إلى فندق والدورف أستوريا المدينة إلى الارتقاء بتجربة السياحة، حيث يضم أكثر من 300 غرفة وجناح فاخر، وخيارات متعددة لتناول الطعام، ومرافق حديثة، بما في ذلك قاعات متعددة الوظائف ومركز للياقة البدنية.

ومن المقرر افتتاح الفندق في عام 2028، حيث سيعزز تجربة الحج، ويقع على مسافة قريبة من المسجد النبوي الشريف.

أهم الدول التي تقود تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر

وفي عام 2023، ستأتي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة العربية السعودية من مشهد دولي متنوع، حيث تمثل الدول العشرين الأكبر 85% من الإجمالي.

وتصدرت الإمارات العربية المتحدة القائمة بنسبة 19%، تلتها فرنسا بنسبة 11%، ثم المملكة المتحدة وهولندا بنحو 7% لكل منهما، في حين بلغت مساهمة مصر 6%.

ومن بين دول مجموعة العشرين، كانت فرنسا لاعباً مهماً، حيث ساهمت بنسبة 12%، تليها المملكة المتحدة بنسبة 7%. كما قدمت الولايات المتحدة والهند مساهمات جديرة بالملاحظة، بنسبة 6% و4% على التوالي.