أكد علي النعيمي وزير النفط السعودي أن المملكة ستتخذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على أسعار النفط في مستوى مقبول للدول المنتجة والمستهلكة، وقال في بيان خلال حضوره منتدى الطاقة في دبي أمس، إن ارتفاع الأسعار لا يعكس المعطيات الحقيقية للسوق، وإن السعودية ستتخذ جميع الخطوات اللازمة لضمان توافر إمدادات نفطية كافية، وستلبي أي طلب إضافي من العملاء بما يتماشى مع مصلحة الاقتصاد العالمي.
ونقلت ”رويترز” عن علي البهيوني مندوب الإمارات الدائم لدى منظمة ”أوبك”، تأكيده أن بلاده ملتزمة بإمداد عملائها بكل احتياجاتهم من الطاقة، وقال البهيوني ”لا تزال الأسواق تشهد درجة من التقلب رغم واقع العوامل الأساسية المتمثل في وجود طاقة إنتاجية فائضة لدى المنتجين لتلبية كل الاحتياجات، ووجود كمية وفيرة من النفط في السوق، وامتلاك المستهلكين الرئيسين مخزونات نفطية مرتفعة”.
وأوضح الدكتور عمرو كردي أستاذ المحاسبة النفطية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن تصريح وزير النفط السعودي له تأثير كبير في توجيه الأسواق نظرا لدور المملكة الريادي في السوق العالمية كونها المصدر الأول وتملك القدرة الكافية لإحداث الفرق في السوق، لذلك فإن أسواق النفط العالمية تصغي بانتباه لأي حديث من مسؤول سعودي.
ويرى الدكتور كردي أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط لا يزال في المستوى المعقول ولا يستدعي القلق كونه تذبذبا طبيعيا، وقال ”لو تم احتساب المتوسط طول العام لكان الرقم قريبا من 100 دولار، وهو الرقم الذي تنشده الدول المستهلكة والمصدرة”.
وأضاف أن التوازن بين الإنتاج والاستهلاك هدف صعب لأن الاستهلاك يتذبذب بصورة أكبر نظرا لمعطيات وظروف كثيرة تحيط بالدول المستهلكة، لذلك لابد من وجود هامش كبير في الإنتاج يستطيع استيعاب أي تذبذب في الاستهلاك، وهذا يحتاج لزيادة وتيرة الاستكشاف ورفع القدرات الإنتاجية. وأضاف أن منظمة ”أوبك” تعطي الإنتاج استقرارا أكبر لأن حجم القدرات النفطية للدول الأعضاء يمنحها قدرة على التحكم في العرض ومجاراة الطلب بشكل يخدم مصالحها الاقتصادية.
وحول انخفاض الاستهلاك في الولايات المتحدة، بين الدكتور كردي أن ذلك يعود إلى التحول للاعتماد على الغاز في إنتاج الطاقة بدلا من النفط بسبب زيادة إنتاج الولايات المتحدة من الغاز غير التقليدي، كما أن هناك خططا لتقليص استهلاك الوقود في السيارات عن طريق استخدام المحركات الهجين.
وتابع ”في الولايات المتحدة يوجد ارتباط وثيق بين السياسة وقضايا الطاقة، فإذا فاز مرشح جمهوري في الانتخابات القادمة فإن ذلك يعني تحول أكبر للغاز وتسارع عمليات الاستكشاف والتنقيب عن حقول غاز ونفط”. وأضاف أنه يتردد الحديث عن سعي الولايات المتحدة للاكتفاء الذاتي من الطاقة خلال الـ30 سنة القادمة، إلا أن بعض المسؤولين الأمريكيين يرون أن ذلك تحول غير إيجابي لأن خروج الولايات المتحدة من السوق العالمية سيؤثر كثيرا في تأثيرها الاقتصادي والسياسي العالمي، وسيتسبب بخلل في الأسواق، وسيضر بمصالح شركات أمريكية كبيرة.
ولفت إلى أن اكتفاء الولايات المتحدة ذاتيا بالنفط حلم غير منطقي لأن الطلب في ازدياد، ومهما كانت الاكتشافات فلن تستطيع مواكبة الزيادة في الطلب، كما أن النفط يدخل في صناعات كثيرة. إضافة إلى أن إنتاج الغاز الصخري يواجهه الكثير من المشكلات والعوائق البيئية والتقنية. وأوضح أنه مع كل الإجراءات لخفض الاستهلاك فإن فرص ارتفاع الاستهلاك عالية جدا في دول كثيرة لأن هناك اقتصادات نامية في الصين والهند وأجزاء مختلفة من العالم، وسيظل النفط ومشتقاته المصدر الرئيس للطاقة لعقود قادمة، وسيظل الطلب على النفط في تصاعد مستمر، يصاحبه وجود تذبذب يعود لأحداث لحظية مرتبطة بأحداث مؤقتة.
وفي السياق نفسه استأنفت أسواق النفط العالمية تداولاتها أمس بانخفاض ملحوظ، حيث تراجعت عقود النفط في الأسواق الآسيوية تحت تأثير خسائر البورصات الآسيوية والمخاوف بشأن الأزمة الأوروبية، ففي بورصة سنغافورة تراجع مزيج برنت 84 سنتا إلى 110.58 دولار للبرميل، بينما خسر الخام الأمريكي 68 سنتا ليسجل 92.21 دولار للبرميل.
وفي بورصة لندن تأثرت الأسعار بتطمينات السعودية بوفرة الإمدادات وقدرتها على مواكبة أي ارتفاع في الطلب على النفط، إضافة إلى ازدياد المخاوف بشأن الأزمة الأوروبية، والبيانات السلبية حول أداء الاقتصاد الألماني في شهر أيلول (سبتمبر)، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل اليورو على أداء الأسواق لتهبط الأسعار تحت مستوى 110 دولارات.
وقد خسر مزيج برنت في بداية تعاملات أمس في بورصة لندن دولارين ليسجل 109.42 دولار للبرميل.