مجلة مال واعمال

الدولار يتجاوز 16 جنيها في التداول الحر للعملات بين المصارف في مصر

-

5

قال مصرفيون في المصارف المصرية إن سعر الدولار تجاوز مستوى 16 جنيها في التداول الحر للعملات بين المصارف في مصر لأول مرة منذ تحرير سعر الصرف في خطوة تهدف إلى القضاء على السوق السوداء والحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.

يأتي ذلك بعد إعلان البنك المركزي تعويم الجنيه يوم الخميس الماضي وخفض قيمته بمقدار الثلث تقريبا في البداية مقارنة بالسعر الرسمي البالغ 8.8 جنيه للدولار.

وقال مصرفي لـ”رويترز”: إن “هناك حركة ولكنها ضعيفة .. حصيلة المصارف أيام الخميس والجمعة والسبت ستوجه للاعتمادات المصرفية للمستوردين. لا أحد يعطي كميات للأفراد الأولوية للاعتمادات المتأخرة منذ ثلاثة وستة أشهر.”

وتجاوز سعر بيع الدولار في معاملات ما بين المصارف أكثر من 16 جنيها خلال معاملات أمس. وعرض سيتي بنك البيع مقابل 16.55 جنيه والإمارات دبي الوطني مقابل 16.50 جنيه والتجاري الدولي 16.30 جنيه والبنك الأهلي وبنك مصر 16 جنيها بحلول الساعة 10:54 بتوقيت جرينتش.

وكانت أعلى الأسعار المعروضة في المصارف للشراء هي 15.70 جنيه من التجاري الدولي و15.75 من مصارف العربي الأفريقي وسيتي بنك والكويت الوطني والمصري الخليجي وأبوظبي الإسلامي و15.80 من بنك عودة و15.90 من بنك الاستثمار العربي.

ويعرض بنك مصر – الذي صرح رئيسه الأربعاء الماضي بأن سعر الدولار في السوق السوداء بلغ 13.50 جنيه – بيع الدولار مقابل 16 جنيها ويشتريه مقابل 15.50 جنيه. وقال أحد المستوردين للأجهزة الكهربائية في مصر “نتعامل مع أكثر من 30 مصرفا في مصر ولا أحد يريد فتح اعتماد مستندي لنا.”

ولكن أحد المصرفيين في بنك خاص قال “كل بنك يعيد ترتيب أولوياته حاليا اعتمادا على المتأخرات. المتأخرات لها الأولوية من فتح اعتمادات جديدة.”

وقال مصرفي في أحد المصارف الحكومية “لم نبع بعد دولارات سواء للأفراد ولم نفتح اعتمادات جديدة أو نغطي اعتمادات قديمة.”

وقالت ريهام الدسوقي من “أرقام كابيتال”، “ستستمر حالة التذبذب وارتفاع الأسعار إذا لم تكن هناك استجابة من حائزي الدولار. المصارف تتنافس مع السوق السوداء الآن على جذب الدولارات من القطاع العائلي (الأفراد).” وطرح بنك مصر والبنك الأهلي الخميس الماضي شهادات إيداع جديدة بفائدة 16 و20 في المائة لآجال ثلاث سنوات و18 شهرا على الترتيب. لكن لم يعلن حتى الآن بشكل رسمي حصيلة تلك الشهادات. وقال متعامل في السوق السوداء “هناك حالة من السكتة القلبية في السوق الآن. كبار التجار يريدون التخلص من الدولار مقابل 17.25 و17.50 جنيه.” وأظهرت بيانات أمس أن قيمة تداولات الدولار في سوق ما بين المصارف في مصر بلغت 184.9 مليون دولار أمس، وقد يجلب قرار تحرير سعر صرف الجنيه سيولة أجنبية إلى مصر في نهاية المطاف لكن مديري صناديق يقولون إن عدم التيقن الذي يكتنف الاقتصاد يعني أن تدفق أموال محافظ الاستثمار من الخارج لن يكون سريعا. ولتحقيق استقرار العملة بعد قرار الأسبوع الماضي تحتاج مصر إلى زيادة كبيرة في إيراداتها من النقد الأجنبي لتغطية العجز الحالي في ميزان المعاملات الجارية الذي بلغ 18.7 مليار دولار في الـ 12 شهرا حتى حزيران (يونيو) الماضي. ومن المتوقع أن يكون تغير الاستثمار الأجنبي المباشر البالغ 6.8 مليار دولار بطيئا فقط لأن قرارات الشركة تمر بعملية معقدة، ويعتمد الاقتصاد المصري بشكل كبير على الاستيراد ومن المستبعد أن يشهد طفرة تصديرية في أي وقت قريب. وربما يشجع الجنيه الرخيص مزيدا من العاملين المصريين في الخارج على تحويل الأموال إلى مصر لكن التحويلات البالغة 17.1 مليار دولار لم تشهد تغيرا يذكر على مدى سنوات. ويجعل هذا محافظ الاستثمار الأجنبية أحد أفضل المصادر المحتملة للأموال الجديدة. وقبل 2011 وما أعقبها من قلاقل اقتصادية تمكنت مصر من جذب مليارات الدولارات من تلك الاستثمارات سنويا، وشهدت السنة المالية الماضية صافي تدفقات إلى الخارج بلغ 1.3 مليار دولار.

لكن مديري صناديق أجنبية كثيرين أكدوا أن خفض قيمة العملة كان إجراء إيجابيا لأنه يزيل بشكل كبير القيمة الزائدة للجنيه عن قوته الحقيقية لكن مخاطر أخرى ما زالت تعرقل الاستثمار. ورغم أن صناديق أجنبية اشترت سندات مصرية دولارية في نهاية الأسبوع الماضي فلم تكن هناك علامات تذكر على مشتريات أجنبية للأصول بالعملة المحلية. وكي يحدث ذلك يقول مديرو الصناديق إن على القاهرة أن تظهر قدرتها على تحقيق نجاح كالذي أحرزته برامج إقراض أخرى لصندوق النقد الدولي وعلى سبيل المثال في باكستان وهي عملية قد تستغرق عدة أشهر.

وقال شاهزاد حسن مدير المحافظ لدى “أليانز جلوبال إنفستورز” إن خفض قيمة العملة “يجعلها بالقطع أكثر جاذبية حيث لم يعد الجنيه الآن مبعث خطر، لكن عند هذا المستوى فإن الأخبار السارة مأخوذة بالفعل في حساب أسعار السندات الدولارية. الاهتمام تحول إلى تطبيق برنامج صندوق النقد الدولي وهو الأمر الأكثر صعوبة”. ولن يكون كثير من المستثمرين الأجانب مستعدين لضخ الأموال في أصول بالعملة المحلية ما لم يقتنعوا بأن الجنيه بلغ أقصى درجات الهبوط وهو ما قد يكون بعيدا، وتسعر العقود الآجلة غير القابلة للتسليم الجنيه عند 17 جنيها مقابل الدولار في 12 شهرا. ويرجع ذلك لأسباب من بينها الطلب المتراكم على الدولار الذي يقدره المحللون لدى “سيتي جروب” بنحو تسعة مليارات إلى 11 مليار دولار ويقولون إنه يجب تلبيته قبل استقرار الجنيه.

وهناك مخاطر أخرى مثل التضخم، فرغم أن فاتورة واردات معظم السلع قد تم سدادها بالفعل بسعر الصرف في السوق السوداء فإن خفض قيمة الجنيه سيزيد أسعار الوقود المستورد وربما السلع الغذائية المهمة. ويقدر “سيتي جروب” أن ذلك سيضيف ثلاث نقاط مئوية إلى معدل التضخم الذي يتوقعه بنهاية العام عند 14 في المائة إضافة إلى نقطة مئوية واحدة أو نقطتين مئويتين العام المقبل. وسوق الأسهم مشكلة أخرى حيث أصبحت في ظل قيمة سوقية دون الثلاثين مليار دولار أصغر من أن تستوعب الكثير من التدفقات الجديدة، لكن سوق السندات وأذون الخزانة الحكومية بالعملة المحلية البالغة نحو 1.40 تريليون جنيه أكبر حجما بكثير.

وأشارت “رنيسانس كابيتال” إلى أن المشاركة الأجنبية في السندات المحلية منعدمة عمليا، لكن منذ أعوام قليلة كانت تبلغ نحو عشرة مليارات دولار متوقعة عودة الأجانب خلال ستة أشهر إلى 12 شهرا. لكن هناك صعوبات لوجستية، فقد أوضح كيران كيرتس مدير المحفظة لدى “ستاندرد لايف” أنه من منظور عملي فإنه ما زال من الصعب ضخ أموال في مصر، مشيرا إلى أن مصارف الحفظ ما زالت حذرة في تقديم خدماتها.