ل سيتأثر الدولار بالحالة الأميركية المتأزمة في المنطقة؟ إيران بدأت تعتمد اليورو عملة أساسية في بيع النفط، ودول الخليج متجهة إلى عملة موحدة بحدود عام 2010 وقد تكون عملة بديلة للدولار في التداول وتصدير النفط. وبدأ المسؤولون الخليجيون يصرحون بالأضرار التي لحقت باقتصادهم بسبب ارتباط عملتهم بالدولار. يقول سلطان بن ناصر السويدي، محافظ البنك المركزي في الإمارات، إنه يتوقع أن يكون اليورو بحلول عام 2010 عملة عالمية أكثر أهمية من الدولار، ويقول محافظ البنك المركزي الكويتي: عندما يكون لدينا عملة موحدة في الخليج وقد يكون هناك أيضا عملات أخرى يتم التداول بها في مركز دبي العالمي، فلا بد من خطة لإعطاء الدينار الكويتي مزيدا من الحرية مقابل الدولار أو ربط العملة الكويتية بعملة أخرى.
ويتوقع أيضا أن تبدأ العملة الصينية بالدخول إلى السوق المالية العالمية، ماذا سيحدث عندما يسعر النفط في سوق التبادل التجاري باليورو الأوروبي او اليوان الصيني، أو الدينار الخليجي؟
يقول مايكل بريس، المستشار والمحلل المالي في مجلة فوربس، إن الدولار بدأ يفقد قيمته بسرعة، فالولايات المتحدة دولة مدينة وهي أكبر مدين في العالم، ولا يعقل أن تظل في الوقت نفسه دولة الاحتياطي العالمي، وقد يصل الدائنون قريبا إلى مفترق طرق، والتفكير مليا قبل أن يتابعوا ضخ أموالهم في تلك العملة الآيلة للسقوط.
ويعيد كثير من المحللين الاقتصاديين ارتفاع أسعار النفط إلى أزمة الدولار وليس إلى أزمة السوق النفطي نفسه وحركة العرض والطلب، بل إن المفروض بعد عودة العراق إلى سوق النفط وتزايد إنتاج النفط والغاز في حوض بحر قزوين أن ينخفض سعر النفط لا أن يتضاعف، ولكن هذا الارتفاع القسري للنفط يشكل دعما هائلا ومصيريا للدولار عملة سوق النفط، وبغير ذلك فإن الطلب عليه معرض للتراجع بحدة كارثية.
الصين التي تعتبر ثاني أهم مستورد للنفط وتملك احتياطيات من الدولار تقدر بتريليون وهي المستورد الأكثر أهمية بالنسبة للخليج هل ستبقى تتحمل هذا الضرر الهائل بسبب دفع ثمن النفط بالدولار؟ وهل ستبقى مدخرات الناس والمستثمرين بالدولار الذي يهوي ويفقد جزءا كبيرا من قيمته؟ يقول بريس ثمة مخاوف عالمية كبيرة من سقوط مدوٍّ وكبير للدولار، وبالطبع فإنه مسار منطقي ومتوقع مع التحديات الهائلة التي تواجهها الولايات المتحدة وسياساتها العالمية بالإضافة إلى الصعود الروسي والصيني والهندي والآسيوي بعامة.
وبعكس الفكرة السائدة فإن ليوناردو ماغاري، رئيس قسم الاستراتيجيات والتطوير في شركة النفط والغاز الإيطالية ومؤلف كتاب “عصر النفط: تاريخ ومستقبل أكثر مصادر الأرض للجدل”، يقول في مجلة فوربس: إن النفط موجود في باطن الأرض بكميات هائلة لا تستدعي القلق والخوف؛ فدول الخليج التي يعتقد أنها تختزن 70% من النفط العالمي لا يمثل النفط المستكشف فيها أكثر من 3% من الاستكشافات العالمية للنفط، في حين أن أكثر من 70% من الاستكشافات الجديدة للنفط تقع في الولايات المتحدة وكندا، ويذكر مثالا صارخا، فعدد الآبار التي حفرت في دول الخليج بين الأعوام 1995 – 2004 لم يتجاوز المائة بئر في مقابل أكثر من 15700 بئر حفرت في الولايات المتحدة في الفترة نفسها، ولا يعمل في السعودية سوى 300 بئر للنفط مقابل مئات الآلاف من الآبار في الولايات المتحدة الأميركية.
ولكن يبدو أن ثمة رغبة بعدم خروج السيطرة على النفط من أيدي الولايات المتحدة، ومع تعرض سياساتها ومواقفها للانهيار فإن الدول في المنطقة مرشحة لدور إقليمي أكبر كما يلاحظ في الدور السعودي المتنامي في العراق وفلسطين ولبنان، وقد يعني هذا تحولات كبيرة على النفط والدولار.