مال واعمال – الاردن في 5 مايو 2021 – منذ خمسينيات القرن الماضي كان الاقتصاد الاردني مزيجا من العجز المزمن والمساعدات والهبات وتحويلات المغتربين، ولتغطية نفقات الدولة بدأت الحكومات المتعاقبة بالاستدانة حيث كان الدين بمجمله من مصادر خارجية وبقيت الحكومات على هذا الحال تتبع هذا النهج مع العلم أنه تم اعفاء الاردن من تسديد بعضاً من ديونه بعد مؤتمري مدريد سنة 1991 ووادي عربة 1996 حيث ربطت الولايات المتحدة شطب الديون المترتبة على الاردن وتقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية بإحراز التقدم على المسار ألاردني – الاسرائيلي وصولا إلى معاهدة صلح بين الطرفين.
ويشار إلى أن المملكة في عام 2005 طبقت برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي” الذي انطلق العمل به العام 2002 والذي قام على مبدأ تعزيز الإنتاجية من خلال تنفيذ فلسفة الاستثمار في عمليات الإصلاح التي تساعد على الوصول إلى التنمية المستدامة وفي تنفيذ الإصلاحات المالية والإدارية والقضائية وفي تحسين الخدمات الحكومية الأساسية المقدمة للمواطنين خاصة في المناطق النائية مع التركيز على قطاعات الصحة والمياه والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتنمية القرى والمحافظات ومحاربة الفقر والبطالة. وفي مطلع العام 2007 كانت نسبة الدين المحلي الى الدين الاجمالي لا تتجاوز30% حيث كانت نسبة النمو جيدة أيضا ببلوغها 7.2 % فقد واصل الدين العام هبوطه الى الناتج المحلي الاجمالي ليصل الى 67.6 % أو ما مقداره 8.19 مليار دينار.
إدارة وتركيبة الدين العام :
– وشهد العام 2008، صفقة شراء ديون نادي باريس من عوائد التخاصية بقيمة 2.1 مليار دولار مما انعكس على الارقام النهائية للمديونية العامة حيث هبط رصيد الدين نسبة الى الناتج المحلي الى 54.8 % ليصل الى 8.5 مليار دينار موزعة على 3.64 مليار دينار كدين خارجي، في حين بلغت المديونية الداخلية 4.91 مليار دينارلتعكس تغيرا في تركيبة الدين العام، ورافق ذلك تراجع النمو مقارنة بالسنوات السابقة حيث بلغ 6.7 % خصوصا في الربع الأخير من العام 2008 والذي شهد تفجر الأزمة المالية العالمية.
– في هذه الاثناء توجهت الحكومة للاستدانة من البنوك والمؤسسات المحلية ، وخلال خمسة سنوات تقريبا أي بحلول العام 2012 اصبح الدين المحلي هو الغالب ولكن اللافت للنظر أن اجمالي الدين العام قد تضاعف خلال تلك السنوات الخمس ووصل الى ما يقارب 20 مليار دينار.
– تزامنت سياسة الاقتراض الداخلي في الاردن مع انفجار بركان الازمة المالية العالمية وإنهيار العديد من المؤسسات المالية العالمية وهو ذات الوقت الذي لامست فيه معدلات الفوائد على القروض الممنوحة هامش الصفر في بنوك اليابان وامريكا والاتحاد الاوروبي، أي أن الصناديق السيادية المختلفة ورؤوس الاموال العربية والغربية كانت تبحث عن فرص لاستثمار اموالها بعوائد بسيطة ولكننا أولينا الاهتمام
للاستدانة من البنوك المحلية التي تقترض بفوائد بسيطة من المودعين ومن البنوك الخارجية ومن ثم تقرضها للحكومة الاردنية محققة بذلك ارباحا كبيرة.
– وبسبب سهولة ورعونة تنفيذ سياسة الإنفاق والتوسع فيها وخصوصا في النفقات الجارية امتهنت الحكومة مبدأ الاستدانة من المصارف والمؤسسات المحلية لسهولة الحصول عليها، ورهن المالية العامة للدولة للقروض والتمويل ، و تزامنت سياسة الاقتراض الداخلي بعد الانتهاء من برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي وخصخصة العديد من الشركات والمؤسسات الوطنية (كالاتصالات الاردنية والفوسفات والاسمنت الاردنية والبوتاس العربية والملكية الاردنية وشركات عديدة …. الخ ) وبعد عدة سنوات من احتلال بغداد وفقدان الاقتصاد الوطني الشريك الاقتصادي الاكبر وبالتالي فقدان المنحة النفطية ، وتزامنت هذه السياسة ايضا قبل اندلاع الازمة السورية وانقطاع امدادات الغاز المصري وتحول المملكة لانتاج الكهرباء من السولار والوقود الثقيل ، وقبل سنوات عديدة من جائحة كورونا .وقد تسببت هذه السياسة الى تراجع فكرة الاعتماد على الذات والانتاجية
– وفي عام 2012 وبعد مرور ما يقارب الخمس سنوات على بدء الضخ الجائر من خزانات التمويل الداخلي ، بدأ اصحاب الولاية المالية والمتحكمين بالسياسة النقدية والسياسة المالية بالعودة الى سياسة الاقتراض الخارجي لتسديد الاستحقاقات من قروض خارجية وفوائد تدفع بالعملات الصعبة فقط والتي اصبحت تشكل عبئا كبيرا ولكنهم حتماً تناسوا احتساب الكلف المستقبلية ( السداد) لذلك النمو الاقتصادي الزائف الذي تم عند الاقتراض.
– ومع مرور الأيام، أدت “عبقرية الاستدانة هذه” إلى اقتراب الدين العام من حجم الناتج المحلي الاجمالي، حتى وصلنا اليوم وبعد 15 سنة إلى تخطي الدين الاجمالي حاجز 110% من الناتج المحلي الاجمالي.
– بشكل عام، فإن ارتفاع الدين الداخلي في دول العالم الثالث بهذا الشكل، غالباً ما يؤشّر الى صفقات بين الحكومة من ناحية والمصارف وأصحاب رؤوس الأموال من ناحية أخرى، مما يعني تمويل انفاق الحكومة مقابل فوائد مجزية، مما يتيح للحكومة ان تتنفس الصعداء وتبدأ عمليات الانفاق والهدر وإطلاق المشاريع هنا وهناك (( والتي لا تخلو بعضها من الشبهات )) لا يقدر البلد على تحمل كلفتها في ظل الظروف الطبيعية . وغالبا ما تبرر حكومات هذه الدول سوء إدارتها وتخريبها إقتصاد البلاد واسهاب الفقر والبطالة في المجتمع وتتهرب من مسؤولية أفعالها، إمّا عبر لوم الشّعب على تبذيره وإهماله وإسرافه وكثرة احتياجاته وعدم رغبته من ممارسة العديد من الاعمال اسقاطاً لثقافة العيب ، أو عبر لوم الظروف الخارجية الاقليمية والدولية وضربات القدر.
القناعة:
علينا أن نقتنع بأننا لم نعد نملك الادوات ولا المقومات ولم يبقى لدينا موارد حرة ملك للدولة نستطيع الاعتماد عليها لتسديد هذا الكم الهائل من الديون والفوائد بغض النظر عن الأسباب ومن المسؤول الذي اوصلنا الى هذا الحال ، ولا نملك الحق في تأجيل هذه القناعة أو ترك مصيرنا ومصير الوطن والابناء لما ستحمله الايام.
– عندما تذهب للحصول على قرض شخصي ، سكني او تجاري مقابل ضمانات حقيقية، فإن البنك يقوم بدراسة الطلب وتقييم المخاطر والتدقيق في مصادر وكيفية السداد، ويحرص البنك على أن تكون قيمة الاقساط والفوائد المستحقة متجانسة مع الدخل العام بحيث تكون الاقساط على قدر استطاعتك ، ولنفرض أنه وبعد الحصول على ذلك القرض ولسبب قاهر توقف مصدر الدخل لديك أو اصبحت عاجزا عن الوفاء بالتزاماتك تجاه الجهة الدائنة عندها ستشعر بأن كرامتك هي في نقصٍ طالما انت مَدين، ولن تشعر بالراحة أو تعيش حياتك بشكلٍ طبيعيّ وفوق رأسك دَينٌ وأقساط مجدولة حتى تتمكن من سدادها؛ وهنا أطرح عليك سؤالاً عزيزي القارئ: هل تعتقد بأن الحكومات التي سارعت الى الاستدانة لتمويل نفقاتها وتغطية عجز ميزانياتها وتمويل المشاريع، قد قدمت اثباتات تبرهن من خلالها أنها قادرة على الوفاء بتسديد القروض والفوائد من خلال استثمارها للاموال في مشاريع انتاجية؟ وما مستوى ماء الوجه الذي تملكه تلك الحكومات عند عجزها عن الوفاء لتسديد ديونها واللجوء الى استدانة جديدة وجيب المواطن يذهب جزء منها لسداد بعض من المستحقات السابقة وإنفاق االجزء الآخر ؟ وهل تعتقد بأن الحكومات تعلم بأنها قد لا تجد من يقرضها لأسباب ائتمانية وأنها ستضطر الى خفض الانفاق بأي طريقة أو ستكون السياسة النقدية مضطربة وقيمة العملة المحلية في خطر؟ .
السياسات النقدية والمالية ووضع الدينار الاردني :
– ترتبط دائما السياسة النقدية بتغيير معدلات الفائدة والتأثير في حجم المعروض من الأموال المتداولة، وتنفذ هذه السياسة بواسطة البنوك المركزية كما أنها تستطيع تحفيز الاقتصاد بأدوات نقدية مثل التيسير الكمي لزيادة المعروض من النقد، في حين تعتمد السياسة المالية على قرارات حكومية وموافقات برلمانية بتغيير معدلات الضرائب ومستويات الإنفاق من أجل التأثير في الطلب، وبالتالي الانعكاس على النمو الاقتصادي. ربما يكون للسياسة المالية آثار جانبية وفاعلية أكبر في الاقتصادات حيث إنه في حالة ارتفاع التضخم، يتم رفع الضرائب وخفض الإنفاق، وهي أمور لا تلقى صدى إيجابيا في الأوساط الشعبية كما أنها تؤثر سلبا على الخدمات العامة.
– في العقود الأخيرة، أصبحت السياسة النقدية أكثر شهرة من السياسة المالية نظرا لتدخل البنوك المركزية في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وربما يرغب الساسة في التدخل بخفض الفائدة لإنعاش الاقتصاد قبيل انتخابات عامة أو ما أشبه.
– تعد السياسة النقدية أسرع في التنفيذ، فمن الممكن تغيير معدلات الفائدة بشكل شهري.
– خلال أوقات الركود الشديد، ربما تكون السياسة المالية أكثر أهمية لجذب الثقة في الاقتصاد، وذلك حال فشل السياسة النقدية.
– إن استقرار السياسة النقدية للدولة وخاصة الشق المتعلق بارتباط الدينار بالدولار الأميركي، وثبات إﺟﻤﺎﻟﻲ اﻻﺣﺘﯿﺎطﯿﺎت اﻷﺟﻨﺒﯿﺔ لدى اﻟﺒنك اﻟﻤﺮﻛﺰي وانخفاض فاتورة الطاقة للدولة بسبب انخفاض سعر النفط الى النصف تقريبا وانخفاض الطلب، ونمو إجمالي الودائع بالدينارالاردني وعوامل أخرى تدعو مجتمعة للإطمئنان بشكل مؤقت وتساعد على استقرار الدينار الاردني في الوقت الراهن و تثبيت التصنيف الائتماني السيادي للأردن رغم زيادة المديونية العامة وضعف نمو الاقتصاد في السنوات الاخيرة والاثر السلبي لجائحة الكورونا، ولكن الحفاظ على ذلك يتطلب التزام الحكومة بخفض الانفاق وتحفيز وإنعاش الاقتصاد بعدة وسائل اهمها ضخ النقد والتأثير في حجم المعروض من الاموال المتداولة وتخفيض معدلات الفائدة.
الى أين؟؟
– من البديهي أن نعترف بأن صندوق النقد الدولي والجهات الدائنة لا يريدون لنا أن ننهار كلياً ولكن هذا حتما لا يعني أن نعيش حياة جيدة ، لكنهم أرادوا لنا أن نقبع في مستنقع الدين، وسنسمع قريباً عن طلبات اصلاحية جديدة لن تزيد المواطن الا جوعاً والماً وأنه يتوجب علينا أن نتبع نمط حياة التقشف لسنوات عديدة (قال يعني اكثر من هيك … بكل تأكيد … نعم) وستكون هناك مساعدات وهبات ومؤتمرات دولية لتأجيل الاستحقاقات وتشتري لنا مزيدا من الوقت، وستكون هذه الكلفة هي الاعلى حيث انها ستكون على حساب كرامة المواطن وطعامه وشرابه وتقليص الاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية والخدمات والبيئة، مع العلم إنّ إجراءات التقشف ورفع الدّعم وفرض المزيد من الضرائب والرسوم هي جزءٌ من استراتيجيّة خمسية أقرّت عام 2016 للتعامل مع الدّين كان الهدف منها أن ينخفض حجم الدين الى الناتج العام من 95 % الى 81.7 % ولكن اليوم وبعد مرور 5 سنوات ذهبنا في الاتجاه المعاكس وتجاوز الدين الاجمالي حاجز 110% من الناتج المحلي الاجمالي.
* على الحكومة الاردنية أن تعلم بأن تعهدها بتنفيذ برنامج الاصلاح المالي والاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي للاعوام الثلاث القادمة ، والذي يهدف إلى استقرار المالية العامة للدولة والسياسة النقدية، والحد ّ من عجز الموازنة عن طريق تعزيز الايرادات المحلية وأغلبها الضريبية ، سيكون بمثابة رصاصة الرحمة في قلب الاقتصاد وسنصل الى مرحلة تسمى بالرُّكود التضخُّميّ وهي حالة نمو اقتصادي ضعيف وبطالة عالية، أي ركود اقتصادي، يرافقه تضخم. وتحدث هذه الحالة عندما لا يكون هناك نمو في الاقتصاد ولكن يكون هناك ارتفاع في الأسعار، وهي حالة غير مرغوب فيها. وستنخفض عائدات الحكومة ولن تعود قادرة على دفع الرواتب وخدمة ديونها الخارجية او الداخلية او إنفاق اي أموال على التعليم والصحة والبنية التحتية وغيرها من الاحتياجات.
* إن النموذج الذي تتبعه الحكومات المتعاقبة قد استنفذ نفسه ولم يعد قادراً على الاستمرار.
* وبالتالي لم يعد يستطيع المواطن أن يتحمل أعباء سياسات الإصلاح المالي
أهم التحديات الاقتصادية وسبل مواجهتها:
بالاضافة الى استمرار المخاطر في بيئة الاقتصاد العربي والاقليمي والدولي لأسباب مختلفة، تكمن اهم التحديات الاقتصادية امام الحكومة والاجراءات التي عليها اتباعها في عدة محاور منها:
اولاً : ارتفاع نسبة البطالة الى معدلات مخيفة تدق ناقوس الخطر معلنة ارتفاع الفقر والمعاناة والاحباط وتجويف المجتمع وذلك لتراجع التنمية ولعدم قدرة الاقتصاد الأردني على التوظيف وخلق فرص العمل الامر
الذي يتطلب من الحكومة زيادة معدلات الإنفاق وخاصة الإنفاق الرأسمالي لتحفيز النمو، فضلا عن السياسات التحفيزية الأخرى النقدية والاستثمارية والتجارية.
ثانياً : ارتفاع عجز الموازنة العامة ويُقصد بهذا المفهوم ارتفاع مستوى الإنفاق العام على الإيرادات العامة للدولة خلال فترة زمنية معينة، كما سيطرت فاتورة الرواتب والتقاعد وخدمة الدين على الموازنة، وهبط الإنفاق الرأسمالي؛ مما أثر سلبا على البنية التحتية. مما يستدعي إعداد قانون جديد لتنظيم الموازنة العامة ومعالجة هذه الاختلالات .
ثالثاً : ارتفاع الدين العام الداخلي والخارجي بهدف تمويل العجز في الموازنة العامة للدولة ، مما يستدعي العمل على الحدِّ من الإنفاق خاصة الإنفاق الحكومي غير المبرَّر ، حيث بات الدين العام وعجز الموازنة يشكلان تحديا هيكليا عميقا يتطلب إصلاحا هيكليا يشمل اصلاحات تشريعية وقانونية ومالية وادارية .
رابعاً : تحفيز السياسات الاقتصادية وتحسين بيئة الاعمال وتقليل كلفة ممارسة الاعمال وخفض كلف الانتاج من أجل الحفاظ على الاستثمارات القائمة وتعزيز دورها وخلق بيئة جاذبة ومميزة للمستثمرين المحليين والعرب والدوليين على حدٍّ سواء وحماية حقوقهم ومحارية البيروقراطية الطاردة للاستثمار وتقديم كافة أشكال الدعم للمشاريع ذات القيمة المضافة والمشاريع الريادية مما سيسهم في تخفيف مشكلة العجز في الموازنة الامر الذي يتطلب إعادة النظر في التشريعات والانظمة والقوانين وتطويرالبنى التحتية الضرورية اللازمة لتحسين دورالاستثمار. مع العلم ان الاقتصاد الاردني صغير وذو انتاجية منخفضة يعتمد فقط على قطاع الصناعة والخدمات والتجارة والسياحة ، أما القطاع الصناعي الذي يعتبر العامل الرئيسي لتحقيق التنمية وخلق فرص العمل والتوظيف فيتألف من الصناعات التحويلية والتعدينية وانتاج وتوزيع الطاقة ، والميزان التجاري يعكس واقع الحال.أما في ما يتعلق بالقطاع الزراعي فما زلنا نبحث في تعريف مصطلح الامن الغذائي ولا نملك إرادة حقيقية وقدرات مالية وفنية واخرى في مجالي المياه والطاقة للمساهمة في ترجمة هذا المصطلح على ارض الواقع.
خامساً : انخفاض حجم المساعدات الخارجية وخصوصا الخليجية منها بسبب مواقف الاردن المشرفة تجاه صفقة القرن والقضية الفلسطينية والوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية . لذلك يتوجب العمل على استثمار المكانة المتميزة التي يحظى بها الأردن لتعزيز الدعم المقدم للأردن في ظل الظروف التي يواجهها
سادساً : العمل على تنويع مصادر الدخل خصوصاً بعد تراجع حجم المساعدات الخارجية وتراجع نسبة تحويلات المغتربين كما ان الاعتماد على الضرائب -وبشكل كبير- مصدرًا للدخل الحكومي أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وعدم رغبة المستثمرين في الاستثمار في الأردن واغلاق العديد من المشاريع القائمة .
ولا بد من الاشارة الى أن ايرادات الحكومة من ضريبة الدخل تحديداً لن تصل الى تلك الارقام المرصودة في الموازنة لتعكس بذلك أثر التراجع الاقتصادي في 2020.
سابعاً : انخفاض عوائد إيرادات القطاع السياحي لأسباب عديدة أخرها أزمة وباء كوفيد 19.مما يستدعي تقديم الدعم لهذا القطاع المنكوب وضرورة تحصين كل المجتمع من الوباء عبر التطعيم مما سيسهل عملية اعادة تشغيل القطاع السياحي قبل الدول الاخرى
ثامناً : وجود شبهات فساد ذات أثر مالي كبير مما يستدعي المكافحة الحقيقية لكافة أشكال والوان الفساد والواسطة والمحسوبية من خلال تطبيق التشريعات والقوانين والأنظمة على الجميع بشفافية مطلقة دون محاباة لجهة معينة ووضع عقوبات رادعة ، والتحول في منح الاعفاءات العشوائية إلى التحفيز االاقتصادي ، مما سيساهم بصورة غير مباشرة في مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والكسب غير المشروع وحماية المال العام.
تاسعاً : البحث عن أسواق جديدة لتصريف وتسويق المنتجات ومن ضمنها الزراعية والصناعات الأردنية ، وعدم الاعتماد على الأسواق التقليدية فقط، وهذا يتطلَّب اقرار وتنفيذ سياسات تتعلَّق بتعزيز الانتاجية الزراعية والصناعات الزراعية والصناعات والمشاريع ذات القيمة المضافة ودعمها، والعمل على تطوير متطلبات الجودة العالمية فيها.
عاشراً : قضية اللجوء السوري وارتفاع تكلفة إيواء الاخوة اللاجئين السوريين في الأردن .بالاضافة الى مدى تأثير اللجوء السوري على المواطن الاردني بالطرق المباشرة وغير المباشرة .
حادي عشر : أمن الطاقة والمياة وسبل تعزيزمصادر الطاقة والمياه وتطوير الشبكات وخفض التكاليف وتقليص الفاقد والتحقيق في مجال المساعدات الممنوحة في مجالي الطاقة والمياه وطرق انفاقها .
الخاتمة:
في ظل الوضع الراهن فإنه يمكنني القول ان الحكومة الأردنية الحالية مقتنعة بهول الازمة الاقتصادبة وتداعياتها ولكنها غير قادرة بسياساتها إلى الآن على التعامل مع المشاكل الاقتصادية التي تواجهها لأسباب عديدة وخارجة عن ارادتها ، ونتفق مع الحكومة انه من غير الممكن خفض العجز وزيادة الانفاق الرأسمالي لتحفيز النمو وتطوير البنية التحتية وتحسين الرواتب والاجور دون وجود زيادة في ايرادات الدولة.
لذلك لا بد من البحث عن حلول جديدة مبتكرة مبنية على أساس الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص من الألف الى الياء واعادة النظر بالتشريعات والانظمة والقوانين وتعديلها حسب الحاجة لتحسين بيئة الاعمال وخلق بيئة جاذبة للاستثمار وتعزيز الانتاجية ؛ والايمان المطلق بأهمية موقع الاردن الجيوسياسي وأن تكون ارادتنا صلبة وعزيمتنا قوية بقدرتنا على جعل الاردن مركزا لوجيستياً رئيسياً في المنطقة . وتنويع مصادر الدخل ومحاربة الفقر والبطالة عبر تفعيل وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص وطرح مشاريع شراكة ذات قيمة مضافة، والبدء بتنفيذ هذه المشاريع بما يخفف العبء على الموازنة العامة. وبعكس ذلك سيكون حال الحكومة الحالية هي حال الحكومات السابقة كحكومة جباية، لا يُوجد لديها سياسات اقتصادية واجتماعية مستقلة وجديدة للتعامل مع المشاكل التي تواجهها.