أكد المشاركون في الجلسة الثانية من ملتقى الكويت المالي بعنوان كويت المستقبل والتحديات والبدائل الاستراتيجية أن هناك ضرورة لتنويع مصادر الدخل وخلق تنمية مستدامة وزيادة القدرات الاقتصادية في ظل تراجع أسعار النفط، مشيرين الى أن الاقتصاد الكويتي هو اقتصاد مالية عامة وأن جميع مؤشراته الاقتصادية تراجعت رغم زيادة الانفاق على المالية العامة. في البداية، أكد رئيس مجلس ادارة بيت التمويل الكويتي بيتك حمد المرزوق أن هناك ضرورة للاعتماد على اقتصاد المعرفة لتحقيق التنوع الاقتصادي في الكويت وتوفير البدائل الاستراتيجية لمساعدة الشركات الكويتية على تخطي الحدود المحلية وصولا الى العالمية.
وأضاف المرزوق انه ليس من المنطقي وجود تخطيط اقتصادي سليم في ظل التذبذب الشديد لاسعار النفط، مشيرا الى انه لا يمكن لصانعي القرار سواء في القطاع الخاص او العام بما فيهم القطاع المصرفي وضع الخطط المستقبلية في ظل هذا التذبذب لاسعار النفط، الذي بدوره ينعكس على الانفاق الحكومي ارتفاعا وانخفاضا.
وأشار المرزوق الى دراسة أجراها اتحاد المصارف منذ 6 سنوات كان حينها 120 دولاراً للبرميل، وحدد فيها سيناريوهات اسعار النفط للسنوات المقبلة بنحو 75 دولاراً للبرميل. وأوضح انه ووفقا لهذا السيناريو فان الكويت ستستهلك احتياطياتها بحلول 2030.
وأكد أن استمرار النهج الحالي في الاعتماد على مورد وحيد للميزانية سيؤدي الى مخاطر جسيمة، مشيراً الى أن القيمة السوقية للفيس بوك تصل الى 400 مليار دولار وهي تقارب من قيمة الصندوق السيادي الكويتي. وبين في كلمته أنه لا يخفى على أي مراقب اقتصادي الاختلالات الهيكلية التي تعتري المالية العامة وأهمها الارتباط المباشر بين أسعار النفط ووضع الموازنة العامة وهو الأمر الذي يضع صانعي القرار بموقف صعب جداً عند نزول أسعار النفط الى مستويات متدنية والعكس صحيح عند ارتفاع أسعار النفط والفوائض فنجد أن شهية البعض تكون مفتوحة لزيادات الرواتب والكوادر وغيرها. وقال ان هذا سيؤدي الى سلسلة اضافية من التشوهات الهيكلية ويتمثل أهمها في زيادة الفجوة بين مرتبات القطاع العام والقطاع الخاص لصالح الأول وتحجيم قدرة القطاع الخاص على استيعاب مخرجات التعليم وطالبي العمل. ولفت الى أن عدم وجود خطة تفصيلية طويلة الأمد لمعالجة الوضع المالي ووضع تصور شامل يُحجم من اعتمادنا على النفط كمصدر أساس يمثل ظلماً من هذا الجيل في حق الأجيال المقبلة.
ومن جانبه أوضح الخبير الاقتصادي جاسم السعدون أن أولوية اطفاء حريق المالية والتي من دونها لا ضمانة للمستقبل لمواجهة ضرورات البشر وهو ما يتطلب ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي. وقال من بين الحلول المهمة وضع سقف ملزم للنفقات العامة نحو 16 مليار دينار أو نحو 4 أضعاف ما كانت عليه في عام 2000 وذلك بنحو الغاء 90 في المئة من هيئات ومؤسسات ومجالس الطفرة النفطية، الى جانب الوفر في هدر الانفاق.
وأوضح أن هناك أولوية في الدخل المستدام وعدم الاعتماد فقط على النفط، مؤكدا أن نعمة النفط تتركز في تراكم ما بين 500 الى 600 مليار دولار للصندوق السيادي الكويتي. وقال ان المطلوب هو توفير قاعدة للدخل المستدام بحدود تتراوح بين 9 الى 10 مليارات دينار لتمويل 60 في المئة من الانفاق. واستعرض السعدون الوضع الاقتصادي بالقول إن الاقتصاد الكويتي للاسف اقتصاد مالية عامة يعتمد بنسبة طاغية على أسواق النفط والمفارقة هي أن الاقتصاد يفقد تنافسيته، لافتاً الى أنه في الفترة من 1990 الى 2003 زادت المالية العامة بنمو سنوي 6.3% في 2003 وذلك من أجل اعادة الاعمار. وقال ان مساهمة النفط في الناتج المحلي 63.5 في المئة في 2014 مقابل 41 % فقط في 2003 وبلغت مساهمة الايرادات النفطية من اجمالي الايرادات 88.4 في المئة في 2003 مقابل 93.6 في المئة في 2013. وقال أصبحنا أكثر اعتماداً على ايرادات النفط في تمويل الميزانية رغم النفقات المليارية.
وعن الخلل في التركيبة السكانية، أوضح السعدون أن غير الكويتيين في 2003 بلغت 63.6 في المئة مقابل 36.4 في المئة للكويتيين. وفي 2013 بلغت نسبة المواطنين 31.3 في المئة مقابل 68.7 في المئة غير المواطنين في 2013.
واستدرك أن سوق العمل زاد تخلفاً، حيث بلغت العمالة الوطنية 17.3 في المئة مقابل 82.7 في المئة لغير الكويتيين في 2013. وكانت 19.1 في المئة للعمالة الوطنية مقابل 80.9 في المئة للعمالة غير الكويتية في 2003. ووضع السعدون سيناريو متحفظاً حول المستقبل بالقول أن الحكومة لو حافظت على معدلات الانفاق العام بمعدل انفاقها العام خلال الفترة من 1990 الى 2003 بواقع 6.3 في المئة، لوصل حجم النفقات بحدود 7.9 مليارات دينار وكان الصندوق السيادي بلغ 814 مليار دولار، مع اضافة وفورات المؤسسات الأخرى كان سوف يقترب من 900 مليار دولار.
وأوضح أنه في زمن ركود سوق النفط بدءاً من عام 2015 والتي كان من الممكن تغطية نفقاتها نحو 75 في المئة من ايرادات النفط عند مستوى 2016/2017.
وقال السعدون انه ورغم سوء الأحوال الاقتصادية، الا أنه لا تزال هناك قدرة على اتخاذ القرار الصحيح والسليم والمخاطر القادمة ستكون في غاية السوء ان لم يكن هناك قرار سليم.
وتوقع السعدون بلوغ سعر النفط الى مستوى 60 دولاراً للبرميل والانخفاض الى مستوى 40 و50 دولاراً للبرميل. من جانبه قال د. سالم الحجرف ان استدامة الطاقة تعتمد على معادلة بسيطة لضمان استمرارية وديمومة التنمية في اي بلد في العالم، وتتمثل في تنمية المصادر الاولية من نفط وغاز ومعادن وغذاء وحماية البيئة، والاقتصاد المتنوع.
واشار الى عدة اسباب تدعو الكويت الى التوجه نحو الطاقة المتجددة، منها ان النفط حتما سينضب، مع الاخذ بالاعتبار ان ثلث استهلاك العالم من الكهرباء سيغطى من خلال الطاقة المتجددة.
ونوه الى ان فاتورة الوقود المستخدم في انتاج الكهرباء بالكويت تصل الى 2.4 مليار دينار سنويا، مشيرا الى ان اكثر الاستهلاك يكون بين ابريل و اكتوبر من كل عام لتغطية الزيادة الكبيرة في الاستهلاك لتغطية احتياجات اجهزة التبريد. واكد ان الكويت بحاجة لمضاعفة قدرتها الانتاجية خلال 10 سنوات لتغطية 150 الف مسكن جديد يجب بنائها خلال هذه الفترة واشار الى ان سوق الطاقة الجديدة والمتجددة عالمياً سيشهد تطورات او قفزات خلال 15 عاما المقبلة، وقد يصل حجم الاستثمارات في الطاقة المتجددة نحو 100 مليار دولار من انشاء محطات طاقة شمسية ورياح متجددة، مبينا ان الكويت دخلت هذا المضمار لانشاء محطة الشقايا بكلفة 400 مليون دولار التي دخلت بدأت الانتاج انتاجها منذ اشهر.
واشار الى ان انتاجها سيرتفع الى 6 جيجا وات بحلول 2030 ما سيوفر 15 % من انتاج الطاقة الكهربائية بالكويت ويحقق الرؤية الاميرية المتعلقة بهذا الشأن.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-j0h