أطلقت الحكومة التونسية برئاسة حركة النهضة الإسلامية، بعد شهر من تشكيلها “صيحة فزع” بسبب تواصل ظاهرة الاحتقان الاجتماعي، ما نجم عنه مزيد تردي الأوضاع الاقتصادية.
وفي مقابلة مع “العربية.نت” أكد رضا السعيدي الوزير المستشار لدي رئيس الحكومة:”أن الإضرابات العشوائية شلت الإنتاج، في العديد من المؤسسات ما أدي إلى خسائر كبيرة تقدر بحوالي 2500 مليون دينار، حيث سجل الحوض المنجمي والمركب الكيميائي لوحدهما خسائر تقدر ب 1200 مليون دينار وتقلصت نسبة النمو العام إلى 1 فاصل 8 سلبي”.
مؤشرات وأرقام مخيفة
وتفاقم العجز التجاري التونسي ليبلغ 8.610 مليار دينار خلال العام 2011. وأوضح لطفي خذير المدير العام للتجارة الخارجية لـ “العربية.نت” :” أن تفاقم العجز التجاري تم تسجيله رغم نمو الصادرات بنسبة 6.7%، والواردات بنسبة 5.9%، حيث بلغت قيمة الصادرات 25.091 مليار دينار، فيما بلغت قيمة الواردات 33.701 مليار دينار”.
وأضاف “أن هذا النمو ساهم في تحسّن نسبة تغطية الصادرات للواردات بـ 0.6 نقاط، لتبلغ 74.5% خلال العام الماضي، مقابل 73.9 % خلال العام 2010.”
وأرجع خذير تفاقم العجز التجاري “الى تراجع حجم صادارات قطاع الفوسفات ومشتقاته بنسبة 48.1%، وارتفاع عجز ميزان الطاقة ليبلغ 666.5 مليون دينار(459.655 مليون دولار) نتيجة تراجع الكميات المصدرة بنسبة 20.2 %”.
ومن جهة أخري تدهورت المقدرة الشرائية للعائلات التونسية، وهو ما أشارت إليه تقارير المعهد الوطني للإحصاء التي بينت أن “مؤشر الاستهلاك العائلي ارتفع خلال العام 2011 بنسبة 3.5 بالمائة مقارنة مع عام 2010. ويعود هذا الى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 3.7 ٪ والإسكان والطاقة 4.4 ٪”.
وبالنسبة إلى شهر ديسمبر الماضي “ارتفع مؤشر الاستهلاك العائلي بنسبة 4.2 بالمائة، بسبب ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية (4.5 ٪)، والتبغ (9.8 ٪) والمطاعم والفنادق (6.0 ٪ ) والملابس والأحذية (5.7 ٪)”.
تحرك على كل الجبهات
وفي تصريح لـ “العربية.نت” قال الباحث الاقتصادي المنصف شيخ روحه “أن عمليات قطع الطريق وسكك الحديد والمضاربات والتهريب عبر الحدود ادت الى ارتفاع اسعار المنتوجات والى تدهور نشاط الموسسة” وطالب بضرورة الانصراف الجاد الى العمل والتوقف عن الاحتجاجات والاضرابات والاعتصامات التي اضرت كثيرا بالاقتصاد وبمصالح البلاد”.
ولمواجهة هذا الوضع تنكب الحكومة على وضع مشروع تكميلي لقانون المالية، من المتوقع أن يعرض خلال نهاية شهر فيفري على المجلس التأسيسي. وحسب مصادر في وزارة المالية “فان الأولوية ستكون لفائدة الجهات الداخلية، والفئات المحرومة، ولاعادة استئناف النسق العادي للانتاج، وخاصة في القطعات الحيوية مثل الفسفاط، وتنشيط الحركة السياحية وحماية المؤسسة ومحيطها”.
وتجد حكومة النهضة الإسلامية نفسها، أمام تحدي كبير وهو ما جعلها تتحرك في كل الاتجاهات لجلب الاستثمارات، وإنقاذ الاقتصاد من الانهيار. وذلك عبر تفعيل آليات الاقتصاد الاسلامي والانفتاح على الدول العربية وخاصة الخليجية، وتعول حكومة الجبالي كثيرا على الزيارة التي سيؤديها رئيس الحكومة للسعودية خلال الأيام القادمة، بعد أن تلقي دعوة من المملكة.. كما تجد الحكومة الإسلامية في تونس مساندة ودعم كبيرين من قبل الحكومة التركية.
كما يري المحلل الاقتصادي خميس الكريمي، في لقاء مع /العربية/ “أن آفاق الاقتصاد التونسي خلال سنة 2012 تواجه بتحديات كبرى في ظل تواصل الضغوط الاجتماعية بالرغم من بداية استقرار الوضع السياسي وصعوبة المحيط الدولي خاصة في منطقة الأورو التي شهدت مؤخرا تخفيض الترقيم الائتماني لعديد البلدان ذات العلاقة مع أزمة الديون السيادية التي تمر بها”.
تركة حكومة السبسي
وبحسب الخبير الاقتصادي شيخ روحه “فأن الحكومة السابقة برئاسة السبسي، قد خلفت تركة ثقيلة جدا للحكومة الجديدة، وخاصة في ما يتعلق باللجوء الى التداين، وتساهلها مع الاضرابات التي شلت عمل المؤسسة، من ذلك تواصل تعطل العمل في الحوض المنجمي لأكثر من سنة كاملة”. وأضاف “على الحكومة الحالية مراجعة السياسة النقدية أو المالية للحكومة السابقة، والمراهنة على تفعيل المجهود الوطني الداخلي، وتحسيس الجميع بأن دقة الوضع تفرض تظافر جهود كل القوي، وأنه ليس من مشمولات الحكومة لوحدها”.
ويشدد شيخ روحه “على ضرورة العمل على وضع نموذج تنمية، وسياسة مالية واقتصادية واضحة مع اعتماد برنامج تمويل يأخذ بعين الاعتبار قدرة البلاد على تعبئة الموارد المالية الداخلية والخارجية مع المحافظة على التوازنات الجملية”.
وأكد في ختام لقائه مع /العربية.نت/ “على ضرورة تضافر الجهود لضمان عودة الاستقرار الأمني والاجتماعي قصد استرجاع النشاط الاقتصادي لنسقه الطبيعي في أقرب الآجال”.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-id