يؤكد الكثير من خبراء الاقتصاد الإسلامي أن النموذج الأمثل للنهوض بهذه الصناعة هو إيجاد منظومة يمكن من خلالها تعزيز التعاون وليس التنافس – بين مراكز التمويل الإسلامي الكبرى في العالم.
فبحسب تقرير المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية 2015، فإن سبع دول هي الإمارات والمملكة العربية السعودية والبحرين وقطر وإندونيسيا وماليزيا وتركيا تملك أكثر من 80% من أصول الصيرفة في العالم أو ما يقدر بأكثر من 650 مليار دولار، مع توقع نمو تلك الأصول بمعدل لا يقل عن 19% على أساس سنوي.
فهم عميق
وبرهنت دبي دائماً على فهمها العميق لأسس القيادة القائمة على الوصول بأصحاب المصلحة الواحدة إلى تحقيق هدف مشترك، ومجموعة الأسئلة التي تطرح نفسها هنا، ما هو النموذج الأمثل لريادة الاقتصاد الإسلامي عالمياً بالنسبة لدبي؟ وإذا كان النموذج الأمثل هو تحقيق التكامل والتعاون بين تلك المراكز، فهل دبي كمقر قادرة على توفير هذا النموذج من الريادة والقيادة؟ وكيف يمكن لدبي أن تعزز التعاون بين تلك الدول لتطوير الاستثمار والاقتصاد الإسلامي على مستوى العالم؟ ولم لا يتم تأسيس »نادي« لأقطاب صناعة الاقتصاد الإسلامي في دبي، تحت إشراف حكومة الإمارة، يتم من خلاله الاستفادة من سمعة وعلاقات دبي القوية في العالم لتصبح بوابة الاستثمار الإسلامي في العالم والمصدر الرئيسي للمعلومات والبيانات الاستثمارية في جميع الأسواق التي ينشط فيها الاقتصاد الإسلامي في العالم؟
أهمية كبيرة
ويقول عبد الله محمد العور المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي إن التكامل والتنافس معاً ضروريان لإنجاح مبادرة الاقتصاد الإسلامي، مشيراً إلى أنه عندما أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، رؤية دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي، أراد للإمارات ودبي أن تكون السباقة إلى تطوير الاقتصاد الإسلامي كعاصمة تستقطب كل المهتمين بالقطاع سواء أكانوا دولاً أم شركات أم مؤسسات أم أفراداً، مشيراً إلى أن التنافس الحقيقي الذي تتطلع إليه هذه المبادرة هو في تحقيق الريادة لمنظومة الاقتصاد الإسلامي حصراً كخيار أمثل لاقتصادات العالم التي أرهقتها الأزمات وأعاقت تقدمها سياسات اقتصادية غير واعية لضرورة تحقيق الاستدامة وحماية المكتسبات.
مبدأ المركز
وأضاف العور: »انطلاقاً من هذا المبدأ تم إنشاء مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي الذي أخذ على عاتقه مهمة التنسيق والتعاون مع كل الخبراء والمختصين المحليين والعالميين من أجل بلورة الخطط والآليات التي تسهم في تنمية مختلف قطاعات الاقتصاد الإسلامي وكانت لنا لقاءات ونقاشات عدة مع ممثلين ومسؤولين من مختلف العواصم الرائدة والعريقة في الاقتصاد الإسلامي كماليزيا ولندن ولوكسمبورغ وغيرها من أجل تعزيز التعاون لحل كل القضايا العالقة سواء من أجل تطوير التمويل الإسلامي الذي لا يزال حجمه متواضعاً نسبياً مقارنة مع الفرص الذي يتيحها، أو من خلال التعاون والتكامل في قطاعات أخرى كالتجارة والصناعة الحلال والمعرفة والحلول الرقمية الإسلامية.
ولعل مسيرتنا على مدى العامين الماضيين والجهود التي بذلها شركاؤنا كمركز دبي المالي العالمي ودائرة التنمية الاقتصادية بدبي خير دليل على سعينا في تحقيق شراكات متنوعة مع عواصم عالمية بما يخدم الاقتصاد الإسلامي ويحقق له الريادة والسبق في توفير مزيد من الاستقرار والرخاء للاقتصاد العالمي«.
التنافس والتطور
وأضاف العور إن التنافس في المنظومة الاقتصادية الإسلامية هي عامل من عوامل التطور والارتقاء بمستوى جودة السلع والخدمات ومن الضروري أن نحافظ على التنافس الذي يحد من ارتفاع الأسعار من خلال تقليل التكاليف الإنتاجية غير الضرورية.. بمعنى أن التنافس اليوم وفي زمن تنامي الاقتصاد الإسلامي أصبح له مفهوم آخر بعيد عن الاحتكارات وقريب أكثر من تحقيق مصلحة المستهلكين.
ويختم العور: »لن يكون الاقتصاد الإسلامي وفياً لجوهره وقيمه ومبادئه إذا تم التعامل معه كأي قطاع آخر على قاعدة السباق والمنافسة لتحقيق أهداف تجارية بحتة ترفع مكانة دولة معينة على أخرى، إن التنافس الحقيقي يكون في القدرة على تقريب وجهات النظر وتوحيد الأهداف لاستثمار الثروات بالشكل السليم والعادل وتحقيق مكتسبات يستفيد منها الجميع وتفتح آفاقاً جديدة أمام مشاريع التنمية الحقيقية«.
استدامة
منذ مدة يقول خبراء إن التمويل الإسلامي هنا ليبقى، ولم يعد النقاش اليوم حول احتمالات استدامة هذه الصناعة، بل بات من الضروري اليوم التركيز على الآفاق والإمكانيات والفرص التي تحملها هذه الصناعة، خصوصاً بعد إيلائها الرعاية الكريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد متمثلة بإطلاق مبادرة تسعى من خلالها دبي لتصبح عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي.