نتيجةً للتباطؤ الاقتصادي والتغيرات الهيكلية، يُظهر المستهلكون الصينيون بوادر تغيّر في أنماطهم السلوكية. واستناداً إلى تحليلٍ صادرٍ عن شركة “ألفو”، من المحتمل أن تتراجع أعداد السياح الصينيين في الخارج بشكل ملحوظ بالتزامن مع انخفاض المدّخرات الصينية. وسينجم عن ذلك تراجعٌ في تدفق رؤوس الأموال إلى دول أخرى، بما في ذلك، دول جنوب آسيا والشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، يُتوقع أن يصل الاقتصاد الصيني إلى مرحلة العجز التجاري خلال العامين المقبلين. وعلى الرغم من حقيقة أن الصين تفتخر، منذ عام 2001، بفائضها التجاري، إلا أن ذلك الفائض بدأ بالتراجع تدريجياً بعد الأزمة المالية عام 2008. والجدير بالذكر أنّ هذا الفائض التجاري يقترب حالياً من مستوى الصفر.
وقد يُعزى السبب الرئيسي لهذا التطوّر إلى الارتفاع الحاد الذي شهدته السياحة الدولية للمقيمين الصينيين نظراً لارتفاع مستويات الثروة لدى الطبقة المتوسطة. ووفقاً للمصادر المُتاحة، شهدت أعداد الصينيين المسافرين إلى الخارج زيادة من 42 إلى 162 مليون شخص بين عامي 2008 و2018، ما يمثل نمواً بلغ نحو 252 في المائة. ونتج عن هذا التوّجه عجز بقيمة 250 مليار دولار أمريكي في العام الماضي. ويشير هذا التطور غير المواتي للتوازن الصيني إلى إمكانية حدوث تغيير، تُشكّل إحدى عواقبه الانخفاض المذكور أعلاه في حركة السياحة الخارجية.
واستناداً إلى بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، سجّلت مدّخرات الأُسر الصينية ارتفاعاً حاداً من 28 في المائة عام 2000 إلى 39 في المائة عام 2010، ولا تزال عند مستوياتها المرتفعة نسبياً. إلّا أنّه وفي ظلّ ارتفاع نسبة المُسنّين في الصين، ترتفع مستويات الانفاق لديهم لتتخطى ما يكسبونه، ما يسهم بدوره باتّخاذ مستويات المدّخرات منحىً تنازلياً. وتُشير أحدث بيانات للمدّخرات عام 2016 إلى وصولها إلى 36.1 في المائة.
[الشكل البياني 1]
وفي تقريره عن توقّعات الاقتصاد العالمي، قام صندوق النقد الدولي في وقت لاحق بتخفيض تقديرات نمو الاقتصاد الصيني لعام 2020 من 6.6 في المائة العام الماضي إلى 5.8 في المائة. والجدير بالذكر أنّنا بدأنا نشهد تغييراً في الطريقة التي لطالما تصرف بها المستهلكون الصينيون.