أدّت أزمة فيروس “كوفيد-19” إلى صدمة منهجية على صعيد الاقتصاد العالمي، إذ بتنا نسمع مصطلحات من قبيل عالم “ما قبل كوفيد-19” وعالم “ما بعد كوفيد-19”.
وفي هذا السياق، تُسلّط البيانات المستخلصة من البحث العالمي الصادر عن جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية (ACCA) بعنوان “الاستبيان العالمي حول “كوفيد-19″: قطاع الأعمال، التأثيرات والاستجابات” الضوء على تأثير “كوفيد-19” حتّى الآن على المؤسسات ومجتمع الأعمال العالمي، إذ يتّضح من النتائج إلى أنّها مجرّد البداية فحسب. وخلال الأسابيع والأشهر المقبلة، ستسعى مناطق ودول وشركات ومؤسسات مختلفة حول العالم من كافة القطاعات إلى إيجاد طرق لخوض غمار هذه الأزمة باستخدام استراتيجيات وتدخّلات مختلفة للاستجابة لها فيما سيتحوّل إلى وضع مستمر وسريع التغيّر. ويقدم تقرير جمعية (ACCA) النُصح للمؤسسات حول كيفية الاستجابة استناداً إلى قاعدة التاءات الثلاث.
التصرّف والاستجابة بطريقة مستدامة
1. التفكير ’بالناس أولاً‘. وإبداء اهتمام بالصحة الجسدية والذهنيّة للموظفين، ووضع خطط مناسبة لاستئناف العمل. وتطبيق خطّط اتّصالات لإشراك الموظفين وابقائهم على اطلاع بصورة مستمرة، فضلاً عن تطوير سياسات لأقسام الموارد البشرية من شأنها للاستجابة لتدابير الأزمة.
2. قبول التركيز قصير الأمد وإظهار قيادة فعليّة. وستكون هناك حاجة إلى إعادة تركيز الجداول الزمنية والأهداف على الآفاق قريبة ومتوسطة الأمد. ويتوجّب على القيادة العليا في المؤسسات قبول تغيير التركيز من الأمور الاستراتيجية إلى التكتيكية.
3. إدراك احتياجات عملاءكم والمساهمين الآخرين. والتأكد من عدم تفويت فرصة الاستجابة لهذه الاحتياجات المتغيرة. وفهم التأثير على سلاسل الإمداد خاصّتكم، والعلاقات الأوسع مع المساهمين والشركاء.
4. توظيف فريق لإدارة الازمات يتمتّع بمهارات الاتصال اللازمة وتأسيس خطّة لتعزيز القدرة على الصمود. والإشراف على المشاكل الرئيسية، وصياغة خطط طارئة للأعمال، والتنسيق ومواءمة التنفيذ في مختلف الأقسام، وضمان استجابات وعمليات سريعة لصنع القرار. إطلاق مخططات للقدرة على الصمود لضمان أن تكون جميع الأنشطة على امتداد المؤسسة متّصلة في إطار الاستجابة للأحداث وحماية سلامة الأعمال.
تحليل مصادر المعلومات المختلفة لتأمين مؤسستكم
5. وضع نماذج لمختلف السيناريوهات والتخطيط لاستئناف الأعمال. في أزمة مثل “كوفيد-19″، لا تكون السيناريوهات المؤسسيّة ثابتة وتتطلب مراجعة مستمرّة. ويكون من المهمّ فهم كيفيّة الاستفادة من القدرات التحليليّة لتقييم البيانات الخارجية والداخلية التي يُمكن أن تضع المؤسسة في موقع أقوى وأن تساعد على فهم التأثير التشغيلي والمالي لمختلف السيناريوهات التي قد تطرأ. وتُعدّ أفكار المعلومات المعمّقة مهمّة أيضاً لتخطيط استئناف الأعمال، الذي يهدف إلى إعادة المؤسسة إلى العمل بشكلٍ مناسب وعلى مراحل قابلة للإدارة. ويتطلّب ذلك تحليل المصادر والأصول التي تحتاج المؤسسة إلى حمايتها لتتمكّن من استئناف العمل.
6. مراجعة السياسات الحكومية والمالية التي قد تعود بالمنفعة. ومراقبة تدابير وسياسات الإغاثة التي أطلقتها الحكومة، والسعي للاستفادة منها على أتمّ وجه. الاضطلاع بدور قيادي والتعبير عن احتياجات قطاعكم (الاستفادة من المعلومات المعمّقة للبيانات) للهيئات الحكوميّة المعنيّة لصياغة السياسات المناسبة أو تحسينها أو تطبيقها.
7. تذكروا: ’السيولة هي شريان الحياة‘. يجب أن تقوم المؤسسات بمراجعة خطوطها الائتمانيّة وإعادة التفاوض بشأن موجبات تمويل قروضها. وقد يتمّ تمديد فترات الدفع على سبيل المثال على المدى الفوري في ظلّ انتعاش الأعمال. ويجب اعتماد التركيز القوي على إدارة النقد والسيولة بغرض سدّ الهوة بين سيناريوهات الأعمال المختلفة مع تقبّل أنّ التعافي لتحقيق السيولة الكاملة سيكون على الأرجح عمليّة طويلة.
توقّع تأثيرات الأعمال والاتجاهات المستقبليّة
8. البحث عن فرص للابتكار. يجب أن تأخذ المؤسسات فرص الابتكار على المدى القريب أو المتوسط بعين الاعتبار. وقد يشمل ذلك تطوير المنتجات والخدمات أو التفكير بصورة مبتكرة حول الشراكات. وقد يعني ذلك ضمان إتاحة فرص جديدة أمام الموظفين لإنتاج أفكار مبتكرة أو البحث من جديد عن كيفيّة قيام المؤسسة بتطبيق الابتكارات الرقميّة والتكنولوجية.
9. مراجعة استراتيجيات الشركة. إعادة مراجعة نماذج الأعمال. استكشاف قنوات جديدة للتسويق، وتنويع سلسلة الإمداد، ومقاربات جديدة تجاه الخدمات المقدمة للعملاء، وفرص النموّ.
10. لا تنسوا: ستبقى المخاطر الأساسيّة التي تواجهها الأعمال التجاريّة قائمة. لا تتغاضوا عن الأسس. وحتّى في مواجهة فيروس “كوفيد-19″، لن تواجه المؤسسة المخاطر الحاليّة فحسب (مثل أمن الفضاء الإلكتروني)، بل ستواجه أيضاً وسائل جديدة للعمل، إذ يُمكن أن تؤدي التفاعلات الاستراتيجية مع “كوفيد-19” إلى تغيير هذه المخاطر أو إدخال مخاطر جديدة.
ويُحدد البحث العالمي الذي أجرته جمعية (ACCA) بالتعاون مع أكثر من 10 آلاف متخصّص في القطاع المالي مجموعة واسعة من التحديات الماليّة التي تواجهها المؤسّسات على اختلاف أحجامها والقطاعات التي تعمل ضمنها.