يواجه العاملون في البنوك اللبنانية سبابا وتهديدات من زبائن غاضبين من قيود على السحب من أرصدتهم، حسبما قالت نقابة موظفي البنوك، الجمعة، وهو ما يعكس تصاعد الضغوط على اقتصاد يعاني من أشد أزمة تمسك بخناقه منذ الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد بين عامي 1975 و1990 .
وتشل اضطرابات سياسية واقتصادية لبنان ولم يحقق ساسته تقدما حتى الآن نحو الاتفاق على حكومة جديدة لتحل محل تلك التي أطاحت بها موجة احتجاجات لم يسبق لها مثيل ضد النخبة الحاكمة الطائفية.
وقال مصدر على دراية بآراء سعد الحريري، الذي استقال من منصب رئيس الوزراء الأسبوع الماضي، إنه مصمم على أن الحكومة القادمة يجب ان تكون خالية من الأحزاب السياسية لأن مجلس وزراء كهذا لن يكون بمقدره تأمين مساعدات غربية.
وأضاف المصدر أن الحريري يسعى إلى اقناع جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران وحليفتها حركة أمل بالحاجة الى حكومة من خبراء لا يمثلون أحزابا. ولم يتسن على الفور الوصول على مكتب الحريري للحصول على تعقيب.
وحذر السياسي المسيحي البارز سمير جعجع من اضطرابات واسعة إذا حدث نقص في السلع الأساسية وقال ان الوضع المالي للبنان أصبح “دقيقا جدا جدا”.
ولبنان أحد الدول الأكثر مديونية في العالم وكان يعاني بالفعل من مشاكل اقتصادية عميقة قبل الاحتجاجات التي تفجرت في السابع عشر من أكتوبر تشرين الأول والتي أشعلت شرارتها خطة للحكومة لفرض رسوم على المكالمات عبر تطبيق واتساب.
ومنذ أن أعادت البنوك فتح أبوابها قبل أسبوع وهى تسعى لتفادي هروب لرؤوس الأموال بمنع معظم التحويلات النقدية الى الخارج وفرض قيود على السحوبات بالعملة الصعبة رغم أن مصرف لبنان المركزي لم يعلن عن أي قيود رسمية على رؤوس الأموال.
وأدت الخطوات التي اتخذها البنوك الى تهديدات ضد العاملين فيها.
وقال جورج الحاج رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف “هناك زبائن يحملون أسلحة دخلوا إلى بنوك وحراس الأمن خشوا التحدث اليهم لأنه عندما يكون هناك أشخاص في مثل هذه الحالة فإنك لا تدري كيف سيتصرف الناس”.
وأضاف أن موظفي البنوك يدرسون الدخول في اضراب.
وقال الحاج الذي تضم نقابته حوالي 11 ألف عضو، أو ما يقل قليلا عن نصف اجمالي عدد العاملين بالبنوك “الوضع حرج جدا وزملاؤنا لا يمكنهم مواصلة العمل في ظل الظروف الحالية”.
وعبًر مصرفي بارز عن القلق من أن اضرابا محتملا للموظفين قد يرغم البنوك على اغلاق أبوابها بدءا من يوم الثلاثاء. وستكون البنوك مغلقة يومي السبت والاثنين في عطلة عامة.
وينبع جزء كبير من أزمة لبنان الاقتصادية من تباطؤ في تدفقات رؤوس الأموال الداخلة والتي أدت إلى نقص شديد في الدولارات الأمريكية وخلق سوق سوداء تراجعت فيها الليرة اللبنانية عن السعر الرسمي.
وقال مصدران في السوق إن الدولار بلغ 1800 ليرة أو أكثر اليوم الجمعة مقارنة مع 1740 ليرة يوم الخميس. ويبلغ السعر الرسمي 1507.5 ليرة.
* “على كوكب آخر”
وخفضت بعض البنوك الحد الأقصى للسحوبات من الحسابات الدولارية هذا الأسبوع، حسبما قال زبائن وموظفون مصرفيون. وقال زبائن ان بنكا واحدا على الاقل خفض الحد الاقصى لبطاقات الائتمان من عشرة آلاف دولار إلى ألف دولار هذا الأسبوع.
وقال مصرفي آخر “أي شيء يمس سيولة البنوك يجري تقييده”. وأبلغ بنك أحد زبائنه أن الحد الاقصى للسحب الاسبوعي البالغ 2500 دولار جرى خفضه الى 1500 دولار.
وقال المصرفي البارز إن اليوم الجمعة شهد أيضا أطول طوابير حتى الآن عند ماكينات الصرف الآلي بينما يستعد الزبائن للإغلاق الذي يستمر يومين.
وفي وسط بيروت حاول بضعة أشخاص سحب دولارات من ماكينة للصرف الآلي تابعة لأحد البنوك التي ما زالت تصرف دولارات، لكنهم فشلوا.
ويعقد الحريري، الذي استقال في التاسع والعشرين من أكتوبر تشرين الأول، اجتماعات خلف أبواب مغلقة مع ساسة آخرين.
وقال المصدر الذي على دراية بآرائه “الحريري مصمم. هو لا يريد حكومة فيها أي سياسيين لأن هذه الحكومة لا يمكنها تأمين دعم من الغرب”.
وقال جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، إن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة هو تشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب السياسية.
وأضاف قائلا في مقابلة عبر الهاتف “نسمع كل ساعة بأزمة على الأبواب، إن كان محروقات أو طحين (دقيق) أو أدوية… يعني كله ينهار والمسؤولون على كوكب آخر يأخذون كل وقتهم”.