حث البنك الدولي صانعي السياسات في الأردن أخيرا على زيادة أسعار الكهرباء في المملكة بنسب استثنائية في خطوة تهدف لتقليص الخسائر المتراكمة عبر السنوات الماضية.
ويرى البنك ضمن المقترحات التي تقدم بها إلى المملكة ضرورة وقف الإعفاءات التي تقدمها الحكومة من ضريبة المبيعات، وفرض ضرائب جديدة تشمل قطاعات مختلفة.
وتطرق البنك إلى ملف المواد الغذائية وقال في هذا الصدد “إن بإمكان الأردن أن يحمِّل غالبية الأسر في المملكة 75 % من ارتفاع أسعار الغذاء في حال رفع الدعم عن هذا القطاع”.
واقترح البنك وقف النزف المالي فيما يتعلق بشركة الكهرباء الوطنية عن طريق تغيير التعرفة لتغطي الكلف، مع ضرورة إبقاء الدعم لشرائح الاستهلاك الدنيا بين الأسر سواء كان ذلك من خلال تقديم دعم مباشر أو عن طريق زيادة تصاعدية في التعرفة.ودعا البنك المملكة في دراسة حملت اسم “الخيارات المتاحة لإجراء تصحيح مالي فوري للأردن وتعزيز الوضع المالي على المدى البعيد”، إلى ضرورة تقسيم الأسر في الأردن إلى 10 شرائح ضمن سيناريوهات الإصلاح المقترح ليتم دفع مبلغ نقدي مباشر للفئة الأولى والثانية التي تعتبر الأفقر، فيما يتم رفع الدعم عن الفئات الأخرى بحيث تكون الفئة العاشرة “الأغنى” تساهم في دفع الدعم للفئات الأفقر.
وألمح البنك إلى ضرورة إجراء إصلاحات تطال نظام دعم المواد الغذائية، ورفع الدعم عن المواد الغذائية إذ أن الفئات السبع الأغنى (الغنية والوسط) ستتحمل 75 % من كلفة زيادة الأسعار فيما يمكن الاستمرار بدعم الفئات الدنيا الثلاث بتحويلات نقدية مباشرة.
ووفقا للبنك فإنّ العجوزات المالية العامة (حكومة مركزية ومؤسسات عامة مستقلة) أضحت غير قابلة للاحتمال اذ بلغت 18.6 % العام 2011 وتقدر بـ 16.4 % للعام 2012.
ويشير البنك إلى أن الحكومة وضعت سلسلة تدابير سمحت بضغط العجز بما يوازي 3 % من الناتج المحلي العام 2012 لكن مستويات العجز تبقى مرتفعة يقترح البنك الدولي عدة خيارات متاحة لضغط العجز بنسبة 5 نقاط مئوية إضافية في العام 2013.
ووفق للبنك فإنّ مجموعة الخيارات هذه تغطي سلسلة من الإجراءات المتاحة على مستوى تعزيز الإيرادات المحلية، وضبط أجور القطاع العام واستعادة التوازن المالي في قطاعي الكهرباء والماء.
ويشير البنك إلى أن الهدف من هذه الإجراءات بلوغ مستوى العجز الأولي الذي يسمح بتثبيت نسبة الدين إلى الناتج المحلي بنهاية 2013.ووفق البنك فإنّ نسبة مستوى العجز الأولي اللازم لتثبيت الناتج المحلي في الأردن بين 2.8 %
و3.8 % من الناتج المحلي، حسب فرضيات نمو الناتج الاسمي المعتمدة، فيما يقدر العجز الأولي للموازنة
بـ5.5 % من الناتج المحلي والعجز الأولي للقطاع العام بـ10.9 %.ويقول البنك إن “تفادي النتائج السلبية التي قد تنجم عن تأجيل الإصلاحات الضرورية – لم يتمكن الأردن من بلوغ مستوى الناتج المحلي الحقيقي للفرد الواحد المسجل في الفترة السابقة لأزمة 1988-1990 إلا في حوالي العامين 2006 و2007”.
وتحت عنوان “عكس المنحنى التراجعي في الإيرادات المحلية” يرى البنك وقف الإعفاءات من ضريبة المبيعات، وغيرها من الإعفاءات التي بدأ العمل بها العام 2008، وقد تم بالفعل وقف العديد من الإعفاءات خلال العام 2012.
ودعا إلى تقوية الإدارة الضريبية لوقف تراكم المتأخرات الضريبية والعمل على جباية المتأخرات المتراكمة.ويشير البنك إلى أنّ هذه التدابير تسمح بجباية إيرادات اضافية توازي 2 % إلى 3 % من الناتج المحلي وقد تمت بالفعل زيادة الإيرادات بنسبة 1 % من الناتج في 2012.
ويشير الى أنه يمكن العمل على مراجعة قانون ضريبة الدخل، وقوانين تحفيز الاستثمار والمناطق الخاصة لناحية أثرها الضريبي، وقد بدأ العمل بالفعل على قانون ضريبة الدخل وقانون الاستثمار.
ويقترح البنك إدخال ضرائب جديدة تسمح بتوسيع القاعدة الضريبية في الأردن لتطال أرباح البيوعات العقارية وأرباح تبادل الأسهم والأملاك المبنية وغير المبنية (property tax).
وتحت بند “عكس المنحى التصاعدي في الانفاق” يرى البنك أنّ تجميد التوظيف والأجور في الإدارات العامة والأسلاك العسكرية وخفض العلاوات وملحقات الأجور، بما يسمح بتوفير ما بين 1 % و2 % من الناتج المحلي.
وتم بالفعل خفض مخصصات الجهاز العسكري في 2012 الى ما دون قيمتها الاسمية في 2011 مما سمح بتحقيق وفر بنسبة 0.8 % من الناتج.
ويشير البنك إلى أنه يمكن تحقيق وفر اضافي في النفقات الرأسمالية، لكن تقليص الإنفاق الرأسمالي دونه محاذير اذ يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
وبالتوازي يتوجب على العمل على رفع كفاءة شبكات الأمان الاجتماعي والأجهزة والادارات المعنية بتقديم المعونة الاجتماعية.
التعامل مع خسائر قطاعات المحروقات والكهرباء
– رفع الدعم واعادة العمل التسعير الشهري للمشتقات النفطية، وقد تم ذلك بنهاية 2012، ويمكن هنا التفكير بالانتقال الى التسعير الاسبوعي للحد من حدة التقلب في الاسعار.
– شركة الكهرباء الوطنية – ضرورة وقف النزف عن طريق تغيير التعرفة لتغطي الأكلاف مع ضرورة ابقاء الدعم لشرائح الاستهلاك الدنيا بين الاسر، أكان الدعم مباشراً او عن طريق زيادة تصاعدية التعرفة.
– اعتماد زيادة استثنائية على التعرفة لغرض تعويض الخسائر المتراكمة عن السنوات الماضية.
– يمكن للقطاع العام أن يعطي المثال فهو يستهلك 81 % من الطاقة الكهربائية، فيسدد فواتير استهلاكه بسعر الكلفة ويسدد حصته من الخسائر المتراكمة، وتكون النتيجة عجزاً إضافياً بقيمة
1.6+ % من الناتج في العام، 2013 بما فيها دعم استهلاك الفقراء من الكهرباء.
ووفقا للبنك الدولي فإن الأسر الأردنية تشكل 35 % من استهلاك الكهرباء. ويقترح البنك إدخال شرائح استهلاك أكثر ملاءمة مع توزع الاسر على فئات الانفاق العشر ما يسمح بزيادة عدد الأسر في الشرائح الأدنى والأعلى كما يسمح بخفض تركز المستهلكين في الشرائح الوسطى.
ويرى البنك أن اعتماد الشرائح الجديدة وتعديل التعرفة يسمح بتغطية 65 % من خسائر شركة الكهرباء الوطنية الناجمة عن استهلاك الأسر، أي ما يوازي 1.4 % من الناتج المحلي الاجمالي. وبخصوص الـ35 % المتبقية يرى البنك أنّ قيمة استهلاك الأسر التي يتم دعمها مباشرة أو عن طريق التعرفة المفروضة على فئات الاستهلاك من غير الاسر.
نحو إصلاح قطاع المياه
يشير البنك الدولي الى أنّ عجز المؤسسات العامة المستقلة بلغ العام الماضي 6.7 % من الناتج المحلي الإجمالي، فيما من المتوقع أن يبلغ 5.4 % من الناتج المحلي خلال العام الحالي.
ووفق البنك أنه “وفي حين تتسبب مؤسسة الكهرباء الوطنية بمعظم عجز المؤسسات العامة المستقلة يأتي قطاع المياه في المرتبة الثانية مع عجز يناهز 1.2 % من الناتج المحلي الإجمالي.
ويشير البنك إلى أن كلفة البدائل التي يتكبدها المزارعون والأسر أنه توجد امكانية لرفع التعرفة الى مستوى تغطية الكلف.
ويرى البنك أنّ “هناك هامشا كبيرا للقيام بالمزيد من الجهود لتحسين الجباية ورفع مستوى الصيانة وخفض كمية الفاقد وزيادة الاستثمارات في القطاع.
إصلاح نظام دعم المواد الغذائية
ويقول البنك إنّ الدراسات تظهر أنه في حال تمّ رفع الدعم عن المواد الغذائية فإنّ فئات الانفاق السبع العليا ستتحمل 75 % من كلفة زيادة الأسعار الى مستوى تغطية الكلفة، وبالتالي يمكن الاستمرار بدعم الفئات الثلاث الدنيا باستهدافها بتحويلات مباشرة لن تشكل كلفتها أكثر من 20 % إلى 25 % من كلفة الدعم الحالي، فيما يقترح أن تكون “هذه التحويلات النقدية المباشرة عن طريق صندوق المعونة الوطنية”.
ويتوقع البنك أن يكون حجم الوفر الناجم عن إصلاح نظام دعم المواد الغذائية حوالي 0.7 % من الناتج المحلي الإجمالي.
ويرى البنك أنّ “2013 يشكل فرصة لإطلاق تدابير إصلاحية تؤدّي الى تغييرات بنيوية في المالية العامة على المدى الطويل”، ويؤكد البنك أهمية قياس وترتيب التدابير المتاحة حسب امكانية تطبيقها سياسيا مع الأخذ بعين الاعتبار تأثيراتها المالية والاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف أنّ الإصلاح الضريبي يرتدي أهمية قصوى إذ يسمح بتعزيز وفاعلية النظام الضريبي في آن واحد”.
ويقترح البنك أن “يستعين الأردن بالخبرات العالمية لتصميم وتطبيق الإصلاحات الضريبية والقطاعية والإدارية” .
ويقول إنّ “نجاح الإصلاحات في ظل الظروف الصعبة فإنه لا غنى عن الشفافية والتواصل الصريح مع الجمهور مع عرض الوقائع كما هي”.