قال الدكتور محمود محيي الدين نائب رئيس البنك الدولي إن التمويل الإسلامي في دول العالم الإسلامي لا يزال يفتقر إلى التنظيم، مؤكدا ضرورة تعديل الأنظمة الضريبية وتقديم الحوافز الخاصة بالتمويل الإسلامي للحصول على المزايا والنتائج ونحتاج إلى المشاركة النشطة من القطاعين العام والخاص لدعم السوق وتمويل الاستثمارات العامة والخاصة”.
جاءت تصريحات المسؤول في البنك الدولي على هامش المؤتمر العالمي الأول للمصرفية والمالية الإسلامية الذي تنظمه جامعة أم القرى، وافتتحه الدكتور أحمد بن محمد العيسى وزير التعليم، حيث أشار محيي الدين إلى أن موضوع التمويل الإسلامي يجب أن ينظر إليه من منظور الكفاءة والاستقرار وهذا يتطلب مراعاة اعتبارات خاصة بالمنافسة التي تتم بين مؤسسات وكذلك بين هذه المؤسسات والمؤسسات المالية التقليدية، أما البعد الآخر فهو ما يخص الاستقرار وهذا الاستقرار يتناول مجمل القطاع المالي بكل أطرافه سواء كانت مؤسسات تقليدية أو مؤسسات للتمويل الإسلامي تعمل وفقا للقواعد المشاركة.
وكان الدكتور أحمد بن محمد العيسى وزير التعليم، قد أكد خلال افتتاح المؤتمر أن وزارته تسعى من خلال الجامعات لبحث القضايا الاقتصادية التي تهم المملكة، مبينا أن أوراق العمل التي ستطرح ستسهم في توحيد الرؤى وإيجاد الحلول للمشكلات التي تواجه المصرفية المالية الإسلامية.
من جهة أخرى أكد عبدالمحسن الفارس الرئيس التنفيذي لمصرف الإنماء، أهمية الحوكمة في الصيرفة الإسلامية وتقديم منتجات وخدمات تنافسية في القطاع.
وقال: “متفائلون جدا بما يتوصل إليه هذا المؤتمر ونتطلع لمزيد من المؤتمرات خصوصا من الجامعات السعودية في هذا المجال هناك نمو واعد ومستقبل مهم لا نزال نحتاج إلى كثير من الأبحاث والدراسات خصوصا فيما يتعلق بالإبداع وإيجاد المنتجات والخدمات المصرفية التي تلبي الاحتياج وتتوافق مع الضوابط والأحكام الشرعية”.
من جهته، أوضح الدكتور فهد بن عبدالله المبارك محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أن النشاط المالي المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ينمو نموا ملحوظا على المستوى الدولي، يقدر بمتوسط 17 في المائة سنويا في السنوات الخمس الماضية، لتبلغ أصوله المالية نحو 1.3 ترليون دولار، معظمها يوجد بدول منطقة الشرق الأوسط والدول الاسلامية ويعمل فيها أكثر من نصف مليون موظف.
د. أحمد العيسى وزير التعليم يستمع لشرح خلال فعاليات المؤتمر أمس. «الاقتصادية»
وأشار إلى إدراك مؤسسة النقد العربي السعودي لأهمية المنتجات والخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وتشجيعها المصارف على تلبية متطلبات السوق منها وفق أفضل المبادئ والمعايير الصادرة من الجهات المختصة، وتابع “أكدت وكالة التصنيف الدولية “فيتش” أن النظام المصرفي السعودي، يعد رابع أفضل وأقوى نظام مصرفي في العالم بعد أستراليا وكندا وسنغافورة، كما يعد الاقتصاد السعودي واحدا من عديد من اقتصادات المنطقة التي شهدت نموا سريعا في العمل المصرفي المتوافق مع الشريعة الإسلامية، حيث إن جميع المصارف الـ12 وعديدا من فروع المصارف الأجنبية تقدم منتجات متوافقة مع الشريعة، ولدينا في المملكة 30 شركة تمويل تعمل تحت إشراف مؤسسة النقد العربي السعودي وتقدم جميعها منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، فضلا عن إشراف المؤسسة على 35 شركة تأمين تعاوني تعمل بذات السياق.
وفي السياق نفسه أكد الدكتور بكري عساس مدير جامعة أم القرى أهمية انعقاد المؤتمر العالمي الأول للمصرفية والمالية الإسلامية في رحاب الجامعة تحت عنوان “الكفاءة والاستقرار المالي” للمساهمة في مراجعة وتقويم مبادئ الاقتصاد الإسلامي، مشيرا إلى أن المؤتمر يمنح مكة المكرمة أولية علمية في مجال تطوير المصرفية الإسلامية.
وأوضح أن المصرفية الإسلامية المعاصرة مرت بثلاث مراحل مفصلية، أولها الخوف من الفشل في النصف الأول من القرن العشرين، حينما كان النظام التقليدي الربوي الوحيد في الساحة، تلتها مرحلة البدايات الخجولة من خلال ظهور عدة مؤسسات لا تتجاوز أصابع اليدين ركزت على المرابحة كصيغة وحيدة للخروج من مشكلة الربا مع توفير آلية مناسبة للتعويض عن المخاطر، ومرحلة إثبات الذات حيث أصبحت المصارف الإسلامية رقما صعبا في الساحة الاقتصادية، وحملت الصيرفة الإسلامية عددا من المصارف التقليدية العالمية على الدخول إلى هذا الميدان عبر تقديم منتجات أو تخصيص فروع.
وقال “بعد هذه المراحل أظن الآن أننا دخلنا مرحلة رابعة هي مرحلة المراجعة والتقويم، فلابد بعد هذه المسيرة الحافلة أن تكون هناك وقفات جادة لتقويم التجربة، والتحقق من مدى توافقها مع المقتضيات الشرعية، والمتطلبات الاقتصادية المتنامية، ولذلك كان عقد هذا الملتقى واجبا ضروريا على كل مخلص مشتغل بقضايا الاقتصاد الإسلامي”.
وأعرب عساس عن أمله في أن ينجح المؤتمر في تشخيص الواقع وابتكار الحلول واستشراف المستقبل لضمان أداء جيد واستقرار للمصرفية الإسلامية، لافتا إلى رغبة الجامعة في الإسهام في هذا الجانب بما تمتلكه من إمكانات علمية وتجربة رائدة في دعم مسيرة الاقتصاد الإسلامي.
وأشار الدكتور صالح العقلا عميد كلية العلوم الاقتصادية والمالية الإسلامية رئيس اللجنة المنظمة والأمين العام للمؤتمر، إلى أن المؤتمر العالمي الأول للمصرفية والمالية الإسلامية يناقش أبعادا وقضايا اقتصادية متعددة، لافتا إلى أن كثيرا من الدول في القارات الخمس باتت تركز في اقتصادها على الأعمال المصرفية الإسلامية وأولتها اهتماما بالغا كونها ملاذا آمنا لحماية الاقتصاد الكلي والفردي للدول ومجتمعاتها، ما حدا بكثير من المصارف التقليدية في مختلف دول العالم إلى اللجوء لإنشاء مصارف إسلامية أو فروع لها داخل تلك المصارف.
وشدد على أهمية المؤتمر والموضوعات الآنية التي سيطرحها على طاولة البحث انطلاقا من حرص جامعة أم القرى ممثلة في كلية العلوم الاقتصادية والمالية الإسلامية بالجامعة واستشعارا منها للمسؤولية التي تحملها هذه الكلية الفتية في إنشائها والمستمدة من التاريخ العريق لهذه الجامعة، مشيرا إلى أن الكلية ومن خلال اللجنة العلمية للمؤتمر استقبلت 1034 ورقة علمية قدمها 863 باحثا يمثلون 58 دولة من مختلف دول العالم أقر منها 75 بحثا وورقة عمل، مؤكدا أن هذا يمثل رقما قياسيا جديدا وردة فعل غير مسبوقة على مستوى المؤتمرات والملتقيات والندوات العلمية ذات العلاقة بالاقتصاد الإسلامي.
وقال “نحن في جامعة أم القرى وفي كلية العلوم الاقتصادية والمالية الإسلامية تلقينا ذلك كرسالة غالية ومعبرة من المجتمع العلمي الدولي بثقتهم أولا بجميع المحافل العلمية التي تنظمها المملكة عامة وجامعة أم القرى خاصة، وثانيا أن بلاد الحرمين، السعودية، ومكة المكرمة، هي المكان الأمثل للتجمع والالتقاء لمناقشة القضايا والمحاور التي من شأنها إعادة صياغة هذا المجال بمختلف علومه”.
وأردف قائلا “بدورنا ومثلما تلقينا هذه الرسالة بكل ود وتقدير، نعيد إرسالها ببالغ الحرص والاهتمام لجميع المنظمات والجهات ذات العلاقة على جميع المستويات المحلية والعالمية، بأن أم القرى، المدينة والجامعة، ممثلة في كلية العلوم الاقتصادية والمالية الإسلامية، وبكل ما تملكه من قدرات أكاديمية وعلمية عالية المستوى، ترحب بدعم جميع المبادرات والشراكات التي من شأنها المساعدة على تطوير هذه الصناعة وجعلها نظاما عالميا وبديلا ناجعا قابلا.