مجلة مال واعمال

البطالة تحول حلم “الربيع العربي” إلى كابوس اقتصادي

-

يفترش أمير محمد الرصيف أمام السفارة الليبية في القاهرة، وينام على طبقات من الورق المقوي منذ أسبوع في انتظار الحصول على تأشيرة، بعدما فشل في العثور على وظيفة في مصر، ويبحث عن أي طريقة الآن للعودة إلى ليبيا مرة أخرى.

يقول محمد، الذي يعمل حلاقاً ويبلغ من العمر 30 عاما: “أحاول أن أعيش في بلدي، ولكني غير قادر على ذلك، لأنه لا يوجد أي عمل، فلماذا قمنا بالثورة إذن؟ كنا نريد مستوى معيشيا أفضل وحرية وعدالة اجتماعية، ولكننا لم نجد سوى المعاناة”، بحسب وكالة “بلومبيرغ”.

وقد أدت معدلات البطالة المرتفعة في منطقة الشرق الأوسط، وهي أعلى معدلات بطالة في العالم، وفقاً لصحيفة “الشرق الأوسط” إلى اندلاع الثورات التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، وثلاثة آخرين من القادة خلال العام الماضي.

ومع ذلك تدهورت تلك المشكلة وتزايدت حدتها منذ ذلك الحين، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو مليون مصري قد فقدوا وظائفهم عام 2011، بسبب تعرض الاقتصاد المصري لحالة من الانكماش هي الأولى من نوعها منذ عقود. وعلاوة على ذلك، أعلن البنك المركزي التونسي أن معدلات البطالة في تونس، التي كانت مهد الثورات العربية، قد ارتفعت بنسبة تتعدى 18%، مقابل 13% عام 2010، حسب بيانات صندوق النقد الدولي.

توقعات مرتفعة

وقال رضا أغا، وهو اقتصادي بارز في مصرف “رويال بنك أوف سكوتلاند” في بريطانيا: “اقترن ظهور الديمقراطية بوجود آمال وتوقعات مرتفعة للغاية. وثمة توقعات بأن الحكومات الجديدة ستحقق الرخاء الاقتصادي، ولكن يبدو أن هذه ليست هي الحقيقة”.

وقد انكمش الإنتاج المحلي الإجمالي لتونس بنسبة 1.8%، خلال العام الماضي، وخفضت الحكومة خلال الشهر الحالي توقعاتها الخاصة بمعدل النمو لعام 2012 بنسبة تتراوح بين 1%، و3.5%.

يذكر أن الاقتصاد التونسي لم يشهد أي حالة انكماش منذ عام 1986، حسب بيانات صندوق النقد الدولي. وانكمش الاقتصاد المصري بنسبة 0.8%، خلال عام 2011.

وقال سيمون ويليامز، وهو كبير الخبراء الاقتصاديين لدى مصرف “إتش إس بي سي ميدل إيست”: “مصر بحاجة إلى نمو اقتصادي ووظائف وسائحين واستثمارات، وهذه مجموعة من التحديات الاقتصادية الصعبة للغاية على أي شخص، ناهيك عن الحكومة الجديدة التي جاءت عقب الثورة والتي ينتظر منها تحقيق الكثير”.

وتبلغ النسبة بين عدد المصريين والتونسيين الذي يتوقعون توفير فرص عمل بعد عام من الآن، وعدد الذي يتوقعون حدوث انخفاض، 4 إلى 1، حسب دراسة عن الشرق الأوسط على موقع “يوجف” وموقع “بيت”، وهو موقع توظيف يتخذ من دبي مقراً له.

مستويات ضئيلة

وقالت آن وايمان، وهي العضو المنتدب لمصرف “ماكسولا بورص” الاستثماري الذي يتخذ من تونس مقراً له، إن توقعات الناس تشكل “تحديا في الاتصال وتبادل الآراء أكثر من أي شيء آخر. ونعلم جيداً، من الناحية الاقتصادية، أنه لا يمكن حل مشكلة البطالة بتلك السرعة”.

المحصلة، في عالم عربي تعداد سكانه 350 مليون نسمة، هي مستويات ضئيلة من التجارة الداخلية وأسواق إقليمية “منفصلة عن بعضها البعض وعن بقية أجزاء العالم”، حسب ما جاء في الدراسة. وقد يكون من الأوفر بالنسبة لشركة أردنية جلب عمالة من المملكة المتحدة عن جلبها من لبنان المجاورة، في حين “يمكن أن تشكل متطلبات الحصول على تأشيرات للسفر داخل المنطقة عقبة كالرحلة نفسها”.

وتكافح ليبيا من أجل التعافي من آثار ثورتها،وحتى قبل الثورة، وصل معدل البطالة إلى 26%، بحسب صندوق النقد الدولي.

رؤية معتمة

وأنشأ مصرف “ماكسولا بورص” الاستثماري التونسي صندوقاً لتطوير المنطقة الداخلية. وهناك بدأت الاحتجاجات ضد بن علي عندما أضرم محمد البوعزيزي، بائع الخضراوات والفواكه المتجول، النار في نفسه.

وفي مصر، سيتعين على من يصل إلى سدة الحكم أن يكسب تأييد أفراد مثل محمد وآخرين من المعتصمين في خيام أمام السفارة الليبية. لقد عتم كل من الفقر والبطالة رؤيتهم للثورة التي دعموها.

وقال محمد: “لا يوجد أي تغيير. نريد أن نشعر بأننا متمتعون بحقوقنا في بلدنا. من يشعر بذلك؟”، هكذا تساءل، وهو يتطلع إلى الرجال المحتشدين حوله. أجاب معظمهم: “لا أحد!”.