سجل الاقتصاد المغربي 3.8 في المئة نمواً خلال الربع الثالث من العام الجاري، بعدما كان حقق نمواً بلغ 4.2 في المئة في الربع الثاني. ومن المتوقع أن يحقق 3.9 في المئة في الرابع الرابع. وهو أفضل أداء منذ عام 2015 عندما تجاوز النمو في الناتج الإجمالي 4.5 في المئة وهي النسبة ذاتها المرتقب تسجليها نهاية عام 2017.
واستناداً إلى تقارير أصدرها (الأسبوع الماضي) كل من المصرف المركزي والمندوبية السامية في التخطيط، ووكالة «ستندارد أند بورز» الدولية، فإن الاقتصاد المغربي يخرج تدريجاً من مرحلة الصعوبات التي ألمت به في السنوات الأخيرة، ارتباطاً بحال الجفاف وضعف الإنتاج الزراعي وتقلب الأسعار الدولية، ويدخل مرحلة عودة النمو وتوسع الاستثمار وتحسن المؤشرات الاقتصادية.
وتوقع «المركزي» أن يتواصل النمو في العام المقبل ليبلغ 3.1 في المئة في مقابل 4.3 للعام الحالي بفضل موسم زراعي جيد ساهم بـ14.7 في المئة من القيمة المضافة، وانتعاش ملحوظ في الأسواق العالمية، وتحسن في أداء اقتصادات منطقة اليورو والتجارة الدولية وأسعار المواد الأولية، ما سينعكس إيجاباً على الاقتصاد المغربي والمؤشرات الماكرو اقتصادية، التي تحصر عجز الموازنة في نحو 3 في المئة من الناتج الإجمالي، وعجز حساب المدفوعات الخارجية بـ4 في المئة. وهذه النتيجة هي أفضل معدل في منطقة شمال أفريقيا إذا قورنت بتونس والجزائر اللتين تواجهان عجزاً أكبر في الموارد المالية الخارجية يبلغ نحو 10 في المئة من الناتج.
وحافظت «ستندارد أند بورز» على التصنيف الائتماني السيادي للمغرب عند درجة «بي بي بي مستقرة». وأعلنت أول أمس، أنها تسجل «بارتياح عودة النمو إلى الاقتصاد المغربي بفضل تحسن الانفتاح الزراعي. وتعتقد أن السلطات المالية تواصل العمل من أجل تعزيز وضع الموازنة بخفض العجز المالي وبلوغ التوازن. وهي ضمن الأهداف التي تعمل الرباط على تحقيقها من أجل رفع تصنيفها الدولي إلى درجات أعلى».
وربطت الوكالة بين تطور الأداء الاقتصادي وبين تحسين التصنيف الدولي للرباط وقالت: «إذا تمكن البلد من زيادة تنافسيته وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية، عبر إستراتيجية تنويع مصادر الدخل التي يعتمدها، والتي من شأنها زيادة النمو المدمج الذي يستفيد منه أكبر عدد من السكان، فإن الوكالة سترفع تصنيف المغرب».
ويتطلع المغرب إلى الوصول إلى تصنيف «أ» وهو يحتاج قبل ذلك إلى الارتقاء إلى «بي بي بي + إيجابي» وشرطه التغلب على عجز الحسابات الماكرو اقتصادية والتحكم بالمديونية الخارجية (تقدر بثلث الناتج حالياً)، وزيادة أداء النمو الاقتصادي وانعكاسه الاجتماعي على المواطنين، وخلق مزيد من فرص العمل للشباب وزيادة الدخل الفردي والارتقاء الاجتماعي.
ويتضمن مشروع موازنة 2018 الذي سيعرض الأسبوع المقبل عهلى البرلمان، غالبية هذه الأهداف في المالية والاقتصاد والاجتماع، لتأهيل المغرب إلى مرحلة التنافس على مصاف الدول الصاعدة، وتقليص الفوارق بين الأفراد والمناطق.
وأظهرت إحصاءات المندوبية السامية في التخطيط تحسناً في حجم الصادرات التي زادت 11 في المئة في الربع الثالث من العام الحالي مستفيدة من ارتفاع مبيعات المواد الغذائية مثل الحمضيات والخضار إلى الأسواق الروسية والأوروبية، وتحسن مبيعات الفوسفات التي زادت 13 في المئة في السوق الدولية. كما زاد الطلب الخارجي على صناعات المغرب مثل السيارات وأجزاء الطائرات والملابس والنسيج والإلكترونيات. ويستفيد المغرب من تحسن التجارة العالمية 6 في المئة وعودة الانتعاش إلى الاقتصادات الناشئة وأسواقه الجديدة في أفريقيا وأميركا اللاتينية (البرازيل خصوصاً).
ويتوقع أن يواصل الاقتصاد تحسنه خلال الربع الرابع من السنة، مدعوماً بارتفاع القيمة المضافة الزراعية. وستحافظ القطاعات غير الزراعية على تطورها الإيجابي خلال الفترة ذاتها، في ظل تحسن مناخ الأعمال في منطقة اليورو والبلدان الناشئة، موازاة مع زيادة الطلب الداخلي وتطور المبادلات التجارية العالمية. ويرتقب أن يعرف الطلب الخارجي الموجه للمغرب ارتفاعاً يقدر بـ5.2 في المئة ستستفيد منه بخاصة الصادرات الصناعية، وفقاً للتقرير.
في المقابل، يتوقع «المركزي» أن يرتفع التضخم في المغرب في العامين المقبلين ليقترب من 2 في المئة، بارتفاعه بين 1.4 في المئة في منطقة اليورو و1.9 في الولايات المتحدة. وقد يزيد تعويم الدرهم أيضاً في ارتفاع معدلات التضخم.
وتطالب النقابات العمالية الحكومة بإقرار زيادات في الأجور لمواجهة ارتفاع الأسعار وحماية القدرة الشرائية للفئات المحدودة الدخل ،والتي عليها يقوم الطلب الداخلي الذي يعتمد عليه الاقتصاد المغربي. ويرتقب أن ينمو استهلاك الأسر 4.5 في المئة عوضاً عن 3.5 في المئة خلال 2016، لتصل مساهمته في الناتج الداخلي الخام إلى 2.7 نقطة، عوضاً عن نقطتين. وسيستفيد هذا التطور من تحسن تحويلات المغتربين في الخارج 6.5 في المئة، وارتفاع القروض الموجهة للاستهلاك بنسبة 4.5 في المئة، وفقاً لتوقعات مندوبية التخطيط.