قال خبراء عالميون في صناعة الأغذية إن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في تحويل دبي إلى عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي، عززت توجّه الشركات الأجنبية نحو الاستثمار في قطاعات الحلال في الدولة والعالم على حد سواء، مؤكدين أن المبادرة سلطت الضوء على الفرص المتاحة في سوق الأغذية الحلال، والذي من المتوقع أن يصل حجمه إلى 200 مليار دولار بحلول 2020.
وعبّر جميع التنفيذيين العالميين المشاركين في «غلفود 2015»، من الذين استطلع «البيان الاقتصادي» آراءهم، عن استعداد المزيد من شركات الأغذية العالمية لإنتاج الأغذية الحلال، من خلال تحويل خطوط انتاجها بالكامل لتتوافق مع متطلبات «النظام الإماراتي للرقابة على المنتجات الحلال»، التي أعلنت عنها دبي خلال المعرض، أو إضافة خطوط إنتاج منفصلة، تتوافق مع تلك المتطلبات.
بوابة عبور
وعبّر تروميتشو كوريسو مدير هيئة التجارة الخارجية اليابانية عن الاستعداد التام للشركات والمصانع في بلاده لإضافة خط خاص لإنتاج الأغذية الحلال، يتوافق مع متطلبات التوثيق في دبي، التي قال إنها بوابة العبور إلى أسواق الحلال في دول الخليج والشرق الأوسط وأوروبا.
وأفاد أن عدد الشركات اليابانية المشاركة في «غلفود 2015» ارتفع من 17 شركة العام الماضي إلى 24 شركة هذا العام، في أكبر مشاركة يابانية في المعرض على الإطلاق.
وأضاف: «لقد أدرك رجال الأعمال اليابانيون الأهمية التي تقف وراء رؤية دبي في التحول إلى عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي، وذلك لثقتهم الكبيرة في المبادرات التي تطلقها دبي، التي أدركت مبكراً حجم الفرص الكبيرة المتوفرة في سوق منتجات الحلال، وقال لنا العديد من التنفيذيين اليابانيين في شركات الأغذية إنهم مستعدون لتحويل كافة عمليات انتاجهم للتوافق حسب المعايير التي أطلقتها دبي مؤخراً، أو إضافة خطوط انتاج حلال.
وأضاف أن حجم واردات الأغذية في الدولة من اليابان قفزت من حوالي 30 مليون دولار في 2013 إلى 40 مليون دولار في 2014، أي بنمو سنوي يصل إلى أكثر من 30%، ونتوقع تحقيق نسبة أكبر نهاية العام الحالي.
«سوق متطلبة»
من جانبه، قال إيلي دولي، الرئيس التنفيذي للعمليات في مكتب وكالة الترويج للتجارة والاستثمار للحكومة البرازيلية، لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، إن حصة دول مجلس التعاون الخليجي تمثل ما لا يقل عن 83 مليار دولار من قطاع الأغذية الحلال عالمياً، مشيراً إلى أن حجم سوق المنتجات الحلال في الدولة تقدر بحوالي 25 مليار دولار.
ووصف دولي سوق المنتجات الحلال في الإمارات بـ«السوق المتطلبة»، حيث تعمل الحكومة على توثيق وضمان جودة وصول المنتجات إلى المستهلكين وفقا لأحكام الشريعة، لافتاً إلى أن البرازيل تعتبر من بين الموردين الرئيسيين للمنتجات الحلال للدولة، وأنها مستمرة في تطوير المنتجات لتلبية متطلبات منظمات الرقابة المحلية وتوقعات المستهلكين المحليين الذين يثقون بقوة المنتجات البرازيلية.
وأضاف: «حققت الإمارات تقدماً هائلاً في مجال تقنين الحلال، بما فيها التوجيه ووضع معايير إصدار الشهادات وإنشاء العلامات القياسية والجودة، وهنالك رغبة قوية من الكثير من شركات الأغذية في البرازيل للتوافق مع متطلبات الحلال التي تصدرها دبي، خصوصاً وأن البرازيل تعد المورد الرئيسي للمنتجات الحلال للعديد من البلدان، ونحن نتابع هذه المسألة باهتمام كبير».
وأفاد دولي أن الإمارات تعتبر الخيار الاستراتيجي للعديد من الشركات البرازيلية نظراً للبنية التحتية اللوجستية والأمن والاستقرار، حيث قامت العديد من الشركات البرازيلية بافتتاح مكاتب أو فروع لها في الدولة مثل شركة «ساديا»، التي استثمرت 160 مليون دولار أميركي في العام 2014 في مصنع يوظف 1400 شخص.
وأضاف: «شكلت البرازيل في العام 2013 أكثر من نصف واردات دبي من اللحوم. حيث قامت بتوريد 166 ألف طن متري من حصة السوق الإجمالية التي تبلغ 314 ألف طن متري، أو ما يعدل 53%، متقدمة على الولايات المتحدة التي جاءت في المرتبة الثانية، بنسبة 14%، وذلك حسب تقديرات غرفة دبي للتجارة والصناعة.
توسع خليجي
وقال بينتشيللي إيفغيني مدير التصدير في هيئة التجارة في مولدوفا، والتي تشارك بعشر شركات في «غلفود 2015» إن الكثير من الشركات التي تشتهر بصادراتها من اللحوم والألبان والفواكه في مولدوفا تنوي الاستفادة من خبرة دبي في توسعها في دول المنطقة والخليج تحديداً.
وأشار إلى أن مولدوفا التي كان يطلق عليها «حديقة الاتحاد السوفييتي» في الماضي تركز حالياً على انتاج الأغذية الطبيعية والعسل وتصديره إلى دول المنطقة عبر دبي، مشيراً إلى استعداد الشركات في مولدوفا للتوافق مع كافة متطلبات معايير التوثيق والجودة التي تصدرها دبي.
جواز عبور
وقال سيباستيان موبيوس مدير التصدير في شركة «سباركلينغ ريفوليوشنز» السويسرية، التي تنتج أفخر أنواع العسل السويسري، من نوع «لا سيزيم إيباس»، أو «الحاسة السادسة»، الذي يباع في أرقى المتاجر العالمية في أوروبا، عن رغبة شركته القوية في دخول السوق الإماراتي، الذي قال انه جواز العبور إلى الأسواق الآسيوية.
وأضاف: «سويسرا حالياً مسؤولة عن انتاج وبيع 14% من العسل الأوروبي، وهي النسبة الأكبر في دول الاتحاد الأوروبي، كما أن سويسرا مقر منظمة علامات التجارة العادلة، وأعتقد أن معرض غلفود 2015 يعزز جهود تطوير التعاون في مجال تجارة الأغذية الحلال بين سويسرا والإمارات، ويشجع حركة تجارة الأغذية الحلال بين الإمارات ودول العالم».
جهوزية
من جانبه، قال بروس فيلدة مدير المبيعات في شركة «سي إتش إس» للأغذية الأميركية إن الكثير من شركات الأغذية الأميركية جاهزة للتوافق مع متطلبات الضوابط الإماراتية الخاصة بصناعة الأغذية الحلال، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة هي ثالث أكبر دولة مصدرة للإمارات بعد الصين والهند. وأضاف: «ارتفعت مساحة الشركات الأميركية في غلفود 2015 إلى أكثر من 21.500 قدم مربع في 211 جناح عرض، وهذا إنما يدل على رغبة المزيد من الشركات الأميركية في دخول السوق الخليجي من خلال الإمارات». وتشارك الولايات المتحدة بـ157 شركة في «غلفود» هذا العام، مقارنة بـ108 شركات أميركية العام الماضي.
وأفاد فيلدة أن شركات انتاج الأغذية الحلال الأميركية تشهد نمواً تصاعدياً في حجم أنشطتها، وذلك لتوافق متطلبات الحلال مع أكثر أنظمة اختبار وتوثيق الأغذية في العالم. ولفت إلى أن دبي تعتبر رائدة في صناعة الحلال من حيث تطور البنية القانونية للتعاملات المالية الإسلامية وتقنين عقود التعاملات، لتشجيع المستثمرين في هذا المجال، وكذلك توحيد المرجعية للعمل المصرفي الإسلامي على مستوى الممارسة والمراجعة والإشراف الرقابي.
توثيق عالمي
من جانبه توقع اسحق نور الرئيس التنفيذي لمجموعة البطحاء العالمية للأغذية، ومقرها الشارقة، والتي تضم شركات من ضمنها «العريش»، وهي احدى الشركات التي حصلت على «العلامة الوطنية للحلال» من الإمارات، أن تسعى الكثير من الشركات العالمية للتوافق مع معايير الحلال التي أطلقتها دبي في «غلفود 2015»، أول من أمس. وأضاف: «سيكون من صالح الشركات العالمية التكيف مع متطلبات النظام الإماراتي للرقابة على المنتجات الحلال.
آفاق واعدة
قال اسحق نور إن الشركات ستسعى للاستفادة من فرص نمو قطاعات الحلال،
التي تشهد نمواً تصاعدياً في حجم تدوالها، فعلى صعيد الأغذية الحلال، نما الإنفاق العالمي للمسلمين على الأغذية ونمط الحياة الإسلامي بنسبة 9.5 % عن السنوات الماضية،
حيث بلغ 2 تريليون دولار أميركي عام 2013، ويتوقع أن يصل إلى 3.7 تريليونات دولار أميركي عام 2019، بنمو سنوي مركب بنسبة 10.8 %.
وتضم هذه النسبة السوق الأساسية المحتملة لقطاعي الغذاء ونمط الحياة الحلال.
2.8 مليار دولار حجم واردات الدولة من البرازيل في 2014
قال إيلي دولي: «تمتد علاقات البرازيل التجارية مع الإمارات لفترة طويلة، ونمت الأعمال بين الشركات البرازيلية والإماراتية بشكل كبير من حيث الحجم والتنوع والقيم. وبالإضافة إلى ذلك، تقدمت العلاقات بين البلدين لتتجاوز بيع وشراء المنتجات، وذلك إلى مرحلة الشراكات والاستثمارات.
ونمت الصادرات البرازيلية إلى الدولة بنسبة 300 ٪ على مدى السنوات العشر الماضية، حيث ارتفعت من 707 ملايين دولار في العام 2004 إلى 2.8 مليار دولار في عام 2014.
وتضم المنتجات البرازيلية المصدرة إلى الدولة السكر واللحوم والبيض والقهوة والحلويات والكعك، بالإضافة الى الطائرات والحافلات والمحركات الكهربائية والجرارات ومواد البناء والمعدات الطبية ومستحضرات التجميل. وارتفعت قيمة الواردات البرازيلية من الإمارات بنسبة 782% خلال السنوات الـ 10 الماضية، لتصل إلى 501 مليون دولار اميركي، تضم النفط والألمنيوم والأسمدة».
وأفاد أن هيئات التصديق الإسلامية البرازيلية تعزز من آليات التحكم في عمليات إنتاج الأغذية الحلال في البرازيل، كما تعزز من ثقة المستهلكين، من خلال الالتزام بالقواعد الدينية. وتمتلك هذه الهيئات أنظمة تحكم مؤتمتة مع جداول للبيانات اليومية للإنتاج والحجم والموقع والإجراءات، لجميع الأغذية الحلال التي تنتجها البرازيل.
وتعتبر الدول الإسلامية الوجهة الرئيسية لصادرات الدجاج البرازيلي،. وحققت البرازيل مكانة بارزة كأكبر مصدر للدجاج الحلال في العالم، نظرا لجودته والاحتراف في زراعة وذبح وتجهيز طيور الدواجن.