مع الإعلان عن تأسيس دولة الإمارات عام 1971، بدأت العلاقات الرياضية بين الإمارات ومصر، ومع مرور كل يوم تمتد جسور التعاون والشراكة في كل مجالات الرياضة.
فكان أول مدربين لمنتخب الإمارات الوطني لكرة القدم مصريين هما محمد شحته وميمي الشربيني اللذان توليا المسؤولية تباعا خلال فترة وضع نواة المنتخب الوطني الأول من عام 1971 إلى عام 1974. كما كان لتواجد المدربين المصريين مع الأندية حضورا قويا مع بواكير انطلاق المسابقات المحلية، فقد تولى الدكتور طه الطوخي أول من رفع كأس الخليج كمدرب في النسخة الأولى لهذه البطولة وهو ويقود منتخب الكويت، تولى تدريب النادي الأهلي في دبي، وتوالى المدربون المصريون على تولي القيادة الفنية للأندية الإماراتية بعد ذلك فمن محمود الجوهري إلى الدكتور طه إسماعيل، ومن شاكر عبدالفتاح ومحمد أبو العز إلى أبو رجيله وحسن شحاته وطارق مصطفى، وصولا إلى أيمن الرمادي مدرب نادي عجمان الحالي.
ومن القواسم المشتركة التي لن تنساها جماهير الرياضة وكرة القدم في الدولتين وعلامات الشبه الكبيرة أن منتخبي مصر والإمارات تأهلا سويا إلى مونديال كأس العالم في إيطاليا عام 1990، حينما توفر جيلا ذهبيا في الدولتين، ومثل المنتخبان العرب في تلك البطولة.
ولم تتوقف العلاقات الرياضية بين الإمارات ومصر على كرة القدم لأنها امتدت لتشمل الرياضات الأخرى وأبرزها كرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة وألعاب القوى، والكاراتيه والمصارعة والملاكمة.. كل هذه الرياضات استفادت من خبرات مصر الرياضية في مجالات التدريب والإدارة وصناعة الأبطال، وكل هذه الرياضات مدت جسورا للشراكة والتعاون بين الدولتين تستفيد منها الأجيال تلو الأجيال.
وإلى جانب ذلك كانت الإمارات هي المقصد الأول دائما طوال الـ 48 عاما الأخيرة للمنتخبات والأندية المصرية كي تقيم فيها المعسكرات والمباريات الودية، كما كانت مصر هدفا دائما لمعسكرات المنتخبات والأندية الإماراتية.. ونحن نكتب هذه السطور اليوم يقيم النادي الأهلي المصري الأكثر فوزا بالبطولات المحلية في مصر ونادي القرن في أفريقيا معسكرا تدريبيا في دبي.
التعاون الرياضي الإماراتي المصري أخذ الكثير من الأشكال، فقد امتد الأمر إلى الحكام والتحكيم حيث تولى الحكمان الدوليان جمال الغندور وعصام عبد الفتاح مهمة الإدارة الفنية للجنة الحكام الإماراتية لكرة القدم، كما تم اختيار الحكم المونديالي علي بوجسيم من قبل لإدارة إحدى مباريات القمة التي جمعت بين الأهلي والزمالك، وكان التنسيق والتفاهم حاضرا بين الدولتين على مدار الـ 48 عاما في تولي المناصب الإدارية بالاتحادات العربية المختلفة في كل الألعاب، وأيضا في تولي المناصب الدولية فكان مرشح الإمارات هو الخيار الأول في التصويت من مسؤولي الرياضة في مصر، وكذلك كان المرشح المصري يجد كل الدعم من أشقائه في الإمارات، وكانت العلاقات بين الهيئة العامة للرياضة في الإمارات ومصر نموذجا يحتذى به في التنسيق والتعاون والصداقة والشراكة على مدار كل الفترات السابقة.
ومن المحطات المهمة والتاريخية التي تعزز ” التوأمة ” وخصوصية العلاقة بين الإمارات ومصر حرص الإمارات على استضافة السوبر المصري لعدة سنوات خلال الأعوام الخمس الأخيرة، وتنظيم أقوى المباريات بين الأهلي والزمالك سواء في ستاد هزاع بن زايد، أو ستاد محمد بن زايد، وكذلك استضافة السوبر الذي جمع بين الأهلي والنادي المصري البورسعيدي.
كما استضافت مصر في المقابل السوبر الإماراتي الذي جمع بين الوحدة والجزيرة، والعين والوحدة، والأهلي والجزيرة، وتجلت في هذه المناسبات عمق العلاقات الرياضية بين الدولتين الشقيقتين كما اتحدت القنوات التليفزيونية الرياضية ووسائل الإعلام كافة في تغطيتها لكل هذه الأحداث، فكانت نموذجا للتعاطي الإيجابي والتماهي في نقل مشاعر الأخوة والصداقة بين الدولتين على المستويين الرسمي والشعبي.
وفي 12 فبراير من عام 2008 كانصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” .. ” فارس العرب” أول من استقبل المنتخب المصري لكرة القدم الفائز ببطولة أمم افريقيا، وكانت كلمته التي سجلها التاريخ بأحرف من نور” فوزكم بكأس أفريقيا إنجاز لكل العرب” وساما على صدر الرياضة المصرية، وقام سموه بتكريم بعثة المنتخب والاحتفاء بها لتبقى تلك المبادرة محطة مهمة وتاريخية في مسيرة العلاقات الرياضية بين الدولتين.
وفي 8 يونيو عام 2015 وقعت الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة في الإمارات مذكرة تفاهم مع وزارة الشباب المصرية، بشأن التعاون في مجال الرياضة، وذلك في مقر الهيئة بدبي، وتضمنت المذكرة 10 بنود مهمة، تمثلت في أن يعمل الطرفان على دعم وتسهيل التعاون بينهما في مجالات الرياضة، وتقديم الإمكانات كافة للأجهزة المعنية في الدولتين، لتحقيق هذا الهدف، والعمل على تشجيع ودعم التعاون بينهما في مجالات التدريب الرياضي، والأنشطة الرياضية والإعلام الرياضي، والطب الرياضي، والإدارة ونظم المعلومات الرياضية، وإعداد القادة الرياضيين، وإقامة المنشآت الرياضية، وتشجيع التعاون بين الطرفين في مجال الاستثمار الرياضي.
واتفق الطرفان على تشكيل لجنة مشتركة من مسؤولي البلدين، لوضع البرنامج السنوي لتنفيذ بنود مذكرة التفاهم وفق الاحتياجات والظروف، وتتولى اللجنة تقويم ما تم تنفيذه من برامج، واقتراح ما تراه مناسباً لتطوير البرامج.
وفي 30 ديسمبر عام 2017 تم توقيع اتفاقية شراكة بين الإمارات ومصر في العاصمة أبوظبي لتنظيم البطولات العربية والأحداث الرياضية في الشرق الأوسط والوطن العربي لرياضات الدفاع عن النفس، واتفق الطرفان على إدارة وتنظيم مجموعة من الأحداث الرياضية، ورعاية مجموعة من أبطال الرياضات الفردية للوصول إلى العالمية، مع تبادل تنظيم البطولات في كل من شرم الشيخ المصرية وأبوظبي ثم لبنان والمغرب والمملكة العربية السعودية ودبي.
وفي 2 أغسطس عام 2019 وقعت النقابة العامة للمهن الرياضية المصرية “بروتوكول تعاون” رياضي مع دولة الإمارات يهدف لرفع كفاءة عناصر الألعاب الرياضية الجماعية والفردية من تدريب وإدارة وتحكيم مع الاهتمام بالكوادر الإدارية والكشف عن المواهب وصقلها في الألعاب كافة، وتعزيز أواصر التعاون بين الجانبين الإماراتي والمصري لاكتشاف المواهب وإعدادهم ودعمهم للوصول إلى منصات التتويج.
وبالإضافة إلى كل ما سبق شهدت العلاقة بين الدولتين الشقيقتين محطة مهمة أخرى يتجلى فيها الجانب الإنساني، وهي ” ماراثون زايد الخيري” الذي يقام كل عام بإحدى المحافظات في مصر، والذي تخصص عوائده للمشروعات الخيرية في مصر، حيث أقيم من قبل 3 مرات في محافظة القاهرة، ومرة في محافظة الإسماعيلية، وأخرى في مدينة الأقصر.
وكشفت اللجنة المنظمة للماراثون في 30 أكتوبر الماضي، عن إطلاق النسخة السادسة منه، في محافظة السويس المصرية، يوم 27 ديسمبر المقبل وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في العاصمة أبوظبي للإعلان عن تفاصيل النسخة المقبلة من الحدث فيه، بحضور الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة المصري، والفريق الركن متقاعد محمد هلال الكعبي رئيس اللجنة المنظمة، وسعادة شريف محمد فؤاد البديوي سفير جمهورية مصر العربية لدى الدولة، ومحمد صبحي حسانين نائب رئيس الاتحاد الرياضي للجامعات.
وقال الفريق الركن محمد هلال الكعبي، إن الماراثون يقام بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ، ويأتي في إطار التعاون المثمر بين وزارة الشباب والرياضة المصرية، واللجنة العليا لماراثون زايد الخيري، تتويجاً لنجاح الفعالية على مدى السنوات الخمس السابقة، وذلك استكمالاً لمسيرة المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، في دعم الجهود الإنسانية والتي تخصص عائداتها لصالح المؤسسات الخيرية.
وأضاف أنه سيتم تخصيص العائد من الماراثون هذا العام، لصالح مستشفى الأورام التابع لجامعة القاهرة، لافتاً إلى أن قيمة جوائز الماراثون لهذا العام، تبلغ مليوني جنيه مصري للمتسابقين الفائزين.
ومن تجليات العلاقات الأخوية بين الدولتين الشقيقتين إطلاق برنامج رياضي تليفزيوني تحت عنوان” القاهرة – أبوظبي” في قناة أبوظبي الرياضية، والذي ترجم الاهتمام الجماهيري في الدولتين لمتابعة شؤون الرياضة وكرة القدم في مصر والإمارات، والذي فتح آفاق التعرف على نبض الرياضة في مصر والإمارات للمشاهد العربي في كل مكان، ونقل آمال وطموحات الرياضيين للرأي العام، وكان جسرا إضافيا من جسور التعاون والشراكة الناجحة بين الطرفين.