بروكسل، 18 مارس 2025 – مال واعمال
في إطار تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري، واصل وفد رفيع المستوى من دولة الإمارات العربية المتحدة زيارته إلى بروكسل، حيث أجرى سلسلة من الاجتماعات الاستراتيجية مع كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، مستهدفًا توطيد الشراكة الاقتصادية وتعزيز التكامل في قطاعات حيوية.
وضم الوفد الإماراتي كلًا من معالي أحمد علي الصايغ، وزير دولة، ومعالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين، من بينهم سعادة سعيد الهاجري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، وسعادة محمد السهلاوي، سفير الدولة لدى مملكة بلجيكا والاتحاد الأوروبي ودوقية لوكسمبورغ الكبرى، وسعادة جمعة الكيت، الوكيل المساعد لشؤون التجارة الدولية بوزارة الاقتصاد.
نمو متصاعد في العلاقات الاقتصادية
تعكس الزيارة مستوى التطور المتنامي في العلاقات بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي، إذ بلغ حجم التجارة غير النفطية بين الجانبين 67.6 مليار دولار أمريكي في عام 2024، مسجلًا نموًا بنسبة 3.6% مقارنة بعام 2023، و18.1% مقارنة بعام 2022. ويعد الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات، مستحوذًا على 8.3% من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية للدولة.
وفي هذا السياق، أكد معالي أحمد الصايغ أن الإمارات تؤمن بأن التعاون الدولي يمثل الركيزة الأساسية لمواجهة تحديات الاقتصاد العالمي. وقال: “لطالما أدركت دولة الإمارات أهمية بناء شراكات تجارية واستثمارية قوية، ونعمل باستمرار على تعزيز علاقاتنا مع التكتلات الاقتصادية الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي، الذي نتشارك معه رؤية موحدة حول أهمية التجارة الحرة وضمان التدفق السلس للسلع والخدمات”.
توسيع نطاق التعاون في قطاعات حيوية
بدوره، شدد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي على أهمية الاتحاد الأوروبي كشريك استراتيجي للإمارات، لكونه قوة اقتصادية وصناعية كبرى ذات تأثير واسع في الاقتصاد العالمي. وقال معاليه: “نحن نشهد تطورًا مستمرًا في علاقتنا الثنائية، حيث تتوسع مجالات التعاون لتشمل قطاعات رئيسية مثل الأمن الغذائي، وتحول الطاقة، والتكنولوجيا المتقدمة، وهو ما يسهم في خلق فرص جديدة تعزز النمو الاقتصادي المستدام لكلا الجانبين”.
وعقد الوفد الإماراتي لقاءً مع معالي ماروس سيفكوفيتش، مفوض الاتحاد الأوروبي للتجارة والأمن الاقتصادي، حيث تم استعراض أبرز مجالات التعاون المتاحة، لا سيما في الصناعات المتقدمة، والرعاية الصحية، والتجارة الإلكترونية، إلى جانب بحث آفاق زيادة الاستثمارات في الخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة.
وفي اجتماع ثنائي مع معالي ماريا لويس ألبوكيركي، مفوضة الاتحاد الأوروبي للخدمات المالية والاستقرار المالي، ناقش الجانبان دور القطاع المالي في تسهيل التجارة العالمية، وإمكانية تحسين وصول الشركات الصغيرة إلى سلاسل التوريد، وتقليل الحواجز التجارية عبر تطبيق الحلول المالية التكنولوجية المتقدمة مثل البلوكتشين والتمويل اللامركزي.
تعزيز العلاقات مع بلجيكا والتعاون في مجالات متقدمة
وعلى هامش الزيارة، أجرى معالي الصايغ ومعالي الزيودي سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين في الحكومة البلجيكية، شملت معالي ماكسيم بريفو، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، ومعالي ثيو فرانكين، وزير التجارة الخارجية، ومعالي آنيليس فيرليندن، وزيرة العدل، ومعالي ديفيد كلارينفال، نائب رئيس الوزراء ووزير العمل والاقتصاد والزراعة. وناقش الجانبان سبل تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية، حيث بلغت قيمة التجارة غير النفطية بين الإمارات وبلجيكا 4.7 مليار دولار في عام 2024، مع التركيز على تنمية التعاون في قطاعات واعدة مثل الطاقة والخدمات اللوجستية والتصنيع والأمن الغذائي.
التزام مشترك بتعزيز التجارة الحرة
وفي سياق متصل، شارك معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي في جلسة نقاشية استضافها مركز السياسة الأوروبية، إلى جانب فابيان زوليغ، الرئيس التنفيذي وكبير الاقتصاديين لدى المركز. وخلال الجلسة، شدد معاليه على أهمية التزام دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي بالتجارة الحرة القائمة على القواعد، مؤكدًا أن برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي أطلقته الدولة منذ سبتمبر 2021 ساهم في إبرام 25 اتفاقية حتى الآن، مما يعكس التوجه الاستراتيجي نحو تعزيز الروابط التجارية مع الشركاء الدوليين.
كما استعرض معاليه فرص التعاون المستقبلية بين الإمارات والاتحاد الأوروبي في مجالات مثل الأمن الغذائي، والتصنيع المتقدم، والرعاية الصحية، والخدمات اللوجستية، والذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن تعزيز هذه الشراكات يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتنوع.
نحو مستقبل اقتصادي أكثر تكاملًا
تأتي هذه الزيارة في إطار جهود دولة الإمارات لترسيخ مكانتها كمركز عالمي للتجارة والاستثمار، عبر تعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء. ومع استمرار التعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص في الجانبين، تظل الآفاق مفتوحة أمام مزيد من النمو والازدهار المشترك، بما يسهم في تحقيق الأهداف التنموية لكلا الطرفين.


