أكد خبراء صناعة الطيران أن الاتفاقية التي توصلت إليها شركات الطيران بالتعاون مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي «اياتا» ومنظمة الطيران المدني «ايكاو» لن يكون لها تأثير كبير على أسعار تذاكر الطيران، والمسافر لن يلمس أي زيادة في الأسعار بسبب هذه الاتفاقية.
وأشار الخبراء إلى أنه ورغم أن شركات الطيران ستدفع المليارات وفقاً لمعادلة تراعي حجم انبعاثات الكربون عن كل رحلة إلا أن الأسعار لن يطالها أي زيادة تذكر.
ووفقاً للاتفاقية التي توصلت إليها شركات الطيران في مونتريال بكندا خلال الأسبوع الماضي، فإن شركات الطيران ستدفع مبلغاً يتراوح بين 2.9 مليار إلى 12.4 مليار دولار سنوياً حتى عام 2030 وهذا يعتمد طبعاً على نوع الرحلة. ويقدر الخبراء أن هذه المبالغ تعني زيادة تتراوح بين 31 سنتاً و 12 دولاراً لكل مقعد وفقاً لمجموعة عمل النقل الجوي التي تضم شركات الطيران والمطارات ومصنعي المحركات.
وتشكل هذه الاتفاقية أول خطوة يقوم بها قطاع اقتصادي منفرد لخفض انبعاثات الكربون.
التزام
وأكد سيف السويدي مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني: أن دولة الإمارات كانت من الدول السباقة للانضمام لهذه الاتفاقية وحتى في مرحلتها التجريبية انطلاقاً من التزامها الدائم بالمسؤولية تجاه البيئة والمحافظة عليها. وقال السويدي لـ«البيان الاقتصادي» إن أساطيل شركات الطيران الوطنية تعد اليوم من بين الأحدث في العالم وبالتالي فإنها من بين الأقل من حيث كمية الانبعاثات الكربونية مقارنة مع كثير من أساطيل شركات الطيران في العالم.
وأضاف أن دولة الإمارات تشكل اليوم لاعباً محورياً في سوق النقل الجوي ولذلك دخلت تطوعاً في المرحلة الأولى لهذه الاتفاقية التي سيتم تطبيقها على مراحل سعياً منها لتعزيز الاستدامة في صناعة الطيران المدني وتوفير أطر ومعايير عالمية تحت مظلة الأمم المتحدة تضمن استمرار نمو القطاع وتجنيبه الكثير من التشريعات، التي تعيق هذا التوسع.
واستبعد السويدي أي تأثير لهذه الاتفاقية على أسعار التذاكر موضحاً أن شركات الطيران ستتحمل أيضا جزءاً من هذه المبالغ التي ستدفع لمشاريع ومبادرات بيئية، مشيراً إلى أن الزيادة المتوقعة إن حدثت لن تتجاوز دراهم معدودة.
اتفاقية شاملة
وأكد خبير الطيران الدكتور خالد المزروعي أن الاتفاقية الأخيرة امتازت بأنها اتفاقية شاملة تحت مظلة الأمم المتحدة بعكس المبادرات السابقة مثل المشروع الأوروبي الذي كان خطوة أحادية الجانب ولاقت معارضة شديدة ليس فقط من شركات الطيران بل من مختلف الجهات ذات العلاقة. واستبعد المزروعي أي تأثير لهذه الاتفاقية على أسعار تذاكر الطيران داخل الدولة موضحاً أن الطلب الكبير والنمو المتسارع في حركة النقل الجوي وتوسع الناقلات الوطنية والمطارات تشكل عوامل داعمة تضمن استدامة الطلب، حيث تحقق دولة الإمارات والمنطقة عموماً معدلات نمو عالية في حركة المسافرين.
وقال المزروعي إنه رغم أن أي ضريبة أو رسوم على شركات الطيران يتحملها عادة المسافر إلا أن الاتفاقية الأخيرة لن تحمل المسافر تكلفة تذكر خصوصاً أن الأمر لن يتعدى سنتات للرحلات القصيرة، وعدة دراهم للرحلات الطويلة.
كلفة
وقدر الخبراء أن هذه الاتفاقية ستكلف شركات الطيران نحو 23.9 مليار دولار إلا أنها لن تحدث تأثيراً كبيراً على نفقات شركات الطيران.
وقال هالدين دود المتحدث باسم مجموعة عمل الطيران: إن الأمر يعتمد على شركات الطيران التي تستطيع التكيف مع هذه التكلفة وبعض شركات الطيران قد تلجأ للمسافرين وبعضها يمكن أن يتحمل هذه التكلفة بنفسه.
والاتفاقية الأخيرة لن تجبر شركات الطيران على خفض الانبعاثات، بل إن شركات الطيران ستقوم بدفع تعويضات بدلاً من الانبعاثات لشركات ومشاريع عاملة في الطاقة المتجددة، وتسهم في المحافظة على البيئة.
وتشكل الانبعاثات الناتجة عن رحلات الطيران نحو 2% من إجمالي انبعاثات الكربون على مستوى العالم ويتوقع أن تتضاعف 3 مرات خلال العقود المقبلة.
وعلى سبيل المثال فإن التكلفة المتوقعة لرحلة تمتد لمسافة 870 كم بين الدار البيضاء في المغرب ومدريد تكلف شركة الطيران 51 إلى 131 دولاراً إذا كانت تستخدم طائرة بوينغ 800-737 والتي تتسع لـ 162 مسافراً. وهذا يعني تكلفة على المسافر تتراوح بين 31 سنتاً إلى 80 سنتاً، وهو أقل بكثير من تكلفة بعض المشروبات على الطائرات.
أما الرحلات الطويلة فستكون تكلفتها أعلى نسبياً وعلى سبيل المثال فإن الرحلة بين دبي وسيدني الأسترالية على متن طائرة ايه 380 تكلف شركات الطيران بين 2542 دولاراً الى 6585 دولاراً، وبسعة 325 مقعداً مثلاً فإن تكلفة الزيادة على المسافر تتراوح بين 4.6 إلى 12 دولاراً.
وتقدر وكالة الأمم للطيران أن شركات الطيران ستنفق بحلول العام 2025 ما بين 1.5 إلى 6.2 مليارات دولار على حصص الكربون التي ستشتريها من الشركات والمشاريع التي تحافظ على البيئة. وبحلول العام 2035 سيرتفع إنفاق شركات الطيران ليصل بين 5.3 مليارات إلى 23.9 مليار دولار. ويقدر خبراء البيئة أن الاتفاقية تعني سحب أكثر من 35 مليون سيارة من الطرق في العالم سنوياً.
6 سنوات مفاوضات
استغرق توقيع هذه الاتفاقية أكثر من 6 سنوات من المفاوضات. وهناك دول مثل البرازيل انتقدت الاتفاقية موضحة أن يعاقب الدول النامية على نمو حركة النقل الجوي فيها. كما انتقد الاتفاقية كل من روسيا والهند في الوقت الذي اعتبرته أوروبا نصراً وهي التي كانت أقرت قبل سنوات مشروعاً واجه رفضاً شديداً من دول العالم وسيتم تطبيق الاتفاقية على عدة مراحل علماً بأن هناك 65 دولة وافقت على الاتفاقية تستحوذ على 83 % من حركة النقل الجوي بما فيها الولايات المتحدة والصين وأوروبا وهي مسؤولة عن 65% من إجمالي انبعاثات صناعة الطيران.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-fY3