احتلت الإمارات المرتبة الأولى خليجياً وعربياً في تقليص مساهمة عوائد الوقود الأحفورى في ناتجها المحلي الإجمالي خلال سنوات 2007 إلى 2016 حيث لم تتجاوز هذه العوائد نسبة 20% من إجمالي الناتج.
جاء ذلك في تقرير «عالم جديد.. الجغرافيا السياسية لتحول قطاع الطاقة» الذي تم إعلان نتائجه ظهر أمس ضمن أعمال الجمعية العمومية للوكالة الدولية للطاقة المتجددة بحضور شخصيات عالمية بارزة في قطاع الطاقة المتجددة أبرزهم أولا فور جريسمون الرئيس السابق لجمهورية آيسلندا وعدنان أمين المدير العام لوكالة آيرينا وفاطمة الفورة الشامسى الوكيل المساعد بوزارة الطاقة والصناعة ممثلة دولة الإمارات.
وكشف التقرير عن أن عوائد الوقود الأحفورى في ناتج الإمارات خلال السنوات من 2007 إلى 2016 لم يزد عن 20% بينما شكلت هذه العوائد 40% من ناتج السعودية ونحو 45% من ناتج الكويت و35% من ناتج عمان و35% من ناتج قطر و40% من ناتج العراق و33% من ناتج جنوب السودان و52% من ناتج ليبيا.
سياسات التنويع
وأكد التقرير نجاح سياسة التنويع الاقتصادي في الإمارات ودول الخليج العربي مشيراً إلى أن التنويع يحقق فوائد كثيرة لهذه الدول حيث يحول اقتصاداتها إلى اقتصادات تنافسية مما يؤدى إلى نمو مستقر للقطاع الخاص إضافة إلى خلق وظائف عديدة لمواطنيها.
وأشارت اللجنة العالمية المعنية بالجغرافيا السياسية لتحول قطاع الطاقة التي أعدت التقرير برئاسة أولا فور جريسمون إلى أن نخبة متميزة من قادة السياسة والأعمال حول العالم درسوا المضامين الجيوسياسية بعيدة المدى لتحول قطاع الطاقة في ضوء النمو السريع لحلول الطاقة المتجددة.
وأفاد التقرير إلى أن النتائج الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية لعصر جديد من الطاقة قد تكون بمستوى النتائج التي رافقت عملية التحول من الكتلة الحيوية إلى الوقود الأحفوري قبل قرنين من الزمن. ويشمل ذلك حدوث تحولات في الوضع النسبي للدول، وظهور قادة جدد للطاقة، وزيادة تنوع الجهات الفاعلة في القطاع، وتغير العلاقات التجارية، ونشوء تحالفات جديدة.
وذكر الرئيس السابق لجمهورية آيسلندا ورئيس اللجنة أن تقرير اللجنة يعد أول تحليل شامل للتبعات الجيوسياسية لتحول قطاع الطاقة نحو المصادر المتجددة، وركيزةً أساسية لتعميق فهمنا لهذه القضية«.
استقلالية الطاقة
ونوه إلى أن ثورة الطاقة المتجددة تساهم في تعزيز الموقع القيادي للصين على الساحة الدولية، وتحقق استقلالية الطاقة لدول العالم وثمة مستقبل جيوسياسي مشرق ينتظر دول آسيا وأفريقيا وأوروبا والأمريكيتين لأن تحول قطاع الطاقة سيؤدي إلى حدوث تغييرات كبيرة في موازين القوى».
وأوضح عدنان أمين، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة خلال المؤتمر أن تحول قطاع الطاقة العالمي بالاستناد إلى مصادر الطاقة المتجددة سيحد من التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالطاقة، ويرسي أسساً أفضل للتعاون بين الدول.
وقال«من شأن هذا التحول أن يخفف من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي غالباً ما تكون من الأسباب الرئيسية للتجاذبات والنزاعات الجيوسياسية».
وأشار إلى أن تحول قطاع الطاقة العالمي ينطوي على العديد من الفرص والتحديات في آن معاً؛ إلا أن الفوائد تفوق التحديات شريطة أن يتم اتباع السياسات والاستراتيجيات الصحيحة. وحريٌ بالقادة وصناع السياسات أن يتوقعوا هذه التغييرات، وأن يكونوا قادرين على إدارة البيئة الجيوسياسية الجديدة المنبثقة عنها«.
وذكر تقرير اللجنة، الذي حمل عنوان»عالم جديد)، إلى أن تحول قطاع الطاقة سيغير سياسات إدارة الطاقة التي نعرفها اليوم. وخلافاً للوقود الأحفوري، فإن مصادر الطاقة المتجددة تتوفر بشكل أو بآخر في معظم المواقع الجغرافية. ومن شأن هذه الوفرة أن تعزز أمن الطاقة وتحقق استقلالية أكبر لمعظم الدول في مجال الطاقة.
وفي الوقت ذاته، ومع قيام الدول بتطوير مواردها من الطاقة المتجددة وزيادة دمج شبكاتها الكهربائية مع الدول المجاورة ستظهر أشكال جديدة للترابط والأنماط التجارية. وتوقع التقرير أن ينحسر الصراع المرتبط بالنفط والغاز وكذلك الأهمية الاستراتيجية لبعض المضائق البحرية.
قادة جدد
وأكدت اللجنة أن تحول قطاع الطاقة سيؤدي أيضاً إلى ظهور قادة جدد لقطاع الطاقة مع ازدياد نفوذ بعض الدول لضخها استثمارات كبيرة في تقنيات الطاقة المتجددة.
وعلى سبيل المثال، عززت الصين مكانتها الجيوسياسية من خلال ريادتها في سباق الطاقة النظيفة لتصبح أكبر دولة في إنتاج وتصدير وتركيب الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، والبطاريات، والسيارات الكهربائية في العالم. وقد يشهد مصدِّرو الوقود الأحفوري انحساراً في مستوى نفوذهم وتأثيرهم حول العالم ما لم ينجحوا بتكييف اقتصاداتهم مع عصر الطاقة الجديد.
ونوه التقرير إلى أنه يمكن للدول التي تعتمد بشكل كبير على واردات الوقود الأحفوري أن تحسّن ميزانها التجاري وتقلل المخاطر المرتبطة بخطوط إمدادات الطاقة وتقلب أسعار الوقود، وذلك من خلال تطوير حصة أكبر من الطاقة محلياً.
فرص العمل
انطلاقاً من الدور المحوري للطاقة في التنمية البشرية، يمكن لمصادر الطاقة المتجددة أن تسهم في وصول الجميع إلى الطاقة، فضلاً عن توفير فرص العمل، ودعم النمو الاقتصادي المستدام، وتحسين الأمن الغذائي والمائي، وتعزيز الاستدامة، ومرونة المناخ، وتحقيق الإنصاف في فرص التنمية.